تعتبر المراهقة مرحلة هامة و حساسة في حياة الانسان
ذلك انها عبارة عن مرحلة انتقالية ما بين الطفولة و الشباب
يعيش المراهق فيها تغيرات كبيرة جسمية و نفسية و تناقضات سلوكية بسبب خصوصيتها
تسبب مرحلة المراهقة حالة من اختلال التوازن لدى الانسان
فهو ينتقل من مرحلة الطفولة الى مرحلة النضج و الشباب عبر تلك الفترة
تكمن خطورتها أن المراهق يتأرجح بين عقليتين مختلفتين فيها
فيعيش شيئا يجذبه للماضي حيث الطفولة و تغييرات تشده الى المستقبل -- الشباب و الكبر و النضوج
من هنا ينبع ما يبدو لنا عصيان المراهقين
فالمراهق يرى نفسه اصبح كبيرا قادرا على اتخاذ قراراته بنفسه
و في نفس الوقت فهو لا يعرف كيف يأخذ تلك القرارات المهمة لنفسه
يستعجل الكبر و لا يملك القدرة الحقيقية و الخبرة الكافية بعد التي تجعله يميز ما له و ما عليه ...
الصح من الخطأ... ما يجب و ما لا يجب
تخيف مرحلة المراهقة الكثير من الأهل الذين يخافون على اولادهم
و تسيطر عليهم فكرة الانحراف و الخوف من أي يحيد أبناؤهم عن الطريق الصحيح
فأم تسمع من جارتها أن ابنها أصبح يدخن و أخرى تشتكي من ترك ابنتها للصلاة و عصيانها و تمردها
و غيرها تعاني من تغير ابنتها التي تحولت من تلك البنت الناعمة المطيعة
الى فتاة أخرى تريد ان تقلد فلانة و تلبس مثل صديقتها فلانة
تنسى معظم الامهات أن جميع البالغين و الكبار يمرون بتلك المرحلة
التي هي مختلفة في خصوصيتها و سمتها
عنوانها مرحلة متأرجحة تحتاج الى طريقة تعامل خاصة لتمر بسلام كما مرت على الكثيرين
بالمقابل فإن اهمال ما يمر به الابن او البنت في تلك الفترة و الاستهتار بها
او الاستعانة بالصراخ و العصبية قد يؤدي الى عواقب وخيمة لا يمكن تلافيها
تحتاج مرحلة المراهقة من الاهل بعض التفهم و الادراك بماهية المرحلة
و كيفية التعامل معها
بعض الهدوء و احيانا برود الاعصاب
و في نفس الوقت الحزم و حسن التعامل مع الامور
و الاهم هو المقدرة على فتح و ادارة حوار حقيقي ناجح ما بين الام و البنت مثلا ...
و يبدأ التحضير للمستقبل مارا بمرحلة المراهقة منذ الصغر
فتنعكس العلاقة التي بناها الاهل مع أولادهم على مر السنين منذ الطفولة
على حالة الابن المراهق ...
و لنتناول خاصة علاقة الآم مع ابنتها
حيث نرى مدى عجز بعض الامهات في التعامل بشكل صحيح مع بناتهن
و خروج الآمور من بين أيديهن
أو تأثر علاقة الام و البنت مدى الحياة
و أحيانا آثار أكثر خطورة مثل انحرافات أخلاقية - مخدرات - صحبة السوء
ترك العبادات و الميل الى معتقدات تطرفية تصل أحيانا الى الايمان بمعتقدات
شاذة خطيرة و اتخاذ أبطالها نماذج يحتذى بهم ...
سمعت في قصة من معالج نفسي
أم و ابنتها حضروا اليه
تشتكي الام من عصيان ابنتها و استحالة التفاهم معها
دخلت اليه كل منهما على انفراد
الام تبكي بحرقة ابنتها دائمة الصراخ عليها عاقة بها
لا يوجد محور تفاهم بينهما على الاطلاق
حياتهم تخلو الا من صراخ و نزاع الام تهدد و البنت تعصي ...
