انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 1 من 4 1234 الأخيرالأخير
عرض النتائج 1 الى 10 من 31

الموضوع: oO مكتبــة لكـِ العلمـيـة [ كتـــب + دراسات + مقالات + صور علميـــة ] حيـاكم oO

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الموقع
    ][ بـــ ـــــلا وج ـــود ! ][
    الردود
    1,652
    الجنس

    المواضيع المتميزة oO مكتبــة لكـِ العلمـيـة [ كتـــب + دراسات + مقالات + صور علميـــة ] حيـاكم oO







    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    في هذا الموضوع سأحاول جاهدةً أن أجلب من المواقع الأخرى

    ملخصات لبعض الكتب إضافة لبعض الدراسات والبحوث العلميه

    وأيضاً بعض المقالات ذات الفائده ... وذلك تسهيلاً لراغبي المعرفه

    كما أتمنى أن لا تبخلوا علينا بأي إضافه فيها فائده للجميع ..

    بإنتظـــاركم .. وانتظرونـي

    آخر مرة عدل بواسطة القلم الوردي : 05-12-2005 في 09:18 PM
    ..!
    أحبكن .., ولن أنساكن ..,

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الموقع
    الجزائـــــــــر
    الردود
    4,017
    الجنس
    امرأة
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    بوركت اختي الغالية
    سنشاركك إن شاء الله بكل ما هو مفيد
    موضوع يستحق التمييز



    ومما زادني شرفـاً وتيــهًا***وكدت بأخمصي أطأ الثريا

    دخولي تحت قولك ياعبادي***وأن صيّرت أحمد لي نبيـًا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الموقع
    ][ بـــ ـــــلا وج ـــود ! ][
    الردود
    1,652
    الجنس

    heart2

    .. زهر النسرين ..

    أسعـدني مروركِ غاليتــي ..
    أنا بإنتظاركِ عزيزتــي ..
    شاركة لكِ مروركِ الراائـع ..
    ..!
    أحبكن .., ولن أنساكن ..,

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الموقع
    ][ بـــ ـــــلا وج ـــود ! ][
    الردود
    1,652
    الجنس

    beatheart

    الكتاب:العقل الجاهل، كيف يفكر الأطـفال وكيـف يفترض أن تُعـلم المـدارس.
    المؤلف : هاوردقارندر

    يقول هاورد قارندر: اسأل طفلاً عمره خمس سنوات لماذا تشتد الحرارة في الصيف؟ سيقول لك لأن الأرض في فصل الصيف قريبة من الشمس. سيقول لك ذلك أيضاً طالب بآخر سنة في المرحلة الثانوية.. وكلاهما مخطئ. وكلاهما اعتمد في إجابته على قوة المعلومة المخزونة في إدراكه منذ صغره. ويقول هاورد قارندر إن سرعة البديهة لطفل عمره خمس سنوات أمر جيد، ولكن لماذا لم تغير دراسة اثني عشر عاماً في التعليم العام هذه المفاهيم الخاطئة عند الأطفال؟، وهو سؤال كبير له مغزاه..
    ولتفسير ذلك وللإجابة عن هذا السؤال يقول هاورد قارندر ـ العالم النفسي وصاحب نظرية تعدد الذكاء Multiple Intelligences - يقول في كتابه: العقل الجاهل: كيف يفكر الأطفال وكيف يجب أن تعلّم المدارس؟ إن المدارس لم تتمكن حتى الآن من مواجهة المفاهيم والمعلومات المغلوطة التي خزنها الأطفال في أذهانهم في صغرهم، والمشكلة أن معظم المدارس لم تفكر في هذه المشكلة حتى الآن، ولم يتم مواجهة هذا النوع من المشكلات، ولهذا بقيت كثير من المفاهيم والمعلومات الخاطئة في أذهان التلاميذ وأدت في بعض الأحيان إلى حدوث متغيرات للأطفال أثرت تأثيراً سلبياً على سلوكهم ومسار حياتهم، مؤكداً أن أسباب ذلك ترجع إلى استمرار المعلومات والخبرات والقناعات والمفاهيم المخزونة في الأذهان منذ سن الخامسة.
    وشرح قارندر أن الأطفال يأتون للمدرسة في سن السادسة بنظريات قوية Robust حول أنفسهم والناس من حولهم، وعن العالم، لكن هذه النظريات مغلوطة وبدلاً من أن تقوم المدارس بمواجهة هذه النظريات وتحديها وتصحيحها لمفاهيم أخرى جديدة تبقى تلك المفاهيم الخاطئة في أذهان الدارسين مؤثرة تأثيراً سلبياً في حياتهم.
    ويضيف المؤلف: حتى إن كانت هذه المفاهيم متناقضة مع ما يدرسه الطلاب فإن المفاهيم المخزونة منذ الصغر تتعايش مع المفاهيم والنظريات الجديدة التي يتعلمها الطلاب في المدارس ويبقى تأثيرها السلبي.. وضرب قارندر مثالاً على ذلك التعايش، فإذا سأل المعلم -في المدرسة- سؤالاً حول المعلومات التي تعلمها الدارس في المدرسة فإن الطالب يعطيه إجابة مبنية على ما تعلمه في المدرسة من نظريات ومفاهيم، لكن ذلك لا يعني أن الدارس قد تخلى عما قام بتخزينه من نظريات ومعلومات منذ سن الخامسة. لأن ذلك الدارس ما إن يخرج من المدرسة حتى يقوم بالرجوع revert إلى نظريات عقل الخمس سنوات، وذلك عندما يواجه مواقف جديدة تتعلق بهذه النظريات. لأن المدرسة كما يجادل قارندر لم تُعدّه لمواجهة مثل هذه المواقف، ولم تواجه نظريات الخمس سنوات وتصّححها. ولذا فهو يلجأ إليها عندما يواجه موقفاً يحتاج إلى هذه النظريات.
    والمشكلة -كما يقول المؤلف- أن المعلمين والمدارس يتعاملون مع الدارسين كما لو كانت عقولهم فارغة، وتحتاج إلى ملئها بمعلومات جديدة ويقول: إذا لم نواجه الأفكار الموجودة في أذهان الدارسين ونعرف المناسب منها ونعززه وغير المناسب ونغيره فإن الأفكار غير المناسبة ستبقى هناك في ذهنه مؤدية إلى غير المناسب من السلوك، وعن الهدف الحقيقي للتعليم يقول قارندر: قد يصل الدارسون في مستوى القيام بالواجبات ودرجات الاختبار إلى مستوى نرضى عنه، ولكن ذلك لا يعني أننا ضمّنا فهم الطلاب واستيعابهم لما تعلموه.. وهذا الاختلاف بين التدريس والاستيعاب يجب أن يقلقنا لنبحث عن الاستيعاب الحقيقي وراء التعليم المتكرر والإجابات القصيرة التي عادة ما ينظر إليها كهدف أساسي للتعليم. ويضيف قارندر أن أحداً لم يسأل سؤالاً إضافياً: لكن، هل «حقيقة» فهمت؟ إن الفجوة بين ما نعتقد أنه فهم وبين الفهم الحقيقي كبيرة جداً. واقترح قارندر حلولاً قد تؤدى إلى الفهم الحقيقي الذي ننشده.. مبيناً وصفة واضحة لإصلاح المدارس.
    لقد اقترح قارندر نظاماً تعليمياً مقترناً بمشروعات فردية وجماعية تقوم أساساً على الخبرات والتجارب تقدم عن طريق متاحف للأطفال الذين يقومون بزيارتها للاطلاع على نماذج من الخبرات والتجارب بشكل ملموس ومحسوس، ويعتقد قارندر أن هذه المشاريع والبرامج تجعل الأطفال يستعيدون بيئة تعليمية مفقودة من خبرات مدارسهم. وخلال هذه البرامج يجب أن يشارك الدارسون الكبار بشكل مستمر، يتعلمون من خبراتهم في المجال الذي يعملون فيه.
    تتمحور حياة الناس -خارج نطاق التعليم- حول المشاريع، وهذه النقطة لم تتعرض لها المدارس حتى الآن. يقول المؤلف: «دائماً أفترض أن الناس عموماً يمكن أن يتعلموا بشكل أكبر من خلال مشاريع قليلة يقومون بها في المدرسة، وذلك أكثر مما يتعلمونه من مئات الساعات من المحاضرات النظرية والواجبات المدرسية»، وأتصور أن كثيراً من الناس ينتهون إلى مهنهم وإلى هواياتهم لأن أقدامهم قادتهم إلى مشروع تعليمي جيد، واكتشفوا أن ذلك المشروع حقيقة ممتع ومفيد لهم. وفي الوقت نفسه عندما ينغمسون في ذلك المشروع قد يكتشفون ميولهم الحقيقية.
    ويعتقد قارندر أن المدارس يجب أن تعير الانتباه إلى مساعدة الدارسين ليكتشفوا المجالات التعليمية المناسبة لهم، مركزة في ذلك على المهارات الأساسية، ومؤكدة الجوانب الإيجابية والمفاهيم الإيجابية التي يحملها الأطفال، والمرونة والإبداعية والحماس التلقائي للتعليم. ويضيف أنه من الممكن بدون شك أن يكون الدارسون مثقفين، ومن الممكن أن يحتفظوا بثقافتهم. ولكن الشيء المفقود هو أن هدف الثقافة الحقيقي قد فُرِّغ من محتواه الحقيقي. فالدارسون يكونون مثقفين بمفهوم الثقافة السطحي، حيث يُدفع الدارسون إلى حفظ قوانين القراءة والكتابة كما يحفظون قوانين الجمع والضرب في الرياضيات. والشيء المفقود يتعلق بناحيتين:
    الأولى: القـدرة عــلى القــراءة بهــدف الاستيعاب.
    الثانية: الرغبة في القراءة أصلاً.
    واقترح كتاب قارندر الطرائق التي يستطيع بها المعلمون مساعدة طلابهم في مواجهة مفاهيمهم الخاطئة ونظرياتهم المغلوطة؛ بهدف الوصول إلى استيعاب حقيقي وعميق. إحدى الطرائق التي اقترحها هي christopherion encounrters بما يمكن ترجمته: تحديات كرستوفر كولمبوس عندما تحدى النظرية (المقولة) التقليدية بسطحية الأرض، وأنها ليست كروية، عن طريق هذا التحديد يقول المؤلف: يمكن للمعلمين أن يواجهوا مفاهيم طلابهم ويثبتوا صحتها ومن ثم دعمها، أو يثبتوا بطلانها ويقنعوا طلابهم بالتخلي عنها. وذلك عن طريق مقارنة تلك المفاهيم بنظريات أكثر تطوراً ومصداقية حول كيف يسير العالم من حولهم. (ضرب مثالاً بمادة الفيزياء) ومثالاً بمادة التاريخ حيث قال: يمكن للطلاب في مادة التاريخ أن يعيدوا النظر في مفاهيمهم حول أسباب الحرب العالمية الأولى عن طريق تفنيد المبررات المتناقضة لنفس الحدث.
    ويقول قارندر إن المفتاح لتحليل الدارسين واستعراضهم ومناقشتهم للمادة هو النظر إلى الحدث من عدة زوايا وليس من زاوية واحدة قدر الإمكان. ويقول في هذا الصدد إن الطريقة الوحيدة لتغيير مفاهيمنا إلى الأصدق هي أن نضع هذه الأشياء في قائمة اهتمامات المدرسة من السنوات الأولى، وأن نعيد هذه الطريقة مع الطلاب مرات ومرات ومرات؟حتى يتعودوا على هذا النوع من التعليم.
    وطريقة قارندر الرئيسة تتطلب دائماً من الدارسين والمعلمين معاً إعادة التفكير في المفاهيم التي يحملها الدارسون لفترة طويلة ووضعها على طاولة المناقشة لتعزيز الصادق والمفيد منها، وطرد المغلوط والمؤذي والتخلي عنه. ويقول إن معظم الناس والمعلمين منهم، يرجع ويؤكد ما تعلمه في سن الخامسة في مدرسة سماتها: السلطوية، مؤسسة عقابية فيها شخص ما ذكي يقف في مقدمة الفصل الدراسي يحاول تمرير معلومات لمجموعة كبيرة من الدارسين. وإذا كان في ذلك الفصل طفل عمره ست سنوات، في مدرسة تقليدية كهذه، فمن المؤكد أن تعليمه سيكون سيئاً، وبالتأكيد سيكون هذا الطفل في المؤخرة. ولكن في مشروع قارندر يستطيع ذلك الطفل أن يثبت نفسه بشكل أفضل في فصله في مجموعة من المهارات مثل تفكيك مقابض الأبواب وإعادتها.. طحن الأطعمة، ومهام أخرى نحتاج إليها. وعندما يبني هذا الطفل نجاحاً فوق آخر من مهارات كثيرة ومختلفة يطبقها، ويقوم بها بنفسه ويراها ويشعر بها سيشجعه، ذلك على تحسين أدائه المدرسي.. لأنه عندما يرى أن لديه قدرات قُيِّمت وأثُني عليها من آخرين سيغرس هذا الشعور في نفسه الثقة مما يدفعه للعمل بشكل أفضل في مجالات أخرى.
    في كتابه «العقل الجاهل» يأمل قارندر أن يصل إلى المعلمين بنظرياته حول « عقل الخمس سنوات» وتوقع أن هذا الكتاب سيضرب على الوتر الحساس في اهتمامات المعلمين المتميزين.. وتوقع أيضاً أن يقول هؤلاء المعلمون «كنا نعتقد منذ زمن أن ما نعلِّمه لطلابنا قد وصل إليهم واستفادوا منه في حياتهم».
    ويريد قارندر من المعلمين أن يفكروا كثيراً في طريقة تدريسهم، وأن يستخدموا طرائق في التعليم تركز على الاستيعاب الحقيقي، الذي يكون -فقط- عندما يعترف المعلمون بمفاهيم الدارسين السابقة التي يأتون بها للمدرسة ويحملونها منذ السنة الخامسة، وينطلق المعلمون من تلك المفاهيم ليبنوا عليها. عند ذلك فقط سيتمكن الدارسون من استيعاب دروس معلميهم في المدرسة. وعندها فقط سيتمكن الدارسون من تطبيق ما تعلموه خارج الفصل الدراسي ذلك الهدف الذي نسعى كتربويين لتحقيقه.
    نشرفي مجلة (المعرفة) عدد (32) بتاريخ (ذوالقعدة 1418هـ -مارس 1998م)
    ..!
    أحبكن .., ولن أنساكن ..,

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الموقع
    ][ بـــ ـــــلا وج ـــود ! ][
    الردود
    1,652
    الجنس

    beatheart



    اسم الكتاب: الحركات الإسلامية وأثرها في الاستقرار السياسي في العالم العربي
    المؤلف: عبدالوهاب الأفندي - حسن حنفي - عماد الدين شاهين - أحمد موصللي - فواز جرجس - رضوان السيد
    الناشر:مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية - أبو ظبي - الإمارات العربية المتحدة
    يحاول مجموعة من الباحثين من خلال هذا الكتاب تقديم رؤية شمولية عن الحركات الإسلامية المعاصرة من جوانب مختلفة، تشمل نشأتها ورؤاها الفكرية لبعض القضايا السياسية - وهي قضية الديموقراطية والتعددية السياسية- مع معالجة لأسباب "التطرف" ومظاهره الموجودة لدى بعضها، كما يقدم الكتاب رؤى تحليلية لواقع الحركات من خلال دراسة بيئة النشأة وفكر المؤسسين، إضافة إلى تفاعل الحركات مع الأحداث المحيطة بها.
    ويشير الكتاب إلى أن الحركات الإسلامية المعاصرة ظهرت نتيجة لتضافر عوامل متعددة ومتنوعة ومتداخلة ومعقدة في ذات الوقت في العالم العربي والإسلامي وعلى المستويين الخارجي والداخلي، فعلى المستوى الخارجي ؛ أدت الحرب العالمية الأولى وما آلت إليه من نتائج إلى وقوع المزيد من الدول العربية والإسلامية تحت السيطرة الاستعمارية الغربية المباشرة، وما نتج عن ذلك من دخول القيم الغربية وحلولها محل قيم إسلامية، والذي شكل في مرحلة من المراحل أزمة قيم المجتمع العربي الإسلامي.
    كذلك شكل انهيار الخلافة الإسلامية العثمانية عام 1924 نقطة بارزة في أذهان العديد من الشخصيات الإسلامية التي ساهمت في إنشاء الحركات الإسلامية، باعتبار أن الدولة الإسلامية ضرورة دينية لحفظ الدين والتمسك به، ولذا فقد غلبت السياسة على المفاهيم الأخرى في فكر الحركات الإسلامية، لأنهم رأوا أن قيام الدولة كفيل بقيام الحياة الإسلامية، وانهيارها يعني انهيار منظومة هذه الحياة.
    ويتعرض الكتاب لوجهات نظر وقراءات واجتهادات مهمة لعدد من الباحثين المتخصصين في هذا الموضوع الذي بات الآن يحتل الصدارة من الاهتمام العالمي، وبخاصة بعد أحداث الحادي عشر أيلول 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية، وما تبع ذلك من إعلان الحرب على كافة الجماعات الإسلامية واتهامها بالإرهاب، وسرعة تغيير التشريعات القانونية فيما يتعلق بالحركات الإسلامية وتمويلها أو دعمها، وعدم التفريق بين الحركات الإسلامية التي تسعى إلى التغيير السياسي في بلدانها والحركات الإسلامية التي تناضل في سبيل تحرير أوطانها من براثن الاحتلال والتسلط .



    اسم الكتاب: عباد الشيطان- الظاهرة والعلاج
    المؤلف : عبد المعز خطاب
    الناشر : االدار الذهبية
    تحرص الدوائر الصهيونية والتنصيرية دوما على تغريب الشباب المسلم عن أمته، وزعزعة عقيدته باستنزاف طاقته في اللهو والمجون والجنس والمخدرات، وذلك لإخماد روح الجهاد لديه، وتوهين قدرته الإنتاجية ليساهم في تكريس تخلف أمته واتساع الفجوة النوعية بينها وبين إسرائيل.
    وفي هذا الكتاب يعرف المؤلف بمعتقدات هذه الفكرة الإلحادية، حيث يؤكد أنها قائمة على فكرة التقرب إلى الشيطان حتى لا يؤذي البشر، ولهذا فإن معتنقي هذه العبادة الفاسدة يطلقون العنان للشهوات والممارسات العلنية الشاذة ابتغاء مرضاة الشيطان الذي يحب الخطيئة بكل صورها، وينكر عباد الشيطان الغيبيات (وخصوصا الإيمان بالله الواحد القهار) ويرون أن الشيطان أقوى لأنه المسيطر في الأرض، ويزعمون أن الشيطان يمنحهم الحب والحنان وكل ما حرموا منه في محيط الأسرة أو المجتمع أو الدين.
    كما يعتقدون أن الشيطان لا يتوقف عن العمل، فهو يحمل عنهم هذا العبء ليتفرغوا لشهواتهم وإشباع غرائزهم، ومكان العبادة لهم هو أي مكان يحسون فيه بالأمان، ولهذا يلجأون إلى الشواطئ والصحارى والقصور المهجورة والمقابر، واستغلوا الشقق الفاخرة لأبناء الأثرياء دون علم والديهم.
    ويؤمن عباد الشيطان بمشروعية العنف والسرقة والاختطاف والقتل والتعذيب، وقد قام أحد هؤلاء في تل أبيب بخطف أمه، وتناوب أعضاء الجماعة على اغتصاب الأم بحجة أنها أساءت إلى ولدها، وفي جنوب إفريقيا قتلوا اثني عشر ألف إنسان، وقدمت دماؤهم قربانا للشيطان.
    وقد استطاعت هذه الفرقة استغلال بعض وسائل الإعلام الحديثة مثل شبكة الإنترنت لنشر أفكارها ومعتقداتها، حيث تقوم من خلال تلك الوسائل بالترويج لفكرة تحريم الزواج ونشر الزنا حتى لايعرف النسب، وتشجيع الشذوذ الجنسي بأشكاله كافة، وذكر المؤلف بعض العوامل التي تقف وراء ظهور هذا الفكر الضال والمضل وهي:
    1- غياب القدوة في البيت والمدرسة والجامعة.
    2- الغزو الثقافي عبر الأقمار الصناعية والإنترنت.
    3- تضاؤل الاهتمام بالتوعية والتثقيف الديني في وسائل الإعلام مقارنة بما يحدث من توسع أخبار الفن الهابط.
    ورغم أن هذه الظاهرة وجدت في مصر، إلا إنها قد تلاشت باعتقال قوى الأمن في مصر لعبدة الشيطان، ولكن الحاجة ماتزال قائمة لاستئصال جذور هذا الفكر المنحرف وسد المنافذ التي قد يتسلل عبرها إلى الشباب مرة أخرى، والتوسع في عقد الندوات الدينية وحلقات الدرس ومجالس الإرشاد للرد على تساؤلات الشباب، وتصحيح أفكارهم وترسيخ الفهم الصحيح المستنير للإسلام في عقولهم وأفئدتهم، كما يجب التوسع في إقامة النوادي الرياضية والساحات الشعبية ليمارس الشباب الرياضة ويفرغ طاقاته الكامنة فيها، وينبغي توفير حلول جادة وعملية لمشكلة البطالة لكي تستغل طاقات الشباب في الإنتاج لا في اللهو والمجون.




    اسم الكتاب: الملكية وتوليد القيمة: التوجه الاستراتيجي للشركات في الاقتصاد الجديد
    المؤلف: رولف كارلسون
    الناشر: مكتبة العبيكان - الرياض
    يمكن تقسيم الأسس النظرية لهذا الكتاب إلى عاملين أساسيين مؤثرين، يستند الأول إلى وجهات نظر المؤلف الخاصة في توليد القيم والتنظيم والإدارة، ويتعلق الثاني بالموضوع الخاص بتوجيه الشركات .
    ولما كانت الملكية من الأهمية بمكان، ولم تنل العناية الكافية – كما يقول المؤلف – فإن المؤلف في هذا الكتاب يأمل أن يقدم دعماً مسانداً لهذه القضية عن طريق المساهمة الخاصة في بيان أهمية الملكية وتوليد القيمة .
    ويهدف هذا الكتاب إلى تقديم المساندة للمالكين الذي يريدون تحسين قدراتهم على توليد القيمة، إضافة إلى إجراء الدراسة التحليلية المؤدية إلى شرح القضايا التالية : -
    1- توجيه الشركات ووظيفة الملكية ودور ذلك في إغناء السوق وتوليد القيمة المستديمة .
    2- مظاهر الملكية في الألفية الجديدة في ظل العولمة والاقتصاد الجديد .
    3- مواجهة التحديات التي تواجه ملاك الشركات ومؤسسة الأعمال والاستعداد لتلك التحديات .
    4- توجيه الناشطين في مجال توجيه الشركات والمؤسسات إلى الاهتمام الكبير بالجوانب المتعلقة بازدهار الأعمال .
    5- دراسة عميقة لواحد من أكثر المالكين نجاحاً في العالم: محيط وولنبيرغ والذي تربع على عرش الملكية الفاعلة نحواً من 150 سنة، وهذه الملكية كانت وراء عدد من الشركات الناجحة عالمياً مثل ABB وأطلس وإيريكسون وغيرها كثير، واستخلاص الدروس المهمة من دراسة هذه الأسرة التي توارثت النجاح الكبير في عالم الشركات والمؤسسات طيلة هذه الفترة، وهذه الدروس المهمة يجب أن يتعلمها المالكون المبادرون في أنحاء العالم لأنها تحدد العناصر الأساسية للكفاءة، وتحلل عناصرها الأساسية ودروسها العملية الناجحة في واقع الحياة، وفي هذه الدراسة سبر وتوضيح لكل ما يتعلق بتوليد القيمة للمالك، مع بيان نوع الكفاءة التي ينبغي أن يتحلى بها المستثمر لكي يصبح ناجحاً في دور المالك النشط .
    6- استعراض تطور حركة توجيه الشركات باستخدام تحليل انبثاقها، والقوة المحركة لها، ووضعها الحالي والتحديات المستقبلية في الاقتصاديات الخمس الكبرى في العالم : أمريكا ، وبريطانيا ، وألمانيا ، وفرنسا إضافة إلى مناقشة إمكانيات التقارب الدولي في مسألة قواعد توجيه الشركات ومعاييرها، وكذلك تحديات توجيه الشركات والملكية في الاقتصاد الجديد، مع إبراز تقييم حركة توجيه الشركات وكيفية تحسن وظيفة الملكية، وحماية توليد القيمة الأساسي في الحاضر والمستقبل وسبل تطويرها.

    ومن الموضوعات التي تطرق إليها الكتاب:
    1- حقائق وتحليلات حول عدد من الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة مثلABB وإيريكسون وسكانيا .
    2-إيضاحات حول العوامل المحركة لبزوغ السويد كمرتع لتقانة الانترنت وتطبيقاتها.
    3- التطور التاريخي للاقتصاد السويدي بالمعنى الأوسع ضمن عالم وولنبيرغ.
    ..!
    أحبكن .., ولن أنساكن ..,

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الموقع
    ][ بـــ ـــــلا وج ـــود ! ][
    الردود
    1,652
    الجنس

    beatheart

    إعداد

    د/ مشعل بن عبدالله القدهي



    وحدة خدمات الإنترنت

    مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية


    مقدمة:

    بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين، أما بعد
    نحن أمة الإسلام قد من الله علينا بكتابه الكريم وهديه القويم والصراط المستقيم. ما من خير إلا قد دلنا الله عليه وما من شر إلا قد نهانا عنه. السعيد من اعتصم بحبل الله واتبع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ففاز بخيري الدنيا والآخرة.

    خدمة الإنترنت هي ثورة العصر وحديث المجالس. ولكنها أيضا سلاح ذو حدين يستخدم للخير أو للشر. حالها في ذلك حال كثير من المصالح العامة الأخرى، فاستخداماتها تابعة لنوايا المستخدم، إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر. وخدمة الإنترنت خدمة منافعها جمة وعطاؤها غزير وهي مصدر لخير وعلم ومعرفة وهداية وصلة وتطور لأمما وأفواجا. وهي في الوقت نفسه قد تكون مصدر لشر عظيم لمن أصر على سوء استخدامها. فإذا أدركنا هذه الحقائق وجب علينا أن نقرر: أي الاستخدامين سنختاره؟

    نحن أمة الإسلام جعلنا الله أمة وسطا. وينبغي علينا مراعاة التروي والاتزان في كل أمورنا. فلا إفراط ولا تفريط. ولكننا لا نجد إخواننا دائما يتحلون بهذه السمة. فنجد من يرى أن الإنترنت كلها شر. شر ما فيها شر ما تبعها شر من جاء بها، وهؤلاء في نظري قلة. وهنالك من قال إن الإنترنت كله خير ويتجاهل تواجد أي مصادر للشر في هذه الوسيلة النافعة. وهؤلاء في نظري أكثر. وإن النفس لأمارة بالسوء وكان الإنسان أكثر شئ جدلا. ومن طبيعة النفس البشرية الجدل والخوض في النقاشات. ويريد الله ليبين لنا ويهدينا سنن الذين من قبلنا ويتوب علينا وكان الله عليما حكيما.



