السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
تحولت صورة الزواج من الحلم الوردي إلى حلم باهت اللون يشوبه قلقاً كبيراً بخصوص المستقبل وظروفه المادية المسؤولية الملقاة على عاتقهم ؛ لذا يفرون منه فتيات وفتيان .
ر.ش. (23 سنة) تقول: "الزواج ليس هدفي ولا أسعى إليه، بل أعيش حياتي بشكل طبيعي خصوصا انه لدي الكثير من الصديقات وأتمتع باستقلال مادي، بالإضافة إلى أنني أجهد في التركيز على عملي وتقدمي المهني، فلن أتزوج عشوائيا لا لسبب إلا لأضع وصيا عليّ". ك.م. (27 سنة) تقول انها تتمنى ان تتزوج "شرط ان يشاركني في الاعمال المنزلية ونمضي معا اوقاتا نتحادث فيها عن مختلف امورنا اليومية... لكنني لست مستعدة لأتزوج أيا كان وإنجاب أطفال اضطر إلى تربيتهم لوحدي، فالمسؤولية في هذه الحالة كبيرة وتحتاج لشخصين لا لشخص واحد. وفي هذه الحالة أنا أفضل أن أظل وحيدة من دون زواج".
الملاحظ أن الخوف من الوصاية عبارة ترددها الكثير من الفتيات في الآونة الأخيرة لاسيما اللواتي تمكن من متابعة تحصيلهن العلمي ودخول سوق العمل من بابه الواسع اللواتي لم تعد "السترة" هي التي تدفعهن إلى الزواج، فضلا أن البعض منهن تكون لديهن مخاوف كامنة، ربما عشنها في بيت الأسرة، تتركز على تسلط الزوج. غير أن هذا الواقع لا ينطبق على الجميع، ويعتبر وضعا شاذا في المجتمعات القروية حيث يلاحظ أن نسبة الزواج لا تزال مرتفعة في صفوف الفتيات من سن الثامنة عشرة، فيما لا يتأخر الشباب عن الزواج بعد سن العشرين بأعوام كثيرة.
وهؤلاء عادة ما يكونون في أوجهم العاطفي، وبالتالي لا يولون الصعاب المعيشية أو غيرها من العقبات الاقتصادية أهمية، كما يلعب الالتزام الديني دورا أساسيا في هذه المناطق، حتى إن بعض النساء المتقدمات في السن أو رجال الدين يتحولون "وسطاء زواج" لتسيير أمور من لم يحالفهم الحظ بعد من نساء ورجال. لكن ما لا يشغل القرويين والقرويات من هواجس معيشية يحتل أولويات شباب المدن، فالفتيات مثلا يترددن قبل الزاوج ويدرسن "أخلاق العريس المادية"، ولكن إذا كنّ متقدمات في السن تظهر على غالبيتهن أعراض "الخوف من فوات الأوان" وما يتبعها من أوضاع اجتماعية تأسرهن ضمن قيود وألقاب في مقدمتها لقب "عانس"، مما يدفع البعض إلى شطب بضعة شروط من اللائحة الموضوعة سلفا لتحديد "معالم العريس".
أما الشباب فيعانون من هواجس مختلفة، مثل س.ر. (30 سنة) الذي يخشى "تغير طبيعة العلاقة بعد الزواج وفتورها ب
سبب اهمال زوجتي مظهرها مثلا او غياب الثقة بيننا بسبب عدم الثقة وما شابه".
أما ش.ح (23 سنة) فيخشى أن تكون زوجته متذمرة "لان هذا ما لا أقوى على تحمله، ويفقدني صوابي"، ويضيف "قد أتحمل أي شيء حتى الغيرة إنما لا أطيق التذمر والشكوى طوال الوقت".
مسؤولية أكثر من سعادة
وتؤكد الدكتورة "مي مارون سبع" المستشارة في شؤون الزواج والباحثة الاجتماعية أن "الذين يترددون أو يخافون من الارتباط هم الذين بلغوا مرحلة النضج العاطفي لأنهم يرون أن الزواج سجن ومسؤولية ملقاة على كواهلهم أكثر مما هو حياة مليئة بالسعادة والتعاون على العكس من الشباب في بداية العشرينات، ممن لا يدركون الفروق والاختلافات، لكن العديد منهم يواجهون المشاكل التي كثيرا ما تنتهي بالطلاق بعد فترة قصيرة من الزواج، بمجرد ان يخف التأجج العاطفي".
