كعادته منذ تخرجه ... ذهابه للجامعة لم ينقطع ... كانت علاقته بها قد جاوزت حدود الدراسة
الجامعة بالنسبة له هواء يتنفسه ... ودم يجري في عروقه
لكن ما باليد حيله
ويبدو أنه قد كتب عليه أن يودعها إلى الأبد ... أو هكذا خيل له ........
كان دائم التجوال في ممراتها و بين قاعاتها ...
أراد أن يقرب منها أطول فترة ممكنة ... ما دام في مقدوره ذلك
يوم لا كباقي الأيام
يوم كئيب
خرج من بيته ... بلا هدف
لا مكان إلا الجامعة
يشعر بالراحة هناك .....
تجول فيها حتى ثقل جسده ... شعر برغبة في الجلوس ... وما إن جلس ......
دموع كنهر حطم السد بعد عناء ... وانطلق لا يلوي على شيء ..
لم يوقفه إلا صوت خافت " بني "
نظر ... لا أحد ...
و تكرر الصوت " بني "
صوب نظره نحو كليته ... إنها مصدر الصوت ...
انقطعت صلته بما حوله ... انصت والدهشة تهزه
بني ... أرجوك كفى .. أنا لا أقوى على رؤيتك حزينا ....
بني ... أرجوك .. قلبي يكاد ينفطر ...
بني .. أرجوك .. أتظن أني نسيت .. عجبا لك !!
كيف أنسى ابني البار .. كيف وهو من عشقني .. هو من اتخذني أحلى دار..
بني .. انظر للحياة بنظرة الواثق المتفائل كما عهدتك .. أمامك مستقبل مشرق .. لا تطفئ وهجه بتشاؤمك ويأسك ...
ولكن ........ تعبت .. أريد أن أستقر .. أريد أن أشعر بالأمان .. أريد أن أرى ثمار جهودا طالما أعددتها لساعة كهذه .. أريد أن أحيا حياة طيبة ملؤها التقدير والعرفان .. أريد أن أعييييييييييييييييييييش ........
بني .. طبعت على كدر وانت تريدها صفوا من الأقذاء والأكدار
لابد دون العسل من لسع النحل .. ولن تنال المجد حتى تلعق الصبر .. ولا تتم الراحة إلا على جسر من التعب ..
أجل أعلم ... ولكن ما أصعب الشعور بالحرمان .. صعب هذا التوقف .. صعب علي أن أنسى ساعات العطاء .. أشعر أني داخل قوقعة في قاع محيط .. أقاسي ضيق القوقعة وأصارع المحيط .. والغرق يلوح والموت يأتي من بعيد .. لا أستطيع التجاهل .. من حولي ينتظر مني الكثير .. وأنا ......... حتى .......... لا أستطيع التعبير .. أشعر أنني أختنق .......... أود أن أصيييييييييييييح ...
ليعلم الجميع أن الأمر ليس في حدود تصرفي .......
بني .. ويحك .. أفي الله شك .. أين حسن ظنك بربك .... !؟؟
بني .. تذكر .. كل ما قدره الله لك سيأتيك .. هو أعلم بمكانك منك فلا تخف .. لا تعجل حتى لا تعاقب بالحرمان .. واعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .. ..
بني .. ثق بربك .. انظر إلى الدنيا بعين الجمال .. ولا تخش القادم .. لديك سهام .. أطلقها في الظلام .. وانتظر رد السميع العلام .............. حفظت ورعيت .. وإلى ما رغبت دعيت ......... سأنتظر عودتك .. فلا تنسى ما قلت لك .......
نهض والأمل يحدوه .. الفرح يغازله .. الدنيا بسطت له أجنحتها .. وفي الأفق ارتسم له فجر جديد ....
انطلق خارجا من بوابة جامعته .. التفت قائلا :
يا أحب الأماكن إلى قلبي ............................. سأعود .. لن أتأخر – بعون الله –
الراجي
***************************
بقلمي المتواضع
الروابط المفضلة