    أقدم بين يدي القارئ الكريم بعض الحقائق والدراسات ليقرأها على مكث بقلب واع وتأمل. ولا حاجة للشرح المطول فالحقائق تغني عن كلامي. وإن من حق الأخ على أخيه أن ينصحه وينبهه إلى ما قد يضره. ألا فالحذر الحذر والنجاة النجاة. فلينظر كل في نفسه وليتقي الله في رعيته.


    بعض الآيات والأحاديث:

    ‏‏عن ‏ ‏أسامة بن زيد ‏ ‏رضي الله عنهما ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏‏‏ (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) رواه البخاري في صحيحه



    } زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا[ (آل عمران: 14) ‏قال ‏ ‏عمر: ‏ ‏اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينته لنا ‏ ‏اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه ‏

    عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ (‏إن الدنيا ‏حلوة خضرة ‏ ‏وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة ‏ ‏بني إسرائيل ‏ ‏كانت في النساء) رواه مسلم في صحيحه

    }‏ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ... [ النور : 30-31

    }‏ إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما [ الأحزاب : 35

    }‏ قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون[ المؤمنون : 1-7

    }‏ ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا [ الإسراء : 32

    عن ‏أبي هريرة ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال (‏لكل بني ‏آدم ‏حظ من الزنا فالعينان تزنيان‏ وزناهما النظر واليدان تزنيان وزناهما البطش والرجلان يزنيان وزناهما المشي والفم يزني وزناه القبل والقلب ‏يهوى‏ ‏ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) رواه أحمد في مسنده

    عن ‏جرير ‏ ‏قال ‏ ‏(سألت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏عن نظرة الفجأة فقال اصرف بصرك) رواه أبو داود في سننه

    عن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له).



    حجم وأبعاد المشكلة:

    مقدمة وتاريخ:

    إن مسألة الإباحية الخلقية والدعارة من المخاطر العظيمة على المجتمعات القديمة والمعاصرة وقد أوردنا سابقا قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما تركت بعدي فتنة هي أخطر على الرجال من النساء)



    لقد ذكرت وزارة العدل الأمريكية في دراسة لها[1] أن تجارة الدعارة والإباحية الخلقية تجارة رائجة جدا يبلغ رأس مالها ثمانية مليار دولارا ولها أواصر وثيقة تربطها بالجريمة المنظمة. وإن تجارة الدعارة هذه تشمل وسائل عديدة كالكتب والمجلات وأشرطة الفيديو والقنوات الفضائية الإباحية والإنترنت. وتفيد الإحصاءات الاستخبارات الأمريكية (FBI) أن تجارة الدعارة هي ثالث أكبر مصدر دخل للجريمة المنظمة بعد المخدرات والقمار[2] حيث إن بأيديهم 85% من أرباح المجلات والأفلام الإباحية[3].



    وهنالك في الوقت الحاضر في أمريكا وحدها أكثر من 900 دار سينما متخصصة بالأفلام الإباحية وأكثر من 15000 مكتبة ومحل فيديو تتاجر بأفلام ومجلات إباحية. وهذا العدد يفوق حتى عدد مطاعم ماكدونالد بنسبة ثلاثة أضعاف[4]. ولقد كانت أمريكا في الماضي تحارب إلى درجة كبيرة انتشار الإباحية في مجتمعها بفرض بعض الأنظمة والقوانين، ولكن من الملاحظ في هذا العصر أن المعارضين لانتشار الإباحية بدءوا يخسرون هذه الحرب حيث نجحت الاستوديوهات بتخفيف المراقبة على الأفلام وتغيير مفهوم الإباحية لدى المقيّمين فأصبحت الأفلام التي كانت لتندرج تحت بند الأفلام الإباحية(X) قبل قرن يعاد تقييمها اليوم وإدراجها تحت بند (R) الأخف. كما تم إنشاء فئات أخرى بينية كفئة (NC-17) للهدف نفسه. ولقد تم بنجاح مؤخرا في أمريكا قلب وإلغاء قانون "العفة في الاتصالات" (Communications Decency Act of 1996) ليتمكن الناس من الاستمرار في أعمال الإباحية دون أي قيود قانونية.



    ومن المعلوم أن أمريكا هي أولى دول العالم في إنتاج المواد الإباحية. فهي تصدر سنويا 150 مجلة من هذه النوع أو8000 عددا سنويا[5]. وتجارة تأجير الأفلام الإباحية قد زادت من 75 مليون سنة 1985 إلى 665 مليون سنة 1996.



    ولقد عرف أهل هذه التجارة في السابق أن هنالك فئة من الناس قد تطاوعهم نفوسهم الخوض في هذه الأمور لولا خوف العار من أن يراهم الناس وهم يدخلون أمثال هذه المتاجر أو دور السينما. لذا أخذوا في تسهيل هذه الأمور قدر المستطاع كالسماح للناس باقتناء هذه المواد عن طريق البريد. واستكمالا لهذه الجهود (وبعد ضغوط من الحكومة) قاموا بتغليف هذه المواد بورق بني (plain brown wrapper) يخفي محتوياتها قبل الإرسال. ومع ذلك أصبح الناس يعرفون محتويات أمثال هذه الرسائل فكان ذلك رادعا للبعض ممن لازالت فطرته سليمة ويخشى العار.



    لاحظ تجار الدعارة هذه العوامل فأصبح من اللازم إيجاد طرقا لتوصيل هذه المواد إلى منازل الناس بطريقة مباشرة وخفية. ومن هذا المنطلق تم الاستفادة من البث المباشر والهاتف وشبكة الإنترنت. وقد تمثل شبكة الإنترنت في الوقت الحاضر اكثر هذه الطرق نجاحا في هذا الصدد حيث إن صفحات النسيج العالمي المتعلقة بالدعارة تمثل – بلا منافس – أشد الصفحات إقبالا في كل العالم.





    ما هي شبكة الإنترنت؟:

    شبكة الإنترنت عبارة عن مئات الملايين من الحاسبات الآلية حول العالم مرتبطة بعضها ببعض. ومع ترابط هذا العدد الهائل من الحاسبات أمكن إرسال الرسائل الإلكترونية بينها بلمح البصر بالإضافة إلى تبادل الملفات والصور الثابتة أو المتحركة والأصوات. وقد تم الاتفاق على نظام موحد لتبادل جميع هذه الأنماط من المعلومات تم تسميته النسيج العالمي.



    انتقال الداء إلى الإنترنت وتوغله في المنازل

    إن حجم الإقبال على شبكة الإنترنت يتضاعف تقريبا كل مائة يوم[6]. حيث صرحت وزارة التجارة الأمريكية بأن عدد الصفحات في النسيج العالمي بلغ 200 مليون صفحة في نهاية عام 1997 و 440 مليون صفحة في نهاية عام 1998 وأن عدد رواد النسيج بلغوا 140 مليون في عام 1998م[7] [8] . ولقد أقر هذا العدد شركة جنيرال ماجيك[9] ومجلة تايم[10]. ولكن هنالك من يرى أن هذا العدد فيه تحفظ وأن العدد الحقيقي للصفحات في عام 1998 قد بلغ 650 مليون صفحة[11]. ويتوقع لهذا العدد أن يزداد إلى 8 مليار في عام 2002م. وعدد الصفحات الإباحية في الإنترنت تقدر بنحو 2.3% من حجم الصفحات الكلية في الإنترنت[12]. وهذا العدد يعد صغيرا نسبيا إلا أنه لا يعطي الصورة الحقيقية لحجم المشكلة.



    وكمثال على ذلك يمكن أن يكون في مدينة واحدة مائة سوق ولكن أكثر الناس مقبلون على سوق واحد بين هذه المائة. وبالفعل نجد الأرقام تعضد هذه النظرية. فشركة (Playboy) الإباحية مثلا تزعم بأن 4.7 مليون زائر يزور صفحاتهم في الأسبوع الواحد[13]. وقامت بعض الشركات بدراسة عدد الزوار لصفحات الدعارة والإباحية في الإنترنت فوجدت شركة (WebSide Story) أن بعض هذه الصفحات الإباحية يزورها 280034 زائر في اليوم الواحد وهنالك أكثر من مائة صفحة مشابهة تستقبل أكثر من 20000 زائر يوميا وأكثر من 2000 صفحة مشابهة تستقبل أكثر من 1400 زائر يوميا. وإن صفحة واحدة فقط من هذه الصفحات قد استقبلت خلال سنتين 43613508 زائر. وإن واحدة من هذه الجهات تزعم أن لديها أكثر من ثلاثمائة ألف صورة خليعة تم توزيعها أكثر من مليار مرة. ولقد قام باحثون في جامعة كارنيجي ميلون بإجراء دراسة إحصائية على 917410 صورة استرجعت 8.5 مليون مرة من 2000 مدينة في 40 دولة فوجدوا أن نصف الصور المستعادة من الإنترنت هي صور إباحية وأن 83.5% من الصور المتداولة في المجموعات الأخبارية[14] هي صورٌ إباحية[15].



    وفي عملية إحصاء أجرتها مؤسسة زوجبي (Zogby) في مارس عام 2000 وجد أن أكثر من 20% من سكان أمريكا يزورون الصفحات الإباحية. ويقول الباحث ستيف واترز[16] أنه غالبا ما تبدأ هذه العملية بفضول بريء ثم تتطور بعد ذلك إلى إدمان مع عواقب وخيمة كإفساد العلاقات الزوجية أو تبعات شرٍ من ذلك.



    وقد وجد التجار صعوبة فائقة في جمع الأموال عن طريق صفحات النسيج العالمي إلا في شريحة واحدة وهي شريحة صفحات الدعارة فإنها تجارة مربحة جدا[17] ويقبل الناس عليها بكثرة ولو اضطروا لدفع الأموال الطائلة مقابل الحصول على هذه الخدمة. وفي سنة 1999 بلغت مجموعة مشتريات مواد الدعارة في الإنترنت 8% من التجارة الإلكترونية والبالغ دخلها 18 مليار دولارا كما بلغت مجموعة الأموال المنفقة على الدخول على الصفحات الإباحية 970 مليون دولارا ويتوقع أن ترتفع إلى 3 مليار دولارا في عام 2003[18]. وهذه الصفحات تتكاثر بشكل مهول تبلغ مئات الصفحات الإباحية الجديدة في الأسبوع الواحد، كثير منها تؤمن هذه الخدمة مجانا.



    ولقد صرحت وزارة العدل الأمريكية قائلة: "لم يسبق في فترة من تاريخ وسائل الإعلام بأمريكا أن تفشت مثل هذا العدد الهائل الحالي من مواد الدعارة أمام هذه الكثرة من الأطفال في هذه الكثرة من البيوت من غير أي قيود"[19].



    كما تفيد الإحصاءات بأن 63% من المراهقين الذين يرتادون صفحات وصور الدعارة لا يدري أولياء أمورهم طبيعة ما يتصفحونه على الإنترنت[20] علما بأن الدراسات تفيد أن أكثر مستخدمي المواد الإباحية تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 سنة[21]. والصفحات الإباحية تمثل بلا منافس أكثر فئات صفحات الإنترنت بحثا وطلبا[22].



    وهل نتأثر بما نشاهده؟:

    فمن قال إن الإنسان لا يتأثر بما يشاهد نقول له ليتأمل الآتي:

    1) إن أكبر الشركات التجارية العالمية تدرك أهمية الدعاية والإعلام على استمرارية تجارتها وجلب الناس لشراء بضاعتها. فشركة ماكدونالد مثلا تنفق 287 مليون دولارا سنويا على الإعلام وحده. وشركة سيرز تنفق 225 مليون دولارا سنويا في نفس هذا المجال، وهكذا. ولو كان الناس لا يتأثرون بما يشاهدون لما أنفقت هذه الشركات تلك المبالغ السنوية الطائلة في هذا الصدد.



    2) تثبت الدراسات العلمية المكثفة أن هنالك تأثيرا مباشرا وملحوظا للتلفاز على سلوك وتفكير مشاهديه. فمثلا لقد صرح الدكتور براندون سنتروال المتخصص بدراسة مصادر الأمراض (Epidemiology) أنه لو لم يخترع جهاز التلفاز لكان هنالك في أمريكا في هذا العصر انخفاض في الإجرام بنسبة عشرة الآف جريمة قتل سنويا وسبعين ألف جريمة اغتصاب وسبعمائة ألف جريمة عنيفة. ولقد توصل الدكتور براندون إلى هذه النتائج إثر دراسة دامت قريبا من ثلاثين سنة[23].



    لاحظ الدكتور براندون أن جهاز التلفاز قد دخل في أمريكا وكندا في سنة 1945م. وفي الفترة ما بين 1945 و 1974 ارتفعت نسبة القتل في تلك الدولتين بنسبة 93% في أمريكا و92% في كندا. فرأى الدكتور أن يعضد نظريته بعلاقة وسائل الإعلام في تفشي الإجرام بأن أجرى بحثا على مجتمع جنوب أفريقيا.



    كانت حكومة جنوب أفريقيا قد منعت دخول جهاز التلفاز في دولتهم لأسباب سياسية حتى سنة 1975م. ولقد كانت وسائل الإعلام الأخرى كالكتب والإذاعة والمجلات وغيرها متوافرة بكثرة ومتطورة، لذا أمكن استبعاد تأثيرها على دراسته هذه. لاحظ الدكتور براندون أن نسبة جريمة القتل قد انخفضت في جنوب أفريقيا بنسبة 7% في نفس الفترة ما بين 1945 و 1974 التي ارتفعت فيها نسبة جرائم القتل في أمريكا وكندا. وفي سنة 1975 دخل جهاز التلفاز في جنوب أفريقيا فرأى الدكتور أن يتابع أثر هذا الجهاز على سلوك المجتمع وقيمه.



    تنبأ الدكتور براندون بأن مجتمع جنوب أفريقيا سيشهد ارتفاعا في نسبة الإجرام خلال 10 إلى 15 سنة من تاريخ 1975 – سنة دخول التلفاز، وأن أول فئة ستقبل على هذه الجريمة الشباب البيض، ثم يلحقهم الشباب السود بعد ذلك بحوالي ثلاث سنوات. وبالفعل، لقد نشرت سنة 1989 إحصاءات عن عدد ضحايا جريمة القتل في جنوب أفريقيا في سنة 1987 فوجدوا أن نسبة القتل في تلك السنة قد ارتفعت بنسبة 130% عما كانت عليه سنة 1975. أي أن عدد ضحايا جريمة القتل قد ازداد إلى أكثر من الضعفين خلال فترة الإثنا عشرة سنة هذه.



    وحينما سُئل الدكتور براندون كيف عرف أن الشباب البيض سيسبقون الشباب السود إلى هذا الأمر صرح قائلا أن الطائفة الثرية في مجتمع جنوب أفريقيا في ذلك الوقت كانت طائفة البيض. لذا عرف الدكتور أنهم سيكونون أول المقتنين لتلك الأجهزة الجديدة وأن أطفالهم سيكونون أول الأطفال تعرضا لهذه الوسيلة وتشبعا منه. ثم بعد مضي ثلاثة سنوات سيشتري السود الأجهزة المستخدمة عند البيض فتبدأ بالتأثير عليهم. فإذا مضى قرابة عشرة سنوات فسوف يشب أولئك الأطفال البيض الذين تربوا على التلفاز فيبدأ ظهور تأثيره عليهم، وهكذا مع السود. وبالفعل حصل الأمر كما توقع الدكتور براندون.



    ولقد بحث الدكتور براندون مجموعة أخرى كبيرة من العوامل المؤثرة المحتملة كفوارق السن والتمدن وانتشار الأسلحة والأحوال الاقتصادية وتناول الخمور وتطبيق القصاص والاضطرابات السياسية والقومية فلم يجد لأي من هذه العوامل تزامنا أو توافقا لهذه الأحداث حتى يتمكن من عزو هذه الظاهرة إلى شيء منها.



    يلاحظ أن هذه دراسة واحدة فقط من ضمن عدد كبير جدا من الدراسات المشابهة التي تثبت تأثر البشر بما يشاهدونه والتأثير السلبي لتلك الوسائل على سلوكهم.



    أثر الإباحية في انحطاط القيم وتفشي الإجرام:

    ولقد وجد عالم النفس د/ ادوارد دونرستين من جامعة وسكونسون بأمريكا بأن الذين يخوضون في الدعارة والإباحية غالبا ما يؤثر ذلك في سلوكهم من زيادة في العنف وعدم الاكتراث لمصائب الآخرين وتقبل لجرائم الاغتصاب[24].



    كما وجد عدد من الباحثين بأن مثل هذه الإباحية تورث جرائم الاغتصاب، وإرغام الآخرين على الفاحشة، وهواجس النفس باغتصاب الآخرين، وعدم المبالاة لجرائم الاغتصاب وتحقير هذه الجرائم[25] [26] [27].



    ولقد قام الباحث الكندي جيمز شِك بدراسة عدد من الرجال الذين تعرضوا لمصادر مواد إباحية بعضها مقترنة بالعنف وبعضها لا تختلط بعنف. وكانت نتيجة هذه الدراسة أن وجد هذا الباحث أن النتيجة واحدة في كلتا الحالتين ووجد تأثيرا ملحوظا في مبادئهم وسلوكهم وتقبلهم بعد ذلك لاستعمال العنف لإشباع غرائزهم[28].



    ولقد وجد الباحثان دولف زيلمان وجينينجز براينت أن من أكثر تداول هذه المواد أصبح لا يرى أن الاغتصاب جريمة جنائية كما لاحظ هذان الباحثان على هؤلاء المبتلين الإدمان والانحطاط والتدني والشغف بما هو أشنع وأبشع من ناحية الإباحية الأخلاقية كالاغتصاب وتعذيب المُغتَصَبين واللواط واغتصاب الأطفال وفعل الفاحشة بالجمادات والحيوانات وفعل الفاحشة بالمحارم وغير ذلك[29] [30] – نسأل الله العافية.



    ويؤكد هذه الحقيقة بحث أجراه الباحثون اليزابيث باولوتشي ومارك جينيوس و كلوديو فايولاتو في كندا حيث قاموا بدراسة 74 بحثا مختلفا كلها تدرس تأثير المواد الإباحية الجنسية على الجرائم الجنسية بشتى أنواعها. ولقد شملت هذه الدراسات عددا من الدول الصناعية مثل أمريكا وكندا ودول أوروبا ما بين السنوات 1953 و 1997م تشمل في مجموعها دراسة 12912 شخصا قد تعرضوا لمثل هذه المواد. كان من نتائج هذا البحث أن نسبة الانحطاط الخلقي العام - حسب معايير الغرب- هي 28% (وتشمل التعري، والتجسس على أعراض الآخرين بالكاميرات الخفية، والاحتكاك الجسماني بالآخرين في الأماكن المزدحمة، الخ). كما وجدوا أن نسبة الازدياد في جرائم العنف والاغتصاب تزداد عند متداولي المواد الإباحية بنسبة 30%. وإن نسبة الانحطاط في العلاقات الزوجية والقدرة الجنسية مع الزوجة تتدنى بنسبة 32%. ونسبة تقبل جرائم الاغتصاب وعدم المبالاة بها تزداد بنسبة 31%[31].



    ولقد قام دارل بوب الضابط في شرطة ميشيغان بأمريكا بدراسة 38000 حالة اغتصاب ما بين السنوات 1956 و 1979 فوجد أن نسبة 41% من مقترفي تلك الجريمة كان قد عرض نفسه قبل أو خلال ارتكاب جريمته إلى مواد إباحية. ويدعم هذا الموقف الباحث ديفد سكات الذي وجد أن 50% من المغتصِبين قد عرضوا أنفسهم لمواد خليعة لتهيئة وتنشيط أنفسهم جنسيا قبل المباشرة بجريمتهم[32]. وإن الاستخبارات الأمريكية (FBI) قد وجدوا أن في 80% من حالات جرائم الاغتصاب يتم العثور على مواد إباحية إما في موطن الجريمة أو في منزل الجاني[33]. وفي دراسة للدكتور وليام مارشال اعترف 86% من المغتصبين بأنهم يكثرون من استخدام المواد الإباحية واعترف 57% منهم أنه كان يقلد مشهدا رآه في تلك المصادر حين تنفيذه لجريمته [34].



    أما بالنسبة لجريمة اغتصاب الأطفال فلقد وُجد بعد دراسة 1400 حالة من هذا النوع في مدينة لويسفيل ما بين السنوات 1980 و1984م أن صورا عارية للبالغين متواجدة عند جميع هؤلاء المجرمين وصورا خليعة للأطفال موجودة عند أغلبهم[35] ووجد لاحقا في دراسة شاملة لهذه المأساة من قبل مجلس النواب بأمريكا أن أكثر سمة موحدة بين هؤلاء المجرمين – من غير منافس - هو تداولهم للصور العارية للأطفال[36]. وإن الشرطة الأمريكية كثيرا ما يتقمصون شخصيات الأطفال في الإنترنت ليصيدوا المجرمين المستدرجين للأطفال والمغتصبين لهم.



    ولقد صرح الدكتور مايكل مهتا من جامعة كوينز في كينجستون باونتاريو بكندا بعد دراسة دامت 18 شهرا أن هنالك اتجاها ملحوظا في الصور الخليعة إلى تصوير الأطفال وقد زادت نسبتها من 15% عام 1994 إلى 20% عام1996 [37].



    كما قام عدد من ضباط الشرطة بدراسة ظواهر الاغتصاب والقتل المفرد والقتل الجماعي فوجدوا أن للمواد الإباحية تأثيرا مباشرا وملحوظا في جميع هذه الجرائم حتى أصبحت هذه سمة معروفة وموحدة لدى المكثرين من الاغتصاب أو القتل (standard profile among serial rapists and serial killers)[38] [39] [40].

    شواهد حية:

    ولقد وجد الدكتور فيكتور كلاين بعد دراسة له لمجموعة كبيرة ممن ابتلوا بهذا الداء أن تواجد المواد الإباحية بسهولة أمام الناس من غير حجب أو تصفية يشكل إغراء شديدا يصعب على الأفراد عليهم مقاومته حتى لو كلف ذلك فقدان مبالغ ضخمة من المال[41]. كما وجد أن تواجد القنوات الفضائية الإباحية في المنزل يؤدي إلى نتائج وخيمة كاعتداء الأطفال على أخواتهم الصغار واغتصابهم جنسيا. وأخيرا وجد الدكتور فيكتور أن أمثال هؤلاء المعتدين ربما لا يُعرف عنهم سوء الخلق أو فعل الشر مثل ذلك الرجل المتفوق دراسيا والرئيس لشركته والفاعل للخير الذي ظهر بعد ذلك أنه كان يغتصب النساء بحد السكين أو المسدس في منطقتي فينكس وتوسون وكان الدافع الوحيد لهذه الأعمال الذي وجدوه هو سهولة حصوله على المواد الإباحية في صباه وتشبعه بها منذ الصغر.



    ولقد قامت الاستخبارات الأمريكية (FBI) بمقابلة واستجواب 24 مجرما في السجون، كلهم قد اغتصب وقتل عددا كبيرا من البالغين أو الأطفال فوجدوا أن 81% منهم كان يعرض نفسه بكثرة للمواد الإباحية ثم يقوم بتطبيق ما قد رأى على الآخرين بطرق شنيعة وفظيعة تفوق الوصف. وكان من هؤلاء المجرمين رجلا اسمه ارثور جاري بيشوب (Arthur Gary Bishop) والذي قام بالاعتداء الجنسي المريع على خمسة أولاد ثم قتلهم جميعا. وكان اصغر ضحاياه سنا يبلغ من العمر 4 سنوات فقط(Danny Davis)! ولقد اعتاد هذا المجرم أمثال هذه الجرائم لدرجة أنه لم يعد يلقي لها بالا. فكان مثلا يقتل أحد الأطفال فيلقي بجسده في شنطة السيارة ثم يذهب إلى العمل ويتناول الغداء فإذا فرغ من جميع مشاغله ذهب وتخلص من الجثة. وكان أحد ضحاياه الطفل كيم بيترسون (Kim Petersen) والبالغ من العمر 11 سنة والذي قام آرثور بقتله بالرصاص والإغراق ثم شوهه جنسيا. ولقد وصف دون بيل[42] الضابط في شرطة يوتا هذا المجرم بأنه رجل في ظاهره في غاية اللطف والمرح والامتناع عن السذاجة في الكلام ولا يمكن أبدا لأي كان أن يشك بحقيقة ما تخفيه نفسه. ويؤكد ذلك ما عرف عن هذا المجرم في نشأته من كونه عضو فعال في الكشافة ومن أحد البارزين والمتفوقين لديهم والحائز على أسمى أوسمتهم. كما كان أحد المبشرين لدين النصرانية(Mormon Missionary)



    وبعد اعتقاله وإدانته ودخوله السجن صرح قائلا: "لو أن مواد الدعارة والإباحية قد مُنعت مني في صباي لم يكن شغفي بالجنس والشذوذ والإجرام ليتحقق" كما قال واصفا تأثير مواد الدعارة عليه: "إن أثرها علي كان شنيعا للغاية فأنا شاذ جنسيا ومغتصب للأطفال وقاتل. وما كان كل ذلك ليتحقق لولا وجود مواد الدعارة والإباحية وتفشيها" لقد اعدم جاري بيشوب في 10/6/1988م.



