يُدَق جَرَس الْهَاتِف بِإِصْرَار لَكِنِّي لَا أُرِيْد أَن أَعْرِف مَن
فِي هَذِه الْلَّحْظَة بِالْذَّات لَاأُرِيْد مِن يَقْتَحِم خَلْوَتِي وَيُبَدِّد
سَكِيْنَتِي وَقَد بَدَأ الْنَّوْم يُدَاعِب جُفُوْنِي بَعْد طُول أَرَق وَسُهَاد وَلَيْل مُوَحِّش كَئِيْب حَاوَلْت نِسْيَانَه بِتَنَاوُل الْعَدِيْد
مِن المُهدِئَات
دُفِنَت رَأْسِي فِي وُسَادَتِي هِّرْبَا مَن رَنْيَن الْجَرَس الْمُتَوَاصِل أَو رُبَّمَا أُخْفِي دَمْعَة هُرِّبَت مِن جُفُوْنِي دُوْن قَصْد فَلَيْس لَدَي رَغْبَة أَن أُكَلِّم أَحَد أَو أَن يَرَى أَحَد تِلْك
الْدَّمْعَة الْهَارِبَة
كَم أَشْعَر بِالْوَحْدَة رَغْم هَذَا الْبَيْت الْوَاسِع وَالْحَدِيْقَة الْغِنَاء وَمَا أَنْعَم الْلَّه عَلَي بِه فَلَا الْمَال وَحْدَه يَصْنَع سَعَادَة وَلايَشْتَري حُبّا وَأَمَانَا وَطُمَأْنِيْنَة
قَضَيْت نَهَارِي نَائِمَة مُسْتَيْقِظَة دُوْن طَعَام فَقَدْت شَهِيَّتِي لِكُل شَىْء أَصْبَحَت فَرِيْسَة لِلخَيَالَات وَالْهلاوُس غَمَرَنِي حُزْن مَلَأ قَلْبِي وْفَاض لِيُسَبِّح فِي غُرْفَتِي الْغَارِقَة فِي بِحَار الْوَحْشَة وَالْصَّمْت
لَم يَعُد ضَوْء الْقَمَر يُنَادِيْنِي وَعَرِّس الْشَّمْس لَم يَعُد بِّهَيْجَا
مِثْلَمَا كُنْت أَرَاه مِن قَبْل وَحُمْرَة وَرْدِتي تَبْدُو بِاهِتَه فِي عَيْنَي وَتَسْقُط دُمُوْعْا لاعِطَرا
تَتَسَاقَط الْنُّجُوْم فِتَنتُطَفِىء فِي قَلْبِي كُل الْحَكَايَا الَّتِي سَكَنَتْه ذِكْرَيَات حُبّي أَصْدِقَائِي أَهْلِي وَرِفَاقِي وَكَأَنَّمَا مَاتَت فِي صَدْرِي كُل الْمَشَاعِر وَتَعَطَّلَت فِيْه الْحَوَاس وَعَطِبَت ثِمَار الْشَّوْق وَالْلَّهْفَة وَفَضِيْلَة الْأَمَل وَجِذْوَة الْإِنْتِظَار الَّذِي تَوَّحُش وَطَال
أَغْمَضْت أَجْفَانِي الْمُبَلَّلَة بِالْدُّمُوْع وَفِي دَاخِلِي تَرْتَعِش تَنْهِيِدَة مُتَقَطِّعَة تَحْكِي مَذَلَّة الشَّكْوَى وَهَوَان الْإِحْسَاس
بِالْغُرْبَة وَحُرْقَة الْشَّوْق , نَوْبَات حَادَّة مِن الْآ لَام الْنَّفْسِيَّة
الْمُبَرِّحَة فَاجَأَتْنِي الْيَوْم فَفَقَدْت قُدْرَتِي عَلَى الْتَوَازِن وَانْعَزَلت طَوَيْلَا وَكَأَنِّي طِفْلَة مَشْلُوْلَة لَّاأَسْتَطِيْع الْمَشْى أَو الْحَرَكَة يُعَذِّبُنِي هَذَا الْإِحْسَاس الْمُرْعِب بِالْخَوْف مِن الْنَّاس الَّذِيْن تَحَوَّلُوْا إِلَى مَخْلُوْقَات غَرِيْبَة عَنِّي وَكَأَنِّي لَاأَعْرِّفُهَا مَسَّهَا الْغَضَب وَسَحَقَهَا الْزِّحَام وَالْكَرَاهِيَة لِتُنْجِب
جَنِيِنا بَلاقَلّب مَا إِن يَشِب حَتَّى يَتَحَوَّل لَطَّوْق حَدِيْدِي يَلْتَف حَوْل عُنُقِي
تُطَارِدُنِي دَقَات الْسَّاعَة وَلَاشَىْء يُخَفَّف عَنِّي مَافِي الْوَحْدَة مِن غرَبَة وَوَحْشَة وَالَآَم وَلَا أَحَد أُسْنِد إِلَيْه رَأْسِي الْمُتْعَب أَو صَدِيْقا يَمُد الْعَوْن لَا أَحَد فَمَن كَان قَادِرا عَلَى هَذَا فَضْل أَن يَظَل بَعِيْدا وَلَم يُكَلَّف نَفْسِه عَنَاء الاطْمِئْنَان
عَلَى قَلْب لايَحْيا الَا لَه
أَبْحَث عَنْه أَبْحَث عَن هَذَا الْمَجْهُوْل عَن تِلْك الصُّدْفَة الَّتِي مَنَحْتَنِي بَهْجَة وَتَفَاؤُل تَمْتَد يَدَي لِأَتَّصِل بِه فَأَجِد ذَلِك الْصَّوْت الْكَرِيْه لَيُخْبِرَنِّي أَن جَوَّالُه مُغْلَق أَتَوَقَّف غَاضِبَة تَصْدُمُنِي الْكَلِمَات وَأُغْرِق كُل مَرَاكِب الْأَمَل فِي جَوْفِي الْمُرْعِب بَائِسَة مُحَاصَرَة بِأَلْف سُؤَال وَسُؤَال
أَهَذَا مَا أَسْتَحِقّه مِنْك ؟!!
أَجِبْنِي إِن كُنْت تَمْلِك الْجَوَاب
الروابط المفضلة