وتوضح الدكتورة " مي " أن المرأة عموما، سواء كانت شرقية أو غربية، لا تخاف من الزواج "لأنها تبحث بطبيعتها عن الاستقرار النفسي أولا، حتى لو كانت مستقلة ماديا واجتماعيا. صحيح أنها في الشرق تكتسب لقب العانس، لكنها في الغرب لا تعاني من هذه المشكلة إطلاقا مما يدل أن الزواج بالنسبة لها حاجة نفسية أولا. ففي فرنسا مثلا تقام احتفالات الـ"كاترينات" تشارك فيها كل الفتيات اللواتي لم يرتبطن قبل الـ24 سنة، بينما يتم الاحتفال بالشباب على أساس أنهم "سان نيكولا" إذا لم يتزوجوا قبل الثلاثين". وتضيف : "الرجل بطبيعته يمكن أن يعيش وحيدا، فهو لا يميل إلى التعبير عن مشاكله وأحاسيسه مثل المرأة، وبالتالي لا يحتاج إلى من يستمع إليه كما المرأة، التي تحتاج أكثر إلى الدعم النفسي والعائلي وتشعر بكيانها أكثر ضمن العائلة أو عندما تكون مع صديقات".
التكنولوجيا وراء تأخير الزواج
بينما يرى الدكتور "عبدو قاعي" المحلل النفسي: "أن متوسط التعليم الجامعي ارتفع من سنتين أو ثلاث إلى أربع أو خمس سنوات بسبب مستلزمات سوق العمل التي تفرض حمل شهادات عالية، إضافة إلى السعي لامتلاك التكنولوجيا، وهذان العاملان يؤخران سن الزواج. المشكلة في عدم الارتباط ليست الخوف من الآخر، إنما الخوف من الارتباط النهائي. ففي الشرق، ورغم سعي المرأة إلى الاستقرار تخاف من سيطرة الذكورة، لذلك
نرى أن الفتيات يبحثن عن رجل متحرر من هذه العقدة. وليس فيلم "العروس الهاربة" لجوليا روبرتس سوى مواكبة لتحرر المرأة، ولكن هذه النسبة لا تزال منخفضة بشكل عام في العالم العربي حيث تمتنع الفتيات عن الزواج أو يتأخرن عنه لأسباب مختلفة تتلخص بالسعي الى التحصيل العلمي أو الخوف من عدم قدرة الرجل على تحمل المسؤولية كاملة". وفي غياب احصاءات دقيقة أو دراسات معمقة عن هذا الموضوع.
يقول "قاعي" : إن أحدث دراسة توصل إليها أفادت أن متوسط سن الزواج لدى الرجال 32 سنة و28.5 لدى النساء. "وهذا يعكس تأخرا واضحا في الزواج يسبب أحيانا ضغطا نفسيا لاسيما لدى الإناث مما يؤدي إلى حالة مرضية نتيجة شعورهن بالعزلة". وامام هذا الواقع يرى "قاعي" أن حل هذه المشكلة ليس متعلقا بعلاج طبي أو نفسي إنما بالمجتمع الذي يمر في مرحلة تشنجات وتحجر في الرأي لا يسمح بتحرر الفرد، فضلا عن خوف الرجل من تحرر المرأة ما يمنعه من ممارسة ذكوريته المطلقة عليها. كما أن جو العائلة والمحيط يؤثران على قرار الفرد".
أبوتهم متأخرة
هذا ومن جانب آخر حاولت دراسة أمريكية معرفة سبب عزوف الرجال عن الزواج؛ فجاءت نتيجة استقصاء أحوال مئات الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 25 - 33 سنة، تؤكد أن الرجال يقدسون الحياة الزوجية ويحلمون بإنجاب أطفال ويتوقون للاستقرار العائلي، ويؤمنون بحتمية القرار في نهاية المطاف، لكنهم مع ذلك يماطلون كثيراً في الوصول إلى قرار الزواج، والسبب في ذلك يرجع إلى:
انتشار ظاهرة " المرأة السهلة " على نحو غير مسبوق في التاريخ الإنساني برمته؛ وبالتالي لا يهتم الشاب بأعباء الزواج والتزاماته .
انتشار الطلاق وما يترتب عليه من مخاطر مالية تجعل الشباب يهرب منها .
توق الرجل إلى الأبوة لا يظهر إلا بعد الأربعين بخلاف النساء اللاتي يفكرن في الأطفال قبل ذلك بعشر سنوات .
يعبر الرجال دائماً عن مخاوفهم من أن الزواج في نظرهم يعني التكيف والتنازل والمساومة على المبادئ وأشياء أخرى من هذا القبيل .
يريد الرجل امتلاك كل شيء قبل التفكير في الزواج، فهو يسعى لشراء سيارة ومنزل وتضخيم حسابه المصرفي وتأتي في المرتبة الأخيرة .. العروس !
منقول
تحياتي
الروابط المفضلة