    وهنالك مثال حي آخر للنتائج الوخيمة وتفشي الإجرام نتيجة الانغماس في مواد الدعارة. وهذا المثال هو مثال القاتل السفاح الذي ذاع صيته في كل أنحاء أمريكا والمعروف باسم تيد باندي (Ted Bundy). وكان هذا الرجل من بيت محافظ وعضو في الكشافة وطالب قانون وشاب وسيم وجذاب وخلوق. لقد تم القبض على هذا السفاح بعد أن اختطف وعذب وشوه وقتل قريبا من 40 امرأة. وكان لا يكتفي بتعذيب وخنق واغتصاب ضحاياه فحسب ولكنه كان يتفنن في ألوان الشناعة المريعة كأن ينهش ويأكل لحومهن ويشوه أخريات بالسكاكين. وكانت أصغر ضحاياه طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات. قام هذا السفاح باختطافها وتعذيبها واغتصابها وأكل لحم وِركها ثم قتلها شنقا وترك جثتها ليأكلها العفن في مرحاض للخنازير. ولقد تم إدانته بجريمة القتل تلك بعد أن تم تطبيق آثار أسنانه على آثار اللحم المفقود في جسم الطفلة القتيلة وتطابقهما. ولقد استمر هذا المجرم يدعي البراءة فترة طويلة جدا من الزمن حتى التف عليه آلاف من الناس الذين صدقوا مزاعمه وطالبوا بإطلاق سراحه فورا ومن غير تردد. ولكن في نهاية الأمر حُكم عليه بالإعدام فحينذاك اعترف بجرائمه. ففي مقابلة مصورة مسجلة معه قبل إعدامه بقليل صرح قائلا: "أنتم سوف تقتلونني، وهذا سوف يحمي المجتمع من شري، ولكن هنالك الكثير الكثير أمثالي ممن قد أدمنوا الصور الإباحية، وأنتم لا تفعلون شيئا لحل تلك المشكلة." وقال أيضا: "في البداية هي [الصور الإباحية] تغذي هذا النوع من التفكير ... مثل الإدمان، فإنك تتطلع دائما إلى ما هو أصعب وأصعب، شيئا يولد درجة أعلى من الإثارة، ثم تصل إلى حد لا يمكن لصور الدعارة أن تشبع غرائزك وتصل إلى نقطة انطلاق حيث تبدأ تقول لنفسك هل تستطيع ممارسة هذه الأفعال أن تشبع تلك الغرائز بشكل أفضل من مجرد القراءة أو النظر؟”



    واستطرد قائلا في اعترافه للدكتور جايمز دوبسون في اليوم السابق لإعدامه: "اشد أنواع المواد الإباحية فتكا تلك المقترنة بعنف أو بالعنف الجنسي. لأن تزاوج هذين العاملين – كما تيقنت جيدا – تورث ما لا يمكن وصفه من التصرفات التي هي في منتهى الشناعة والبشاعة"[43]



    وقال أيضا: "[أنا وأمثالي] لم نولد وحوشا, نحن أبناؤكم وأزواجكم, تربينا في بيوت محافظة, ولكن المواد الإباحية يمكنها اليوم أن تمد يديها داخل أي منزل فتخطف أطفالهم"



    وقال قبل ساعات من إعدامه: "لقد عشت الآن فترة طويلة في السجون وصاحبت رجالا كثيرين قد اعتادوا العنف مثلي. وبدون استثناء فإن كلهم كان شديد الانغماس في الصور الإباحية وشديد التأثر بتلك المواد ومدمنا لها."



    وبشكل مماثل فإن القاتل جيفري دامر (Jeffrey Dahmer) قد بدأ حياته الإجرامية بالاغتصاب المتكرر للنساء. ثم تطورت اتجاهاته الإجرامية بعد ذلك إلى الشذوذ والقتل الذي يفوق الأوصاف حيث اغتصب وقتل عشرات من الرجال والأطفال. وكان يحبس ضحاياه لفترات طويلة جدا يغتصبهم ويعذبهم ويشوههم فيها يوميا بطرق مبتدعة وجديدة في كل مرة، ثم إذا مل من ذلك قتلهم وقطع أجسادهم بالمناشير ثم أكل بعض أعضائهم وترك بعضها في الثلاجات وأذاب بعضها بالأحماض. وحينما قبضت الشرطة عليه وجدوا في منزله رؤوسا بلا أجساد في الثلاجات والدواليب وموزعة هنا وهناك. ووجدوا أيضا قلب أحد ضحاياه في الثلاجة، فحين سألوه عن ذلك قال "كنت احتفظ به لأكله لاحقا." وكان يهتم بالمشاركة في "مسيرات أهل الشذوذ" ووجدت الشرطة في منزله حينما قبضوا عليه أعدادا مهولة تكاد لا تحصى من الأفلام والصور الإباحية[44]. ولقد توفي جيفري في حمام السجن عام 1996 إثر الضرب المتتالي بقضيب من حديد أنزله به سجين آخر.



    لقد أصدرت مجلة (Hustler) الإباحية في عددها الأخير عام 1990 مقالا من خمسة صفحات بعنوان "دليل القتل" تصف فيه كيفية اقتلاع عين الضحية وكيفية تشويه فرجه. واثر ذلك بقليل في مدينة نورمان بولاية أوكلاهوما كان الطفل سام(Sam) والبالغ من العمر 9 سنوات يتمشى عائدا من مدرسته إلى المنزل عندما اختطفه شخص غير معروف ثم اعتدى عليه جنسيا ثم قتله واقتلع أحد عينيه وشوه فرجه – تقليدا لما قرأه في ذلك المقال.



    وبشكل مماثل ففي مدينة سبرينجفيلد بولاية الينوي طُلب من رجل يبلغ من العمر 43 سنة أن يرعى(babysit) ولد اسمه جيم (Jim) يبلغ من العمر 11 سنة وثلاثة بنات أعمارهن 7 و 11 و 13 سنة. فاعتدى هذا الرجل على البنات جميعا ثم قتل الطفل جيم. وعندما فتشت الشرطة منزل الجاني وجدوا فيه عددا من المجلات الإباحية ومسدس تخدير وإعلان لبرنامج تلفاز يتحدث عن شواهد لتعذيب وتشوه الأطفال من قبل المربين (babysitters)- فهو بذلك كان يقلد ما ورد في برنامج التلفاز ذلك.



    أما عن الذين ينتجون تلك المواد فحدث ولا حرج. ومثال ذلك مخرج الأفلام الإباحية جوني زِن الذي دفع عام 1986 لثلاثة من "ممثليه" 1500 دولارا حتى يحضروا له بنتا شقراء تمثل في أفلامه. فقام هؤلاء الثلاثة باختطاف امرأة اسمها ليندا لي دانيالز وجدوها تمشي في شوارع نيومكسيكو ثم خدروها واغتصبوها مرارا أمام كاميرات المخرج. وفي الصباح فقدها أهلها ونُشرت صورتها في الجرائد. وحينما رأى المخرج جوني صورتها في الجرائد أمر الثلاثة بقتلها فأطلقوا عليها النار مرارا - وهي تترجاهم أن يرحموها – حتى ماتت.


    عواقب الإباحية وتأثيرها على المجتمع:

    كما تفيد إحصاءات وزارة العدل الأمريكية بأن تفشي وسائل الدعارة من الأسباب المباشرة في تفشي أنواع أخرى من الجرائم والمآسي الاجتماعية، ومنها:

    في بحث أجرته الوزارة سنة 1979 في فينكس ارازونا وُجد أن الأحياء التي فيها متاجر تتاجر بوسائل الدعارة تزداد فيها جرائم الممتلكات بنسبة 40% وتزداد فيها جرائم الاغتصاب بنسبة 500% مقارنة بالأحياء الأخرى [45].

    وبشكل مماثل فإن دراسة مماثلة في تكساس وُجد أن نسبة الازدياد في الجرائم الجنسية تزداد في أمثال هذه الأحياء من 177% إلى 482% مقارنة بالأحياء الأخرى [46].

    يرى العلماء أن السمة الموحدة لمقترفي القتل الجماعي (serial killers) هو كونهم غالبا ما يقدمون على جرائمهم لأسباب جنسية في بادئ الأمر. ثم تتطور عملياتهم الإجرامية بعد حين من إدمان الجنس إلى التعذيب والقتل وفعل الفاحشة في جثث الأموات[47] وغير ذلك من الجرائم المريعة.

    الذين يروجون الوسائل الإباحية غالبا ما تكون لهم علاقات وطيدة بالجريمة المنظمة، كما يدعون إلى تفشي جرائم أخرى. فمؤسسة Playboy تدعو منذ سنة 1966 إلى إباحة المخدرات[48]. وقد بدأت المؤسسة منذ سنة 1971 بالتبرع سنويا بمبالغ لا تقل عن مائة ألف دولار لإلغاء قوانين منع المخدرات[49]. وتصدر هذه المؤسسة سنويا عددا من المقالات التي تدعو الناس إلى نصرتهم في تلك المساعي.

    إدمان الوسائل الإباحية كما أسلفنا يجر تبعات أسرية كتفكك الروابط الزوجية وضعف قدرة الرجل مع زوجته وتفشي الزنا وعواقب أسرية واجتماعية غير حميدة مشابهة.

    وتفيد الإحصاءات أن 33% من ضحايا الاغتصاب يفكرون بالانتحار أو ينتحرون[50].

    في الوقت الحاضر فإن نسبة 12% من نساء أمريكا يتعرضن لنوع من الاعتداء الجنسي في حياتهن[51]

    80% من ضحايا الاعتداء الجنسي من الأولاد الذكور يصبحون بعد ذلك مدمنين لأنواع المخدرات والمسكرات. و50% منهم يفكر بالانتحار و23% منهم يقدم على الانتحار و70% تبقى معهم عقد نفسية[52].

    الذين يدمنون المواد الإباحية غالبا ما تصبح أحوالهم مثل مدمني المخدرات والمسكرات، فبعد حين من الزمن فإنهم يجدون أنهم لا يتمالكون أنفسهم أمام هذا البلاء وهم على استعداد لإفناء أموالهم من أجل إشباع غرائزهم[53].

    لا يُعرف المدى الحقيقي لهذه الكارثة الاجتماعية لأن أكثر الضحايا يعرفون الجاني وغالبا ما يكون محرما أو قريبا أو صديقا للعائلة[54] ويدوم الاعتداء سنوات طويلة متوسطها 7.6 سنوات عند البنات ويكون أول عهدهن بالاغتصاب في سن ست سنوات[55]!



    وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل هذه الأبحاث قام بها غربيون غير مسلمين. وإن القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية أرفع وأجل وأشمخ من قيمهم. فهم لا يقيسون مثلا نسبة الازدياد في جريمة الزنا لأنهم لا يرون ذلك جريمة. فكيف بهذه الإحصاءات كلها لو أخذت معايير الإسلام في الحسبان؟







    التبعات

    ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم (لم تظهر ‏الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا ‏فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت ‏في أسلافهم الذين مضوا) رواه ابن ماجه



    لقد قام الباحث الدكتور دايفد ويت في جامعة آكرون أوهايو[56] بدراسة ظاهرة تفشي الفاحشة والإباحية بين الشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16-20 سنة عبر العقود الستة الأخيرة فوجدوا ازديادا ملحوظا في هذه الظاهرة كما هو مبين في الجدول الآتي:



    الإناث
    الذكور
    السنة

    20%
    40%
    1940

    21%
    42%
    1950

    25%
    60%
    1960

    40%
    60%
    1970

    64%
    77%
    1980

    70%
    85%
    1990




    كما قام بتوزيع استبانات ورصد بعض الحقائق المتعلقة بزنا المتزوجين في أمريكا فوجد أن 50% من الرجال و25% من النساء قد اعترفوا بممارسة الزنا بعد الزواج.



    وعند قراءتنا للآية السابقة نتوقع أن نجد الطاعون والأمراض الجديدة متفشية فيهم، وبالفعل ابتلى هؤلاء عبر السنوات الأخير بشتى أصناف الأمراض كالزهري والهربس(القُوباء) والسيلان والحرشفية والايدز وغيرها (Syphillis, Herpes, Gonorrhea, Chlamydia, AIDS). فمثلا لقد شاع وباء الزهري المسبب للعقم وأمراض الدماغ في أمريكا في فترة 1930 كما شاع من قبل قي القرن الخامس عشر. وهذا المرض لا ينتقل إلا بالإباحية الجنسية.



    وفي عام 1981 صرح متحدث باسم مركز مكافحة الأوبئة بأمريكا (Center for Disease Control) أن هنالك قرابة 325000 مريض مصاب بمرض الزهري بأمريكا. كما أنه يتم رصد 2.5 مليون حالة جديدة سنويا لشباب في مرحلة الثانوية العامة مصابين بأمراض جنسية منوعة كالزهري والسيلان والحرشفية والالتهاب الكبدي الوبائي.



    ولكن مرض هذا العصر بلا شك هو مرض الإيدز. ولقد صرح كثير من الباحثين بأن أكثر من 80% من حالات الإيدز مصدرها الإباحية الخلقية[57] [58]. أما اليوم فإن مركز مكافحة الأوبئة بأمريكا (Center for Disease Control) يقدرون عدد حالات الإصابة بفايروس HIV فيما بين 650000 إلى 900000 حالة وأن أكثر من 200000 منهم لا يعلم أنه يحمل هذا الفيروس[59] [60]. وحتى تاريخ 31/12/1999 فقد رصد المركز 430441 حالة وفاة من جراء هذا المرض الخبيث فأصبح مرض الإيدز يحتل المركز الخامس في قائمة أسباب الوفيات في أمريكا للفئة ما بين 25-44 سنة [61] [62]. وهذا الرقم يفوق عدد قتلى أمريكا في حربي فيتنام وكوريا معا. أما في نيويورك ولوسانجلوس وسانفرانسسكو فإن مرض الإيدز هو السبب الرئيسي للوفاة بين الشباب والشابات.



    وإن منظمة الصحة العالمية (World Health Organization) تقدر عدد المصابين بفيروس الإيدز HIV حول العالم بـ 13 مليون حالة، منها 611589 حالة قد تطورت إلى مرض الإيدز.



    ومن المعروف عن فيروس الإيدز أنه أسرع الفيروسات المعروفة على وجه الأرض تغيرا وتحولا إلى أشكال جديدة. كما أنه من المعلوم أن أول ظهوره في الغرب كان في أهل الشذوذ في مدينتي سانفرانسسكو ونيويورك، ثم انتقل بعد ذلك إلى ممارسي الزنا. وكان في بادئ الأمر يعرف هذا المرض باسم "مرض تدني المناعة في أهل الشذوذ" ("GRID" for Gay Related Immune Deficiency) وإن المعهد الوطني لدراسة الحساسيات والأمراض المعدية بأمريكا (NIAID) رصد في أول ستة أشهر من سنة 1996م تزايدا في تفشي الإيدز جله بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13-19 سنة يبلغ 524% وأن جل هذه الزيادة كانت في الشاذين منهم ثم الزناة[63]. وفي عقد 1980 قام أهل الشذوذ بحملة إعلامية مكثفة لتوعية أفراد مجتمعهم الخبيث لمخاطر هذا المرض نتج عنها نزول ملحوظ في عدد المصابين. ولكن إثر وفاة كثير من الجيل الأول من أهل الشذوذ وتدني نسبة المصابين بهذا المرض في تلك الفترة فقد أخذ المراهقين الشاذين بالتشجع للعودة إلى أعمالهم الخبيثة مرة أخرى[64].



    }فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون[ الأنعام: 43



    ‏}أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ ‏ ‏



    وإن لهذه الأمراض تبعات اجتماعية واقتصادية وسياسية عديدة. فمثلا من المعلوم أن متوسط تكلفة معالجة (وليس شفاء) شخص مصاب بالإيدز حتى يتوفى تبلغ 120 ألف دولار. كما أن هذه الأمراض تجلب كوارث عائلية واجتماعية وارتفاعا في نسبة البطالة وتفشي للفقر وغير ذلك من التبعات السيئة. ناهيك عما يتعرض إليه الأطباء والممرضون وغيرهم من الأخطار الجسيمة.





    محاولة تصدير الإباحية بدعوى الحرية:

    }إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون, ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم[

    أما في زماننا فإن أهل الغرب بقيمهم الفاسدة وأمراضهم الخبيثة ومبادئهم الذميمة لم يكتفوا بإفشاء الرذائل والمنكرات ودواعي غضب الجبار بينهم ولكن تمادى بهم الحال إلى محاولة تصدير هذه المصائب والأمراض إلى دول الإسلام. فنجد جمعية "مراقبة حقوق الإنسان" (Human Rights Watch) مثلا تذم وتنكر بشدة أي محاولات لدول الخليج العربي لحجب الإنترنت ويدعوننا إلى "الانفتاح والحرية"[65].



    جدوى الحجب:

    الحجب من الأساليب المجدية والفعالة التي هدانا إليه ربنا عز وجل في كتابه الكريم. فنحن نقرأ في قصة نبي الله يوسف عليه السلام أنه حينما وجد نفسه أمام فتنة النساء وخشي على نفسه المعصية دعا الله قائلا: }قال ربي السجن أحب إلى مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين[ وبالفعل عصم الله نبيه يوسف عليه السلام من هذه الفتنة بحجبها عنه }فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم، ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين[



    نلاحظ أن مع كون سيدنا يوسف عليه السلام من الأنبياء والمقربين ومن أشد الناس طاعة لله وأكثرهم عبادة وأهداهم وأشدهم خشية لله فلم يأمن على نفسه هذه الفتنة الحاضرة المستمرة غير المحجوبة ولا الممنوعة فدعا ربه أن يحجب هذا الشر عنه فاستجاب ربه لدعائه. فإن قال قائل إن البشر – في غالبهم - يستطيعون ضبط أنفسهم والاستعصام عند حضور الفتنة، فهو بذلك أمير نفسه ولا حاجة للحجب، نقول له هل أنت خير أم نبي الله يوسف عليه السلام؟



    وكدليل آخر على جدوى الحجب وجد الاستاذ الدكتور كاس سانستين بأن الدول التي تفرض قوانين صارمة في منع المواد الإباحية تنخفض فيها نسبة هذه الجرائم[66]. وبعد دراسة لبرامج الحجب والتصفية في مدارس ولاية يوتا وُجد أنه بعد 54 مليون عملية تصفح فإن الخطأ في الحجب يبلغ 64 خطأ لكل 205737 عملية حجب صحيحة، وهذا يمثل نسبة نجاح 99.9994%[67].



    ولقد قام باحثان من جامعة نيوهامبشير بأمريكا هما لاري بارون وموري ستراوس بدراسة ظاهرة تفشي الإباحية والدعارة وأثر ذلك على جريمة الاغتصاب. وبعد دراسة شملت جميع الولايات الأمريكية وجدا أن الولايات التي تكثر فيها وسائل الدعارة والإباحية ترتفع فيها نسبة جرائم الاغتصاب، والعكس صحيح. ووجدوا أن ولايتي الاسكا ونيفادا فيهما أكبر نسبة من المواد الإباحية (خمسة أضعاف ولايات أخرى) ترافقها أكبر نسبة من جرائم الاغتصاب (ثمانية أضعاف ولايات أخرى)[68] [69].





    دور وحدة خدمات الإنترنت:

    والمملكة العربية السعودية هي من الدول القليلة جدا التي أدركت حكومتها الرائدة أهمية هذا الأمر فطبقت أمثال هذه البرامج[70] على مستوى الدولة ككل فهي بذلك تعتبر من الرواد في هذا المجال. أما باقي الدول التي تتبع سياسة الحجب فإنها في غالبها تحجب شيئا قليلا جدا من المواد الإباحية بالإضافة إلى كون أجهزة الحجب لديها ضعيفة جدا ومقترنة بثغرات كبيرة. وإن إخوانكم القائمين على حجب الصفحات الإباحية يعملون جاهدين على حفظ وحماية المجتمع من سلبيات الإنترنت من غير أن يمنعوهم من محاسنها الجمة. فهم بذلك قائمون على ثغرة في بالغ الخطورة والأهمية على هذا المجتمع الإسلامي ، وهم يدركون جيدا حجم الأمانة الملقاة على عواتقهم ويسألون الله عز وجل أن يعينهم على حسن رعاية تلك الأمانة.



    في عام 1417هـ(1997م) صدر قرار مجلس الوزراء رقم 163 بتاريخ 24/10/1417هـ الذي أناط بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مهمة إدخال خدمة الإنترنت العالمية إلى المملكة. وتبعا لذلك أنشئت وحدة خدمات الإنترنت التي تولت كافة الإجراءات اللازمة لإدخال هذه الخدمة وتشغيل الشبكة وتسجيل مقدمي الخدمة وترشيح المحتوى وتأهيل القطاع الخاص.



    وقد بدأت الخدمة بالمملكة في 26/8/1419هـ حيث تم ربط الجامعات وشركات تقديم الخدمة المحلية بهذه الشبكة. وتتكون وحدة خدمات الإنترنت من أربعة مراكز أساسية هي:

    مركز معلومات الشبكة: الخاصة بتسجيل النطاقات وعناوين الشبكة وتطوير صفحات المعلومات وإدارة خدمات المستفيدين

    مركز تشغيل الشبكة: ويقوم بتركيب وصيانة كل مكونات الشبكة من معدات وبرمجيات ومتابعة الأعطال والصيانة.

    قسم خدمات المساندة وعلاقات مقدمي الخدمة: ويتولى تأهيل مقدمي الخدمة والترخيص لهم وتنمية الموارد البشرية ومتابعة الشؤون المالية والإدارية بالوحدة

    مركز أمن المعلومات: ويتولى الترشيح وتوثيق الطوارئ وتوعية المستخدمين والتنسيق مع اللجنة الأمنية فيما يخص الضبط الأمني للمعلومات.



    لقد حرص موظفو وحدة خدمات الإنترنت على تقديم خدمة الإنترنت بشكل موزون إلى أفراد المجتمع وذلك بترشيح الصفحات الإباحية بطريقة تترك أكبر قدر ممكن من الحرية للمستخدمين ومع عدم إغلاق شيء من المنافذ أو الصفحات إلا للضرورة القصوى. فلقد تم وضع قوائم حجب بمئات الألوف من الصفحات الإباحية وجلبت أجهزة وبرمجيات خاصة لحجب تلك الصفحات الإباحية دون المساس بالصفحات المفيدة. كما قامت الوحدة بتطوير الخبرات الوطنية التي تمكنت على إثره من اكتشاف وإغلاق الصفحات الإباحية الجديدة بشكل آلي وآني ومنع بعض أساليب العبث.



    ولقد نتجت تلك السياسة السمحة عن عدد من التعديات من قبل بعض أفراد المجتمع لاستغلال هذه المنافذ المفتوحة والسياسة السمحة لمحاولة تخطي أو كسر نظام الترشيح. ومع كثرة هذه المحاولات إلا أن الوحدة مصرة على سياستها بعدم الإفراط في إقفال المنافذ ولو تطلبت هذه السياسة مضاعفة الجهود لرد العابثين دون الإضرار بالباقين. وبذلك فإن كل عمل تقوم به الوحدة تعد سباقة ورائدة في العالم ومبتكرة، وما زالت بذلك تهتدي في كل يوم إلى أساليب جديدة لم يسبقهم إليها أحد لرد تلك المحاولات من غير أن تضطر إلى تغيير سياستها الأساسية السمحة.



    ولكن الكمال غاية لا تدرك ولو أصر الإنسان على الوصول إلى هذه المنكرات فيمكنه تخطي الوحدة تماما والاتصال بإحدى الدول المجاورة للتواصل مع الإنترنت. وهنا ينبغي علينا أن ندرك أن الوحدة تمثل جهة فنية تنفيذية فقط وعلى أولياء الأمور أن يقوموا بما أوكله الله إليهم من حسن التربية والتوجيه والمراقبة والنصح لذراريهم ومن يعولونه.







    خاتمة:

    كلنا أمير نفسه وكلنا عليه الاختيار. خدمة الإنترنت واقع لا مفر منه. وهذه الخدمة تفتح أمامنا أيديها بعطاء وخير ومنافع لا تحصى. ولكنها خدمة تجر معها مسؤوليات. فعلينا نحن أن نكون خير مستخدمين وخير مربين لأبنائنا ومن نعول.



    كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. فيا رب البيت هل تعلم ما يفعل أبناؤك وبناتك عندما ينعزلون ساعات لا تحصى في غرف مغلقة أمام شاشة الإنترنت؟



    وهل سألت عنهم حينما غابوا عنك أياما في مقاهي الإنترنت في الغرف الخاصة أو وراء الشاشات المستورة؟



    هل تابعت ابنتك وعرفت ما تكتب للشباب في "ساحات الحوار" أو ما ترسل لهم من صور؟



    إخوانك في وحدة الإنترنت لن يألوا جهدا بإذن الله في الوقوف معك لحماية أبنائك وبناتك من سوء استغلال هذه الخدمة النافعة ولكن الأمر بيديك وأنت مسؤول عن أهل بيتك. ألا هل بلغت؟



    أسأل المولى عز وجل أن يعيننا على حسن استخدام هذه الخدمة وعدم استخدامها فيما يضر. وختاما نقول سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
    ..!
    أحبكن .., ولن أنساكن ..,

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الموقع
    ][ بـــ ـــــلا وج ـــود ! ][
    الردود
    1,652
    الجنس

    beatheart



    اسم الكتاب: التاريخ الأمريكي الحديث
    المؤلف: الدكتور/أشرف محمد عبد الرحمن
    الناشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع - الرياض
    يمثل التاريخ الأمريكي الحديث تاريخ العالم الجديد الذي ظهر في أعقاب حركة الكشوف الجغرافية الأوربية، وقد ظل التاريخ الأمريكي الحديث يعالج من خلال أحداث التاريخ الأوروبي الحديث، بسبب أن أوروبا كانت تشكل مركز الثقل السياسي الذي يوجه سياسة القارة الجديدة، وخاصة أن شعوب هذه القارة تعود في أصولها إلى أصول أوروبية، إلا أن الوضع السياسي في الأمريكتين قد تغير بعد قيام ثورات شعوبها ضد الاستعمار الأوروبي سواء الإنجليزي، أو الفرنسي، أو الأسباني، أو البرتغالي، واستطاعت شعوب القارة الجديدة الحصول على استقلالها السياسي، وبعد هذا الاستقلال برز تاريخ جديد للجمهوريات الأمريكية المستقلة كجزء قائم بذاته مستقل عن التاريخ الأوروبي .
    وترجع أهمية التاريخ الأمريكي إلى أنه قام – ولا يزال – بدور بارز في تاريخ البشرية، على الرغم من أنه لا يملك تاريخاً طويلاً بالمقارنة بشعوب العالم القديم، سواء في أوروبا أو آسيا أو أفريقيا .
    وتناول المؤلف في هذا الكتاب تاريخ الأمريكتين بدءاً من حركة الكشوف الجغرافية الأوروبية في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، وانتهاء بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الثانية، فتعرض للظروف التي أدت إلى انتشار المستعمرات الأوروبية في الأمريكتين، ثم تعرض للثورة الأمريكية وتطور العلاقات السياسية والاقتصادية بين المستعمرات والحكومة الإنجليزية حتى تطورت إلى حرب الاستقلال، وصدور الدستور الأمريكي عام 1789م، ثم تعرض المؤلف للحركات الثورية التحررية في أمريكا اللاتينية، وكيف ساندت الولايات المتحدة هذه الثورات حتى نجحت في الحصول على الاستقلال .
    كما تعرض المؤلف للمشكلة الكبرى التي واجهت الولايات المتحدة بعد استقلالها؛ وهي الخلافات المتزايدة بين الشمال والجنوب حتى وقعت الحرب الأهلية، ومع أنها أرهقت البلاد إلا أن التقدم والتطور والتوسع كان طابع الفترة التالية للحرب، وهذا التوسع كان أولاً في القارتين الأمريكتين، ثم انتشر خارج الأمريكتين في الشرق الأقصى والأوسط. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت مزدهرة إلى حد كبير في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، إلا أنها لم تلبث أن واجهت أزمة اقتصادية كبرى عام 1929، وأخيراً تناول المؤلف دور الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى، وكيف كانت قلوب الشعب الأمريكي مع الحلفاء (بريطانيا وفرنسا) ضد دول المحور (المانيا وإيطاليا).



    مفهوم الأمة بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية

    اعتبرت الدراسات الغربية أن الأمة تأتي حصيلة تفاعل نوعين من العوامل :

    الأولى : موضوعية : مثل اللغة ، والتاريخ ، والجنس الواحد ، والإقليم الواحد ، والمصالح المشتركة ، والآمال الواحدة ، والعادات والتقاليد الواحدة ، والثقافة الواحدة إلخ...

    الثانية : عوامل ذاتية : وعي الأفراد بأن لهم شخصية متميزة ومنفصلة تدفعهم إلى التعبير التنظيمي عن هذه الشخصية المتميزة (1) .

    واعتبرت هذه الدارسات أن تفاعل النوعين من العوامل سيؤدي إلى تكوين أمة ذات أداء حضاري مشترك وذات وحدة سياسية ، وقد أعطى المفكرون الألمان عنصري اللغة والتاريخ الأهمية القصوى في تشكيل الأمة ، في حين أعطى المفكرون الفرنسيون العامل التراثي الدور الأول في تشكيل الأمة ، واعتبروا أن الدولة هي العنصر الأهم في تحقيق ذلك ، فوحدة الأمة وشخصيتها مستمدة من التنظيم السياسي لذلك فإن الدولة سابقة على الأمة وهي سبب وجودها والعكس غير صحيح ، لذلك هاجم المستشرق الفرنسي رينان عام 1882م عاملي اللغة والتاريخ في محاضرته الشهيرة عام : ما الأمة ؟ فأكد أن اللغة المشتركة مثلها مثل الأصل الواحد أو الدين أو المصالح كلها غير كافية بذاتها لتكوين أمة ، فهي عوامل مساعدة للمعيار الأهم وهو وحدة التراث ، فالتاريخ المشترك أهم عوامل التقريب بين الأفراد وتوليد الرغبة في الحياة المشتركة فتنشأ الأمة التي يكون لها الولاء الأول .

    مفهوم الأمة في الحضارة الإسلامية :

    ورد لفظ الأمة في عدد من آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة بعدة معان منها : الحين من الزمن ، والجيل ، والفرقة ، والملّة ، والدين إلخ...، لكنه ورد أيضاً بمعنى اجتماع المسلمين على صعيد واحد ملتقياً مع المعنى اللغوي للفظ الأمة والذي يعني جماعة يجمعهم أمر ما : إما دين واحد ، أو زمان واحد ، أو مكان واحد إلخ... (2)

    لكن القرآن الكريم لم يعتبر المسلمين أمة واحدة لاجتماعهم على دين واحد فقط، بل لا بد لهم حتى يكونوا أمة إسلامية من أن يتصفوا بصفات أخرى يحققونها في وجودهم وكيانهم ، أبرزها :

    1- الشهادة على الناس :

    قال تعالى : {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} (البقرة،143) . تبين الآية السابقة أن الله -تعالى- جعل الأمة الإسلامية أمة وسطاً لعلّة وحكمة هي أن تكون قادرة على القيام بأمانة الشهادة على الناس ، والشهادة تقتضي العلم وتفتّح الوعي وتحقق الإدراك من الشاهد حتى يستطيع أن يقوم بأمانة الشهادة على المشهود عليه .

    2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

    قال تعالى : {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} (آل عمران،104) . وقال تعالى : {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} (آل عمران ،110) .

    دعت الآية الأولى الأمة الإسلامية أن تكون أمة خير تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ثم بيّنت الآية الثانية أن خيرية الأمة الإسلامية جاءت نتيجة أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر ، وليس من شك في أن تحقيق الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني التطهير المستمر للمجتمع الإسلامي من أي ارتكاس ومن أية معوّقات داخلية ، ويعطيه أفقاً عالياً من الشفافية والحيوية .

    3- الدين واحد والقيادة للأنبياء جميعاً :

    تحدثت "سورة الأنبياء" عن معظم الأنبياء السابقين وهم : موسى وهارون وإبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب وداود وسليمان وأيوب وإسماعيل وإدريس وذو الكفل وذو النون وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام جميعاً ، وذكرت طرفاً من سيرتهم ، وحياتهم ، ومواقفهم ، وعبادتهم ، ودعوتهم ، وصراعهم مع الباطل ، وصبرهم على أذى الكافرين ، وفضل الله عليهم ، ثم عقّبت بعد ذلك بآية قال تعالى فيها : {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون} (الأنبياء،192) .

    كما تحدثت سورة أخرى هي "المؤمنون" عن عدد من الأنبياء هم : نوح وهود وموسى وهارون وعيسى عليهم السلام ثم قال الله تعالى بعد ذلك : {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} (المؤمنون ،51-52) .

    أشارت الآيتان السابقتان بعد الحديث عن معظم الانبياء إلى أن أمة الانبياء جميعهم أمة واحدة ، ويمكن أن نفسر الأمة الواحدة بتفسيرين مرتبطين ببعضهما هما :

    الأول : الدين الواحد والملة الواحدة لجميع الانبياء من لدن آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام وهو دين الإسلام الذي أوحاه الله إليهم ، وأشارت آيات أخرى إلى مثل هذا المعنى فصرّحت إلى انتماء بعض الأنبياء إلى دين الإسلام فطلب يوسف عليه السلام أن يتوفاه الله على الإسلام ، قال تعالى : {أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين} (يوسف،101) ، وقد وصى إبراهيم ويعقوب عليهما السلام أولادهما أن يموتوا على دين الإسلام ، فقال تعالى : {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} (البقرة،132) .

    الثاني : قيادة الأمة الإسلامية منوطة بجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لذلك فإن الامة الإسلامية ليست أتباع محمد ( وحده بل تشمل أتباع الأنبياء السابقين جميعهم.

    إذن نستطيع أن نتبين من خلال الكلام السابق أبعاداً أخرى لمفهوم الأمة في الحضارة الإسلامية يتجاوز الاجتماع الموحد والتجانس المشترك الذي قصدته الحضارة الغربية ، وأبرز هذه الأبعاد :

    البعد الاجتماعي : يشتمل على واجبين :

    الأول : نحو المجتمع الإسلامي : وذلك بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يعني ديناميكية فعالة من أجل التوازن المستمر

    الثاني : نحو المجتمعات الأخرى : وذلك بالقيام بواجب الشهادة عليها ونقلها إلى ما هو أفضل لها وأخير .

    2- البعد الشرعي : يقوم على الالتزام بالشرع الذي جاء به الدين الإسلامي ، ولا شك أن هذا الالتزام يرفع الأمة باستمرار إلى أفق سامٍ من التكيفات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والعقلية والجمالية .

    3- البعد التاريخي : يقوم على الارتباط بالأمم السابقة وتشكيل أمة واحدة معها والاعتراف بحق القيادة لأنبيائهم .

    ومما يؤكد وضوح الأبعاد السابقة عند علماء المسلمين ما أورده الشاطبي عن الجماعة في معرض حديثه عن الأمة الإسلامية والفرق التي افترقت إليها ، فقال إن الجماعة تعود إلى خمسة معان هي :

    الأول : السواد الأعظم من أهل الإسلام .

    الثاني : جماعة أئمة العلماء المجتهدين .

    الثالث : الصحابة .

    الرابع : جماعة أهل الإسلام إذا اجتمعوا على أمر فهو واجب على غيرهم من أهل الملل اتباعهم .

    الخامس : ما اختاره الطبري الإمام من أن الجماعة جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير فأمر عليه الصلاة والسلام بلزومه (3) .

    وقد لخص بعض العلماء كلام الشاطبي فقالوا إن الجماعة ترجع في النهاية إلى معنيين :

    الأول : الالتزام بالحق الموجود في الكتاب والسنة ، والخروج من الجماعة بهذا المعنى هو الابتداع والضلال .

    الثاني : الالتزام بإمام جماعة المسلمين وطاعته ، والخروج عن الجماعة بهذا المعنى هو البغي والعدوان .

    إذن يلتقي مفهوم الجماعة الذي وضحه الشاطبي مع مفهوم الأمة في بعدين :

    الأول : بعد التزام الحق الموجود في الشريعة .

    الثاني : بعد التزام القيادة المسلمة التي تتبع الرسول (

    والآن : ما هي أبرز نتائج الأبعاد الخاصة لمفهوم الأمة في الحضارة الإسلامية على مسيرة التاريخ الإسلامي ؟

    لقد أعطى البعد الشرعي الأمة الإسلامية انطلاقة هائلة عندما أقام بنيانها على التعارف بين الشعوب والقبائل انطلاقاً من قوله تعالى : {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (الحجرات،13) . وقوله ( في حجة الوداع : "يا أيها الناس إن أباكم واحد ، كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، الناس سواسية كأسنان المشط" ، وهذا ما جعل المجتمع الإسلامي مجتمعاً فريداً في الماضي والحاضر عندما استوعب أجناساً وعروقاً وشعوباً وقبائل متعددة داخل كيانه ، ليس هذا فحسب بل ساهمت هذه الأجناس والعروق والشعوب والقبائل في إقامة الحضارة الإسلامية بما وهبها الله - تعالى - من إمكانيات ، وفي الدفاع عنها عندما تعرضت للتهديدات .

    2- لقد حفظ البعد الشرعي الأمة الإسلامية بعيداً عن النزعات الاستعلائية وهي اللوثة التي أصابت الأمم في الحضارة الغربية والتي أدت إلى حربين عالميتين أهلكتا الحرث والنسل ، وأدت إلى نهب قارتي آسيا وأفريقيا لمدة قرنين وإفقارهما وتدميرهما ، وأدت إلى إبادة الهنود الحمر في أمريكا .

    3- لقد أعطى البعد التاريخي الأمة الإسلامية سعة في الزمان وامتداداً في المكان ، وجعلها تتفاعل مع ما قبلها وتستوعبه دون إحساس بالغربة ، ولم يبق هذا الاتصال التاريخي شعوراً مبهماً بل تجسد في قواعد وأصول منها : القاعدة الأصولية التي تعتبر شرع من قبلنا شرع لنا ، وفي أحاديث الرسول ( التي قال في أحدها تعقيباً على صيام العاشر من محرّم عند بني إسرائيل شكراً لله على إنجاء موسى عليه السلام من فرعون ، فصام وأمر بصيامه وقال : "نحن أولى بموسى منكم" .

    4- لقد أعطى البعد الاجتماعي الأمة الإسلامية اتساعاً في النطاق المدني فولّد الأوقاف التي أصبحت تمثل ربع ثروات العالم الإسلامي(4) ، وولّد عدم توزيع أرض السواد في العراق على الفاتحين بعد معركة القادسية من أجل الأجيال القادمة من المسلمين، فقد روى البيهقي عن أسلم قال : سمعت عمر بن الخطاب ( يقول : اجتمعوا لهذا المال فانظروا لمن ترونه ، ثم قال لهم : إني أمرتكم أن تجتمعوا لهذا المال فتنظروا لمن ترونه ، وإني قرأت آيات من كتاب الله ، سمعت الله يقول : {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم - الآية} (الحشر،8) والله ما هو لهؤلاء وحدهم . ثم تلا {والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم -الآية} (الحشر،9) والله ما هو لهؤلاء وحدهم . ثم تلا {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا في الإيمان - الآية} (الحشر،10) والله ما من أحد من المسلمين إلاّ وله حق في هذا المال أعطى أو منع حتى راعٍ بعدن ؛ وقد جاء في رواية أخرى قوله عن الآية السابقة: "هذه استوعبت الناس جميعاً ولم يبق أحد من المسلمين إلا وله في هذا المال حق إلا ما تملكون من رقيقكم، فإن أعش -إن شاء الله- لم يبق أحد من المسلمين إلا سيأتيه حقه حتى الراعي بسر وحمير يأتيه حقه ولم يعرق فيه جبينه"(5) .

    يتضح من المقارنة السابقة بين مفهومي الأمة في الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية أن مفهوم الأمة في الحضارة الإسلامية أكثر غنى لأنه لا يقوم فقط على الاجتماع الموحد ، والعادات الواحدة ، والتقاليد الواحدة إلخ...، بل لا بد من تحقيق الأمة أموراً أخرى اجتماعية وشرعية فيجعلها أكثر إنسانية وأكثر انفتاحاً وأكثر شفافية وأكثر مدنية .




    كيف نتخلص من اليأس?

    أولاً: أن ندرك أن اليأس مذموم شرعاً وعقلاً: فالعمل والتفاؤل أمر لابد منه، ومهما ساء الواقع فالعمل لابد أن يترك أثره. واليأس لم يأت في نصوص الشرع إلا في مقام الذم والعيب, بل حين يصل الإنسان اليائس إلى يأسه من روح الله ورحمته فإن هذا من صفات الكافر كما قال الله عز وجل:} إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ(87){ [سورة يوسف] . حين ندرك أن اليأس مذموم، ولا يأتي إلا في مقام الذم والعيب؛ ندرك أن اليأس لا يدفع للعمل، بل يدفع للقعود والتواني والكسل، وسيدفعنا هذا إلى أن نتجاوز حالة اليأس التي نعيشها.

    ثانياً: الاعتدال في النقد: إن تفكيرنا في أحيان كثيرة تفكير متطرف، فلا نجيد إلا الإعجاب المطلق المبالغ فيه، أو الذم والنقد المبالغ فيه. التطرف هنا أو هناك أمر مذموم، والنقد مطلوب حتى نصحح واقعنا كأفراد، ونصحح واقع مجتمعاتنا، فلابد من النقد حتى يؤدي دوره وثمرته، فإما أن ننتقد أنفسنا نحن، وإما أن ينتقدنا الآخرون، لكن النقد ينبغي أن يكون بموضوعية واتزان، فحينما نبالغ في النقد ويتجاوز النقد حده فإن هذا الأمر سيؤدي إلى اليأس.

    جيئ برجل يشرب الخمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجلد فسبه رجل، فقال صلى الله عليه وسلم :[لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ] رواه البخاري وأبوداود وأحمد. العقوبة التي يستحقها أخذها وهي الجلد فحينما يذمونه ويعيبونه ويلعنونه، فإن هذا سيجعل الشيطان يتسلط عليه أكثر. هذا على مستوى الأفراد.

    أما على مستوى المجتمعات، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في ذلك فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:[إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ] رواه مسلم وأبوداود ومالك وأحمد. قال الإمام الخطابي رحمه الله: "معناه: لا يزال الرجل يعيب الناس، ويذكر مساوئهم، ويقول: فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم، أي أسوأ حالاً منهم؛ بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم والله أعلم".

    ثالثاً: النظر في السنن الربانية: وهذا الأمر مهم، ومن ذلك:

    أن تنظر أن هذا الدين جاء من عند الله، وهو الذي خلق الناس وهو أعلم بهم، بل هو تبارك وتعالى أعلم بالناس من أنفسهم:} أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(14) {[سورة الملك] . وقد شرع الله لهم هذا الدين، ولم يشرع للناس إلا ما يطيقونه, وهذا يقودنا إلى نتيجة بدهية، وهي: أن كل ما أمرنا الله به فهو مما نطيق فعله، وأن كل ما نهانا عنه فهو مما نطيق تركه والتخلي عنه، ولو عشنا فترة وألفنا واقعاً سيئاً في ذوات أنفسنا، كمنكر أو معصية داومنا عليها وتخيلنا أنها أصبحت جزءاً منا، فهذا من كيد الشيطان وتلبيسه، و إلا فما دام الله قد نهانا عنها وحرمها علينا؛ فنحن نطيق أن نتجنبها ابتداءً، ونطيق أن نتخلى عنها حينما نقع فيها، هذا على مستوى الأفراد.

    وعلى مستوى المجتمعات: أخبر صلى الله عليه وسلم أن كل نبي كان يبعث إلى قومه خاصة أما هو صلى الله عليه وسلم فبعث إلى الثقلين الجن والإنس عامة فهو صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ورسالته خاتمة الرسالات و شريعته خاتمة الشرائع ، ومن منزلة هذه الأمة وكرامتها أن فيها طائفة منصورة إلى قيام الساعة. وجعل الله هذا الدين رسالة وشريعة لهذه الأمة الخاتمة إلى أن تقوم الساعة، وهذا يعني أن البشرية تستطيع أن تقيم حياتها على أساس هذا الدين في كل الظروف، وكل المتغيرات منذ أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة، وتستطيع أن تستوعب كل المتغيرات الجديدة وتقيم حياتها على هذا الدين وإلا لم يكن هذا الدين ديناً خاتماً، ولم تكن هذه الرسالة رسالة خاتمة. وهذا يعني أن المسلمين قادرون على أن يلتزموا بدينهم، وأن يقوموا بهذه الرسالة التي حملهم الله إياها وهم خير أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، يقودون البشرية للهداية.

    حينما نفكر في هذه القضية البدهية، فهذا يقودنا إلى هذه النتيجة: أن هذه الأمة بل إن البشرية كلها يمكن أن تستقيم على هذا الدين في ظل أي متغير، وأي عصر، وأي ظرف، وأنه لا يمكن أن يتعارض ذلك مع التقدم العلمي والتقني.

    رابعاً: النظر في النصوص الشرعية التي تدل على تمكين الدين وانتصار الإسلام : ومنها:

    ما جاء من وعد الله تعالى لعباده المؤمنين:} وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ(47){ [سورة الروم]. }إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(7){ [سورة محمد]. }قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ(14){ [سورة التوبة]. }وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(55){ [سورة النور] .

    هذا وعد من الله تعالى لابد أن يتحقق وأن يتم، والذين في قلوبهم مرض أو الذين يسيطر عليهم ضغط الواقع كثيرا ماتغيب عنهم هذه الحقائق في وعد الله . والله عز وجل قد وعد بني إسرائيل وحقق لهم ما وعد يقول عز وجل:} إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4) { ثم قال تبارك وتعالى:} وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(5)وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ(6){ [سورة القصص] . إذاً: الوعد الذي تحقق لبني إسرائيل في ظل ذلك الواقع المظلم البائس لابد أن يتحقق لهذه الأمة، وهذه الأمة أبر وأتقى وخير من بني إسرائيل.

    وفي نصوص السنة نجد شواهد كثيرةً منها: قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ] رواه أحمد . وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:[لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ] وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ:" قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ" رواه أحمد. والنصوص التي يخبر فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن النصر والتمكين نصوص كثيرة، لكن الشاهد أن إدراك هذه النصوص مما يزيل اليأس .

    خامساً: إدراك أن استحكام اليأس طريق إلى الفرج: والفرج دائماً يأتي بعد شدة اليأس, وبعد أحلك المواقف والصعوبات.

    وكل الحادثـات إذا تناهــت فمـوصولٌ بها الفرج القريب

    سادساً: الأحداث السيئة في ظاهرها قد تكون خيراً: قد يكون حدث لا يرى منه الناس إلا الوجه السيئ فيصبح خيراً والناس لا يعلمون, يقول تعالى:} فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا(19){ [سورة النساء] و في قصة الإفك حين قُذفت عائشة رضي الله عنها بالزنا، فهل كان يدور في بالها حين سمعت هذه المقولة أن هذا الحدث سيكون خيراً لها؟ أو هل كان يدور في بال أحدٍ ممن عاش الحدث ذلك الوقت أن هذا خير لها؟ ثم نزل قول الله تعالى:} لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ(11){ [سورة النور] فبرأها الله من فوق سبع سماوات، وهي كانت تقول:" وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنْ يُنْزِلَ فِي شَأْنِي وَحْيًا وَلَأَنَا أَحْقَرُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ ".

    ومثل ذلك ما حصل لمريم حينما حملت بعيسى حتى قالت:}يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا(23) {[سورة مريم] فكان خيراً لها، فحملت بنبيٍّ من أولي العزم من الرسل.

    إن الأحداث السيئة قد تكون خيراً والمتفائلون هم الذين يبحثون في الأحداث عن البشائر والمبشرات، وليسو هم أولئك الذين يسيطر عليهم اليأس والقنوط . وحينما نعيش روح التفاؤل، فإن الأحداث التي تواجهنا ينبغي أن نتعامل معها بتوازن, نعم نحن لا نعيش في أحلام، ولا نتغافل عن المخاطر لكن إذا كنا نريد الإصلاح والتغيير فلنبحث عن الجوانب والثغرات التي يمكن من خلالها أن نصلح، ونصل إلى الهدف المنشود. لم لا نبحث عن مواطن الثغرات التي يمكن أن نستثمرها؟ التغير الهائل الذي سيواجهنا اليوم لماذا لا نبحث عن كيفية استثماره في الإصلاح، وتغيير واقع المسلمين ؟ صحيح أنك ترى في مجمله شراً لا يؤذن بخير، وأن الأمر لو كان بأيدينا لما تمنينا أن يحصل, لكن ليست مسئوليتنا أن نبحث عن جوانب الخطورة، والذي ينبغي أن نفكر فيه أن نبحث عن نقاط نتسلل من خلالها، ونستثمر مثل هذه الأحداث لتكون منطلقاً لإصلاح أوضاعنا.

    سابعاً: قراءة التاريخ:حين نقرأ التاريخ سنجد أن الفرج دائماً يأتي بعد الشدة والضيق، ولنضرب على ذلك نماذج:

    في قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل: جاء موسى وقد تسلط فرعون على بني إسرائيل واستعبدهم واستذلهم، ثم حصل ما حصل، فأمره الله عز وجل أن يخرج مع بني إسرائيل، فخرجوا فلحقهم فرعون وقومه حتى كانوا أمام الخطر المحدق، البحر أمامهم وفرعون وراءهم:} فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61)قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ(62){ [سورة الشعراء]. في الماضي كان فرعون يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم، ومع ذلك يمكن أن يَسْلَمَ بعضهم ويبقى، أما الآن فبنو إسرائيل محصورون، وليس أمامهم إلا الإبادة، فقد شعروا بأن حياتهم منتهية، فحصل لهم الفرج }فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ(63)وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ(64)وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ(65){ [سورة الشعراء].

    في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نماذج عدة، ومنها:

    حادثة الهجرة: فقد حاصر المشركون بيت النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنه لم ينم في بيته، وخرج وصاحبه إلى الغار واختفيا فيه وخرجا من طريق آخر، وكان المشركون قد استنفروا قواهم؛ ليظفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه حياً أو ميتاً, وبلغ الأمر غاية الشدة فما الذي حصل بعد ذلك؟ استقر المسلمون وأقاموا الدولة, وبنوا المسجد وصلوا مطمئنين.

    جاءت غزوة الأحزاب بعد ما أصاب المسلمين ما أصابهم في غزوة أحد يريدون أن يقضوا على هذه الطائفة تماماً، وجاءت الآلاف من الأحزاب إلى المدينة وحاصرتها، اليهود من ورائهم والأحزاب من أمامهم، حتى صار الأمر كما قال الله عز وجل:} إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا(10)هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا(11){ [سورة الشعراء] حتى بلغ بهم الأمر كما قَالَ حُذَيْفَةُ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقُرٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ] فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ:[ أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ] فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ثُمَّ قَالَ:[ أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ] فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ فَقَالَ:[ قُمْ يَا حُذَيْفَةُ فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ] فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ قَالَ:[ اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ] فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِي كَبِدِ الْقَوْسِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ] وَلَوْ رَمَيْتُهُ لَأَصَبْتُهُ فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَمْشِي فِي مِثْلِ الْحَمَّامِ فَلَمَّا أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَفَرَغْتُ قُرِرْتُ فَأَلْبَسَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحْتُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَالَ:[ قُمْ يَا نَوْمَانُ] رواه مسلم وأحمد . والموقف ليس حرباً متكافئة الطرفين، أو أنه ستغلب مجموعة وتنهزم الأخرى، إنما الموقف في غاية الخطر والخطر الداهم الذي يمكن أن يجتاح المدينة كلها ويبيدها تماماً، حتى نجم النفاق، وقالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً، وبعد ذلك يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَجْلَى الْأَحْزَابَ عَنْهُ:[ الْآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ] رواه البخاري وأحمد .

    جاء صلح الحديبية، واشترط المشركون شروطاً، وكان الذي سخطه المسلمون هو أن من جاء من المسلمين إليهم يعيدونه إلى المشركين, والمسألة ليست شرطاً فحسب إنما هو موقف يثير العواطف، يجيء أبو جندل يرسف في قيوده، فيقول أبوه: هذا أول ما أقاضيك عليه أن تعيده، فيسأله الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعه فيقول: لا، فيقول أبو جندل: يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين يفتنونني في ديني. وتزامن هذا الموقف مع الشرط الذي حتم عليهم ترك العمرة هذا العام، والعودة من العام المقبل، حتى فعل عمر رضي الله تعالى عنه ما ندم عليه، وبعد ذلك كله ما الذي حصل؟

    كان هذا الصلح خيراً للمسلمين كان فتحاً حتى أنزل الله قوله:} إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا(1){[سورة الفتح] والشرط الذي اشترطه المشركون كان فيه الخير، هرب أبو بصير وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورده، وهرب إليه ضعفاء المسلمين وهددوا قريش حتى جاءت قريش ترجوه أن يتنازل، ويقبل ضعاف المسلمين.

    ومن نتائجه: أنه لما صالح المشركين وأمن شرهم؛ تفرغ المسلمون لليهود في خيبر وقضوا عليهم، وتفرغوا للمناطق الأخرى التي حول المدينة، وانتشرت دعوة الإسلام حتى صار عدد الذين دخلوا الإسلام من صلح الحديبية حتى فتح مكة أكثر من الذين دخلوا الإسلام منذ أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى صلح الحديبية, فانظر كيف كان الصلح، ثم حين نقضت قريش هذا الصلح كان سبباً في فتح مكة.

    استقرت دولة الإسلام وحدثت أحداث عدة، ومن أبرزها حدثان:

    غزو الصليبيين لبيت المقدس: يقول ابن كثير رحمه الله :"ثم دخلت سنة اثنين وتسعين وأربعمائة وفيها أخذت الفرنجة بيت المقدس، ولما كانت ضحى يوم الجمعة من سبع بقين من شعبان سنة اثنين وتسعين وأربعمائة حتى أخذت الفرنجة لعنهم الله بيت المقدس شرفه الله وكانوا في نحو ألف ألف مقاتل,وقتلوا في وسطه أزيد من سبعين ألف قتيل من المسلمين ثم جاسوا خلال الديار" . واستولى الصليبيون على بيت المقدس وبقي في أيديهم تسعون سنة ثم بعد ذلك كتب الله النصر والتمكين للأمة، وأعيد البيت الشريف.

    كارثة التتار: وأنقل لكم نماذج مما ذكره الحافظ ابن كثير رحمه الله يقول:" وصل بغداد بجنوده الكثيرة الكافرة الفاجرة الظالمة الغاشمة ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر أحاطوا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية، وجيوش بغداد في غاية القلة، ونهاية الذلة، لا يبلغون عشرة آلاف فارس، وهم في غاية الضعف، وبقية الجيش كلهم قد صرفوا من إقطاعاتهم حتى استعطى كثير منهم بالأسواق وأبواب المساجد وأنشد الشعراء فيهم قصائد يرثون لهم، ويحزنزن على الإسلام وأهله...ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش وقين والوسخ وكمنوا كذلك أياماً لا يظهرون وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم، فيهربون منهم إلى عالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة، إنا لله وإنا أليه راجعون، وكذلك في المساجد والجوامع والرباع، ولم ينج منهم سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى، ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي، وطائفة من التجار أخذوا عليهم أماناً بذلوا عليه أموالاً جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم، وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوف وجوع وذلة" .

