لأنها ابنتي:
أنا لها كما تحب، وفوق ما تحب..
تتمايل المباني بذكرها، تتوه المعاني من همسها، أريج الحياة أنفاسها.. ابنتي عندما أقترب من داري، أصعد الدرجات، يدق قلبي دقات، لا يصدق أنه سيلتقي بمهجته، سر سعادته، نهار عيني، قمر ليلي، فردوس وجودي، سكن أنيني، شوق حنيني،.. ابنتي وهبتني معنى الحب، متى ضاقت بي الدنيا برؤيتها يزول الكرب، لا هم لي سواها، وأحمد ربي ليل نهار على وهبي إياها، فبأي لسان أشكره، وبأي طريق أحمده، إنها... ابنتي.
انظروا إليها وهي تقول لي: بابا.. كأنها تعزف لي أعذب ألحان حياتي، أبهى رونق لذاتي، تلهج نفسي بكلماتها، تطرب روحي بنظراتها، يتراقص وجداني بلمساتها.. ابنتي.
كلما أفقت منها غبت فيها، لا أعرف هل أنا سكران بهواها، أم تلك حقيقتي، وما لي حب سواها، فيطاردني ويلازمني أعذب لحن طربت له أذناي.. بابا... لحن..
سامحيني حبيبتي إن غبت عنك بحجة العمل، فاطمئني لا شيء يأخذني منك فأنت المنى والأمل.. طلبوا مني، وسألوني: قل عنها ما نريد أن نعرفه، قلت وأجبت: هل تعلم الحب منها أم ما زال في مرحلة الطفولة؟
كان الدفء قبلها بردا وصقيعا، والفرح بدونها حزنا وغريقا، والأمل تائها وضائعا. حضنك ابنتي يهبني حياتي، إدراكي لذاتي، شعوري بكل كياني؛ فهل سيدركني اليوم الذي أراك فيه تكبرين، تترعرعين، تعلمين؟ كم كان أبوك محبا لك، عاشقا لاسمك، هائما بوجودك؟..
هل سيمتد بي العمر لأراك تحققين ما تتمنين، وأزفك لمن اختاره لك الله، وهل ستتذكرين أن أباك كان لك بمثل هذا الحب والحنان؟
أترك لك تلك الرسالة: عندما تطالعينها فاعلمي أني كنت لك فوق ما تتخيلين.
رسالتي تلك تحكى لك عني تخبرك أن بابا حبيبك "كان زمان عايش عشانك حضنه أمانك"، قلبه الكبير كان (لك كل) الحنان ابنتي، عشق عمري، اعلمي: أني أمسكت عن الكتابة، لأني إن استرسلت فلن يصدق الوجود ما أكتب، هذا ما برز للعيان، فما بالك بمكنون البيان.
لن تعلمي كم لأجلك عانيت؛ لأن وجودك وأمنك وأمانك عندي كان هو الأهم، الآن تطمئن روحي، وتهدأ نفسي، ويسكن وجدان، ويستقر قلبي.
والدك.. الذي يتمنى أن يكون دوما سكنه وجدانك قلبك فؤادك روحك عقلك كيانك. دوما لك كما تحبين، وفوق ما تحبين وتتمنين فاطمئني.. اطمئني.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الروابط المفضلة