رساله الى كل,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, عاشق
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
الحب غريزة فطرية في الإنسان ، خلقها الله فيه كما خلق بقية الغرائز ،
والحب هو أقوى محركات القلوب ، حتى في توجه الإنسان إلى ربه ،
إنما في الحقيقة يحركه الحب ، حب الله تعالى ، وحب نعيم الجنة ،
وحب السلامة من عذاب النار.
، ولهذا السبب يبقى الحب في الجنة ، ويزول الخوف والرجاء ،
مع أن هذه الثلاثة مجتمعة هي التي تحرك الإنسان للعمل الصالح ،
ولكن الحب أقواها ، فيذهب الخوف في الجنة ، لان الله تعالى يعطي أهلها الأمان ،
ويذهب الرجاء لان الإنسان يكون قد حصل على ما كان يرجوه ، فيتوقف رجاؤه ،
اللهم إلا رجاء البقاء والاستمرار في النعيم .
وحتى يذهب الله تعالى عنهم كدر رجاء الخير المتوقع ، لان انتظار ذلك
فيه نوع من انزعاج النفس واضطرابها ، يعجل لهم البشرى بالخلود في الرضوان ،
قال صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة:
فيقولون: لبيك ربنا وسعديك! والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟
فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك فيقول:
ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول:
أحل عليكم رضواني,فلا أسخط عليكم بعده أبداً متفق عليه من حديث
أبى سعيد الخدري رضي الله عنه .
والمقصود أن الخوف والرجاء يذهبان ، ويبقى الحب في الجنة ،
بل هو أعلى نعيم الجنة ،فحب الله تعالى وكماله بالنظر إلى المحبوب ،
هو أعلى نعيم الجنة ، وإذا نظر أهل الجنة إلى الله تعالى ،
صاروا في سعادة أكبر من كل ملذات جنات النعيم ،
ولهذا قـــــــــــال تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )
فقدم الجار والمجرور للحصر ، كأن الوجوه عميت عن كل شيء
في الجنة من النعيم ، فلاترى إلا وجه الله تعالى ، وصح في الحديث
( فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجه الله تعالى ) رواه مسلم .
والحاصل أن الحب غريزة خلقها الله في الإنسان ، ولهذا لم يحرم الله تعالى
على عباده أن يحبوا ، ولكنه أمرهم أن يحبوا ما ينبغي أن يحب ،
ويبغضوا ما ينبغي أن يبغض ، بمعنى أن يوجهوا هذه الغريزة إلى الخير ،
كما هو شأن جميع أوامر الله تعالى ، يرشد عباده أن يوجهوا غرائزهم إلى الخير ،
لا أن يتجاهلوها أو يكبتوها ، مثل الغريزة الجنسية ، يأمرنا الله تعالى
بالنكاح المشروع ، لتوجيه هذه الغريزة إلى الخير ، قال تعالى
( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع )
وقال صلى الله عليه وسلم ( تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم) رواه أبو داود ،
وحرم الله تعالى السفاح لانه وضع الغريزة في الشر والفساد ، لا الخير والرشاد .
وكذلك الحب يأمرنا الله تعالى أن نوجه هذه الغريزة الفطرية توجيها صحيحا ،
فنحب إذا أحببنا في الله تعالى ، ونبغض إذا أبغضنا في الله ،
وإذا أحب الرجل امرأة جعل حبه في إطار ما يرضي الله تعالى ،
فيحمي هذه الحب من نزوات الشيطان ، ومن مخالفة الرحمن ،
فلا يعصي الله تعالى في هذه العلاقة ، ولا يخلو بالمرأة ،
ولا يتلذذ برؤيتها وسماع صوتها ويأنس بذلك ،
وهي ما زالت أجنبية عنه في حكم الله تعالى ،
وإن كان يحترمها حقا ، فليترفع عن معصية الله فيها.
وإن كان يحبها حقا ، فليطهر حبه من جعله وسيلة للوقوع
فيما يسخط الله ، فليجعل الله تعالى رقيبا عليه ، وليسأل الله تعالى
أن يجمع بينهما على رضوانه ، فيخطبها ويتزوجها ،
ثم يحل له منها ما يحل بين المحبين من إتصال الأجساد
في مرضاة الله تعالى ، الذي يؤكد وصال الأرواح الملتقية على تقوى الله .
