الروعة في كل مكان
-2-
الأستاذ هارون يحيى

النظام المتقن في المجموعة الشمسية


الشمس كرة نارية ملتهبة تسبح في كون واسع، يبلغ قطرها مليون وثلاث مئة وتسعين
ألف كيلو متر، وهي ثقيلة لدرجة أنها تزن أكثر من 99.8 بالمئة من وزن المجموعة
الشمسية، ويبلغ وزنها 1.99 بليون بليون بليون طن، أما الجاذبية على سطحها فتبلغ
28 ضعف جاذبية الأرض، فإذا كان الإنسان يزن مئة كيلو غرام على الأرض فإنه لو
قدِّر له أن يعيش على الشمس فسوف يبلغ وزنه 2800 كيلو غرام أي وزن شاحنة!



عندما تخرج من البيت أو من المكان الذي توجد فيه تجد أشعة الشمس تغمر المكان، ولكن دون أن تسبّب أيّ أذى، ونحن مدينون في هذا للنظام المتقن في المجموعة الشمسية. وفي الحقيقة إنّ هذه الشمس التي يصلنا منها ضوء ينير حياتنا و يدفئنا بلطف هي عبارة عن بئر سحيقة تملؤها سحب غازية حمراء االلون. وتتكون الشمس من ألسنة اللهب التي تكون على شكل خراطيم عملاقة قادمة من أعماق سحيقة مندفعة نحو الخارج بملايين الكيلومترات .

لا شك في أن هذه الخراطيم النارية العملاقة خطيرة على حياة الإنسان، و لكن جميع أنواع الأشعة الخطيرة القادمة من الشمس يتم امتصاصها من قبل الغلاف الجوي للأرض ومجالها المغناطيسي قبل أن تصل إلينا، وهذا هو النظام المتقن لمجموعتنا الشمسية .


ولو تأمّلنا في بناء مجموعتنا الشمسية لوجدنا أن هناك توازناً دقيقاً و متقناً للغاية، فالذي يحفظ الكواكب من ابتعادها عن الشمس، وبالتالي اندفاعها نحو الفضاء الخارجي الذي يتميز بالبرد القارس، هو التوازن الموجود بين قوة جذب الشمس والقوة الطاردة المركزية للكواكب، فالشّمس تملك قوة جذب هائلة تجذب بواسطتها الكواكب نحوها، والكواكب تستطيع أن تقلل أو تتخلص إلى حد ما من هذه الجاذبية بواسطة قوتها الطاردة المركزية المتولدة عن حركتها المدارية، ولو كانت سرعة دوران الكواكب أقل مما هي عليه لانجذبت نحو الشمس لتبتلع من قبلها مصحوبة بانفجار كبير، ولو افترضنا العكس أي لو كانت أسرع دوراناً لما كانت قوة جذب الشمس كافية لإبقائها ضمن المجموعة، وبالتالي تندفع هذه الكواكب نحو الفضاء الخارجي. بيد أنّ أياً من الافتراضَين لن يحدث أبداً. والمجموعة الشمسية تستمر في الوجود بفضل هذا التوازن الدقيق جداً.


إن هذه الظواهر تُعَدُّ دليلاً على وجود مثل هذا التوازن الخارق في المجموعة الشمسية، وهذه الظواهر تقود إلى حقيقة عظيمة؛ و هي أنّ هذا التوازن الذي يحفظ بنيان المجموعة الشمسية بشمسها و كواكبها، لم يتكوّن من تلقاء نفسه.
إن هذه حقيقة واضحة لكل ذي عقل وتفكير. فالواضح أمامنا أن هذا التوازن قد تم حسابه بدقة متناهية جداً، ويُعَدُّ هذا التوازن آية من آيات الله عز وجل وقدرته التي لا حدّ لها في الخلق و التصوير.


إن العلماء الفلكيين اكتشفوا هذا التوازن الدقيق في المجموعة الشمسية، و قد أوضح كبلر وغاليلو أن هذا التصميم المعجز والخارق ليس إلا دليلاً على قدرة الله تعالى في الخلق و تصرّفه في ملكوته كما يشاء، فهو الله الذي يخلق كلّ شيء بعلمه الذي وسع كل شيء، وهو القوي العزيز جلَّ جلاله.