]
ما زلت اذكر عندما كنت في الابتدائي كنت ادرس عند معلمة
لديها عصا من الصنوبر
اسمها بدرة او لا لا بدرة ولالا عندنا تقال للتعبير عن الاحترام .
كانت عصا الصنوبر بمثابة كابوس بالنسبة للتلاميذ وحصتها كفيلم رعب لنا
ولا نتنفس الصعداء الا بعد ان يرن الجرس ..
وفي بعض الاحيان كانت لا تقوم باخراجنا حتى لو رن الجرس
حتى تكمل شرح الدرس او تصحيح التمارين.....
بالنسبة لي عامين متتاليين وانا انتقل كلما عرفت انني من بين تلامذتها
,لكن في العام الثالث وقفت لي بالمرصاد ورفضت تركي انتقل...
والافجع من هذا انتقلت الى مؤسستنا معلمة جديدة اسمها لالا نفيسة .....كانت لالا بدرة تدرس العربية ولالا نفيسة تدرس الفرنسية والتقت الاثنتان لتشكلان ثنائي الرعب بالنسبة لتلامذتهما....لان لالا نفيسة كانت تستلف العصا غالبا لمعاقبة التلاميذ ,وهكذا فاذا هربنا من العصا حصة العربية نجدها تنتظرنا في حصة الفرنسية....وغالبا ما كنت من بين من يصطفون لبمدوا الايدي لمصافحة عصا الصنوبر لاني كنت اكره الفرنسية ولا افقه فيها حرفا............
انتقلت من الابتدائي الى الاعدادي بتفوق, وكنت وجميع من خرج من تحث يدي لالا نفيسة ولالا بدرة في ساعات فراغنا او اذا تغيب احد الاساتذة نطلب من احد الاساتذة ان يدخلنا حصته كي نستفيد ..
ولم نكن نستغل وقت الفراغ لنصول و نجول في الشوارع .
كنا دائما نختار حصصا اكبر منا مثلا نحن الاولى اعدادي وندخل حصة الثالثة اعدادي...كنا نحن من يتحاور مع الاستاذ ونحن من يجيب على اسئلته وتلامذته صم بكم...وكان يستغرب الاستاذ عندما نخبرهاننا تلامذة الاولى اعدادي وان هذا ليس مقررنا...
نعم كنا اذكياء ونجباء على الصعيدين الفرنسية والعربية ..
كنا نجيد الاعراب والنحو و الاملاء ...
ومرت السنين لاتزوج ولتنتقل لالا بدرة من المؤسسة
ولتدرس اختي عند لالا نفيسة لتخبرني ان مستواها اصبح ضعيف
ولم تعد تستخدم العصا,وكان ذلك واضحا من مستوى اختي المتدني
في الفرنسية....
وحدث ان تغيبت اختي عن الحصة بدعوى المرض فاستدعت المعلمة
ولي امرها .ولان والداي مسافران ذهبت انا لاجد مجموعة من المعلمات واقفات امام احد الاقسام يتحدثن ويضحكن والتلاميذ في اقسامهم يلعبون ويملاون الدنيا ضجيجا...وكانت من بين المعلمات لالا نفيسة
التي ما ان رايتها حتى بدا قلبي يضرب بشدة و تملكني خوف شديد
وكاني سادخل حصتها...تجاهلتها وتحدثت مع معلمة اختي
فسالتني ضاحكة الا تريدين القاء التحية ..فقلت اه لم اذكرك....
كذبت نعم ...فكيف لي ان انسى هذا الوجه الذي مازال محفورا
في ذاكرتي حتى هذا اليوم الذي اكتب فيه هذه السطور....
عندما عدت الى المنزل ارسلت لها رسالة معتذرة عما بدر مني
واخبرتها ان سبب تجاهلي لها هو خوفي الشديد منها ...
وسالتها عن المستوى المتدني الذي وصل اليه التعليم....
واجابتني في رسالة اخرى قائلة:
(ان السبب في تدني مستوى التعليم هو كثرة المناهج التعليمية
وكثرة المحضورات والممنوعات .
على المعلم الا يكون عنيفا مع التلاميذ.
على المعلم الا يستخدم العصا في تعليمه للتلاميذ...