هكذا يأمر الله تعالى بتوظيف الحب توظيفا في رضاه
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( وفي بضع ( مجامعة الزوجة ) أحدكم صدقة.
قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟
قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أليس كان يكون عليه وزر؟
فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر) رواه مسلم
من حديث أبى ذر رضي الله عنه .
وكل غرائز الانسان للشيطان فيها مدخل ،
وعلى العاقل أن يبصر كيد الشيطان ، ويحمي عواطفه من
أن تكون صيدا سهلا لابليس ، وكم أردى الشيطان من بني الانسان ،
في مكيدة الحب والعشق ، فزين لهم أن الوصال بالمحبوب لا شيء فيه ،
فحمل المحبين ذلك إلى الأنس بالحديث من وراء ستر ، بالهاتف أو الإنترنت ،
حتى إذا امتلأ القلب وانشغل بهذا البلاء ، انتقل بهما إلى اللقاء ،
ثم إلى اللمس والتقبيل ، ثم دنس المحبين بقذارة الفواحش ،
ولهذا قال صلى الله عليه وسلـــــم
( ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)
رواه الترمذي من حديث عمر رضي الله عنه .
والخلاصة أن الفتى إن أحب فتاة ، أو الفتاة إن أحبت فتى ،
والرجل إن أحب امرأة ، أو العكس ، فليعلما أن الله تعالى
الذي جعل فيهما هذه الغريزة ، أمر أن يجعلها الانسان
في مرضاة الله تعالى ، لا في سخطه ، فقد تقود هذه الغريزة الانسان
إلى الخير والسعادة ، وقد يقوده الشيطان بها إلى الشر والتعاسة ،
والمعيار هو في ضبط هذه الغريزة بأوامر الله تعالى
وإرشاد الرسول صلى الله عليه وسلم .
فإن فعل ذلك واتقى الله في حبه ، وفي علاقته بالمرأة التي يحبها ،
فليكف عن الحديث معها ــ إلا ما كان لابد منه في شأن الخطبة والزواج
ــ وليتقدم إلى خطبتها فإن رضوا به ، كان بينهما موعد لقاء المحبين ،
على مرضاة رب العالمين ، بالزواج على كتاب الله وسنة سيد المرسلين ،
وإن طال الزمن ،بين الخطبة والزواج ، فليصبر ، وليجعل تقوى الله بين عينيه ،
وليكن طلب مرضات الله في كل سكناته وحركاته في شغاف قلبه .
وإن لم يرضوه زوجا لمن يحب ، أو حال بين الزواج بينهما أمر ما ،
فليتعفف ويصبر ، ويعلم أن هذه محنة ابتلاه الله بها ، لينظر هل
حبه لله أعظم من كل محبوب ، فليصبر إذن على قدر الله ، وليرض بقضائه !!
والسعيد من نجا من البلاء بالأمر المحمود ، وكان حب الله في قلبه غاية المقصود .
هذا لمن يريد أن يكون محبا لله معظما لامره ، وهذا لمن يريد
أن يكون محبا عفيفا متقيا ربه في محبوبه ، أما من يريد أن يتبع نزوات الشيطان ،
وتتحكم فيه الشهوة واللذة ، فكلما اشتهى الوصال بالمحبوب ،
اتصل وأمتع سمعه بصوته ، وقلب نظره في صورته ،
وتلذذ بأنس حديثه ، فما هذا إلا أول تلبيس إبليس ،
هذا طريق أوله معصية ، وآخره خيبة ، فلا والله ،
ثم والله ، ليس هذا في مرضاة الله في شيء ،
فأفيقوا أيها العشاق من سكرة الشيطان ،
أفيقوا قبل فوات الأوان .
كتبه
الشيخ حامد بن عبد الله العلي
والله في عون العبد مادام العبد في عون اخيه
ارجو من الله حسن الثواب
وبالتوفيق
الروابط المفضلة