    هذه مقتطفات مما حكاه الحافظ ابن كثير حول ما أصاب المسلمين في غزو بغداد, هذه المآسي وقعت في بغداد حتى سيطر على المسلمين اليأس، وشعروا أن التتار قوة لا تهزم, ثم استفاقت الأمة بعد ذلك، وقاتلوا التتار، وهزموهم، وعادت الأمة إلى مجدها ونصرها.

    إذاً: هذه النماذج للأمة التي استفاقت بعد الردة, الأمة التي استفاقت بعد غزو الصليبيين, الأمة التي استفاقت بعد مجازر التتار وغزوهم؛ قادرة بإذن الله أن تستفيق وأن تنتصر، وقراءة التاريخ تعطينا الدرس والعبرة، لكن اليائسين لا يعتبرون، والنصر لا يكتب لليائس، والتغيير لا يمكن أن يتم على أيدي اليائسين. اللهم إنا نعوذ بك من أن نيأس من روحك، ورحمتك إنك سميع مجيب.



    من محاضرة"اليأس لا يصنع شيئاً" للشيخ/محمد الدويش
    ..!
    أحبكن .., ولن أنساكن ..,

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الموقع
    ][ بـــ ـــــلا وج ـــود ! ][
    الردود
    1,652
    الجنس

    beatheart



    ** اسم الكتاب: فلسطين الأرض المباركة
    اسم المؤلف: الندوة العالمية للشباب الإسلامي
    ** الناشر: دار طويق الرياض 2002
    **إن الحديث عن فلسطين وكفاح الشعب الفلسطيني وصراعهم من القوة الجبارة إسرائيل بالدعم والمناصرة الأمريكية والتي تقدم لهم بلا حدود أمام شعب أعزل، ومع ذلك فإن هذا الشعب المغلوب على أمره استطاع الصمود، واستطاع أن يقاوم وأن يجرح الكبرياء الإسرائيلي بالتضحية، وبطريقته الفريدة في الهجمات الانتحارية، وعلى الرغم من المكابرة الإسرائيلية المتواصلة ألا أن الآلام الإسرائيلية كبيرة جدا، ومؤلمة لها أكثر مما هي للشعب الفلسطيني، لأن الشعب الفلسطيني ليس لديه ما يخسره، لذا فإن هذه الانتفاضة تشعر إسرائيل أنها انتفاضة الموت لها.

    كتاب معلومات:
    هذا الكتاب الذي يتحدث عن فلسطين المحتلة تاريخا وشعبا وأفرادا وقادة ومدنا، هو كتاب مرجعي، وقد وضعته وجمعت مواده لجنة من منظمة الشباب الإسلامي، لجنة شباب فلسطين في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وطرحت مادة الكتاب على طريقة طرح السؤال ومن ثم الإجابة عنه، وهي طريقة جميلة لتشجيع القارئ لمتابعة الأحداث أو الحصول على المعلومات قطعة قطعة، وعدم الالتزام بمتابعة صفحات الكتاب مرتبة، فكل صفحة تحتوي على معلومة.

    أسماء فلسطينية:
    نسمع كثيرا ويرد اسم المجاهد عز الدين القسام، من خلال هجمات كتائب القسام، فمن هو هذا البطل الفلسطيني والتي تحمل اسمه إحدى كتائب التحرير الفلسطينية؟
    يطرح هذا السؤال ويجاب عليه في الفصل الذي يحمل عنوان (جهاد الشعب الفلسطيني). يقول عن المجاهد البطل القسام، بأنه عز الدين القسام ولد في قرية جبلة في قضاء اللاذقية بسوريا عام 1871م، ودرس العلوم الشرعية في الأزهر الشريف، وفد الى فلسطين عام 1920م وعمل إماما ومدرسا في مسجد الاستقلال، وأشعل الثورة ضد الإنجليز واليهود في فلسطين ولقي مصرعه شهيدا في عام 1935 م.
    المجاهد يحيى عياش:
    أحد الأبطال الذين يرد ذكرهم، بل وسميت بعض عناصر المقاومة باسمه تيمنا بنجاحه واستشهاده، وسمي بصقر الكتائب، ولد في قرية رافات شمال الضفة الغربية عام 1966م وحفظ القران الكريم، وتخرج مهندسا كهربائيا من جامعة بيرزيت بفلسطين عام 1993م، ولقبه الزعيم الصهيوني إسحاق رابين بالمهندس.

    حركة حماس:
    نشأت حركة حماس كحركة جهادية لمقاومة الاحتلال الصهيوني، وهدفها كما تقول تنظيماتها تحرير كامل فلسطين من النهر إلى البحر، وإقامة دولة الإسلام عليها، ومؤسسها هو الشيخ أحمد ياسين، ولد عام 1938م في قرية الجورة قضاء المجدل جنوب مدينة غزة.
    ويرأسها الشيح احمد ياسين والذي كان معتقلا في إسرائيل وأفرجت عنه في صفة سياسية لإنقاذ بعض عملائها، وأصيب بالشلل عام 1952 أثناء ممارسته الرياضة.

    البحر الميت:
    يقدم الكتاب الكثير عن جغرافية المنطقة، ويتوسع بوصف وتعريف المدن الفلسطينية قديما وحديثا، ففي فلسطين توجد المدن القديمة جدا والتي يمتد تاريخها إلى أكثر من 7 آلاف سنة.
    وعن البحر الميت يقدم لنا الكتاب هذه المعلومات الشيقة:
    يبلغ طول البحر الميت 78 كم وأقصى عرض له هو 14 كم
    وينخفض منسوب البحر الميت عن سطح البحر 392 مترا
    ونسبة الملوحة فيه تزيد عن 30% بينما هي في البحار العادية بين 4-6%
    وأشهر أملاح البحر الميت، أملاح المغنيسيوم والكالسيوم.

    المستوطنات:
    المستوطنات إحدى وسائل الحكومة الإسرائيلية في التوسع غير الرسمي، وهي بناء مستعمرات صغيرة بين السكان الفلسطينيين العرب، وتعمل على حمايتهم والدفاع عنهم، وتقدم لمن يرغب في السكن في هذه المستعمرات الكثير من المميزات، وأهمها إعفاءات ضريبية كبيرة، إضافة الى تقسيط ميسر لمن يرغب في امتلاك سكن في هذه المستعمرات.
    والمستعمرات هي قنبلة موقوتة زرعتها إسرائيل في قلب الضفة الغربية وقطاع غزة، ولتجعل منها أداة ضغط ومشاركة للحياة العامة والسياسية والاجتماعية للفلسطينيين، وإسرائيل ترى أنها وسيلتها في التوسع وعدم القبول بحدود معروفة، فوجود المستعمرات المتناثرة يجعل لإسرائيل الكلمة العليا في تقرير مصير الأراضي الفلسطينية، ومن جهة الفلسطينيين العرب فإنهم يطالبون بإزالة هذه المستعمرات، لأنها العائق الأول لطلبهم في الاستقلال وإدارة شؤونهم بأنفسهم بدون وجود هذا الجسم الغريب في مدنهم.
    وعن هذه المستعمرات يورد الكتاب المعلومات التالية:
    أول مستعمرة أنشئت عام 1878م وهي مستعمرة بتاح تكفا.
    وأكبر مستوطنة في الضفة الغربية والقطاع حاليا هي مستعمرة (معاليه اودوميم) وهي تقع في ضواحي القدس وعدد سكانها 25 ألف نسمة.
    وعدد المستعمرات التي بناها اليهود اغتصابا من أراضى الفلسطينيين في الضفة الغربية والقطاع 218 مستوطنة.
    ويبلغ عدد سكان المستعمرات في الضفة والقطاع هو 200 ألف نسمة منهم 7 آلاف في غزة.
    واغتصب اليهود ما نسبته 40% من مساحة قطاع غزة لبناء مستعمراتهم ومزارعهم .

    مواضيع أخرى:
    لا يتوقف سيل المعلومات الواردة في هذا الكتاب المعلوماتي عند ما سبق، بل إن هناك فصولا موسعة عن المدن الفلسطينية والتاريخ الفلسطيني ومكانتها الدينية، ويقدم أيضا فصلا عن وحشية اليهود ومجازرهم التي ارتكبوها ضد الشعب الفلسطيني سابقا وفي الأزمنة القريبة.
    ***





    **اسم الكتاب: الجواري والشعر في العصر العباسي
    **اسم المؤلف: د. سهام عبد الوهاب الفريح
    الناشر: دار قرطاس الكويت عام 2000م
    **بحث دراسي قيم، أعد أساسا للحصول على درجة علمية، لذا خرج دراسة مكثفة ومنهجية، يقدم أفكارا كبيرة وعظيمة، تجعله من أحسن الكتب التي تشرح وتقارن وضع المرأة العربية في التاريخ العربي، وفي عصر ازدهاره، في العصر العباسي.
    وفي مقدمة الكتاب، تقدم الكاتبة حقيقة غريبة، ولكنها قيمة جدا، فهي تقول إنها كانت بصدد كتابة بحث عن المرأة الحرة فى العصر العباسي، ولكن عندما بدأت في جمع مادة البحث، وجدت أن أغلب النساء المشهورات والمعروفات وذات الثقل الاجتماعي والسياسي والأدبي والفني، كن جواري مملوكات، أو من الرقيق المعتوق. وأصبحن أكثر ظهورا وتأثيرا على المسرح السياسي والاجتماعي من غيرهن من النساء، مما جعل المرأة الحرة تخرج من الساحة ولا تمثل أي ثقل في أي حقل سوى الثقل المعنوي فقط.
    وهذا ما دعا الباحثة إلى تغيير مسمى بحثها، وهذا الاكتشاف كان غاية في الأهمية، وتحتاج هذه الحقيقة إلى دراسة منفصلة.
    ومن خلال خمسة فصول تتابع هذه الباحثة أسرار الجواري ونجاحا تهن في التغلب على محنة الحياة في الظل. والخروج إلى الأنوار الساطعة كما يفهم في لغة اليوم.
    وتبدأ بأنظمة الرق قبل الإسلام وبعده، وتشير إلى أن الإسلام كان يشجع كثيرا على عتق الرقيق، ولكنه لم يمنعه لأن الترتيب الاجتماعي كان يقبل ذلك ويقره، ومنعه كان يخل بالوضع الاقتصادي والاجتماعي.
    بل هناك ضرر إنساني آخر خطير للغاية في منع الرق في ذلك الزمان. لأن الانتصار في الحرب عادة ينتهي بامتلاك الغالب للمغلوب، وهذا الرق يمنح المنتصر حق الاستفادة من المغلوب بدلا من قتله، وإبادته، ليكون عديم الفائدة. ويعتبر العتق في شريعة الإسلام من أفضل الحسنات والتقرب إلى الله وهو عبادة من العبادات التي يحض عليها الإسلام كثيرا، بل إنه جعل عتق الرقاب تكفيرا لبعض الذنوب.
    الوضع الاجتماعي للجواري!!
    وبتوسع الدولة الإسلامية وكثرة انتصاراتها رافق ذلك كثرة الجواري فيها، وكان هناك أسواق لبيع الجواري، اللاتي كن يختلفن في المنشأ والتربية والتعليم، فكانت هناك ثقافات مختلفة وثرية في الفكر والعلم، وفي معرفة أمور الحياة في بيئات غير عربية، عند هؤلاء الجواري، وكان بعض النخاسين يختار من جواريه
    (بضائعه) بعض النابهات منهن أو الجميلات، أو صاحبات المواهب بالصوت أو الحركة، ويحرص على تعليمهن وتربيتهن تربية خاصة سواء للغناء أو لتربية الأطفال أو لنظم الشعر أو لتعليم العلوم، وهذا ما ميزهن عن غيرهن من الحرائر اللاتي لم تتح لهن فرصة تعلم أي علم من العلوم النافعة.
    ومن هذه الدور خرجت الجواري ذات الشهرة في الغناء والطرب ونظم الشعر، وكان لبعضهن علاقة حميمة وصبابة مع بعض الشعراء، فالكاتبة تذكر من أمثال ذلك قصة أبي نواس والجارية جنان، والشاعر أبي العتاهية وعتبة، وقصة المغني إبراهيم الموصلي وذات الخال.
    وتشير الكاتبة إلى ملاحظة قيمة عن تطور الشعر بوجود هذا النوع من الجواري اللاتي كن يشاركن الشعراء في النظم وتبادل الغزل، فظهر الغزل الفاحش الذي لم يعد يخاطب الحرائر من النساء بل يخاطب الجواري المتهتكات واللاتي لا يبالين بالأوصاف الرخيصة لهن، فقد كانت الخلاعة والمجون جزءاً من حياة هذه الفئة.
    وتغيرت لغة الشعر وأصبحت أكثر شعبية وأكثر غنائية، ودخلت ألفاظ جديدة على الشعر كما دخلت أوزان جديدة تتوافق مع اللسان الذي يصعب عليه بعض الكلمات العربية.
    واغتنم الشعراء هذا المد الحضاري الترفيهي وساعدوا على نموه بوجود هذه الفئة من الجواري اللاتي كن يساهمن في الغناء وفي طرح الكثير من الشعر الخفيف الذي بدأ ينتشر مناسبا للغناء والطرب.

    ليس كل الجواري سيئات!
    والكاتبة وهي تبحث في أمور الجواري تقدم لنا فئة أخرى عكس هؤلاء الجواري ذات الاهتمامات الشعبية أو الفنية، فهناك جوار دخلن قصور الخلفاء ليصبحن زوجات وأمهات لبعض الخلفاء في عصور مضت. وكان لهن الأثر الكبير في إضافة لمسات الجمال للحياة في قصر الخليفة بما تربين عليه، من دخول أفكار من ثقافات غريبة عن الحضارة العربية، واستطعن الخلط بين الثقافات المختلفة بما لهن من نفوذ في قصر الحاكم.
    وهناك من الجواري من كانت تحكم البلاد باسم زوجها، أو ابنها. والتاريخ العربي والإسلامي يمتلئ بهن، فمن المعروف أن الملك والخلافة لجنس الرجل، في الثقافة العربية، ولكن الحكم يمكن للمرأة المشاركة فيه، وهذا ما كانت تفعله بعض الجواري اللاتي وصلن الى أعلى قمة السلطة تحت الرجل.

    مقارنة بين عصرين!
    ترد مقارنة طريفة للمرأة في العصر الحديث والعصر العربي السابق، فالمرأة في العصر الحديث، وهي تملك الحرية التامة، استخدمت كمادة جمال وتشويق وإضافة، فهي توجد في الدعايات والإعلانات والإعلام وسيلة بذاتها، وبمعنى آخر إنها في هذا الزمن لا تزال جارية أو خادمة أو مملوكة تؤدي غرضا معينا، محدد الأهداف لها، ولم ترسمه هي لنفسها.
    ويختلف الوضع عند الجارية العربية في العصر العباسي فهي جارية في الاسم والعرف، ولكنها في مواقع كثيرة لم تكن سوى السيد الذي يأمر وينهى، أي ان اسم الجارية، هو اسم ابتدائي وليس نهائياً. بل إن من هؤلاء الجواري من كن أمهات لخلفاء، ومنهن زوجات لقادة في الجيش تولين القياد في زمن الشدة.
    ***
    د




    ** اسم الكتاب: الإرهاب الفهم المفروض للإرهاب المرفوض
    **اسم المؤلف: العميد الدكتور على بن فايز الجحني
    الناشر: أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية مركز الدراسات والبحوث 2001م

    ** الإرهاب أصبح موضوع الساعة، وقد يكون موضوع القرن بأجمعه، انتظارا لنتائج ما يحدث من نتائج للجهود التي تعمل حاليا للخلاص من هذه الظاهرة، فقد تؤدي المحاولة للخلاص منه إلى مزيد من الإرهاب، وقد تطول فترة العلاج. وأيا ما كان فإن الإرهاب أصبح الموضوع الأول، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ودينيا.
    كتاب العميد د. علي بن ناصر الجحني والصادر حديثا بعنوان (الإرهاب الفهم المفروض للإرهاب المرفوض) وهو كتاب كما يدل عنوانه عليه عن الإرهاب، ويقدم لنا المؤلف دراسة وافية وموسعة جدا عن هذا الموضوع.

    تعريفات منوعة!
    يبدأ المؤلف أولا بتعريف الإرهاب، ولكنه يعترف مبكرا بأن هذه الكلمة ليس لها تعريف صحيح ومتفق عليه من جميع الأفراد أو الجماعات أو الأمم، وما يفهمه شخص عن الإرهاب قد لا يفهمه آخر، بل إن الإرهاب عند البعض هو أعمال بطولية، ولا يراها إرهابا إلا من وقع عليه الإرهاب. بل هناك تناقض واسع في فهم الإرهاب من الناحية السياسية.

    الإرهاب بالفرنسي!
    فالإرهاب في الفكر الفرنسي هو كل" عمل مستهجن يتم ارتكابه على إقليم دولة أخرى بواسطة أجنبي ضد شخص لا يحمل نفس جنسية الفاعل، بهدف ممارسة الضغط في نزاع لا يعد ذا طبيعة داخلية." أي ان الجنسية والمكان يقرران ما إذا كان الفعل إرهابا أم لا؟
    الإرهاب في الفكر الأمريكي!
    في الفكر الأمريكي، يتغير المفهوم، ليكون شاملا للمكان والأشخاص والموضوع فالإرهاب هو " كل ما من شأنه أن يتسبب على وجه غير مشروع في قتل شخص أو إحداث ضرر بدني فادح به أو خطفه، أو محاولة ارتكاب هذا الفعل أو الاشتراك في ارتكاب أو محاولة ارتكاب مثل هذه الجرائم".

    تعريف الإرهاب بالعربي؛
    يورد المؤلف تعريف الإرهاب كما تقول به الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة عن مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب، وذلك في عام 1998م، إذ يقول التعريف عن الإرهاب إنه" كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف الى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو أمنهم للخطر".

    مواضيع الكتاب

    يقدم المؤلف كتابه على ستة فصول:
    الفصل الأول : ماهية الإرهاب؛ ويتحدث عن الإرهاب وتعريفه وصفاته والأسباب الدافعة إلى الإرهاب، ومن هم الأكثر تأثرا وضررا بحوادث الإرهاب التى حدثت سابقا.
    الفصل الثاني: أمن الدولة العصرية ومهدداتها؛ حيث يتكلم المؤلف عن مفهوم الأمن في الإسلام وخصائصه، وتعريفات السياسة الشرعية، ومفهوم الدولة ونشأتها.
    الفصل الثالث: الإرهاب والجريمة السياسية؛ فيعرف الجريمة السياسية في القوانين الوضعية ويقارن بينها وبين الجريمة السياسية في الإسلام. ويتحدث عن السلوك السياسي الإجرامي.
    الفصل الرابع: موقف الإسلام من الإرهاب؛ وفي هذا الفصل يقدم المؤلف تعريف الجريمة من نظرة شرعية، كما يقدم أراء العلماء المسلمين في الإرهاب من مناطق مختلفة من العالم العربي والإسلامي.
    الفصل الخامس: الجهود العربية لمكافحة الإرهاب، يخصصه المؤلف عن الجهود العربية الجماعية في مكافحة الإرهاب ومحاربته.
    الفصل السادس: الأعلام الأمني والإرهاب: وهي محاولة الاستفادة من الإعلام القوي في مقاومة الإرهاب، وتعريفه وفضحه.

    الإسلام والإرهاب:
    يتوسع المؤلف في الفصل الرابع، عن رأي الإسلام وتشريعاته فيما يخص الإرهاب، ويرفق صورا من قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، والتي تعرضت كدولة لعدة مرات لأعمال إرهابية مفزعة.
    ومن الملاحظ أن الفكر الغربي بإعلامه القوي، يوجه التهمة في تشجيع الإرهاب إلى الإسلام أو إلى العرب المسلمين، وكأن الإسلام هو المشجع على الإرهاب، ولكن الوقائع والحقائق ومبادئ الدين الإسلامي تناقض ذلك وبشدة، لذلك لا نجد أحدا من علماء المسلمين الكبار يؤيد ما يفعله الإرهابيون، بل إن العلماء المسلمين جميعهم يرفضون الإرهاب الذي يروع الآمنين، ويقتل الأبرياء، ويرون فيه سلوكا إجراميا يحرمه الإسلام ويعاقب عليه.

    مفهوم خاطئ؛
    ويقول المؤلف: إن كثيرا من الدراسات قد ارتكبت أخطاء فادحة عندما اتهمت الإسلام بالعنف والإرهاب، وغير ذلك من المغالطات والمفاهيم التي شوهت حق الأمة الإسلامية في الجهاد وإخافة عدوها، واستعادة أراضيها المغتصبة، ومن هنا فالفرق واضح بين النضال المشروع القائم على إعداد القوة بالقدر الذي يكف أعداء العرب والمسلمين عن الإقدام على انتهاك أمنهم أو اغتصاب أراضيهم، وبين الإرهاب المرفوض القائم على قتل الأبرياء والاعتداء عليهم، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة وموارد الدولة تخريبا وإفسادا" .
    أي ان هناك خلطا بين أمرين، أمر مشروع للمسلمين ولغيرهم، بل إن جميع الأمم تقوم به وتزاوله وهو حق الدفاع عن أراضيها ومواطنيها، وإذا كان هناك اعتداء على الأرض فإن الشرع والطبيعة والقانون الإنساني والقوانين الوضعية، لا تجرم من يسعى للحصول على حقه باستخدام القوة إذا كان حقه أخذ منه غصبا أو قهرا، بل إن القوانين السماوية والوضعية تطلب مساعدة أمثال هؤلاء المظلومين والمقهورين.

    بيان من العلماء بالبراءة من الإرهاب:
    ويقدم المؤلف قرار هيئة كبار العلماء في الإرهاب والتخريب وحرق المنشآت والفساد في الأرض والذي نشر في عام 30/6/1996م:
    بعد مقدمة عن رأي الشرع في التفجيرات (التي حدثت في الخبر) يرى أن هذا التفجير عمل إجرامي محرم شرعا بإجماع المسلمين. ويواصل البيان شجبه الشديد لهذه الأعمال ويقول: ثانيا" إن المجلس(مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية) إذ يبين تحريم هذا العمل الإجرامي في الشرع المطهر، فإنه يعلن للعالم الإسلامي أن الإسلام بريء من هذا العمل، وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، بريء منه، وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة. فهو يحمل إثمه وجرمه فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة المتمسكين بحبل الله المتين، وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة، ولهذا جاءت النصوص الشرعية قاطعة بتحريمه محذرة من مصاحبة أهله..).

    نبوءة تتحقق:
    تم تأليف هذا الكتاب قبل أحداث التفجيرات في مدينة نيويورك وواشنطن في شهر سبتمبر 20001م، ولكن المؤلف يذكر عن أحد الكتاب الغربيين أنه يقول " إن هذا القرن سوف يشهد تعاونا جديا بين الحكومات من أجل تبادل المعلومات ومطاردة المشتبه بهم وحرمانهم من حق الإقامة خارج أوطانهم والتشدد في منحهم حق اللجوء السياسي، وفرض مزيد من القيود على حرية السفر والانتقال والحصول على الأسلحة والأدوات والمواد التي يمكن أن تستخدم في العمليات الإرهابية." ويبدو أنها نبوءة ستتحقق.
    كتاب قيم عن موضوع القرن، يمنح القارئ أفقا واسعا عن موضوع الإرهاب، ويقدم له رؤية عن أسباب تواجد الإرهاب أو توسعه، وكيف يمكن للعالم الخلاص من هذا الشر أو الحد منه انتشاره.
    ***




    **اسم الكتاب: الأمن المائي العربي الواقع والتحديات
    **اسم المؤلف: د. منذر خدام
    الناشر: دراسات الوحدة العربية في بيروت لعام 2001م

    هذا الكتاب هو أحد الكتب التي تناقش موضوع المياه في العالم العربي، ويقدم لنا المؤلف دراسته الموثقة بالإحصائيات والبيانات الرسمية عن مصادر المياه واستهلاكها، ونصيب كل مواطن منها، وهذه الدراسة كغيرها من الدراسات السابقة حول المياه تؤكد ضرورة وجود استراتيجية طويلة الأمد لمعالجة شح المياه في المنطقة العربية.

    محور الكتاب:
    يركز المؤلف كثيرا على بلدان الشرق الأوسط التي تتوفر فيها مصادر مياه طبيعية، وهي بلاد الشام والعراق في قارة آسيا، ويتحدث بإسهاب عن مشكلة المياه في البلدان العربية في القارة الأفريقية، وتنال مصر والسودان اهتماما كبيرا من الكاتب.
    يقسم الكاتب اهتماماته بين قسمين: الأول هو الأمن المائي في وادي النيل، والقسم الثاني هو الأمن المائي في بلاد الشام والعراق.

    النيل العربي:
    تمثل مياه نهر النيل القسم الأول من هذا الكتاب، وهو يتحدث عن الماء وتوفره في مصر والسودان، وأهمية العلاقات بين دول حوض نهر النيل.
    ويذكر المؤلف أن سياسة مصر نحو نهر النيل سياسة واضحة، لأنه عصب الحياة في مصر، لذا فإنها لن تترد في الحصول على حقها كاملا من نهر النيل، سواء بالمفاوضات السياسية أو بالإكراه، لأن مصر هبة النيل، ولا يمكن أن تسمح السياسة المصرية بالتلاعب في حصتها في نهر النيل أو السماح بأي مشاريع تهدد أمنها المائي.
    المؤلف يؤكد أن مصر ليست على خلاف مع السودان في موضوع نهر النيل، بل إنهما يكملان بعضهما في الانتفاع به، فكلاهما يحتاج إلى نهر النيل لحياته، ولكن المشكلة هي من دول منابع النهر، حيث تدخل القوى المعادية للدول العربية للضغط على الدول العربية المعتمدة على نهر النيل، كما تسعى حاليا إسرائيل لوضع مخطط ومشاريع زراعية وسدود على منابع نهر النيل في الحبشة، بما قد يسبب قلقا أو خلافا بين هذه الدول الأفريقية.

    بلاد الشام والعراق:
    ويرى المؤلف أن بلاد الشام والعراق كانت مواردها الطبيعية تتوافق وتغطي احتياجاتها من المياه، ولكن الوضع تغير حاليا لأسباب عديدة:
    أزمة مستديمة:
    المياه في الوطن العربي هي هاجس قديم من زمن، فالغالبية منه مناطقه صحراوية وتعتمد على الأمطار، والأمطار ليست منتظمة في هذه الصحراء ففترات الجفاف وسنوات القحط تتغلب على سنوات الخصب، ولكن الأزمات كانت تمر بدون إحساس كبير بالمشكلة لقلة عدد السكان، ومحدودية وصغر المدن الآهلة بالسكان.
    وعلى مدى القرن الماضي تغير الوضع تماما، فكمية المياه قد لا تكون تغيرت، ولكن تضاعف عدد السكان في العالم العربي ستة أضعاف عما كان عليه في أول القرن، وزادت المساحات الزراعية بما يتواكب مع عدد السكان المتزايد لتلبية الحاجة من الغذاء. هذا الوضع غير معالم خريطة توزيع واحتياجات المياه تغييرا جذريا.

