جلست تنظر حولها، وجدت أن كل شيء قد تغيير، اختلفت عليها الأشياء، أخذت نفساً عميقاً وقالت: لماذا أصبحت الحياة كذلك، كل شيء تغير من حولي؛ حياتي ذكرياتي آمالي أحلامي كل شيء قد تغير...
نادت بصوت مرتفع على الخادمة لتسألها لماذا الحديقة اليوم على غير عاداتها، ولما البيت هكذا مظلم وكئيب، تشكو جدرانه وأثاثاته حزناً لا أعرف سبباً له..
استجابت الخادمة لندائها، وقامت تعيد تنظيف وترتيب البيت النظيف، ثم خرجت إلى الحديقة لتسقي الزرع الذي أتخم بالماء، أعادت الخادمة ترتيب كل شيء لكنها أبداً لن تستطيع أن تنظف وترتب وتسقي قلب صديقتنا؟
انتهت الخادمة من عملها وأبلغت السيدة بذلك، لكنها لم تر أي تغيير في البيت.. ما زالت ترى الغبار منشوراً في كل مكان.. هو غبار.. وقد صدقت بما رأت، لكنه غبار موجود داخلها.. فكيف يمكن أن تنفض عنها هذا الغبار؟..
كيف يمكن أن تنظف داخلها.. أي آلة تلك التي ستتمكن من شفط كل الأحزان والذكريات الأليمة مع ما يوجد من مورثات ومعتقدات أخذت مقاعدها بارتياح داخل هذا القلب الجميل.
قلب لو فتح لنا مجالاً للحوار معه لأيقن أشياء كثيرة تجعله ينبض بالحب والسعادة..
هل أنتِ مسلمة؟
نعم وأؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم..
إذاً فيجب أن تسعدي وتحمدي الله كثيراً أن منحتِ هذه النعمة الكبيرة وهي نعمة الإسلام، فقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: }الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ * رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ}
هل تغذين نفسك؟
نعم آكل وأشرب ما لذ لي وطاب.
بل نفسك روحك بما تغذيها؟.. فإن للروح غذاء وهو التقرب من الله عز وجل والتآنس به والتناجي معه، لكي يطمئن قلبك ونفسك.
هذه الكلمات جعلتها تغط في تفكير عميق، وجلست تسأل نفسها هل تغذي هذه الروح بالطاعة، بحب الخير لها ولغيرها، تركتها تفكر لتجد بنفسها الإجابة، ولتبحر في بحر قلبها الكبير وتخرج ما بداخلها من لآلئ وكنوز.
كيف ترين من حولك؟
جابت إن فلانة بها العيب الفلاني، والثانية مغرورة، والثالثة نمامة... استوقفتها وأنت؟ وأنت كيف ترين نفسك، هل جلست يوماً مع نفسك ونظرت إلى ما فيها من عيوب؟
قبل أن نتتبع عورات الغير يا ليتنا نتتبع عوراتنا، ونبدأ بالتغير والإصلاح، فعندما نرى من غيرنا طبعاً لا يعجبنا نحاول ألا يكون فينا، وعندما نرى منه طبعاً يفرحنا نتمسك به ونجعله من شيمنا.
هل تصفحين؟
أحياناً ولكن عندما يكون الجرح عميقاً يشق علي الصفح..
من منا لا يخطئ، ضعي نفسك مكان الآخرين، لكي تتفهميهم وتعذريهم، اصفحي أحبي سامحي وأخيراً لا تغضبي وكوني جميلة لتري كل الوجود جميلاً.
جلست صديقتنا تتأمل، تفكر وتبحث عن معاني الجمال داخلها وداخل من حولها، لأن كل شيء جميل إذا حاولنا نحن نراه جميلاً.
أ. سحر صالح مبروك
_______________________________________
م
ن
ق
و
ل
رد مع الاستدلال
الروابط المفضلة