حين جاء دور الفتاة و بدأ يتحدث معها
اخبرته انها تعيسة جدا و انها تفكر بالانتحار
و حين سألها عن السبب قالت له : أمي تكرهني و تتمنى موتي !
لا يعد ما سبق الا مثالا حيا على انعدام الحوار الحقيقي و الفهم الكافي ما بين الطرفين
يؤدي الى تشاحن و تعقيد للآمور و زيادة مشاكل مع صراخ و علو أصوات
و لتجنب المشاكل السابقة و بناء علاقة سليمة قوية بين الام و ابنتها
يجب أن تتحلى الأم ببعض الامور و تنتبه لبعضها الاخر
و منها بناء علاقة قوية سوية منذ نعومة اظافر ابنتها
علاقة حنان و محبة قبل كل شيء .. تظهر تلك المحبة لابنتها و تحاول افهامها بالمثال و الحقيقة ان كل ما تفعله لمصلحتها
تعلمي الاستماع لابنتك دوما و أبدا
و مهما كنت مرهقة او منزعجة اعلمي أن نهرك لها قد يضيع عليك أمرا مهما جداااا يجب عليك معرفته عن ابنتك
و لو كان هذا النهي لمرة واحدة فقط
فربما في تلك المرة استجمعت صغيرتك قواها لتعترف بأمر مهم او تستفسر عن أمر خطير
فكلما استمعت اكثر لابنتك زادت معرفتك بها و بما يحصل معها في الخارج
سواء و هي صغيرة لا تفهم الامور أو و هي كبيرة تتعمد اخفاء تلك الآمور او تنطوي بنفسها الى عالم لا مكان لك فيه
و تستعيض عن وجودك في حياتها بوجود صديقاتها اللواتي في سنها
فيرشدنها الى ما يفعلن سواء صحيح أم خاطئ
ابني علاقة صداقة حقيقية مع ابنتك لا تلغي دورك كأم و مربية و لا تنافي وجود الحزم عند الحاجة و لا الطاعة التي عليها أن تقدمها لك
احترمي رأيها و اجعلي له مكانا في عقلك
فليس معنا انك الام أن تنفذي فقط ما تريدين اتركي لابنتك مساحة من الاختيار المعقول
اجعلي لها كيانا و خصوصية لها حق الاختيار طالما لم يتعارض مع الدين و الاخلاق
في الملبس و الزيارات و اختيار التخصص العلمي و تكوين الصداقات
و حتى لو حدث تعارض بينكما فلا تلجئي من البداية الى أسهل الطرق و هي التعنيف و التوبيخ أو الضرب عند البعض
بل اختاري طريق الحوار البناء و المتكرر و الذي حتى ان تكرر و طال و أتعبك
فله نتيجة أكثر ايجابية يبقى مداها فترة طويلة بل مدى الحياة لو أحسنت استخدام الجمل و الأسلوب
احضني ابنتك باستمرار و أظهري لها حبك و عطفك
لا يتنافى الحزم مع ذلك بل يكمله فأنت في الوقت المناسب الام المناسبة
راقبي ابنتك دوما من بعيد و دون أن تشعر بك لآنها ان شعرت ستفعل المستحيل لتتهرب من مراقبتك و لتخفي نفسها عنك
راقبيها بحيث تعلمين ما تفعل و من تقابل و لو لاحظت شيئا لم يعجبك
لا تصارحيها أنك علمت به عن طريق مراقبتك لها لآن ذلك يهز شخصيتها و نظرتها لك و يباعد المسافات بينكما
أخيرا استشيري أباها دائما و أبدا و اجعلي له وجودا قويا في حياتها
فالاب رمز للرئاسة و القيادة يعمل حسابه الجميع
و لا تتطوعي لتحملي مسؤولية ابنتك وحدك فالامر ليس هين
و لا تغطي على أخطائها التي لا تستطيعين حلها بمفردك خوفا عليها من عقاب والدها فتكبر المشكلة و تزيد أبعادها و تصبح بلا رجعة
في الختام أتمنى لجميع الابناء و البنات فترة مراهقة أكثر هدوءا
و للامهات نجاحا اكبر في ادارة تلك المرحلة لتمر بسلام و على خير
الروابط المفضلة