اذواق القلوب
ثمة أشياء كثيرة في حياتنا بحاجة إلى تصحيح و تصليح ، هناك الذاكرة المنسية و القلوب المفرغة و المواعيد المتراكمة و كذلك غفوة الأحاسيس ، منها ما يصلح لأن يعدل و كثير ينبغي اجتثاثه من كيان عقولنا و ذواتنا .
للعقول البشرية قدرة و هبها الله لها في تمييز الكون و اكتشافه ، و وهب القلوب مذاق التحسس بها فغالبا ما يدخل القلب و العقل في مشادات كثيرة مفادها شخص ما أو مصلحة ما أو قصة ما و كثيراً ما ينتصر في ظروفنا الاجتماعية القلب على العقل وقلما يصمد الآخر في جداله معه ، في حين يترك له الساحة لاتخاذ القرار في العلاقات والظروف الأخرى مثل التدبير والترقب والاختيار العملي وهذه حقيقة علمية ثابتة بنسب معينة طبعاً .
في هذه الهُنيهة وعن القلوب أتحدث عنها من جانب تعاملنا وتقابلنا مع الآخر، فغالبا ما تجبرنا ظروف احتكاكنا به علي رفضه من أول إشارة ومنحنى حديثه وأحياناً لا يكتمل إعجابنا به إلاّ حين نعاشره لفترة و ندرس خباياه وأسراره ونحكم قلوبنا التي تعلقت به منذ البدء بفشل تذوقها للشخصية التي خالطتها .
هنا نحكي عن زيارة القلب و هي زياراتنا الاجتماعية التي تضفي علي حياتنا البهجة و الحب و الارتباط مع بعضنا سواء أكنا أصدقاء أم زملاء أم أحباب، أم أبناء عمومة فصلة الرحم تعني الإحسان إلى الأقربين وإيصال ما أمكن من الخير إليهم ودفع ما أمكن من الشر عنهم.
فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) .
وعن هذا المعنى لصلة الرحم التى تتغير ، وتتبدل حسب حاجات الناس فقد كثرت زيارات لأغراض غير الرحم منها التودد المصلحي و التباهي و الاكتشاف ففي بعض الأحوال ولا أشمل الكل تكون طابع الزيارات الاجتماعية لواقع اكتشاف منزل الغير و معرفة أسراره و طابعه الأثاثي و قدرته المالية ، و في طابع آخر تكون الزيارة للتودد من أجل مصلحة عامة كانت أم خاصة وفي طابع آخر التباهي بالنفس وإشعار الآخر بأن الزائر أفضل منه حالاً ومالاً. وتتناقص بمرور أعمارنا زيارات القلوب التي تزور من أجل الود والحب وصلة الرحم و هنا إلا أشمل الكل و لكنه القليل المنتشر الذي يدق أجراس الخوف من انتشار هذه الزيارات ، فكم نحن بحاجة إلى زيارات حقيقية للود تبتسم بها الوجوه والقلوب بدون تكلف ، فالمؤشر في زيادة حتى فقدت الأشياء حرارة تواجدها من حولنا وأصبحت قلوبنا لا تتذوق التعاملات وتحار في اختيار معانٍ لقاطنيها