لدرجة ( قالت) انه مرة ضربت تلميذ فجاء والده وشكاها للمدير
الذي بدوره قدم تقريرا فيها للمفتش والذي وبخها وحذرها من ضرب التلاميذ مرة اخرى.....
ولهذا اصبح اغلب المعلمين يستغنون عن العصا واصبح التلاميذ وقحين
ولا يستمعون لكلام اساتذتهم بل اصبحوا يتهاونون في اداء واجباتهم المدرسية لان ليس هناك رقيب...)
قد اكون قد ازعجتكم بقصتي عن لالا نفيسة ولالا بدرة...
لكن قصدي من طرح هذا النموذج الذي لم اعرف قيمته
الا فيما بعد هو رغبتي في طرح سؤال مهم..
هل العصا واسلوب الترهيب مفيد للتلاميذ ام لا ؟
هل سيقبل الاباء الان ان يستعمل معلم لضرب ابنه عصا الصنوبر؟
من وجهة نظري ومن تجربتي الشخصية لقد افادني ,
بل وافادني كثيرا على مستوى دراستي ان كنت من بين المتفوقين
على الصعيد الفرنسي والعربي في الاعدادي والثانوي..
.وعلى مستوى عملي اذ كان كل من نتعامل معهم اجانب
وقد سهل علي التحدث معهم بحكم اتقاني للغة الفرنسية...
وزواجي اذ تزوجت رجلا مثقفا و اغلب احاديثنا حول المائدة هي ثقافية
و افادني ايضا مع ابني ذو الثلاث سنوات الذي يمكنني ان شاء الله مراجعة الدروس معه....
قد يكون اسلوب الضرب همجيا في نظر البعض ولا يتوافق مع عصرنا
الذي يندد بمنع الضرب في المؤسسات والاعتماد على احترام الطفل
وحقوق الطفل.
وان في الدول الغربية اذا ضرب استاذ تلميذا يسجن او اذا ضرب احد الوالدين ابنه يسجنان وقد يحرمان من ابنهما....
ولكننا لا نعيش في دول غربية ولسنا غربيين كي نعتمد اسلوبهم...
نحن امة عربية مبداها احترام الوالدين واحترام الكبير وعدم اهانتهم.
فان كانت الفتاة في الغرب ترفع صوتها على والديها وتهينهما
وتحمل حقيبتها لتخرج لتبيت خارجا فهذا مرفوض عندنا....
وان كانت تاتي بصديقها لتعرفه على والديها فهذا مرفوض عندنا...
وكذلك بالنسبة للولد.
فلماذا نريد التشبه بالغرب في سلوكياتنا وادابنا البعيدة كل البعد عن تقاليدنا ومعتقداتنا.
سيقول البعض احترام حقوق الطفل واجب ,
حسنا فليكن ,ولكن لا يجب ان تطبق على حساب حقوق الوالدين والمعلم...
((وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا*اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما*واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )) سورة الاسراء
ولن ننسى ابدا الابيات القائلة
قم للمعلم وفيه التبجيلا******* كاد المعلم ان يكون رسولا
اعلمت اشرف او اجل ******** من الذي يبني وينشئ انفسا وعقولا
[
ولهذا فعلى المناهج الدراسية والقوانين ان تكون اكثر صرامة مع التلاميذ .وكما يقول المثل( العصا لمن عصى..).
ولا اقصد من تشجيعي لاستخدام الصرامة او القسوة هو استعمال العنف او ضرب الاطفال بوحشية وبطريقة همجية تقلل من احترام التلاميذ امام زملائهم ,وانما استخدام العصا كمحفز لجعل الاطفال ينتبهون الى دروسهم ويؤدون واجباتهم كما فعل الذين قبلهم ..
لالا نفيسة ولالا بدرة لم تكونا مثالا فقط للقسوة بل كانتا ايضا في المناسبات المدرسية والاعياد يقمن بتحفيظنا اناشيد واغاني نرددها امام المسؤلينوالاساتذة واولياء الامور...وكانت تتخلل هذه الحفلات هدايا وتحفيزات للتلاميذ ...والاهم من هذا هو النتيجة الدراسية التي كنا نحملها ونحن فخورين لنوريها لابائنا الذين بدورهم يفتخرون بنا امام الاصدقاء والعائلة..
