السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
الى كل من يبحثون عن السعادة الحقيقية اليكم هذه الوسائل التي أخترتها لكن من كتاب الوسائل المفيدة للحياة السعيدة للشيخ {عبدالرحمن بن ناصر السعدي } رحمه الله .
الحمد لله له الحمد كله ، وأشهد أن لااله الا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، صلى الله عليه وسلم .
أما بعد: فان راحة القلب ، والطمأنينة وسروره وزوال همومه وغمومه ، هو المطلب لكل أحد وبه تحصل الحياة الطيبة ، ويتم السرور والابتهاج ، ولذلك أسباب دينية ، وأسباب طبيعية ، وأسباب علمية ، ولايمكن اجتماعها الا للمؤمنين ، وأما من سواهم فأنه وان حصلت لهم من وجه وسبب يجاهد عقلاؤهم عليه ، فأتتهم من وجوه أنفع وأثبت وأحسن حالا ومالا .
وسأذكر برسالتي هذه ما يحضرني من الاسباب لهذ المطلب الاعلى ، الذي يسعى له كل أحد.
فمنهم من اصاب كثيرا منها فعاش عيشة هنيئة ، وحيى حياة طيبة ومنهم من أخفق فيها كلها فعاش عيشة الشقاء وحيى حياة التعساء.ومنهم من هو بين بين ، بحسب ما وفق له .والله الموفق المستعان به على كل خير ، وعلى دفع كل شر .
وأعظم الاسباب لذلك وأصلها وأسها هو الايمان والعمل الصالح قال تعالى {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلا نحيينه حياة طيبة ولا نجزيهنم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }الاية97 سورة النحل .
فأخبر تعالى ووعد من جمع بين الايمان والعمل الصالح ، الحياةالطيبة في هذه الدار ، وبالجزاء الحسن في هذه الدار وفي دار القرار.
وسبب ذلك واضح ، فأن المؤمنين بالله الايمان الصحيح ، المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والاخلاق والدنيا والآخرة ، معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج ، وأسباب القلق والهم والاحزان.
يتلقون المحاب والمسار بقبول لها ، وشكر عليها ، واستعمال لها فيما ينفع ، فاذا استعملوها على هذا الوجه . أحدث لهم من الابتهاج بها ، والطمع في بقائها وبركتها ، ورجاء ثواب الشاكرين ، امورا عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرات التي هذه ثمراتها .
ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه ، والصبر الجميل لما ليس لهم منه بد وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة ، والتجارب والقوة ، ومن الصبر واحتساب الاجر والثواب أمور عظيمة تضمحل معها المكاره ، وتحل محلها المسار والامال الطيبة ،
والطمع في فضل الله وثوابه ، كما عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح أنه قال :(عجبا لأمر المؤمن ان كره أمره كله خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد الا للمؤمن).
فأخبر صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره .
لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير أو الشر .
فيتفاوتان تفاوتا عظيما في تلقيها ، ودلك بحسب تفاوتهما في الايمان والعمل الصالح .
هذا الموصوف بهذين الوصفين يتلقى الخير والشر بما ذكرناه من الشكر والصبر وما يتبعهما ، فيحدث له السرور والابتهاج ، وزوال الهم والغم ، والقلق ، وضيق الصدر ، وشقاء الحياة وتتم له الحياة الطيبة في هذه الدار .
والآخر يتلقى المحاب بأشر وبطر وطغيان . فتنحرف أخلاقه ويتلقاها كما تتلقاها البهائم ببشع وهلع ، ومع ذلك فأنه غير مستريح القلب ، بل مشتته من جهات عديدة مشتت من جهة خوفه من زوال محبوباته ومن كثرة المعارضات الناشئة عنها غالبا ، ومن جهة أن النفوس لا تقف عند حد بل لا تزال متشوقة لأمور أخرى ، قد تحصل وقد لا تحصل،
وان حصلت على الفرض والتقدير فهو أيضا قلق من الجهات المذكورة ويتلقى المكاره بقلق وجزع وخوف وضجر ، فلا تسأل عن ما يحدث له من شقاء الحياة ،ومن الامراض الفكرية والعصبية ،
ومن الخوف الذي قد يصل به الى أسوأ الحالات وأفضع المزجعات ، لأنه لا يرجوا ثوابا . ولاصبر عنده يسيله ويهون عليه .
وكل هذا مشاهد بالتجربة ، ومثل واحد من هذا النوع ، اذا تدبرته ونزلته على أحوال الناس ، رأيت الفرق العظيم بين المؤمن العامل بمقتضى ايمانه ، وبين من لم يكن كذلك ،
وهوأن الدين يحث غاية الحث على القناعة برزق الله ، وبما آتى العباد من فضله وكرمه المتنوع.
فالمؤمن اذا ابتلى بمرض أو فقر ، أو نحوه من الاعراض التي كل أحد عرضة لها ، فأنه بايمانه وبما عنده من القناعة والرضى بما قسم الله له ، تجده قرير العين ، لايتطلب بقلبه أمرا لم يقدر له ،
ينظر الى من هو دونه ، ولا ينظر الى من هو فوقه ، وربما زادت بهجته وسروره وراحته على من هو متحصل على جميع المطالب الدنيوية ، اذا لم يؤت القناعة.
كما تجد هذا الذي ليس عنده عمل بمقتضى الايمان ، اذا ابتلى بشيء من الفقر، أو فقد بعض المطالب الدنيوية ، تجده في غاية التعاسة والشقاء.
ومثل خر :اذا حدثت أسباب الخوف وألمت بالانسان المزعجات تجد صحيح الايمان ثابت القلب ، مطمئن النفس ، متمكنا من تدبيره وتسييره لهذ الامر الذي دهمه بما هو في وسعة من فكر وقول وعمل ،
قد وطن نفسه لهذا المزعج الملم ، وهذه أحوال تريح الانسان وتثبت فؤاده .
كما تجد فاقد الايمان بعكس هذه الحال اذا وقعت المخاوف انزعج لها ضميره ، وتوترت أعصابه ، وتشتت أفكاره وداخله الخوف والرعب ، واجتمع عليه الخوف الخارجي ، والقلق الباطني الذي لا يمكن التعبير عن كنه ،
وهذا النوع من الناس ، ان لم يحصل لهم بعض الاسباب الطبيعية التي تحتاج الى تمرين كثير ، انهارت قواهم وتوترت أعصابهم ، وذلك لفقد الايمان الذي يحمل على الصبر ، خصوصا في المحال الحرجة،والاحوال المحزنة المزعجة.
فالبر والفاجر ، والمؤمن والكافر يشتركان في جلب الشجاعة الاكتسابية ،وفي الغريزة التي تلطف المخاوف وتهونها ولكن يتميز المؤمن بقوة ايمانه وصبره وتوكله على الله واعتماده عليه ، واحتسابه لثوابه _ أمورا تزداد بها شجاعته ، وتخفف عنه وطأة الخوف،
وتهون عليه المصاعب ، كما قال تعالى :{ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون }.
ويحصل لهم من معونة الله ومعينه الخاص ومدده ما يبعثر المخاوف . وقال تعالى :{واصبروا ان الله مع الصابرين}.
أخواتي العزيزات انتظروا بقية الوسائل باذن الله .
تحياتي .
أختكم في الله أم دنو.
الروابط المفضلة