ان حفلات الزفاف فى مصر قد تصل تكلفتها الى المليون جنيه او أكثر .. بينما فى دول الخليج العربى قد تصل الى مليون دولار وأكثر حاليا !
أدارت رأسى هذه الارقام الفلكية التى تنفق على ليلة واحدة حتى وان كانت ليلة العمر .. فزهور الكوشة المستوردة من هولندا واليابان ستعدم بعد انقضاء ساعات الزفاف .. ومعطرات الجو المستوردة من الهند والتى تفوح لحظة دخول العروسين مصيرها التلاشى والاختلاط بانفاس المدعوين..
وفستان الزفاف المستورد من باريس سيعلق على شماعة أنيقة ليظل حبيس دولاب الملابس .. ودعاوى الفرح المكتوبة بالذهب على قطع من الحرير الطبيعى .. وكاسات الكريستال الحر الموضوعة بجانب شوكة وسكين وصحن من الفضة الخالصة المطعمة بالذهب على مفرش من السيرما الهندى ,لتكون فى النهاية موائد المدعوين .. وشاشات العرض الهائلة داخل وخارج القاعة ليتفرج المارة وعابرى الطريق و...و...و...
ولا تنتهى تقاليع الافراح وحفلات الزفاف والتى عند الكتيرين تعتبر حلما ودربا من الخيال , ولكن عند البعض الاخر واقع لابد منه.
بل ويصبح عيبا ان كانت ليلة العمر اقل من ذلك !
هناك رأى يقول:
ولم لا اذا كان العريس مقتدرا .. لم لا .. أن تكون الشبكة من الماس , والمهر عدة ألاف من الجنيهات الذهبية , والأثاث من ايطاليا , وحفل الزفاف ليلة من ألف ليلة وليلة !
وهل ستظلين يا انستى فى انتظار أن يأتى مثل هذا الشهريار!!!!؟
والرأى الاخر يقول:
من الاسراف والتبذير الشديد أن ننفق على ليلة واحدة ما ينفق فى عدة سنوات, حتى أبهر الأقارب والأصدقاء! فهل يساوى انبهار عيونهم كل هذا الكم من الأموال؟!
_ ولكن لماذا يلجأ البعض الى الانفاق ببذخ فى حفلة الزفاف ؟ وهل هى حقا حرية شخصية؟
*****************
يلجأ البعض الى التعامل مع المال ببذخ شديد , ويسمى مثل هذا الشخص فى علم الاجتماع بشخص مريض اجتماعيا بمرض حب الظهور, ولفت الانتباه.. ويتجسد هذا بوضوح فى المناسبات . كمناسبات الزواج , فنجده يركز على التفاخر والتباهى بقراراته المادية , واستعراض امواله بانفاقها باسراف ومغالاه مدعيا حريته الشخصية وهو بالطبع خطأ اجتماعى فى حق مجتمعه ككل, فهى ليست مجرد حرية شخصية بحته ولكنها أيضا احساس بالمسئولية تجاه المجتمع والاخرين .
فانفاق المبالغ الضخمة فى ليلة واحدة حتى وان كانت ليلة العمر يعد من السفه والبذخ الذى يضيع معه حق المجتمع ويضخم الاحقاد بين الطبقات (طبقة من يملك ولا يأبه لما يملكه , وطبقة من لايملك ويحتاج بشدة ..فتعصف به الضغوط , ويقع فريسة لأفكار سوداء تدفعه للسرقة والجريمة).
ولا ننكر ان العامل الاول وراء الانفاق ببذخ فى حفلات الزفاف يرجع الى الاهل وبخاصة الامهات فكل أم تريد ان تبتهج وتسعد بيوم زفاف ابنائها وتترجم هذه السعادة بالاسراف والبذخ بدلا من ترجمتها فى اعداد أبنائها للزواج وتحمل المسئولية واعلاء قيم التفاهم والتضحية لديهم . فيدخلون حياتهم الجديدة متفهمين لقدسية الزواج.
فتأسيس المنزل معنويا أهم بكثير من تأسيسه ماديا .. ولعنا نلحظ ونلمس بانفسنا كم من الزيجات التى جرت فى سباق محموم من المظهرية والتباهى والتفاخر بالانفاق فى المهر والشبكة وتأثيث الشقة بأفخر الأثاث, وعمل حفل زفاف أسطورى , ولكهنم فى النهاية يفيقون على حقيقة مرة ..ألا وهى انهم تخيروا الافضل والاغلى فى كل شىء ونسوا تحرى الاختيار السليم لشريك الحياة .
***************
_ما مدى تأثير مثل هذه الحرية على اقتصاد المجتمع ككل؟؟
ان ما يفعله البعض من تخصيص ميزانية ضخمة للاحتفال بليلة الزفاف لجعلها حدثا مميزا لا ينسى تتناقله الأفواه والصحف لعدة أيام , تصل لأسابيع , معتقدا أن ذلك حرية شخصية . ومادام يملك المال فلا أحد شريكة.. هذا للأسف اغراق شديد فى الذاتية,الذى تعانى منه مجتمعاتنا العربية فالأموال المنصرفة على الحفلات والأفراح تذهب فى استيراد الزهور والطعام والملابس ..الخ..مما يدمر اقتصادنا .. وبدلا من التصدير لادخال عملة صعبة تنعش اقتصادنا.. نقوم بانعاش اقتصاد الاخرين.
وليتنا ننفقها على استيراد مايعود على بلادنا بالنفع كاستيراد خبرات صناعية لتطوير مجتمعاتنا او استيراد ميكنة حديثة تضخ دماء التجديد فى صناعتنا.
وعلى كل حال لتعقدها موازنة منطقية داخل عقلك..
هل تنفق الالاف فى ليلة واحدة , ولن يعود منها ولا مليم. أم تستثمرها فتعود عليك بالخير الوفير.
أم تعطى جزءا من هذه الاموال للشباب الذين ليس لديهم امكانيات مادية للزواج.
قرئنا العزيز.. افرح كما تشاء, فليس الفرح بكثرة الانفاق.. واسعد بمن تحب بالتفاهم والتضحية والعطاء .
وشكرا
اختكم فى الله
poseecat
الروابط المفضلة