    أزمات سياسية:
    ولا تكفي الأزمة الطبيعية في قلة المياه، بل هناك أزمة سياسية، فالدول العربية المجاورة لتركيا وهي سوريا والعراق ،على خلافات دائمة معها حول تقسيم وتوزيع حصص المياه بين هذه الدول الثلاث، فتركيا تتحكم في منابع أنهار تجري في أراضي سوريا والعراق، وتعتمد هذه الدول العربية على 62% من احتياجها من المياه على مياه جارية ترد إليها من دول الجوار، وعلى الرغم من أن هناك اتفاقيات ومعاهدات، إلا أنها جميعها لم تكن تتم لصالح الدول العربية بل إن نصيبها من المياه يحدده كمية الفائض وكمية الأمطار الساقطة، أي أنها تحت رحمة الظروف الطبيعية والسياسية.

    إسرائيل تنهب المياه العربية!
    ووجود إسرائيل بقوتها وسلطتها السياسية، جعلت المياه أحد أسلحتها التي تحارب العرب بها بالاستحواذ عليها واستغلالها، ومن ثم جعلها سلاحا في يد إسرائيل تستطيع أن تجعله أداة ضغط كبيرة.
    وإسرائيل حاليا تحتاج إلى 3 مليارات متر مكعب من الماء لتغطي احتياج ستة ملايين إسرائيلي، وهي تحصل على نحو 65% من احتياجها من الماء من الأراضي المحتلة، أي أنها تشارك العرب في نصيبهم المحدود وتستحوذ على أكثر من نصفه.
    وهذا أدى إلى تراجع القطاع الزراعي في الضفة الغربية وقطاع غزة، على حساب رفاهية المواطن الإسرائيلي الذي يستهلك ستة أضعاف الماء الذي يستهلكه الفلسطيني.

    الحلول:
    ليس هناك من حل سحري كما يرى المؤلف، فعدد السكان في تزايد والحاجة إلى الماء تتزايد أيضا لتغطية الاحتياجات الزراعية لتأمين غذاء الأعداد الكبيرة من السكان، إضافة إلى أن المياه شحيحة في المنطقة عموما.
    لذا فإن جميع الحلول المطروحة ليست العلاج الحقيقي والدائم، بل إنها رافد من روافد تخفيف المشكلة، ويرى أن من الواجب ووضع إستراتيجية تقوم على تنمية الموارد المائية بالتوسع في بناء السدود، وعلى معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي.
    ويرى الكاتب أيضا ضرورة التوسع في تحلية مياه البحر، وهو يرى أنها رافد هام وكبير، ويطلب مزيدا من الأبحاث العلمية، فإن العلم قد يكون المنقذ الحقيقي لازمة المياه في العالم العربي. ويمكن بالبحوث والتجارب العلمية، استغلال الطاقة الشمسية المتوفرة في البلدان العربية لتزويد المنطقة باحتياجاتها من المياه من مياه البحار المتوفرة.
    والشق الثاني من الحلول، هو في تدريب الإنسان العربي وتوعيته، على توفير المياه وترشيد الصرف منها. وتنشيط الأبحاث الخاصة بالتحلية وتنقية المياه أو استزراع النباتات في المياه المالحة.

    ***
    ..!
    أحبكن .., ولن أنساكن ..,

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الموقع
    ][ بـــ ـــــلا وج ـــود ! ][
    الردود
    1,652
    الجنس

    beatheart



    ** اسم الكتاب : حكايتي مع شغالتي
    ** اسم المؤلف: بثينة السيد العراقي
    الناشر: دار طويق الرياض ( طبعة 2001م )
    ** كتاب بلغ شهرة واسعة، واستقبل استقبالا كبيرا، وأعيدت طباعته للمرة الرابعة لأنه يطرح موضوعا اجتماعيا شائكا ومعقدا، ويقدم رؤية دينية وأخلاقية، لمشكلة الخادمات والتعامل معهن، بما يتفق مع التعاليم الدينية والمعايير الأخلاقية والإنسانية والاقتصادية.

    الخادمة ضرورية!

    إن وجود أيادٍ مساعدة وعاملة في بيت الأسرة هو أمر محبب لكل سيدة ترعي أبناءها، لذا فإن وجود عاملة وشغالة تساعد ربة البيت من المفروض أن يكون في هذا نفع للأسرة، لتتفرغ الأم لتربية الأبناء والاهتمام بالزوج، وقد تكون الخادمة ذات فائدة إضافية كأن تقوم بعمليات التمريض، أو ان تقوم بالأعمال المكروهة وغير المحببة إلى النفس. إضافة إلى أن البعض من أصحاب الديانات الأخرى يرى في الإسلام ما يقربه إليه.
    المشكلة وأبعادها

    ولكن الواقع يقول غير ذلك، فوجود هذا الدخيل المقيم في الدار له أضراره العديدة، والتي تذكر الكاتبة ثمانية أضرار منها:
    1- خطورة وجود خادم مقيم على الزوجة والبنات وخطورة وجود الخادمة على الزوج والأبناء، وخطورة الاختلاط غير المحدود.
    2- خطورة تولي الخادمة تربية الأبناء تربية مختلفة اجتماعيا وثقافيا ودينيا.
    3- الخطورات الأخلاقية مثل السرقة، ومعرفة أسرار البيوت الخاصة، والابتزاز.
    كما أن المتاجرة باستقدام العاملات الفقيرات هو نوع من أنواع الرق الذي تحرمه الشرائع والقوانين، إضافة إلى الهدر الاقتصادي للموارد المالية للدولة في إنفاقها وتحويلها إلى البلدان الأخرى.
    4- الأخطار الأمنية على البلد من حيث انتشار المخدرات والمتاجرة بها، والدعارة السرية، ونقل الأمراض المعدية.

    أضرار خفية!
    الأضرار كما تذكرها الكاتبة عديدة، ولا تنحصر بما سبق، فهناك ضرر تربوي كبير فالخادمة في البيت تؤدي إلى الاعتماد عليها في كل شيء، مما يحرم البنات من التعلم فن ترتيب البيت والطبخ، ويعلم الأولاد الكسل وعدم الاهتمام بغرفهم أو حاجياتهم. فينشأ جيل يعتمد كلية على الغير في أكله وتنظيم أموره، حتى في حل بعض الواجبات المدرسية.
    وتحدثنا الكاتبة عن ضرر هذا الاعتماد، عند غياب الخادمة لسفرها أو لمرضها أن يتعرض البيت للشلل، ونجد الاستعانة بالأكل من المطاعم أو بالبحث عن خادمة مساعدة، لتفشي الاعتماد على الخادمات.

    دراسات عديدة:
    لم تعتمد المؤلفة في أفكارها على ما يدور من نقاشات وحديث المجالس عن الخادمات، والعنصر الغريب في داخل البيت، بل تقدم أطروحات الكتاب ومناقشاته من خلال البحوث الميدانية، والدراسات الموثقة عن ظاهرة انتشار الخادمات، ونتائج هذا الانتشار.
    والدراسة تركز كثيرا على سكان منطقة الخليج العربي، إلا أنه من المعروف أن وجود الخادم والخادمة في البيت هو أمر له تأثير سلبي على الناشئة، خاصة أن فئة الخادمات والسائقين عادة ما تكون من فئة ذوي التعليم المحدود، أو من ذوات التنشئة السيئة في البيئة المعدمة والمحتاجة، التي لا يمكن أن تكون إضافة موجبة إلى الأسرة، بل إنها إضافة سلبية، خاصة في حالة اختلاف الفكر والدين بين الطرفين .

    إحصائيات مخيفة!
    تمثل العمالة الآسيوية العنصر الكبير، والكثير منهم يشاركون الأسرة العربية في مسكنهم وحياتهم الأسرية في منطقة الخليج، فالإحصائيات تقول إن العمالة المنزلية من الدول العربية هي 3% أما 97% فهي عمالات غير عربية.
    في إحدى الدراسات الإحصائية تبين من العينة أن هناك 29% من الأسر السعودية لديها سائق خاص، وتقول الإحصائية أيضا إن 77% من الأسر لديها خادمة في البيت.
    وأما في قطر فإن 16% من سكان البلد هم من المستقدمين للخدمة في البيوت. بل إنهم يتكلمون لغتهم الأصلية بدلا من العربية، وهناك إحصائية تقول 78% من العينة أجابت بأنها تفهم كلام الخادمات بلغتهم الأصلية!!
    وفي الكويت هناك مائتا ألف خادم لمليونين من السكان.

    الخادمة مشكلة إضافية!!

    هذا الدخيل على حياة الأسرة هو مشكلة كبيرة، وليس بمقدور كل أسرة أن تهيئ له الجو الذي يمكن لها أن تستفيد منه، فهذا الغريب يتطلب حقوقا إنسانية وشرعية بأن يكون له مقر في البيت خاص به، وأن يعمل ساعات معينة، وأن يرتاح أحيانا، وأن يكون ذا مزاج متعكر أحيانا، وبعض الأسر لا ينظرون إلى الخادمات أو السائقين نظرة إنسانية، ويعتقدون أن أصحاب هذه المهن يقبل صاحبها بما يتيسر له من الطعام، حتى ولو كان قليلا أو فاسدا.
    فتأمين حياة كريمة للعاملات لا تتوفر لدى الكثير من الأسر، مما يجعل الحياة صعبة على الجميع، فالعامل أو الخادمة لا تشعر بالأمن أو الراحة في ظل ظروف قلقة أو مؤقتة، وتقارن حالها بغيرها، مما يزيد في المشاكل وعدم الثقة من كلا الطرفين.

    الحلول والعلاج!

    من النظر للمشاكل يمكن أن نجد الحلول، تقدم الكاتبة العديد من الحلول حسبما ظهر فى الدراسات العديدة، وبعض الحلول خارج المنزل، وهي مسئوليات تقع على المجتمع جميعه، وتنظيمات العمل فيه، كأن يؤمن دار حضانة في كل مكان تتواجد فيه المرأة العاملة، أو السماح للزوج بالخروج من العمل لإحضار أو توصيل زوجته للعمل.
    وهناك حلول داخل المنزل أهمها:
    § تعاون أفراد الأسرة على خدمة أنفسهم قدر الإمكان بإعادة تنظيم البيت من الداخل وتوزيع المسؤوليات بين أفراد الأسرة.
    § عدم تقليد الأغنياء والقادرين في استقدام العمالة، ويجب عدم استقدام الأيادي العاملة المنزلية إلا في حالة الضرورة القصوى فقط.
    § وهناك اقتراح من دراسة تقدمت بها باحثة اجتماعية تقضي بأن تتم الموافقة على استقدام خادمة للمنزل من قبل لجنة اجتماعية تقرر مدى الحاجة إلى الاستقدام.
    كتاب يجب أن تقرأه كل أسرة لديها خادم أو خادمة، للاستفادة من المعلومات الغزيرة عن أحوال الإضافات البشرية الغريبة على المنزل والأسرة، أو اتقاء مشاكلهم أو الحذر والتنبيه إلى أمور تغيب عن الأسرة المشغولة عن المراقبة والملاحظة.





    اسم الكتاب: علم الطبخ Science of Cooking
    · اسم المؤلف: بيتر برهام Peter Barham
    · الناشر: سبرنجر 2002م
    ** كتاب يجمع بين لذة العلم ولذة الطبخ، ويصنع منهما صحنا شهيا يدخل العقل قبل المعدة. المؤلف وهو خبير في علوم الفيزياء والكيمياء يقول في مقدمة كتابه "إنني أعتقد أن معرفة تأثيرات العلوم العلمية على حياتنا العادية وتشكيلها أمر هام لكل إنسان متعلم ... ومع ذلك فإن النظرة العامة للعلوم الطبيعية هي نظرة رهبة علمية مرتبطة بصعوبة الموضوعات العلمية وتعقيداتها."
    ويقول المؤلف إننا وبدون أن ندرك نطبق ونقوم بأعمالنا اليومية بكثير من مبادئ العلوم التي يتحدث عنها العلم بلغته الغامضة والمخيفة لنا.

    الطبخ قسم من علوم الكيمياء
    يرى المؤلف أن المطبخ ما هو في الحقيقة إلا معمل مثل المعمل العلمي في المدارس والجامعات والمستشفيات، ويقوم الطباخ بنفس الإجراءات التي يقوم بها الباحث في المعامل التجارية أو معامل الأبحاث والتي تتم فيها الأبحاث بسرية وخفاء.
    فعند تجهيز وصفة طعام من مجلة أو من كتاب، أو من فكرنا، فإننا أولا نعد قائمة بالمطلوب تحضيره، بأوزان أو بعدد، ونوفر أدوات الطبخ من أوان معينة نحاسية أو زجاجية كما نوفر أيضا وسائط الطبخ الحرارية أو الحركية.
    وبعد الانتهاء من تنفيذ المطلوب نتذوق الناتج لنعرف مدى نجاح التجربة ومقدار التعديلات المطلوبة على تحسينها، سواء بإضافة الملح أو بإضافة الزبد أو الماء...
    أي أننا في المطبخ نقوم بعملية خلط كيميائية فعلية، لا تختلف عما يقوم به العالم في معمله من أبحاث. لذا فإن تقديم علوم الطبخ كتفاعلات كيمائية وتطبيق القوانين الفيزيائية على الأطعمة هو من صلب العلوم الطبيعية، ويجب أن يكسر هذا الحاجز، ويقدم الطبخ على أساس أنه علم من العلوم الكيميائية.

    مبادئ لا بد منها:
    يشرح المؤلف بشيء من الإيجاز في الفصول الثلاثة الأولى مبادئ العلوم العامة مع تركيز كبير على علم الكيمياء وعن التركيبات الكيماوية للمواد، ويقدمها بشيء من التفصيل الميسر، ويشرح النواة والجزيء، لكي يقدم أفكاره العلمية عن الطبخ، وهو يكرر دائما أن ما يفعله الطباخ هو استفادة وتطبيق لتفاعلات كيماوية تحدث عن خلط بعض المواد مع بعض، وإحداث تغيرات في تركيباتها نتيجة الحرارة أو التسخين.
    وينتقل بالقارئ بعد ذلك إلى فصول كتابه الثلاثة عشر، ليقدم له تجارب معملية، ولكن جميعها تتم في المطبخ، حيث يطبق النظريات والقوانين الفيزيائية والكيميائية على طبخات معينة يتابعها بشرح مفصل للقارئ ليستوعب المعرفة العلمية والتي يرى برهانها أمامه في صحن شهي من الأكل اللذيذ.
    ومن عناوين فصوله؛ التسخين والأكل (يشرح الكثير من المبادئ الفيزيائية) وفصل آخر عن الطبخ والأواني، حيث يشرح تفاصيل التفاعلات التي تتم بين مواد الطبخ والأواني عند التسخين، ولماذا تلتصق بعض الأطعمة بالأواني، وكيف يمكن تحاشيها.
    كما يقدم فصلا كاملا عن اللحوم، وفصلا آخر عن السمك،ويقدم الخبز في فصل منفرد.
    ويقدم كتابه بإخراج جميل، فيقدم المعلومات الهامة في مربعات في الهوامش، كما أنه يركز على النظريات والمفاهيم العلمية ويبرزها للقارئ لكي تنال الاهتمام والبقاء في الذاكرة.

    الطبخ تركيبات كيماوية:
    يقدم المؤلف كتابه هذا لشرح ماهية الطبخ والتفاعلات التي تتم على المواد الغذائية، ويقدمها بشرح يجمع بين العلوم وبين مفاهيم الطبخ، ويقدمها على أنماط مختلفة، أي كتجارب منوعة على مادة واحدة، ويضرب مثلا لذلك في سلق البيض، فعند سلق البيض لمدة أربع دقائق في ماء يغلي، نجد أن صفار البيض لم يتماسك بعد، والنتيجة تختلف عنها عند امتداد السلق لمدة سبع دقائق، ويقدم تفسيراته العلمية لهذا الاختلاف، بل إنه يزيد في الشرح والتوضيح ليعرف القارئ أن مدة سلق البيض تعتمد على الضغط الجوي في المنطقة التي يتم فيها السلق، وكذلك وجود نسبة عالية من الملح في الماء ستعطي نتائج مختلفة. وكذلك فإن النتيجة ستختلف في حالة سلق البيض في منطقة مرتفعة كما يحدث في المخيمات عند قمم الجبال . كما أن نتيجة سلق بيضة الإوزة تختلف عن نتيجة سلق بيضة الدجاجة لنفس المدة الزمنية.

    المعرفة مفتاح الأسرار!!
    يقول المؤلف إن معرفة أسرار التفاعلات الكيميائية سواء بالضغط أو بالتسخين أو بالخلط، أمور هامة للطباخ، لأنه يستطيع منها أن ينطلق إلى مزيد من التجارب الناجحة وتقديم أطباق شهية في اللسان وجميلة للعين، ويضرب مثلا لذلك في صنع السوفليه بالجبن( تركيبة من البيض المخفوق ليكون قابلا للانتفاش) توضع على بعض الوصفات لتكون غطاء يعطي منظرا حسنا للوجبة، ويكون هو أيضا مما يؤكل بلذة وشهية، وليفسر انهيار التماسك الذي يخشاه الطباخ عند عمل السوفليه، حيث إن جودة السوفليه هو في تماسك القشرة وانتفاخها، ويفسرها علميا بأن وجود الدهن في الجبن هو العامل الذي يعمل على التفاعل مع البيض، ويلغي استعداد البيض المخفوق على الانتفاش. لذا فإن معرفة تحييد الدهن في الجبن هو سر نجاح انتفاش السوفليه، ويقدم المواد المناسبة لإلغاء مفعول الدهن في الجبن كإضافة النشا إلى الخليط ليتشرب الدهن ويقلل من تأثيره على البيض المخفوق.

    كتاب يبحث عن مترجم:
    هذا الكتاب يستحق من يترجمه إلى اللغة العربية، ففيه الكثير من تبسيط العلوم وتجربتها في معمل يوجد في كل منزل، وهذا الكتاب، وإن كان يهتم بالطبخ إلا أنه كتاب علمي، ويعتبر أحد المصنفات الحديثة في العلوم الطبيعية.




    **اسم الكتاب: حوار الحضارات بين الواقع والطموح
    اسم المؤلف: سهيل العروسي
    ** الناشر: دار الينابيع - سوريا 2001م
    ** بعد أحداث التفجيرات التي حدثت في مدينة نيويورك وواشنطن العاصمة في شهر سبتمبر 2001م ظهرت كتابات وأدبيات مركزة عن صراع الحضارات، وأن ما حدث نتيجة طبيعية للاختلاف بين حضارتين تتفقان في مواضع، وتتعارضان في مواضع أخرى، وتعارضهما أكثر من اتفاقهما، وهذا الصراع هو صراع أبدي ويمتد إلى مئات السنين الماضية.
    وأن ما حدث في شهر سبتمبر ما هو إلا حلقة من حلقات الصراع الحضاري بين فكرين غربي وشرقي، أو بين عصري ومتخلف، أو بين إسلامي ومسيحي، أو بين مجتمع صناعي وبين مجتمع استهلاكي، وهكذا تتنوع وتتغير المسميات حسب نوع وثقافة الكاتب، فكل كاتب يرى هذا الصراع من زاوية رؤيته وثقافته أو ميوله.

    الحضارة تحتاج إلى تعريف:
    في هذا الكتاب يقدم لنا كاتبه معارضته لما يدور من حوار حول صراع الحضارات، ويبدأ كتابه في البحث عن ما هي الحضارة، ويسعى إلى تتبع بدايتها ونشوء الحضارة الإنسانية، ويقدم التعريفات العديدة لها، ومن هذه التعريفات نجد أن كلمة الحضارة من الكلمات المبهمة غير الواضحة، فهي قد تعني لشخص ما لا تعنيه عند شخص آخر، فإن الحضارة قد تكون برؤية ابن خلدون " وهي التفنن والترف وإحكام الصنائع المستعملة في وجوهه ومذاهبه، من المطابخ والملابس والمباني والفرش … وسائر عوائد المنزل وأحواله."
    واما رجل التاريخ توينبي، فهو يرى ان الحضارة هو التفوق على الطبيعة وتسخيرها لخدمة الإنسان، والتمتع وتذوق الجمال والفنون، كما يرى أن المجتمع المتحضر هو الذي يستطيع مجابهة ومواجهة التغيرات والتحديات بما يفيده.
    ومفهوم الحضارة كما هو مطروح في الكثير من أدبيات الزمن الحاضر هو أن الحضارة هي نتيجة المزج بين أنماط حياتية منوعة نمت مع ظروف بيئية واجتماعية خاصة في كل منطقة، انصهرت في بوتقة واحدة، لتكون ثقافة مقبولة من مجموعة من الجماعات، تآلفت بينها على مستوى حضاري يحقق لها الاستقرار المعيشي والأمني والفكري.
    كما أن المؤلف يتعرض لكلمة الثقافة والحضارة ويبين الفرق بينهما، فالحضارة هي أعم وأشمل، ولو أن الثقافة هي الملون الأساسي للحضارة، وتصطبغ الحضارة في أي مكان بالثقافة السائدة.

    التاريخ يقول غير ذلك:
    يعود الكاتب الى متابعة حركة التاريخ من بدء نشوء الحضارة، ويتابع التطور الإنساني ويسعى إلى إثبات أن أساس الحضارة ومنبعها واحد، أي أن الانطلاقة واحدة، وكأنه يصفها بأن جميع البشر يرجعون إلى آدم عليه السلام، فهو يقول إن منشأ الحضارة ومنبعها ليس بلد اليونان والإغريق، بل إن الشرق هو أساس ظهور الإنسان الحضاري الذي انطلق يحمل رسالة العمران إلى كل أنحاء الأرض، لذا فإن القول إن هناك حضارة غربية وشرقية هو فكر مناقض للواقع التاريخي، ولكنه لا يتعارض من اختلاف المصالح، فالمصالح اختلفت باختلاف أهداف المجتمعات.
    ويصل المؤلف في كتابه إلى نتيجة حاسمة لما يقدمه من براهين تاريخية عن نشوء الحضارة وانتشارها بأنها بدأت في الشرق وخاصة الشرق العربي وما بين النهرين(أرض العراق والشام حاليا)، ويرى بأن القول إن هناك حضارة شرقية وحضارة غربية، هو افتعال تاريخي ليس له إثبات، فالحضارة منبعها ومنشؤها واحد وترجع جميع الحضارات إلى الحضارة الأولى وإلى المنشأ الأول.

    وجهة نظر عربية:
    يرى المؤلف أن العرب في تاريخهم الطويل لم يعرفوا ما يسمى حاليا صراع الحضارات، فهم قد تداخلوا مع مجتمعات غريبة عنهم، وقبلوا منهم وأخذوا عنهم وأعطوهم، وكان الفضاء العربي يقبل الغريب، ولا يرفضه، حتى بداية الحروب الصليبية. فقد كان العرب هم المشكل الحضاري للغرب، وليس العكس، فالغرب جهز جيوشه ليغزو العالم العربي، أي ان الاعتداء وصراع الحضارات كان نتيجة عدم قبول الغرب لما هو قائم في الشرق.
    يقدم الكاتب في كتابه مجموعة من الأفكار والأدبيات العربية والتي يقدم أصحابها وجهة نظرهم فيما يسمي صراع الحضارات، ويقدم آراء قيمة لأفكار بعض الكتاب العرب ومنهم الكاتب والمفكر الفلسطيني ادوارد سعيد، والدكتور أحمد برقاوي، والدكتور برهان غليون.

    الاستشراق:
    يتطرق المؤلف إلى موضوع الاستشراق، وهو ما يقدمه الفكر الغربي من أفكار ودراسات وبحوث عن العالم العربي والإسلامي، ورؤيتهم التي كثيرا ما تكون متحاملة أو كارهة، فهي بعيدة عن الحياد، فبعض الأبحاث لا تقوم لمعرفة الحقيقة بل لإثبات أمر خاص يمس بالفكر الإسلامي أو الفكر العربي عموما.
    ويقدم لنا المؤلف نماذج من الفكر الاستشراقي، ويبين أنها تحمل في طياتها الكثير من المغالطات وعدم الفهم، كما يستشهد المؤلف بفكر المستشرق رينان الذي يرى أن الإسلام يحتقر العلم، ولا يؤمن بالمجتمع المدني.
    كما يناقش أيضا أفكار الفيلسوف الأمريكي ( هنتنجتون ) الذي ابتدع فكرة صراع الحضارات، وجعل الإسلام أحد أطراف الصراع الحضاري. ويرى المؤلف أن هذه الأفكار هي نتيجة تفسير الوضع الحالي بما يتناسب مع الاتجاهات الفكرية والاقتصادية الحالية، بدون الرجوع إلى التاريخ والنظر إلى الصورة كاملة.

    كتاب مميز:
    هذا الكتاب ينشر في الوقت المناسب، فإن الأحداث السياسية الكبيرة والتي تحرك وتصنع التاريخ في هذا الزمن يجب أن تلاقي الاهتمام الفكري والمجادلة الحضارية والإنسانية، وهذا الكتاب هو اجتهاد عربي للدفاع عن وجهة النظر العربية التي تكون دائما تحت المجهر وتحت الشك والريبة، وهذا الكتاب هو دفاع عن الحضارة العربية والإسلامية من التهم الموجهة لها من العنصر القوي في هذا الزمن .




    ** اسم الكتاب: عولمة القهر
    اسم المؤلف: د. جلال أمين
    **الناشر: دار الشروق القاهرة طبعة أولى 2002
    ** ظهرت كتب عديدة في السنوات الأخيرة عن موضوع العولمة، كل يرى فيها رؤية، فمنهم من يرى أنها حتمية تاريخية، وآخر يرى أنها صناعة أمريكية، وآخرون يرون أنها طفرة عابرة، ومنهم من يرى أنها صراع الحضارات فعلا.
    ويقدم لنا المفكر المصري رؤيته عن العولمة من نافذة أخرى ومن رؤية جديدة، فهو يفسر ظهورها، ومن ظهورها يتبين المقصود منها.
    والدكتور جلال أمين أحد الكتاب المصريين المجيدين في فكرهم وكتاباتهم، ويقدم هذا الكتاب، وإن كان عنوانه من عناوين العولمة، إلا أنه يخص بها نوعا واحدا من العولمة وهو عولمة القهر، ويخص الولايات المتحدة الأمريكية بمصدر القهر، فهذا الزمن هو زمن القهر والتسلط الأمريكي على أفكار العالم، والترويج لدعايات السياسة الأمريكية الغاضبة والمنحرفة والتي كما يقول رئيسها إن من ليس مع أمريكا فهو مع الإرهاب.