انه اسلوب بسيط اعتمدته هاتان المعلمتان....اسلوب الترهيب والعنف تارة....واسلوب الترغيب تارة اخرى...
انه اسلوب جيد اعتمدته منهجا لي في تعاملي مع ابني...
ورغم ان ابني ادخلته للتو الى الحضانة انما حاولت جاهدة قبل ذلك ان ادرسه و اجعله مستعدا للدراسة وايام الدراسة...كنت اضعه امام النت و اتركه يقرا الحروف واتركه يستمع الى اغاني تعليمية , واذا بدا فكره يتشتت اتركه يلعب ...كنت الح عليه في البدء لكن كنت اقول انه مازال صغيرا على ذلك فاتركه على راحته...
كنت احفض ايضا اغاني تعليمية وارددها معه وانا في المطبخ وهو بجانبي ونحن نلعب....
اما وقت النوم فمخصص للاتماع الى القران الكريم...
كانت لديه لعبا كثيرة وبعد النتهاء لا يقوم بجمعها مرة واثنتين وثلاث حتى مللت فاصبح كلما طلب لعبه اخبره انه ان لم يجمعها فلن ياخذها ...يقول والده انه مازال صغيرا ...ولكني لا اتهاون في ذلك لاني اريده ان يتعلم النظام وترتيب اشياءه من الان وهذا مايفعله فبمجرد الانتهاء يقوم بجمعها...
اعتمدت مرة اسلوب الضرب لانه اغضبني جدا ولاني اردته ان يعرف انني عندما اهدده فهذا ما ينتظره ...و لم اضربه بعدها مرة اخرى بل كان التهديد كافيا و كانت نظراتي كفيلة ان تثتنيه عما يفعله....
والده يساعدني بشراء الهدايا لتشجيعه ...اما التربية فبحكم عمله يكون غالبا في الخارج وعندما يدخل يكون تعبا ويذهب لينام...وعندما ينهض يقوم باخراجه واللعب معه...وبحضوره لا يمكنني الصراخ عليه لاني احاول جعل البيت هادئا حتى يتمكن زوجي من النوم بسلام ...وهنا كان يستغل ابني الفرصة فيصرخ ويقفز كما يحلو له....لكن الان وباسلوب بسيط افهمته ان والده متعب وعليه ان يرتاح والا سيخرج للعمل مرة اخرى....وبمجرد خروج والده اتركه على هواه ليفعل ما يريد....
زوجي يترك لي حرية التصرف مع ابني ويعلم جيدا انني ان شاء الله ساربيه جيدا والنتيجة تظهر له من خلال ما يحفظه ومن خلال ادابه فعندما يخرج للعمل يناديه( بابا الله يعينك).قبل النوم يقول له (تصبح على خير).. واذا اشترى له شيئا يقبل يديه...
كل شيئ مسموح بالنسبة له الا ان اضربه فالضرب بالنسبة لزوجي مرفوض.
كل ما علمته اياه كان عن طريق اللعب واللهو وتقديم الهدايا وقد كانت نتيجته مبهرة والحمد لله ,لكن يلزمني في بعض الاحيان استخدام اسلوب الترهيب ...نعم الترغيب تارة والترهيب تارة اخرى..
ابني عمره ثلاث سنوات ومازال المشوار طويلا ان شاء الله وسابقى معتمدة هذا الاسلوب مادام في رمق...
اسلوب لا اعرف لمن الفضل فيه هل للا نفيسة او لالا بدرة ,ام لعصا الصنوبر...
لكن مهما كان فانا شاكرة له لاني جربته واستفدت منه وافدت....يكفيني كلمة ماشاء الله ابنك مؤدب وهادئ...او جملة اللهم بارك في ابنك ذكي جدا لقدرته على حفظ كل هذه الامور....
وفي الاخير اود تقديم شكري الكبير لهاتين المعلمتين واقول لهما جزاهما الله الف خير لما بدلاه من مجهود ليخرج من بين يديهما تلامذة اذكياء ونجباء .
هذه مشاركتي بالنسبة للمسابقة واتمنى ان اكون وفيت كل شروط المسابقة.
الروابط المفضلة