كان الطريق مظلماً ولم أدري لماذا وافقت أن أسير به، قيل لي أنه سينير ولكنني وجدته يزداد ظلمة .. مشيت بالرغم من كل شيء لم أعصب عيني فلا حاجة لي بذلك فالطريق مظلم مليء بالمفاجآت.. تلفت حولي في البداية ووجدت نفسي وحيدة في هذا الظلام .. ولكنني بعد أن تعودت على الظلمة إكتشفت أن الكثيرين حولي يمشون بها.. والغريب أن بعضهم ظن نفسه يرى كل شيء وتخيل أن ظلمتنا مليئة بالمصابيح أمام عينيه وأننا وحدنا العميان .. ولكننا اكتشفنا أنه يسير أعمى في ظلمة نفسه حتى ظن أن أحلامه تنيره..
وفي الطريق وجدنا أشجار عملاقة تطرح لنا فواكه حلوة من الخارج مرة من الداخل .. ووجدنا زهور تخطف نظر من يطالعها وحينما نقترب منها نجد أنها مليئة بأشواك دامية .. وفي الطريق سراب واهم خدع كل من يسير به ونهايته أحلام متكسرة على خطوط وهمية.
وأثناء الرحلة في الطريق أحاديث يتجاذبها كل من يسير بنفس الطريق سواء كانوا يمشون سوياً منذ البداية أو تعارفوا في الطريق .. وبعد فترة وجيزة يقتنع كل واحد بأنه عرف الآخر جيداً لأنه ببساطة رافقه في الطريق.. وعند منحنيات الطريق ومطباته يقل من نعرفهم تدريجياً وربما اختفوا وربما سارت أجسادهم بجانبك دون أرواحهم وتخيلت أنت أنهم معك.
فلا تتوهم فالطريق واحد والأجساد السيارة كثيرة وكل الأرواح تائهة .. وفي المنعطف تكتشف أنك لا تعرف أحد .. عرفت وجوه وربما أقنعة .. فتذكر الأسماء أو انساها .. لا فرق .. فبعد أن يمر الوقت كل الأسماء واحدة .. كل الوجوه متشابهة .. كل النفوس متداخلة .. كل الأصوات ضجيج .. بعد أن يمر الوقت وأنت في الطريق لن تسمع إلا صوت أنفاسك ولن ترى أبعد من خطوة قدمك ولن تجد من يربت على كتفك سوى عملك الصالح ليفتح لك أفق بعيدة لطريق آخر تأمل أن يكون قصير ليدخلك إلى عالم آخر ليس فيه وهم كوهم طريقك .. ليس به ظلمات .. كل الألوان به واضحة فإما أخضر بلون الجنة أو لون النار الحارقة .. وفي كل الأحوال الألوان واضحة لا وهم ولا تداخل .. هناك فقط سيكون الرفيق الحق .. هناك فقط سيكون الطريق بلا سراب أو خيال .. هناك .... نهاية كل الطرق.
الروابط المفضلة