    الحرب الباردة كانت العائق:
    يستطرد المؤلف بكتابه القيم عن تاريخ العولمة، وهو يؤكد أنها ليست فكرة جديدة، وليست من مواليد هذا القرن أو سابقه.
    ولكن كان هناك عائق سياسي عن الاتجار بها وركوب موجتها، لوجود قطبين متنافرين يقودان العالم ويتحكمان في اتجاهاته، ويسعى كل منهما إلى توسيع رقعة نفوذه وانتشاره، فكان لابد من طعم يقدمه لجلب مزيد الأنصار له، وهم في الحقيقة ليسوا أنصارا بقدر ما كانوا ضحية محاولته إضافة مزيد إلى مساحة رقعة التوسع والنفوذ وأسواق البضاعة.
    وكان الطعم اللذيذ المغري الذي كان يقدمه القطب الأول وهو الولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوروبا، هو أن هذا القطب رائد وحامي الحريات الشخصية، وهو عالم الديمقراطية، حيث لكل إنسان من أفراد الدولة ثمن وقيمة واحترام، كما أنه كان يتهم القطب المنافس بالكفر بالعقائد، ويتهم المنحازين للقطب الآخر بأنهم الكفرة الملحدون الذين ينكرون حق الإنسان بالإيمان، مما جعل الفكر الغربي أقرب للقلوب المؤمنة.
    والطعم الذي يقدمه القطب المنافس:
    هو أنه مناصر الضعفاء والمساكين وحامي حمى الفقراء من طمع الرأسمالية الاستهلاكية، وأن هذه الرأسمالية الغربية هي استمرار للاستعمار الغربي السابق الذي غير جلده ولم يغير أخلاقه.

    عالم القطب الواحد:
    يواصل المؤلف تسلسل أفكاره المنطقية، ويتابع التاريخ وأحداث العالم ليصل الى نتيجة مفادها أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبح الفكر الغربي هو المهيمن، وأصبحت الكلمة العليا له في هذه الزمن، وبانتهاء الشيوعية بدأ الغرب يبحث عن شعار آخر له، بعد انتهى عصر محاربة القطب الثاني، وظهرت أقوال فلاسفته مثل فوكوياما الذي ذكر ان التاريخ يتوقف هنا بانتصار الرأسمالية، لأنها هي كمال الحضارة الإنسانية، وأنها هي الباقية، وغيرها سيموت، فانطلقت موجة العولمة، على أنها جزء من تاريخ القرن الحالي، وأنها هي المركب المنقذ، وأنها مفتوحة لمن يرغب في التمتع بحياة العصر الحديث، ومن يرغب في البقاء في العصور الجاهلية، فانه لن يرغم ولكن التاريخ لن يرحمه.
    هذه الأفكار هي لترويج بضاعة المنتصر أو الباقي من القطبين، وأفكاره هذه انطلقت بدون عائق، وبدون منافس أو مناقض لها، وانطلقت على أنها دعوة للانضمام إلى العالمية والعولمة، ومن لم يلحق بركابها فهو في معزل عن التاريخ الحديث، وأصبح الجميع ملزم بركوب هذه الحافلة التي تلم شمل أشتات مختلفة، ولكن السائق لا يهمه الراكبون، طالما أنه هو الذي يقود هذه الحافلة فيقف متى شاء وينطلق في الجهة التي يرغب.
    وجاء بعد ذلك الفيلسوف الثاني( صامويل هنتنجتون) ليعلن أن الصراع الآن بعد أن كان بين الشيوعية والرأسمالية، سيكون بين الإسلام والغرب المتحضر، ليجعل من الإسلام الطرف الهمجي، ويجعل الانتساب إليه أمر غير محمود.

    العولمة ليست شرا كلها:
    ويرى المؤلف أن في العولمة نواحي إيجابية، فليست جميعها شرور، حيث إن العولمة هي نتاج تقريب المسافات والتماثل في استخدام السلع والاشتراك في استهلاك السلع والبضائع، وكأن العالم أصبح دولة واحدة أو منطقة جغرافية واحدة، يتشابه فيها ويتبادل الفكر والفن والثقافة.
    ولكن الشر يحدث عندما تكون هذه العولمة لخدمة مجتمع واحد أو فكرة واحدة وأن يلغى فكر الآخرين.
    واستغلت فكرة العولمة بشكل سيئ بعد أحداث 11 سبتمبر حيث أصبحت العولمة هي تجيش الجيوش وغزو البلدان بدعوى حماية الحضارة والإنسانية من الإرهاب.

    الإرهاب المجهول:
    والإرهاب الذي ليس له تعريف يعرف به ويشار إليه، أصبحت كلمة الإرهاب تكتب في الدعايات الأمريكية على أنها محاربة أو معارضة السياسة الأمريكية، وتلقفتها أجهزة الحكم في أمريكا لتتسلط على العالم وتقوده إلى حظيرة سياستها، وهي وإن كانت تحارب الإرهاب فهي تصنع الإرهاب أيضا.

    كتاب قيم:
    إن هذا الكتاب يشرح بتفصيل مثير الوضع العالمي الراهن من وجهة نظر عربية، أو نظرة فلسفية ورؤية بعيدة عن تأثير الصخب الأمريكي، فهو وبهدوء يبرر وينظر اتجاهات السياسة الأمريكية والغربية، ويشرح للقارئ العربي عن أخطار العولمة التي هي عولمة القهر الذي تقوده أمريكا في الزمن الحاضر، بعيدا عن أية أخلاق إنسانية، وكل الأهداف التي ترمي إليها أمريكا ليست محاربة الإرهاب، ولكنها وجدت ذريعة وقميصا تلبسه لفرض إرادتها على العالم أجمع، ويحذر من التطبيل للفكر الغربي الذي يظهر وجها باسما ومشرقا، ولكنه في الحقيقة هو تسويق لبضاعة اقتصادية يعود ربحها إلى أمريكا وشركائها فقط.
    ..!
    أحبكن .., ولن أنساكن ..,

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الموقع
    ][ بـــ ـــــلا وج ـــود ! ][
    الردود
    1,652
    الجنس

    beatheart

    القاهرة - د. سيف الدين عبدالفتاح (كلية الاقتصاد والعلوم السياسية)


    في إطار الاهتمام بموضوع «العولمة» كواحد من الموضوعات التي فرضت نفسها على الساحتين الإعلامية والعلمية، فضلاً عن الساحة الثقافية التي امتلأت بندوات ومؤتمرات ومساجلات حول العولمة، وفي سياق الخطاب الذي شاع حولها خصوصاً في الفترة الأخيرة، وما يمثله المفهوم والموضوع من حالة نموذجية لأعراض برج بابل التي تشير إلى فوضى الفهم وحدية المواقف، أسطورة برج بابل التي تشير إلى بلبلة الألسن حتى لو تحدث الناس لغة واحدة- يذكرني كل هذا بقصة «جدل بيزنطة» الذي ظل أهلها يقلبون ويتجادلون في مسألة لا طائل من البحث فيها، والعدو على أبوابهم، دخل في غفلة تنازعهم على لاشيء أو لاطائل من ورائه. كما يذكرني هذا بمناقشات كلامية اتسم بها علم الكلام في مرحلته المتأخرة، حينما تحول عن وظيفته الأصلية في مواجهة «الزنادقة» إلى مساجلات تنازعية لا تورث إلا الفشل بين المسلمين أنفسهم، ويذكرني ذلك أخيراً بنمط مواقفنا في خطاباتنا حول قضايا تمس الكيان والبنيان، بنمط التأليف التقليدي والنظم الشعري والتي تحاكي عناصر مضى أوانها ضمن أغراض شعرية أساسية، وبدت العولمة موضوعاً لكل هؤلاء يتقدم إليه كل شاعر فيما يحسنه من غرض، فهذا يتناول العولمة ضمن أغراض «المدح» التي تبالغ في مدح العولمة إلى الحد الذي تضفى فيه صفات عليها ليست فيها بل ربما تحمل داخلها نقيض ذلك، وفي مقابل ذلك يتصدر كل من يحسن أغراض الهجاء الشعرية التي تحاول أن تحول أدنى الخلاف إلى حالة من الخصومة التي لا تندمل أو تستدرك، إنه غرض يتأسس على الإسقاط، فهو لا يشعر بقوة الذات إلا عبر هجاء الخصم، ويتأجج الخلاف الصغير حتى يتحول إلى عناصر قتالية مستطيرة، تتكامل الصورة بغرض شعري آخر وهو الفخر والزهو في إطار يوجه العولمة بمبالغات في تضخيم الذات، ولا بأس بغرض الغزل الصريح والعفيف في العولمة ، فحبك للشيء يُعمى ويصم، وها هو الغرض الذي تكتمل به خريطة الأغراض الشعرية في معلقات العولمة وهو الحماسة في إطار حركة عنترية قد تفرض علينا خطوات أو سياسات أقرب ما تكون للتهور منها إلى الشجاعة والإقدام. ويأتي الغرض الذي تفتتح به القصائد في نظم الشعر في العصر الجاهلي وهو البكاء على الأطلال، وربما يحسن أن نختتم به قصائدنا على الأرض، فبينما العولمة تتحرك صوب عمل وتعبر عن عملية صار لها من الآليات والوسائل والأدوات التي تمكن لها على الأرض، فإننا ندير خطاباً حول العولمة ضمن أغراض شعرية «معلقات العولمة» تُحاكى فيه أغراض شعرية مضى أوانها وانقضى زمانها، هذه الأغراض لا تعكس إلا عقلية منقسمة وخطاباً سجالياً وحواراً أقرب ما يكون إلى حوار الطرشان. في هذا المقام تأتي العولمة لتقدم حالة نموذجية ضمن سياقات لدراسة الخطاب حولها. فهل يمكننا أن نتخلى -كعرب ومسلمين- وقد أتت علينا العولمة ونحن في أضعف حال وأوهن مقام، أن نتخلص من «جدل بيزنطة»، أو أعراض «برج بابل» و«علم كلام العولمة»، أو أغراض شعرية تعبر عن حالة نفاق وكذب، فإن أعذب الشعر أكذبه؟ وهل لنا أن نتخلى عن أنماط التفكير التي تتعامل مع عالم المفاهيم الحديث، باعتبارها مفاهيم موضة لانملك إلا ارتداءها؟ هل لنا أن نتحرك صوب فهم ووعي العولمة فنؤسس فقهاً لها، وقبل الفقه نبحث في تأسيس «علم معلومات العولمة» نتعرف فيه كيف تم التمكين للعولمة على الأرض في غفلة منا وربما بإذعان، أو وفق قواعد هندسة الموافقة. إن العولمة تتطلب مواجهة بما تمثله من تحديات من جنس حركتها نفسه وتصوراتها، والقضية ليست في تسجيل المواقف أو تبني توجه بعينه أو الدخول ضمن توجهات النقاش المحتدم حول العولمة في كل المجالات الاقتصادية والاتصالية والاجتماعية والسياسية والثقافية. هل يمكننا مرة أن نحاكي علم عمل العولمة؟ أن نتعلم أن العمل القليل الدائم هو خير عناصر المواجهة؟ إن الخروج من سياق التبشير بمفهوم «العولمة» أو التهوين من آثاره والمترتبات عليه لا يتم إلا من خلال مثل هذه الدراسات العلمية والعملية. العولمة ليست القدر المحتوم، وليست التاريخ الذي أغلق أبوابه وانتهى بل هي تصور أعقب عمليات، للعالم، للإنسان والكون والحياة، تهدف من خلال ذلك التصور وتلك العمليات إلى عمليات تضييق الاختلافات والتنوعات والتمايزات والخصوصيات، تهدف إلى التضييق لذلك على طريق التنميط، ونحن نؤمن بسنة الله تعالى أنه خلق الناس والكون في سعة الاختلاف والتمايز والتنوع ليشهد الكون تفاعلاً إيجابياً وتعارفاً مثمراً «فإذا ضاق الأمر اتسع»، وأن النافع للناس، عموم الناس هو الذي يمكث في الأرض. ونـرى فــي تاريخ الدنيا على مر أيامها أن ليس هناك مشروع ابتغى الاستئثار والهيمنة والطغيان إلا وحالفه الفشل وإن طالت أزمنته، ونحن مأمورون بالتذكر والاعتبار بأيام الله. فالعولمة ليست عملية بلا ثقوب، أو بلا مفاصل تمثل عناصر ضعفها، والعالم يشهد على ذلك، بؤر صغيرة في العالم تستعصي وتأبى التنميط وهي خارج حسابات العولمة بكل أدواتها المعلوماتية وآلتها الحسابية، فعليك أن تجيل النظر في المعمورة لتبحث عن شواهد تؤكد أن العولمة من حيث أرادت التنميط ستؤدي إلى عكس ذلك المقصود، لأن مقصودها مخالف لسنة الله الكونية والبشرية في الاختلاف والتنوع والتعدد. العولمة وبما أفرزته من أدوات، تعبر عن خطورة وإمكانية، والمخاطر لابد أن يحسب لها حسابها، والإمكانات لابد من استثمارها، إنه أمر يحرك علم دفع المضار وجلب المصالح الذي هو مدار شريعة الإسلام. فالعولمة من حيث أرادت أن تفك وتركب، توحي للجميع أن نتعلم كيف يعظمون قوتهم، وأن في تنوعهم رحمة وفي تكاملهم لحمة، وفي وحدتهم قوة وقدرة وتمكين وتأثير. أين نحن من آليات ومؤسسات يجب أن ندافع عن تأسيسها لأنها تمثل الحصون التي تغضينا من مخاطر طوفان العولمة؟! هل لنا أن نتعلم درس العولمة، وأن نتعامل مع ابتلاء العولمة؟! أم ستكون العولمة علينا وليست لنا؟! ونحن نتجادل في علم كلامها وسجال وانتقال بالكلمات؟! إن أهم درس في العولمة هو معرفة عناصر مناهج التفكير والتغيير والتسيير والتدبير والتأثير العليلة والكلية والتي استمرأنا التعايش معها زمناً، فأتى طوفان العولمة لكن لم يفقد أو نفقد فيها سفينة نوح، لو أحسنّا التفكير والتدبير وآليات التفعيل والتأثير، وللتمكين سنن يجب أن نتعلمها ونعمل لها {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}. نشر في مجلة (المعرفة) عدد (48) بتاريخ (ربيع الأول 1420هـ -يونيو/يوليو 1999م)


    الكتاب: فخ العولمة.
    تاريخ النشر: 1999م.
    المؤلفان: هانس بيتر مارتين- هار الدشومان.
    ترجمة: د. عدنان عباس علي.
    الناشر: سلسلة عالم المعرفة - الكويت.
    العالم كله وقع في قبضة هؤلاء الصبيان» هذا ما علق به «ميشيل كامديسو» المدير الفرنسي الصارم لصندوق النقد الدولي؛ تعليقاً على السلوك غير المسؤول الذي قام به الرأسماليون الغربيون عندما سحبوا رؤوس أموالهم - كالمذعورين - متسببين في أزمة وانهيار اقتصاد المكسيك عام 95م، الأمر الذي دفع الصندوق والخزانة الأمريكية لتقديم قرض لحكومة المكسيك يزيد على الخمسين مليار دولار، في قرض يعتبر الأعلى من نوعه منذ عام 1951م، عندما تقدمت الولايات المتحدة بمشروع «مارشال» لبناء ما هدمته الحرب العالمية الثانية.
    لقد وصفت «الإكونومست» هؤلاء المغامرين بـ«الجيش الإلكتروني التسليح». لم لا، وثمة (358 مليارديراً) يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه (2.5 مليار) من سكان المعمورة؟ يتحكم هؤلاء في عصب الحياة؛ المال، القوة الفاعلة الأولى في العصر الحاضر نعم؛ ثمة 20% من دول العالم تستحوذ على 85% من الناتج العالمي الإجمالي، وعلى 84% من التجارة العالمية، وعلى 85% من مجموع المدخرات في العالم، إنه مجتمع الخمس الغني، وأربعة الأخماس الفقراء. لا بل دون خط الفقر. يعيشون في هذه القرية الكونية التي تزداد ضيقاً يوماً بعد الآخر!
    «لم يعد نموذج النمو الحضاري العلماني الحديث صالحاً للمستقبل!» ذلك ما يخرج به الفاحص العميق للأرقام المروعة التي تحدثنا بها الإحصائيات حول حجم الدمار الذي تخلفه هذه الحضارة البشعة.
    الخطر الذي تفرزه الرأسمالية العلمانية المعولمة من جراء النمو السرطاني الفوضوي للبورصات وأسواق النقد العالمية ربما يكون أكثر بشاعة وهولاً من الحرب العالمية الثالثة التي كانت سيفاً مسلطاً على الرؤوس قبل نهاية الحرب الباردة. إنها كما يقول نيلي مدير شركة سان الأمريكية الكبيرة مبدأ «إما أن نأكل أو نؤكل» «to have Lunch or be Lunch» إنها شريعة الغاب تبعث من جديد، أو كما يقول الفيلسوف البريطاني هربرت سبنسر تلطفاً «الداروينية الاجتماعية».
    إن بوسع المرء أن يدعي - كما يقول لستر ثارو الخبير الاقتصادي في معهد إم آي تي (MIT) - إن الرأسماليين قد أعلنوا الحرب الطبقية على عمالهم، ويضيف بمرارة: أنهم قد فازو بها!، لقد أعطى رونالد ريجان الرئيس الأمريكي السابق إشارة الانطلاق عندما أوعز في عام 1980م، وبلا تردد بطرد جميع النقابيين من جهاز السيطرة على حركة الطائرات التابع للدولة، لقد تحركت الزوبعة التي تحدث عنها «رويتر» رئيس شركة «بنز» الألمانية السابق عندما قال: «إن المنافسة في القرية المعولمة تشبه الزوبعة، لا أحد يستطيع البقاء بمنأى عنها»، بل راحت كما يقول رئيس مؤسسة «سمينز» إلى أبعد من ذلك: «لقد تحولت رياح المنافسة إلى زوبعة، وصار الإعصار الصحيح يقف على الأبواب». ذلك صحيح إلى حد بعيد، فمنذ إشارة ريجان السالفة وحتى عام 1995م خسر ثلاثة وأربعون مليون مواطن فرصة عملهم. إنه شبح البطالة المروع يلوح في الأفق. فإذا تساءلت: فأين نقابات العمال، البديل الرأسمالي المدهش للشيوعية؟! كان الجواب أنها الشركات العملاقة لا تعييها الحيلة في عصرنا المعولم هذا. لقد انهارت القاعدة التنظيمية لهذه النقابات منذ عام 1980م، لقد كان ما نسبته 20% من العمال أعضاء في هذه النقابات، وقد انخفض هذا الرقم إلى النصف في عام 1997م بدل أن يزيد كما هو منطقي ومتوقع. بل إن هذا الرقم المتواضع اليوم قد شلت فعاليته هو الآخر، فعندما صممت نقابة عمال السيارات الأمريكية (UAW) على القيام بأطول وأعنف إضراب عمالي استمر منذ (1992 - 1995) الأمر الذي كلف النقابة 300.000.000 دولار، لم يجد ذلك نفعاً، وتخلى المضربون عن إصرارهم، لأن قانون العمل الأمريكي يمنع تسريح العمال المضربين، لكنه يسمح بالاستعانة بالعاملين الممتنعين عن الإضراب بمواصلة الإنتاج، وكان الجو مواتياً فالركود وعمليات الترشيد صنعا جيشاً من العمال المتخصصين العاطلين عن العمل، وهكذا لم يحقق الإضراب أهدافه، بل على العكس، كما يقول «فيتس» رئيس شركة «كاتربلر» إنه بالنسبة للمؤسسة الناشطة عالمياً يهيىء الفرصة المواتية لتخفيض تكاليف الأجور، وزيادة أرباح المؤسسة!
    * عولمة الجريمة
    «ليست هنالك عولمة واحدة - كما يقول أمين عام الأمم المتحدة السابق بطرس غالي - بل ثمة عولمات عديدة في مجال المعلومات والبيئة والمال. وعولمة في مجال المخدرات والأوبئة والجريمة التي صارت تتعاظم في المجالات المختلفة»، يقول بيرس بارنفيك رئيس شركة (ABB) العملاقة: «إذا تجاهلت المشروعات التحدي الذي يفرزه الفقر والبطالة فستؤدي التوترات بين الأثرياء والفقراء إلى تصعيد بين العنف والإرهاب»، إن النتائج المترتبة على ذلك تثير الرعب بلا شك. لقد أضحت الجريمة المنظمة عالمياً أكثر القطاعات الاقتصادية نمواً..!! إنها تحقق أرباحاً تبلغ خمسمائة مليار دولار في العام..!!!، وفي دراسة قدمها خبراء من جامعة مدينة منستر الأمريكية، تنبأ الخبراء بأن جرائم من قبيل المتاجرة بالبشر، وإعارة العاملين على نحو غير شرعي، وسرقة السيارات، وعمليات الابتزاز ستنمو حتى عام ألفين بمعدل يبلغ 35%، وفي روسيا، وأوكرانيا، وكولومبيا، وهونغ كونغ؛ تتداخل العمليات الشرعية وغير الشرعية بحيث صار يصعب وضع حد فاصل بينها!!، بل لم يعد بالإمكان معرفة ما إذا كان هذا الجهاز أو ذاك من أجهزة الدولة يكافح من أجل فرض القانون، أم أنه يحارب بتكليف من المجرمين أنفسهم؟! ومجموع الثروة التي تملكها المافيا الإيطالية -رغم كل الحروب المشبوبة ضدها- تتراوح بين (150 - 200 مليار مارك) لم تتمكن الدولة حتى عام 1996م من مصادرة ما يزيد على 2.2 مليار مارك منها!!
    إنه -كما يقول أحد موظفي الإنتربول: «ما هو من مصلحة التجارة الحرة، هو في مصلحة مرتكبي الجرائم أيضاً».. بل إن السؤال المشروع يضغط بإلحاح: «هل ثمة فرق كبير بين عتاة المجرمين وكبار الرأسماليين؟!». إنهم يزاولون المهنة نفسها.. سرقة أموال الفقراء..! لقد ارتفع حجم مبيعات الهيروين عام 1990م إلى عشرين ضعفاً، أما الكوكايين فقد زادت إلى خمسين ضعفاً، وتجارة الرقيق الأبيض درت على بعض العصابات الصينية (Triaden) الناشطة في الولايات المتحدة أرباحاً تصل إلى 2.5 مليار دولار في العام الواحد! يقول مدير مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن: «إن العالم يتجه دون هوادة إلى مأساة سيقف المؤرخون حيالها حيارى.. لماذا لم يتم تدبير إجراء ما لوقفها في الوقت المناسب؟ ألم يلمس الاقتصاديون والسياسيون العواقب الوخيمة التي يفرزها التطور الاقتصادي والتكنولوجي..؟».
    * البيئة تترنح :
    «لقد أصابني الذعر والفزع عندما تحسست المستقبل الذي ينتظر الجزء الأعظم من مناطق المحيط الهادي.. هناك ربع سكان المعمورة قد دمر جزءاً مهماً من المعمورة في سياق سعيه لتحقيق مستوى معيشي أعلى»، هذه انطباعات المهندس البريطاني جون سيرجانت. وكما قال رئيس منظمة السلام الأخضر: «سيتقرر المستقبل البيئي للبشرية جمعاء في آسيا»، ولكن ذلك بالطبع لا يعني سلامة بقية أرجاء المعمورة، ففي عام 1989م كانت مشكلات البيئة والكارثة المناخية على جدول أعمال مؤتمر قادة الدول السبع الكبرى لأول مرة، وتدمير الغابات والأراضي الزراعية؛ ففي عام 1995م انخفض احتياطي القمح والأرز والذرة إلى أدنى مستوى له منذ عقدين من الزمن، بل لقد بلغ مستوى المخزون من الحبوب عام 1996م حداً بحيث لم يعد يكفي إلا لسد حاجة 49 يوماً فقط، وهو أدنى مستوى يبلغه في التاريخ! لقد ضحت البلدان الأسيوية بما مجموعه 40% من الأراضي المخصصة لإنتاج الحبوب، وقد ارتفع سعر القمح بين مايو 1995م ومايو 1996م بمقدار 60%، الأمر الذي كلف البلدان المستوردة الفقيرة - حسب تقديرات منظمة الغذاء في الأمم المتحدة - ثلاثة مليارات إضافية.
    * ومثالب أخرى:
    ولا يتسع المجال أيضا للحديث عن حجم الدمار الواقع والمستقبلي في مجال حقوق الإنسان وبناء الأسرة، وخصوصيات الحضارات العقدية والأخلاقية والسلوكية والثقافية..
    لا يتسع المجال للحديث عن احتكار وسائل الإعلام، وتحيزات وسائل الاتصال الصارخة، ولا عن تهميش وتسطيح اهتمامات الشعوب، وإنماء وإعلاء قيم الاستهلاك والتدبير والأثرة.. ولكن أليس ثمة وجه آخر للعولمة؟ بلى!
    * بوادر مشجعة :
    رغم كل ما سبق، فلا يزال هنالك الملايين من الناس يطالبون فيما بينهم أو بالتضامن مع غيرهم بالوقوف في وجه جنون السوق العالمية -كما يقول مؤلفا كتاب فخ العولمة، الكتاب الذي طبع تسع مرات في سنة صدوره، ولا تزال إشكاليته تتجدد- سواء في صفوف منظمة السلام الأخضر (Greenpeace) أو في المبادرات الاجتماعية والبيئية الكثيرة، في نقابات العمال، أو في بيوت العبادة، في حركات التضامن مع الدول المنتهكة الحقوق أو النامية، مع المهاجرين والمعوزين والمظلومين يستفيد هؤلاء جميعاً من الإمكانات التي تتيحها العولمة، والأدوات التي تقدمها لهم، لكنهم فقط -وبكل مرارة- يمثلون الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.. أملنا أن يحالفهم التوفيق في مسعاهم هذا.
    * أمل يلوح في الأفق:
    هل كتب على البشرية أن تندفع بلا هوادة نحو هذه الهوة السحيقة؟ إنها حصاد الرؤية العلمانية للحياة والكون والإنسان والعالم.. في ظل قيم المنفعة الذاتية، والاستهلاك والتبديد والأثرة.. ليس ثمة بديل إلا بناء الذات السوية وفق معايير الدين وقيمه وموازينه في الزهد والإيثار والتكافل والمودة، وليس ذلك عسيراً.. ولكنه يحتاج إلى تحرك على مستوى عالمي.
    نشر في مجلة (المعرفة) عدد (46) بتاريخ (محرم 1420هـ -أبريل/مايو 1999م)


    د. محــمد عبــده يمـانـي (وزير الإعلام سابقاً - الأستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز )


