صغيرتي..تتساءلين ما هو الألم؟؟..أتعرفين حقاً ما هو الألم؟؟..الألم ليس أن تشعري بألمٍ مخادع يحاول احتلال قلبك..ليس الألم أن تشعري بعالمك ينهار في لحظة سريعة خاطفة..ليس الألم أن تفقدي إيمانك بشخصٍ معين أو أن تشعري بخيبة أملك فيه..أتعرفين حقاً ما هو الألم؟؟..أنه أن تعجزي عن البكاء..لأن ألمك حينها يكون أكبر من إهانته بإهدار الدموع عليه..إنه أن تعجزي عن الإحساس بالألم..لأن ما تشعرين به أكبر من أن تجسديه بكلمة ألم...

صغيرتي..تتساءلين لم تشعرين بأن حبر قلمي يتشح بالسواد؟؟..أتعلمين لا أرغب حقاً في إقحامك في عالم الكبار القاسي..إنه عالم أقسمنا دائماً أن لا نكون أحد أفراده..و لكننا فجأة و دون أن نعلم تخلينا عن قسمنا هذا و أصبحنا أحد أفراده..خسرنا طهرنا البكر..خسرنا الطفل الذي نحتويه بداخلنا..قتلناه بان أجبرناه على أن يكبر..و يتخلى عن الأفكار الساذجة التي يعتنق...

صغيرتي..تتساءلين هل أشعر بخيبة الأمل؟؟..لا أعلم حقاً بماذا أجيبك؟؟..أتعلمين الأمر أشبه بفقدانك للإيمان بأمر معين..عندما تؤمنين بإنسانة معينة لا تؤمنين بها و كفى و لكنك تفعلين ما لا تفعلينه مع سواها..تديرين ظهرك إليها..نحن لا ندير ظهورنا إلا لمن نثق بهم ثقة مطلقة..لا ندير ظهورنا إلا لمن نثق أنهم لن يفكروا يوماً بطعننا من الخلف..نحن لا ندير ظهورنا إلا لمن نستند عليهم وقت الألم..فكيف عندما يصبح جدار أماني هو مصدر ألمي...

صغيرتي..تتساءلين هل أتألم الآن؟؟..لا أعلم حقاً..و لكن 12 عاماً مدة طويلة حقاً..مدة تجعلني أتساءل:متى نصبح قساة؟؟..هل هذا الأمر وراثة أم بالاكتساب؟؟..هل عندما نصبح قساة مع من نحب هذا يعني أننا كففنا عن حبهم؟؟..هل ينفذ الحب؟؟..هل عندما ينفذ نكتشف أننا لم نكن نحب حقاً؟؟..لأن الحب ببساطة لا ينفذ و لا يتجسد..كيف نستطيع أن نؤلم من نحب؟؟..كيف نستطيع استغلال نقاط آلمه التي نعرفها لتكون طعنتنا إليه محكمة؟؟..كيف نصبح قساة؟؟..هل يجب أن أقتل الطفل الذي بداخلي لأجيد الاستمرار في هذا العالم؟؟..هل يعجز هذا العالم التعامل مع الأطفال لهذا يطالبنا دائماً بأن نكبر سريعاً؟؟..لماذا عندما كنا أطفالاً كنا نردد دائماً أننا نكره عالم الكبار المعقد الكاذب المخادع و لكننا فجأة ننزلق إليه بكامل إرادتنا الحرة؟؟...

صغيرتي..لماذا أصدع رأسك بكل هذه الأمور؟؟..ماذا؟؟..تتساءلين ما هو الألم؟؟..حسناً..لنقل أن الألم أن لا تجدينني بجانبك الآن لأهمس لكِ:"تصبحين على خير"...