لا تزال الدعوات إلى خروج المرأة لميدان العمل تحت مبرر إثبات ذاتها ولتسهم بشكل فعال في نهضة وتقدم المجتمع - لا تزال هذه الدعوة ملء السمع والبصر، فلا تكاد تخلو منها جريدة، أو صحيفة إلكترونية، أو برنامج في قناة تليفزيونية "عربية"، بل وتقتحم علينا أحيانًا هذه الدعوات خلواتنا وبريدنا الإلكتروني الشخصي أحيانًا.
ولنا أن نتساءل هنا: ما علاقة ما يشاع من مبررات عمل المرأة لإثبات القدرات الفذة التي حباها بها الله، والتي يفتقر إليها الكثير من الرجال!! –وفق ما يقال- ما علاقة ذلك بعمل المرأة كبائعة أو نادلة أو خادمة ؟! ما هو الإسهام الفكري والتقدمي الذي ستسهم المرأة في إيصاله إلى عناصر المجتمع على اختلاف فئاتهم من خلال توليها مثل هذه الأعمال؟!
لا نستطيع أن نرى من خلال هذه الدعاوي إلا تخبطًا واضحًا ولبسًا ظاهرًا في فهم دور المرأة المسلمة في مجتمعها، فبدلاً من أن تكون معزَّزة كريمة تقوم بأعظم دور تتضاءل إلى جانبه أدوار أكبر الهيئات وأعظم المؤسسات وهو التربية وتكوين الأجيال، بدلاً من ذلك يطالب دعاة التغريب إلى خروج المرأة من منزلها وأن تعمل بائعة في الأسواق أو نادلة ف مطعم .
هل يسر أحدًا أن يرى زوجته أو ابنته وهي تخدِّم على الشباب والرجال في مطعم أو مقهى، سافرةً كانت أو متحجبة حجابًا كاملاً؟! هل يسر أحدًا أن يراها وهي تُلام من أحد الزبائن على خدمة سيئة أو طعام غير ناضج أو شراب غير مناسب؟! لماذا نحط من قدر نسائنا إلى هذا الحد؟!
لا يخفى على القارئ ما يدور في مثل هذه الأماكن من مظاهر عدم الاحترام والتقدير، وتدني مستوى التعامل بين البشر الذين قد يكون من بينهم من هو غائب عن وعيه تحت وطأة التدخين أو المخدرات، أو حتى على أقل تقدير ما يكون فيها من غياب لأسلوب راقٍ من التعامل بين البشر.
إننا نناشد المخلصين الوقوف أمام هذه الدعوات وردها على أصحابها لكي يبقى وطننا كما كان دائما نقيا من الآفات والأمراض ومحافظا على قيمه وأخلاقه ، وعلى دعاة السفور أن يراجعوا مواقفهم ويسألوا أنفسهم : هل يصب ذلك في مصلحة أمتنا وديننا؟! أم أنها مجرد دعوات لمشابهة الغرب والدوران في فلكه، أيًّا كان تأثير هذه الدعوات سلبًا أو إيجابًا.