    لابد من دخولنا إلى القرن القادم، إذ لاخيار لنا في ذلك، ولكن السؤال المهم هو كيف سندخل إلى هذا القرن؟.. وكيف ستكون إمكاناتنا وقدراتنا وطاقاتنا البشرية على وجه الخصوص؟.، ومن المهم أن نعرف أهمية الاستعداد لدخول هذا القرن، ونهتم بإعداد الخطط اللازمة لهذه المرحلة القادمة، خصوصاً أن العصر يتسم بالسرعة الفائقة، والفجوات بيننا وبين العالم: تكنولوجياً وفنياً وعلمياً، أخذت تتسع ، ولم تعد تطورات عادية، بل أخذت شكل قفزات سريعة، ومن هنا شعرت أن من الواجب أن نلقي الضوء على هذه المرحلة القادمة، وماالذي يجب أن نفعله فيها، وماهي الاستعدادات الأساسية المطلوبة ، وماهي الحدود الدنيا التي يجب أن نأخذ بها ونحن ندلف إلى هذا القرن القادم بكل متغيراته وتطوراته وتحولاته ومفاجآته، وهناك أسئلة مهمة لابد من الإجابة عنها، وهي: كيف نتحرك؟.. وإلى أين؟. وماهي أهدافنا؟.. وماهي مقوماتنا وأبعاد تحركنا ومسؤولياتنا؟. وبأي خطط سندخل هذا القرن القادم؟.. وبأي تعليم وأي اقتصاد؟.. وهل نتحرك جميعاً أم كلٌّ على شاكلته؟.. ثم ماهي سمات القرن القادم وتحدياته؟.. وما هو موقعنا في ذلك الخضم الواسع، ومهما تعددت الآراء أو اختلفت السبل فسيـظل التعليم هو محور القضية والمدخل الحقيقي لدخول آمن ومنتج ومحترم للقرن القادم، وسيكون المفتاح والعامل الحاسم لتحقيق حياة كريمة. وإذا أردنا أن نجيب عن كيفية دخولنا للقرن القادم، فمن المهم أن نراجع حساباتنا الماضية بكل دقة، ونتعرف على أخطائنا ومشكلاتنا الحقيقية التي حالت دون أن نحتل مكانة متميزة في العالم. ولاشك أن أهم الأمورالتي فرطنا فيها هي الجوانب التعليمية. فقد توسع الكم على حساب الكيف، وأهدرنا قيم الابتكار والإبداع، واستسلمنا لتبعية غربية هيمنت علينا، وأثرت على مسيرتنا، وأربكت خطواتنا، وعجزنا عن التنسيق بين طاقات الأمة وقدراتها وحاجاتها وإمكاناتها ومتطلباتها، وبكل أسف لم ننظر بعمق ولا برؤية استطلاعية للمستقبل الذي سنواجهه. إننا ندخل للقرن القادم بدون رؤية، بدون تكتل، بدون تعليم أصيل ومتطور يأخذ أبعاد المرحلة القادمة في اعتباره، وبدون أي محاولة للابتكار، أو حتى محاولة الخروج من التبعية للقوالب الغربية التي هيمنت على الفكر العربي والإسلامي. وقد خرجنا بكل أسف من الاستعمار الاستيطاني إلى هيمنة اقتصادية وفكر غربي هيمن على المنطقة. ثم إن الفجوة أخذت تتسع مع تطور العلوم والقفزات التكنولوجية والاكتشافات العلمية ونحن نراوح في مكاننا في سلبية عجيبة وكأننا لانحس بمعدلات التطور وتسارع المتغيرات من حولنا، حتى أصبحت على حسابنا وعلى حساب قدراتنا ومقوماتنا الحاضرة والمستقبلية، وغدونا أمماً لاهية لاتعي أبعاد حاضرها ولاتخطط مستقبلها، وكأنها تتسلى بأوضاعها الحاضرة دون أن تحسب لتطورات المستقبل أي حساب. ومن أخطر التحديات التي تواجهنا في نظري هي ضعف التنمية والتطور، وبصورة خاصة تنمية الإنسان، ثم إن تردي التعليم وضعفه وعجزه عن مواكبة العصر وتحدياته ومتطلباته أدى إلى ضعف الاستثمار في العنصر البشري وجرنا إلى تبعية اقتصادية وثقافية مؤسفة، وأصبحنا دولاً أغرقت في المديونيات من ناحية، وهددها الانفجار السكاني في كثير من أجزائها، وغابت عنها القدرة على استغلال الموارد المتاحة بصورة صحيحة وخصوصاً في غياب التعاون العربي والإسلامي. وأنا أضع خطاً تحت هذه العبارة، فقد أثر غياب التعاون العربي والإسلامي على التنمية الاقتصادية في البلاد العربية والإسلامية. ولاشك أن التعليم سيكون حجر الزاوية في المرحلة القادمة، حيث ينظر كثير من العقلاء إلى تطور التعليم وسلامته وجودة مناهجه وقدرات المعلمين.. على أنه قضية أمن قومي ومستقبل أمة، فكلما أنفقنا على التعليم وأعطيناه الأولوية وطورنا مناهجه وأصلحنا أدواته، دعمنا الأمن القومي للبلاد والأمة. فالتعليم يحمي البلاد من الأخطار المباشرة وغير المباشرة فهو يلعب دوراً أساسياً في قضايا الأمن وسلامة الوطن، كما يعد التعليم استثماراً مهماً في مجال الأمة ونمائها..وضمان مستقبلها. والتعليم هو المفتاح ليس فقط لتحقيق الحياة الإسلامية والتقدم الثقافي، ولكنه يمثل العامل الحاسم في عملية التخطيط للقضاء على الفقر وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي. ولهذا فمن المحتم أن تركز الجهود التعليمية كافة في هذه المرحلة على محو الأمية مع تأكيد الحد الأدنى من التعليم الأساسي ، وتنمية عادات التفكير النشط، ونشر المعارف عن ديننا وثقافتنا، وعن حياة المواطنين والرعاية الصحية وتنمية المهارات المهنية الأساسية، وتوفير التدريب للمعلمين وإتاحة المجال لتعلم التقنيات والمنهجيات التي تمثل نقطة الانطلاق إلى مختلف المجالات المهنية في الحياة، بما في ذلك التعليم العالي والبحث العلمي، وينبغي أن تكون الجهود المتصلة بمحو الأمية وتعليم المرأة جزءاً لايتجزأ من هذا البرنامج. ويمكن تحقيق هذه الأهداف في خلال العقدين التاليين إذا أمكننا أن نضمن المتطلبات التالية:

    1- أن يكون التخطيط للتعليم على مستوى الأمة والدولة موجهاً لنشر التعلم على النطاق الشعبي من خلال تشجيع الترتيبات اللامركزية.
    2- تعاون كلٍّ من الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية بشكل نشط في تحقيق هذه الأهداف. 3- دعم السلطات المحلية والمسؤولة عن التعليم وتكليفها بمهمة الإشراف على هذا البرنامج.
    4- التعجيل بإنشاء شبكة من صناديق الأوقاف والمؤسسات التعليمية لإنشاء المدارس ومعاهد التدريب ومراكز الإعداد المهني ومؤسسات تدريب المعلمين والكليات، فضلاً عن إنتاج المواد والوسائل التعليمية.
    5- قيام البنوك الإسلامية والمؤسسات الدولية بتمويل هذه المشروعات عن طريق أساليب التمويل الإسلامية. 6- إنشاء صندوق تعليمي على مستوى الأمة الإسلامية لمساعدة المناطق والمشروعات المفتقرة إلى التمويل في الدول والمجتمعات الإسلامية.
    7- إنشاء تجمع أو اتحاد للمؤسسات التعليمية بغرض تجميع الموارد وتحسين الخدمات التعليمية في الدول والمجتمعات الإسلامية.
    8 - تشجيع البرامج الخاصة بتبادل المدرسين والطلاب فيما بين الدول والمجتمعات الإسلامية(1).
    ومن المهم اختيار نوع التعليم الذي ندخل به القرن القادم ، حيث إن هذا التعليم لعب دوراً مهماً في القرن التاسع عشر في أوروبا وفي نهضتها، وقد لعب التعليم الدور نفسه في نهضة اليابان منذ عصر (ميجي). ومن هنا فلابد إذا أردنا أن ننهض ونستفيد من معطيات القرن القادم أن ننظر بعمق أكبر للعملية التعليمية في مراحلها الابتدائية والمتوسطة والثانوية والتعليم الجامعي والتعليم الفني؛ لأن مستوى التعليم عندنا لايحقق الأهداف التي نصبو إليها جميعاً. وهو في وضعه الحاضر قاصر عن تحقيق الأهداف الأساسية للأمة، ويخرِّج آلافاً من الشباب أنصاف متعلمين، وفي بعض الأحيان غير متعلمين، وبالجملة لايحقق الأهداف التي نسعى إليها لا في المرحلة الحاضرة ولا في المستقبل الذي نتطلع إليه. صحيح أن المؤسسات التعليمية حققت تقدماً كمياً كبيراً، ولكنها فشلت في الكيف، فعندنا أكثر من جامعة تحتوي على أعداد كبيرة من الكليات، لكن التعليم لم يستطع أن يحقق أهداف الأمة العربية، ولايساعدعلى بناء الإنسان العربي القادر على العطاء والمنافسة والإبداع إلا نادراً، إن التعليم في البلاد العربية والإسلامية بكل أسف مخيب للآمال، لأنه أسقط قيمة العمل والإنتاج، ولم يبذل جهداً كافياً لتطوير المناهج وفلسفة التعليم وسياساته على وجه الخصوص. إن القرن القادم قرن يتميز بأهمية المعلومات فيه.. ومن يملك المعلومة يملك عنصراً قوياً من عناصر القوة، ومن واجبنا أن نأخذ في الاعتبار أهمية العناية بالمعلومة في القرن القادم ، ونأخذ بيد أولادنا وناشئتنا ومدارسنا ومؤسساتنا للاستفادة من ثورة الاتصالات في العالم والإقبال على استخدام الكمبيوتر والاتصالات الإلكترونية، وأن نخرج من إطار تعاملنا السطحي معها للاستفادة منها وتطوير قدراتنا فيها، والتطور في أساسيات التعليم وخصوصاً في المرحلة الابتدائية ومابعدها لأن: «العالم يشهد منذ سنوات قليلة تحولات مهمة أكبرها عولمة التجارة وثورة المعلومات والاتصالات الإلكترونية مما يعني ضرورة الاستعداد لها بشكل جيد في المنطقة العربية. كيف سنتعامل مثلاً مع شبكة معلومات «إنترنت» التي اقتحمت شتى فروع الحياة، والتي يتضاعف عدد مستخدميها الآن مرة كل عام؟ وهل سنكون قادرين على المشاركة في (الاقتصاد الإلكتروني) الذي يضم عولمة التجارة وثورة الاتصالات؟ تقول تقارير حديثة إن قيمة التجارة الإلكترونية عبر شبكة «إنترنت» ارتفعت الى 10 مليارات دولار في العام الماضي، ويتوقع تصاعدها بشدة إلى 200 مليار دولار قبل نهاية القرن، أي خلال أقل من 3 سنوات. وهنا هل تتمكن الدول التي لاتملك شبكات هاتف محلية جيدة من منافسة الولايات المتحدة التي تحظى بنحو 350 خطاً لكل ألف نسمة من سكانها؟»(2). والتعليم في بلادنا العربية والإسلامية كلها لم ينجح كأداة للتقدم الحضاري، ولايزال بعيداً عن تحقيق أهداف الأمة، لأننا بكل أسف مازلنا في مناهجنا الابتدائية وماحولها وفي جزء من المناهج الثانوية نعتمد على الحفظ والاستظهار، والمدرس يعيد تدريس المادة سنوات وسنوات دون أن يطور نفسه أو يطور قدراته بالالتحاق بأي دورات أو مجالات تدريب، والمؤسسات التعليمية لاتعينه على ذلك، وفي الوقت الذي يعد فيه الحاسب الآلي من عناصر الدراسة الأساسية في الغرب، لايزال مجهولاً أو هامشياً عندنا، ولهذا ظل التعليم في دوامة مغلقة وضعيفة، وغير قادرة على الإبداع، ولاحتى مجرد التأهيل الصحيح، فالأساتذة تحكمهم قوالب محددة، وطلاب يتزاحمون في انتظار شهادات التخرج، يدخلون الجامعات ولا يعرفون لماذا، ويرسبون ولا يعرفون لماذا، ويتخرجون ولايعرفون إلى أين. إن واقع السياسات التعليمية ضعيف، وغير مؤهل لتحقيق أهداف الأمة واللحاق بالركب الحضاري. ومن أخطر ما نلاحظه في التعليم أنه يتنافى بكل أسف مع متطلبات النهضة الاقتصادية على وجه الخصوص ، لأننا ننتج قوى بشرية غير قادرة على العمل والإنتاج، بل وغير محترمة -حتى مجرد احترام - لقضية العمل، وكان من أخطر ماركزنا عليه في التعليم صب المعلومات بصورة نظرية وإهمال قضية تنمية المهارات العلمية، والقيم الاجتماعية في نفوس الطلاب، وحب الوطن، واحترام العمل.. والرغبة في الإنتاج والتطور والإبداع... إن التعليم عندنا لايساهم في توطين التكنولوجيا ونقلها، والجامعات في عالمنا العربي وفي كثير من العالم الإسلامي تراوح بين سوء التخطيط وعجز المناهج وتواضع قدرات المدرسين، حتى التعاون بين الجامعات العربية و الإسلامية مفقود تقريباً إلا في أطر نظرية واتفاقات غير علمية ولاقيمة لها. إن مقررات الدراسة الثانوية والجامعية بعيدة عن متطلبات العصر، ولاتحقق بأي شكل من الأشكال الأهداف التي نسعى إليها ولا تؤهلنا إلى دخول القرن القادم بأي شكل من الأشكال، وهذا أمر مؤسف لأن قضية التنمية البشرية مهمة، ونوعية المواطن الذي نبنيه وكفاءته وتعليمه وقدراته وإمكاناته أهم بكثير من نوعية السلاح الذي نملكه أو تملكه الأمة. إن التعليم والواقع التعليمي في البلاد العربية مخيب للآمال - بكل أسف - ولا بد من تحرك جاد وفاعل يبدأ بإدراك لحقيقة مهمة هي أن التعليم في حاجة إلى تطوير فعال وتغيير جذري يساهم في بناء الإنسان في بلادنا وفي البلاد العربية والإسلامية، فلقد أسقطنا قيمة العمل والإنتاج وأضر هذا بنا كثيراً وجعلنا نسلك سلوكاً سلبياً في مجال التعلم، فلم نحقق الأهداف المرجوة. لأن الفعالية قضية مهمة في مجال التعلم. فهناك فرق كبير بين أمة لها سلوك يقوده النظام والانسجام وأمة تسودها الفوضى والأنانية والتسيب؛ لأن هذه القيم لم تلقن لأولادها في مراحل تعليمهم الأولى خاصة والتالية بعد ذلك، ولم نرسخ في المجتمع مسؤولياته حتى يعلم الجميع أن أي مجتمع لايمكن أن يكون مجتمعاً محترماً إلا إذا كانت له وظيفة ومبرر لوجوده وليس مجرد صلات اجتماعية، فمن الخطورة أن يكون مجتمعاً سلبياً ومعقداً، حتى وإن كان الناس يعيشون في مدينة واحدة. وكما يقول المرحوم مالك بن نبي: «من الصعب أن نعيش في مدينة واحدة بجوار بعضنا البعض، ولكننا أمة سلبية وأمة تخلط بين العلم والثقافة، فالثقافة عندها هي الدين وليس مجرد العلم». ومن المهم أن نرعى المواهب ونعطي الشباب الفرصة للعمل، ونرسخ فيهم حب العمل وإجادة الإنتاجية والرغبة في البناء، والقدرة على قيادة المؤسسات الحضارية... ولاشك أن زراعة الثقة في نفوسنا وتبادل الاحترام قضية مهمة، كما أن قضية الحرية في الفكر وفي الحياة عموماً هي قضية أساسية تتصل بكرامة الإنسان وحقه في الحياة، وتدفعه إلى إنتاجية أكبر خصوصاً إذا علمناه كيف يستفيد من مساحة الحرية المتاحة له. ومن أخطر الأمور التي نمارسها في المرحلة الحاضرة هي معالجة كثير من قضايانا الجوهرية بطريقة إعلامية، وهذا الأمر له آثاره السلبية على الفكر والثقافة الناشئة ، لأن قضية الإعلام في العصر الحديث أصبحت قضية غير عادية بعد هذه الثورة الإعلامية التي حدثت، وما سيتلوها في المستقبل من تغيرات جوهرية، في مجال الاتصالات والإعلام، والتي ستحول العالم -كما يقال- إلى قرية صغيرة بل وأصغر من ذلك. فهذه الناشئة التي ستتصل بالعالم وتعرف كل شيء من حولها لابد أن نتعامل معها بفكر، وعمق، وإيجابية، وموضوعية، حتى نكسب ثقتها وندفعها إلى حب الوطن، وحب العمل، وحب الإنتاج، والارتباط بتراب الوطن الذي تعيش فيه من منطلق ثقتها في الأمة وفي الدولة، وثقتها بأنها تساهم بدور فعال في بناء المستقبل الذي نتطلع إليه جميعاً، ولايصح أن نستخف برغبات الناشئة، بل نتلمس رغباتهم وتطلعاتهم، ولانقهرهم أو نهملهم أو نتعدى على حرياتهم، ونصادر حقوقهم في حياة كريمة من فكر وثقافة وإنتاج وإبداع بل في التعبير وحرية الكلمة حتى يحبوا أوطانهم. والآن نأتي إلى السؤال المهم: إلى أين نسير وكيف ستكون صورة المستقبل الدولي في المرحلة القادمة وأين موقعنا من كل ذلك. أما إلى أين نسير فمن الواجب أن نفكر بعمق ونحن ندخل إلى القرن القادم، وأن ننظر إلى الإسلام بعمق، وأن نقدمه بديلاً صحيحاً وسليماً وبمنطق العصر، لا أن نكسب عداوات العالم وتحدياته، ونعمق من سوء فهمه وعداوته للإسلام والمسلمين. ومن المهم أن نغير الصورة القاتمة التي حاول الغرب بكل أسف أن يصور الإسلام بها حتى وإن كان العديد من مفكري الغرب لا يوافقون على تلك النظرة القاتمة للإسلام، بل إن كثيراً منهم أخذوا يدافعون عن الإسلام، ولكن واجبنا نحن مختلف، ومسؤولياتنا أعظم نحو تقديم الإسلام هذا الدين الوسط بصورة تصل إلى العقول والقلوب وتؤثر فيها وتهديها إلى سواء السبيل. ونأتي الآن إلى قضية مهمة في حياتنا وهي قضية المرأة ودورها المطلوب، فكثير من العقلاء الذين ينظرون إلى مستقبل بلادنا وأمتنا يرون أن من واجبنا ونحن ندخل إلى القرن القادم أن نستفيد من كل إمكاناتنا وطاقاتنا، وأن نأخذ في اعتبارنا أن المرأة نصف المجتمع، وأن نخطط بكل مسؤولية وأمانة ونظرة مستقبلية للاستفادة من طاقات النساء لأنهن شقائق الرجال، فهناك الآلاف من بناتنا يتخرجن كل عام من الجامعات، ومئات الآلاف ينخرطن في مراحل التعليم المختلفة، وتمتلئ المنازل بهذه البراعم التي تشكل نصف المجتمع، ولكن يبقى السؤال المهم دائماً: ماذا عملنا لهؤلاء البنات؟ وإلى أي مدى خططنا لاستيعابهن بطريقة صحيحة تحقق الهدف الأسمى الذي نسعى إليه جميعاً من وضع المرأة في مكانها الصحيح، والاستفادة منها بطريقة صحيحة وإعطائها حقها كاملاً في الحياة الكريمة، وإعطائها الفرصة الصحيحة والصحية لخدمة بلادها وأمتها، وعلى أساس أن نعطيها ما أعطاها الله، ومن منطلق أن المجتمع يتكون من ذكر وأنثى، وأن لكل فئة حقها، ولكل فئة دورها. وإن من الواجب أن نلتفت لقضايا هذا الشق المهم من المجتمع الذي بدونه لا تكتمل الصورة المثلى، ولا تتحقق أهداف المجتمع العليا لأنها نصف المجتمع. والمجتمع يتكون من ذكر وأنثى كما أسلفنا، وللأنثى حقوقها على هذا المجتمع، فلا بد أن نعطيها ما أعطاها الله من حقوق كاملة غير منقوصة، ونكرمها كما كرمها رسول الله ص، وكما كرمها خلفاء الرسول ص والتابعون. والحقيقة ونحن نتطلع إلى القرن القادم لا بد من عنايتنا بصورة أكبر بقضية المرأة وعملها وإعطائها الفرصة للمساهمة بأدوار إيجابية، خصوصاً بعد أن تعلمت وتأهلت وأصبحت قادرة على العطاء. ولابد من توسيع مجالات عملها في إطار المنهج والسياسة، ولكن بانطلاقة واعية تسمح لها بالمشاركة في خدمة بلادها ووطنها وأمتها. فالقرن القادم يحتاج منا إلى تضافر الجهود وتجميع الطاقات والتحرك نحو الأهداف برؤية واضحة وخطط سليمة وطاقات مؤهلة وفاعلة حتى نحقق أهدافنا ونتبوأ مكانتنا المناسبة. ولا بد أن ننطلق من نفس المنطلق الذي ضرب الله لنا به الأمثال: { والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى. وما خلق الذكر والأنثى. إن سعيكم لشتى} وفي هذا يوضح الله عز وجل لنا أن للمرأة في المجتمع دوراً يجب أن تؤديه، وألا تزاحم فيه، وأن تنفرد به، وكما للرجل وظيفة فإن للمرأة وظيفة، وإن القضية واضحة وضوح الشمس في كبد النهار، فكما أن لليل وظيفة، وللنهار وظيفة، فإن للمرأة وظيفة وللرجل وظيفة، ويجب ألا يطغى ولا يستأثر أحدهما بعمل الآخر، ولا يظلمه ولا يحقره ولا يهضمه من حقــوقـه شيئــاً لأن النســاء شقائـق الرجال. وفي أيامنا هذه تبرز قضية عمل المرأة كقضية حتمية وتلقائية، ومن الواجب في رأيي أن يعالج هذا الموضوع بصورة جدية وواقعية، وأن نتحمل مسؤولياتنا أمام الله عز وجل، وألا نغمض أعيننا أمام ما يجري في المجتمع، وأن نتلمس حاجة المرأة للعمل، وأن نبحث عن الطرق الصحيحة لتشغيلها، فما دامت قد تعلمت، وتخرجت، فمن الواجب أن نعطيها الحق في أن تعمل وتكسب رزقها بعرق جبينها وفق منهج الله، وأن نوسع ونفتح أبواباً جديدة للعمل الشريف، ونخطط لأعمال جديدة للمرأة، فنحن أمام أبواب قرن جديد يستوجب الاستفادة من المرأة استفادة صحيحة، وتشغيل طاقاتها بصورة تحقق آمالها ومتطلباتها وتسد حاجتها وتعينها على الكسب الطيب والرزق الحلال. ولا بد من نظرة جادة إلى هذا الموضوع، فقد حان الوقت لعمل صالح ومخلص نخطط فيه بصورة أوسع لتوظيف طاقات المرأة، فهناك الآلاف من الوظائف الفنية والطبية وغيرها مما يمكن الاستفادة فيه من طاقات النساء دون أن نقع في مخالفة الله عز وجل. ونأتي الآن إلى قضية مهمة أخرى وهي قضية الأولويات التي يجب أن نضعها ونحن نتقدم نحو القرن القادم، وسيكون في مقدمة ذلك كله ربط الناشئة بالعقيدة الإسلامية وترسيخ القيم والمبادئ في نفوس الناشئة، وإعدادهم الإعداد الصحيح، ثم تهيئتهم للأدوار المهمة القادمة، وأن نتحدث إليهم بلغة يفهمونها، ونقدم لهم نموذج الحضارات العربية والإسلامية، ونركز على القيم الإيجابية، ونأخذ بيد الشباب والناشئة ليتعمقوا في مبادئ وقيم هذه الحضارات، وهنا نحتاج إلى رؤية ومرونة ووعي وانفتاح، ثم احترام للإنسان وخصوصياته وقدراته، حتى يثق فيما حوله ومن حوله ويعتز بكرامته ويأمن على نفسه وعلى مستقبله وحقوقه المشروعة، فالبيئة الصالحة تساعد على بناء المستقبل.إن تحركنا لا بد أن يكون في جو من الاحترام المتبادل وثقة الأجيال فينا، وأن نعمل جاهدين لاحتـــرام حقوق الإنســان وبخاصــة موضــوع حريـــة التعبير والقدرة على الحوار وحرية الكلمة؛ لأن هذه شروط أساسية لبناء المستقبل، وقضية مهمة في إقبال الشباب على المعرفة والحوار والمناقشة من جانب لبناء الذات ثم لبناء الوطن ككل من جانب آخر. ومن هنا فإن ما ندعو إليه هو الاقتراب من الناشئة والشباب، والتعامل مع قضاياهم بوعي وفهم ومسؤولية وجهد صادق لإزالة ما قد علق في أذهانهم من قلق أو شكوك أو سوء فهم أو ظروف مستجدة تتطلب فقهاًيتعامل معها بأبحاث علمية وتجاوب وموضوعية تؤكد أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان بصلاح شريعته التي اختارها الله سبحانه وتعالى وأنزلها على رسوله ، ثم بقدرة العلماء والفقهاء على الأخذ بيد الناس لفهم هذه الشريعة وحثهم على تطبيقها وإعانتهم، والاستماع إلى ما لديهم ووضع الحلول والإجابات المناسبة حتى نربط هذه الأمة بدينها وعقيدتها.
    (1) إعداد الأمة الإسلامية للقرن الحادي والعشرين - تقرير غير منشور أعده البنك الإسلامي للتنمية.
    (2) المستقبل العربي -العدد 217 مارس 1997م.

    نشرفي مجلة (المعرفة) عدد (35) بتاريخ (صفر 1419هـ -يونيه 1998م)
    ..!
    أحبكن .., ولن أنساكن ..,

مواضيع مشابهه

  1. ** قالب كبـــة البطــاطــا **
    بواسطة اسورة في الأطباق الرئيسة
    الردود: 50
    اخر موضوع: 16-09-2011, 10:57 PM
  2. الردود: 59
    اخر موضوع: 06-09-2011, 05:54 PM
  3. الردود: 87
    اخر موضوع: 18-11-2006, 02:15 PM
  4. ؟°o.O (من هو الخالق؟ أدلة وجود الله ،، هل تعرف ربك؟) O.o°؟..##دورة علميـــة##نسخة
    بواسطة ..الغدير.. في مواضيع روضة السعداء المتميزة
    الردود: 87
    اخر موضوع: 18-11-2006, 02:15 PM
  5. كبـــة باللبن
    بواسطة أم ضاري في الأطباق الرئيسة
    الردود: 4
    اخر موضوع: 04-05-2003, 07:36 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