محبة النبي صلى الله عليه وسلم


إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الواجبات في الدين ومن أعظم الحقوق الواجبة علينا تجاهه صلى الله عليه وسلم على هذا دل القرآن والسنة من هذه الأدلة:



1- قوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }(التوبة24)

دلت هذه الآية على وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وليس كذلك فقط بل يجب أن تكن هذه المحبة مقدمه على كل محبوب كالأب والابن والأخ …الخ

2- ثبت في البخاري من حديث عمر رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شي إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر

3- وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال: فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده

4- وفي البخاري أيضا ً عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.

5- وفي البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار .

6- وفي مسلم عن أنس بن مالك قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله متى الساعة ؟ قال: وما أعددت للساعة ؟ قال: حب الله ورسوله , قال : فإنك مع من أحببت.
قال أنس فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإنك مع من أحببت، قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم .

هذه الأحاديث وغيرها تدل على وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وعظمها في الدين و لهذا كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشد الناس حبا له صلى الله عليه وسلم

فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: ما كان احد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن املأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن املأ عيني منه .

وسئل علي ابن أبي طالب رضي الله عنه كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ

أما الناس بعد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقد انقسموا في محبته إلى ثلاثة أقسام:

1- أهل إفراط
2- أهل تفريط .
3- الذين توسطوا بين الافرا ط والتفريط

فأهل الإفراط منهم الذين بالغوا في محبته صلى الله عليه وسلم بابتداعهم أمورا لم يشرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ظنا منهم أن فعل هذه الأمور علامة المحبة وبرهانها كالاحتفال بمولده و المبالغة في مدحه لدرجة إشراكه في صفات خاصة لله عز و جل ، وهؤلاء ينبغي أن يعلموا أن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكون بالغلو فيه بل بتصديقه فيما اخبر به عن الله، وطاعته فيما أمر به ومتابعته ومحبته وموالاته .

أما أهل التفريط وهم المقصرون في حق النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقدموا حبه على حب النفس والأهل و المال والولد ولم يعزروه ويوقروه ويتبعوا سنته والسبب في ذلك يعود إلى:

1- جهل الكثير منهم بأمور دينهم بما فيها الحقوق الواجبة له صلى الله عليه وسلم والتي من ضمنها محبته فهؤلاء يجب عليهم أن يتعلموا أمور دينهم بما فيها الحقوق الواجبة له صلى الله عليه وسلم .

2- إعراض هؤلاء عن سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وعن اتباع شرعه بسبب ما هم عليه من المعاصي وإسرافهم على أنفسهم وتقديمهم شهوات أنفسهم وأهوائهم على ما جاء في الشرع من الأوامر والنواهي .

فالواجب على هؤلاء الإقلاع عن الذنوب والمعاصي التي هي سبب نقصان إيمانهم وضعف محبتهم وبعدهم عما يقربهم إلى الله تعالى .

وأما الذين توسطوا بين الإفراط والتفريط فهؤلاء هم السلف الصالحين من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم من الذين آمنوا بوجوب هذه المحبة حكماً وقاموا بمقتضاها اعتقادا وقولا وعملا فأحبوا النبي صلى الله عليه وسلم فوق محبة النفس والولد والأهل وجميع الخلق امتثالا لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فجعلوه أولى بهم

تصديقا لقوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) وقاموا بمقتضى هذه المحبة فآمنوا وصدقوا بنبوته ورسالته وما جاء به عن ربه عز وجل، واعتقدوا أنه ليس من المحبة فيء شيء الغلو في حقه وقدره ووصفه بأمور اختص الله بها وحده بل علموا أن في هذا مخالفة ومضادة لتلك المحبة ومناقضة لما أخبر به سبحانه وتعالى .

ولا شك أن لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم علامات ودلائل تدل على حقيقة صدق هذه المحبة

ولهذا كان لزاماً على المسلم أن يعرفها ليحققها ويعمل بها وأهم هذه العلامات ما يلي:

1- الإقتداء به صلى الله عليه وسلم واستعمال سنته وسلوك طريقته والاهتداء بهديه وسيرته والوقوف عندما حد لنا من أحكام شريعته ومحبته صلى الله عليه وسلم من مهماتها وهذه أعظمها
وفي الترمذي فعن أنس بن مالك قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل ثم قال لي يا بني وذلك من سنتي ومن أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة.

وتأمل قوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31

2- أن يرضى مدعيها بما شرعه الله حتى لا يجد في نفسه حرجا مما قضى قال تعالى : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }(النساء65)… فسلب الإيمان عمن وجد في صدره حرجا من قضائه و لم يسلم له .

3- كثرة ذكره له فمن أحب شيئا أكثر ذكره و لبعضهم : المحبة دوام ذكر المحبوب قال ابن القيم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : إنها سبب لدوام محبته للرسول صلى الله عليه وسلم و زيادتها و تضاعفها .

4- نصر دينه بالقول والفعل والذب عن شريعته و التخلق بأخلاقه في الجود و الإيثار والحلم و الصبر و التواضع وغيرها، فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان، ومن وجدها استلذ الطاعات و تحمل المشاق في الدين ، واثر ذلك على أغراض الدنيا الفانية

5- كثرة الشوق إلى لقائه فكل حبيب يحب لقاء حبيبه ، أما في حياته صلى الله عليه وسلم فمعروف وأما بعد موته فبأن يشتاق إلى لقائه في الآخره و يشاهد ذاته الكريم صلى الله عليه وسلم .

6- محبة سنته صلى الله عليه وسلم ، و الذي يشمل: طريقه وهديه بالإقتداء به قولا وفعلا، وأحاديثه فيقف عند حدودها، و هي أوامرها و نواهيها و أن يكثر من قراءتها .

7- محبته لمن أحب النبي صلى الله عليه وسلم و آل بيته وأصحابه ، وعداوة من عاداهم ، وبغض من يبغضهم وسبهم … بغض من أبغض الله ورسوله ، ومعاداة من عاداه ، ومجانبة من خالف سنته وابتدع في دينة واستثقاله كل أمر يخالف شريعته .

إن من يغلو بالباطل في حق النبي صلى الله عليه وسلم لهو ممن يعارض ويضاد شرعه، فلا يحسبن أنه بعمله هذا يحسن صنعا، بل هو جرأة عظيمة في القول على الله بالباطل وزيغ عن الطريق،

وهو لا يقل فداحة عن أولئك الذين يتنقصون من قدره صلى الله عليه وسلم ممن كان بعضهم أبناء لهذا الفكر أو قريبين منه أو ممن ـثروا بالثقافات الوافدة ألا فاليعلموا جميعا أنهم قد سلكوا الطريق الخطأ وأنهم سيدركون الحق عما قريب ولكن أخشى أن يكون بعد فوات الأوان.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بقلم الاخت * ور هدى*

قد يعجبك أيضاً ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *