الرجوع للحق مطلب والتمادي في الباطل خطأ

قضايا لها صلة بالموضوع

1- الرجوع للحق مطلب والتمادي في الباطل خطأ

2- بيــــــــــدي لا بيـــــــــــد عمــــــــــرو

3- الحـــــــــــــــــــب المستحيـــــــــــــــــــل

4- كيــــــف أنســــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه؟

عندما تتورط الفتاة في علاقة مع أحد الشباب فإن هذه العلاقة تبدأ في العادة على شكل كلام عام، وقد يكون فيها نوع من عبارات الإعجاب والثناء والغزل.. وبعد هذا تزداد العلاقة قوة بحيث تأخذ منحنى خطرًا، وتبدأ عبارات الإعجاب والحب والغزل الصريح والوعود بالزواج والحب الخالد بالظهور.. إلى أن تصل هذه العلاقة إلى مرحلة التعلق والحب الذي يطمس صوت العقل.
عند هذا يبدأ الشاب- أو الفتاة في بعض المرات- بمحاولة زيادة هذه العلاقة الناشئة عن مجرد الكلام إلى رؤية صورة الحبيب، وشيئًا فشيئًا تزداد هذه العلاقة وتستعر نار الشهوة والحب في الطرفين فيكون اللقاء ويتلوه اللقاء حتى يحصل المحظور والعياذ بالله.
والذي يحدث في أكثر الحالات أن الشاب يقوم بتسجيل المكالمات الغرامية هذه، والتي- بالطبع- فيها اسم الفتاة وسنها ومعلومات كثيرة عنها وعن عائلتها، وهذه المعلومات تكون من الكثرة بحيث يتأكد من يسمعها أنها فعلاً لهذه الفتاة وأنه لا مجال لها للإنكار أبدًا.. وعندما يحصل الشاب على الصورة فإنه يكون قد حصل على الدليل الثاني. وإذا تطورت العلاقة إلى الخروج مع ذلك الشاب فإنه قد يكون هناك تسجيل فيديو فيكون هذا هو الدليل الثالث..
وهذه الأدلة- وغيرها- تساعد الشاب على ابتزاز الفتاة، وإجبارها على قبول مطالبه التي لا تنتهي إلا برغبته هو، وبعد أن تكون الفتاة قد استخدمت من قِبَلِه، وربما من قِبَلِ أصدقائه أيضًا.
ويخطئ من يظن أن كل شاب معاكس يتمنى أن يصل إلى ما يريده من الفتاة حتى يستخدمها بهذه الطريقة، فإن هناك نسبة بسيطة جدًا منهم تكون مخلصة لمن يحبون، ويكون الابتزاز والإجبار ليس واردًا عندهم، بل يكون الحب صادقًا ومن القلب.. ويختم هذا الحب بالزواج. لكن.. هذا لا يعني أنه حب جائز، بل هو محرم. ولا بد من الزواج حتى تكون علاقة الحب بين شاب وفتاة علاقة مباحة.
وإلى أختي الفاضلة التي انتبهت لنفسها قبل أن تلطخها أوحال المعصية وتحيط بها قيود العار.. أقول:
قد تكونين الآن في مرحلة من هذه المراحل، وقد تكونين متيقنة مِنْ أن مَنْ تكلمينه لن يقتنع بهذه المرحلة إلا كممر أو وسيلة لبلوغ المرحلة التي بعدها، وأنتِ تعلمين أنكِ وأنتِ تتحدثين معه قلتِ له الشيء الكثير، قلتِ له اسمك وعمرك واهتماماتك، وقلتِ له تفاصيل حياتك وحياة عائلتك، وقلتِ له الكثير من التفاصيل التي يمكنها أن تكون خطرًا كبيرًا عليكِ إذا وصلت إلى أهلكِ.
ربما أنكِ الآن في حيرة من أمرك! تقولين: ماذا أفعل ؟ هل أصدق كلامه المعسول وأستمر في هذه العلاقة؟ أم أقطع الصلة بهذا الرجل وغيره وأرفض هذه العلاقات المشبوهة؟!
وإذا توقفتُ.. ماذا عن الأدلة التي يملكها علي؟! وهل سيسكت عني أهلي إذا عرفوا ما الذي فعلته؟
قد تكونين في حيرة من أمركِ- ويحق لكِ هذا- وسأناقشكِ لعل الله أن يدلكِ على الطريق الآمنة، ويدلكِ على الأجوبة الصحيحة لهذه الأسئلة.

أيتها الأخت:
متى تنوين التوقف؟ وما هو الحد الذي إذا وصلتِ إليه ستقررين قطع العلاقة بمن تكلمينه؟ وإلى متى التسويف؟
أيسركِ أن تقعي في المنكر؟
وهل أنتِ متيقنة من إخلاص هذا الشاب لكِ؟
وما الذي يضمن لك أنه سيتزوجك بعد أن يحصل منكِ على ما يريد؟!
ألم تسمعي اعترافات كثير من الشباب بأن ما يفعلونه ليس إلا من باب “الوناسة وسعة الصدر” ؟

ألم تقرئي أو تسمعي عن عشرات الفتيات اللواتي فقدن عفتهن ثم ذهب فرسان أحلامهن وتركوهن يتجرعن المرارة والألم؟ لماذا تحول فرسانهن إلى ذئاب وأنتِ تظنين أن فارس أحلامكِ سيبقى حملاً وديعًا؟
هل رأيتِ لصًا يطرق باب الدار ليستأذن أهل البيت في ســــــــــرقة منزلهم؟! إن هذه ليست طريقة اللصوص، فاللصوص يأتون من النوافذ في حين غفلة من أهل البيت.. ألا تشعركِ هذه العلاقة بأنكِ الدار التي تسرق؟! ألا يخيل إليكِ أن المعاكس لص يحاول اقتحام ذلك السور الذي أمركِ الله بحفظه إلى أن تهدينه لزوجكِ كدليلٍ واضحٍ على عذريتكِ وشرفكِ وعفتكِ؟!
لو رأيتِ نارًا تتأجج في حفرة كبيرة فهل ستفكرين في الاقتراب منها؟! أنا لا أطلب منكِ إلقاء نفسكِ في النار.. كلا، بل أطلب منكِ الاقتراب فقط.. إن هذا جنونٌ بلا شك، فالعاقل لا يقترب من المكان الذي فيه إيذاء له.. وهذا صحيح، والعاقلة لا تضع نفسها قريبًا من حفرة النار هذه بحجة أنها تضيع الوقت وتسلي نفسها.. بل تفرُّ من هذا المكان حفاظًا على نفسها وعلى سمعة عائلتها.

الذي أنصح به كل فتاة تورطت في علاقة كهذه أن تبادر بقطع هذه العلاقة الآن، فإن كانت في البداية فهذا خير، وإن كانت قد وقعت في شي من الحرام فلتعلم أن فعل الحرام لمرة أهون من فعله مرتين.. وباب التوبة مفتوح ولم يغلق إلى الآن.. فبادري قبل أن تبلغ الروح الحلقوم وتنقطع عليك طرق التوبة.

واعلمي أن الرجوع للحق خير لكِ من التمادي في الباطل بحجة أن هذه آخر مرة أو أن هذا الشاب ليس كغيره أو أنكِ ستتوقفين عند حد معين، ورجوعكِ قبل أن تكلميه بالهاتف خيرٌ لكِ من التوبة بعد هذا، ورجوعكِ بعد أن تتبادلي معه الصور خيرٌ لكِ من رجوعكِ بعد الخروج معه، وتوبتكِ قبل الخروج خيرٌ لكِ من التوبة بعد وقوعكِ في جريمة الزنا والعياذ بالله.
تذكري- أختي المؤمنة- قول الله تعالى { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} (53/الزمر).. واعلمي أن كثيرات غيركِ وقعوا في الحرام أو مقدماته، فمنهن من تابت فتاب الله عليها وبدّل سيئاتها حسنات، ومنهن من لقيت الله ولما تتب من ذنوبها وستلقى الله وقد سجلت هذه الخطايا في صحائفها، فبأي وجه ستلقى الله سبحانه وتعالى؟!

إذن.. لا تتمادي في الحرام واسمعي نداء العقل قبل أن يُغلق عليكِ باب العودة.. واحذري كل الحذر من التسويف فإنه داء لا علاج له إلا العزيمة الصادقة على التغيير.

بيـــــدي لا بيـــــــد عمــــــــرو

عندما تعود الفتاة لوعيها ولدينها وتعرف أن السبيل الوحيد للرجل لكي يصل إليها هو الزواج فإنها تواجه خطرًا يتمثل في الأدلة التي تدينها عند أهلها، وتختلف الأدلة هذه من رقم الهاتف ومعلومات عامة عنها، إلى صورتها وتسجيلات لمكالماتها الغرامية مع هذا الرجل، إلى أخطر شيء وهو تسجيل فيديو لها وهي تمارس الحرام معه سواء أكانت الفاحشة والعياذ بالله أم مقدماتها.
والذي أعتقد أنه أكثر ما يؤرق هذه الفتاة وأمثالها هو تسجيل المكالمات في الدرجة الأولى, والمعلومات الشخصية في الدرجة الثانية، أما الفيديو فهذه مرحلة متقدمة لا تصل إليها كثير من الفتيات إلا بعد أن يغيب عنها العقل والدين والخوف من الله والناس في تلك اللحظة. ومهما يكن الدليل الذي يحتفظ به الشاب والذي بواسطته يستطيع أن يبتز هذه الفتاة, فإن هذا لا يبرر لها التمادي في الباطل.. كلا, بل يجب عليها أن تتوقف فورًا قبل أن تتوغل قدماها أكثر في هذه المشكلة، وتصل لمرحلة اللاعودة، أو العودة بعار يلازمها طول حياتها.. وبما أن أغلب المعاكسين يكون كاذبًا في زعمه أنه يحب فتاته وأنه لا ينام الليل من التفكير بها وأنه يتشوق لسماع صوتها أو رؤية صورتها وأنه وأنه …. إلخ، فإنهم لا يجدون حرجًا في ابتزاز الفتاة التي لا تستجيب لهم، وخصوصًا أن الفتاة التي تربت في بيئة محافظة تجد حرجًا كبيرًا جدًا في الخروج مع الغريب إما خوفًا من الله أو خوفًا من الأهل أو خوفًا من الفضيحة.. فالكلام في الهاتف- أي من وراء ستار- شيء، والخروج في صحبة رجل غريب شيءٌ آخر.
وفي الوقت الذي يجد المعاكس فتاته قد أوصدت أمامهُ السُبل فإنه يلجأ للابتزاز والتهديد بالأدلة حتى ترضخ الفتاة لما يريده منها؛ والذي لا تعلمه الفتاة- غالبًا- أن استجابتها لتهديده سيكون دليلاً جديدًا وأداة ابتزاز أقوى تضعه هي بنفسها في يده، فتظن أنها حينما ترضخ له هذه المرة فإنه سيتركها وشأنها. وليس هناك حل لها إلاَّ التوقف عن الانحدار في هذا المستنقع الآسن فورًا، والبُعد عن هذا الشاب بدون أي تردد، وذلك بقطع علاقتها به وتحمل تبعات تصرفها الخاطيء؛ فإن وقوعها تحت رحمة أهلها- مهما فعلوا بها- أفضل لها بكثير من الوقوع تحت رحمة شاب طائش لا هم له إلا قضاء حاجته منها فقط.
وهنا نطرح هذا السؤال: ما الذي يجب أن تفعله الفتاة حتى تتخلص من الأدلة التي تدينها؟ أو على الأقل تتخلص من تأثيرها السلبي القوي عليها في حالة وصولها لأهلها؟

يجب أن تفكر الفتاة بهدوء وتعقل وبعيدًا عن التفاؤل الزائد أو التشاؤم الزائد، ثم تجيب عن هذه الأسئلة:
“هل من الممكن أن يوصل الشاب ما عنده من الأدلة لأهلها؟ وهل الأدلة هذه كافية لإدانتها عند أهلها؟ وما هي العقوبة التي يمكن أن تقع عليها من قِبَل أهلها؟! “

فإن كان يغلب على ظنها أنه لن يفعل ذلك لأنه لا يمتلك دليلاً كافيًا، أو أنه حتى لو فعل فسيكون إنكارها سهلاً لضعف حجته وعدم قدرته على إدانتها عند أهلها، أو أنها تعرف أن أهلها لن يهتموا كثيرًا بما حصل- وهذا النوع من العائلات موجود بيننا-.. المهم أنه ترجح لديها أن أدلته لن تكون سببًا في مشكلة كبيرة تحل بها، فعلى هذه الفتاة أن تستر نفسها، وتكفيها التوبة النصوح وصدق الرجوع إلى الله، كما أن عليها أن تحمد ربها عز وجل على أن هداها للتوبة قبل أن تفقد شرفها وتشوه سمعة عائلتها. ولا أنصحها أبدًا بالاعتراف على نفسها لأن هذا ليس من المصلحة في شيء(1).
أما إن غلب على ظنها أن هذا الشاب سيوصل ما لديه من أدلة لأهلها حتى يفضحها، وأن أدلته قوية (كالصورة أو التسجيل الصوتي أو المرئي) فهذه هي من أوجه الكلام لها في هذه النقطة ( بيدي لا بيد عمرو ).

أختي الكريمة:
مهما كان الدليل قويًا فإن عليكِ أن توقفي علاقتكِ بهذا الشاب، ومهما يكن دليلهُ قويًا فلا تظني أن استمرارك في الرضوخ لمطالبه سيجعله يتركك وشأنكِ، بل إن الدليل الجديد سيزيده قوة إلى قوته وسيمكنه من ابتزازك أكثر من ذي قبل.. ولا تظني أن الرضوخ لهذا الشاب سيجعله يترككِ في حال سبيلكِ، فأنتِ له وسيلة مجانية لإفراغ شهوته ولن يفرط بهذه الوسيلة بسهولة.

والذي عليكِ أن تفعليه هو أن ترفعي شعار ( بيدي لا بيد عمرو ).
فإذا كان الخبر سيصل لا محالة للأهل.. فلتكوني أنتِ من يوصله لهم، أو فليكن شخص ثالث تثقين به من العائلة، بحيث يخبر الأهل عن توبتكِ الصادقة ورجوعكِ عن هذا الخطأ مع تحمّلكِ لأي عقاب قد يلحقه بكِ أهلكِ. وتأكدي أن أهلكِ أرحم بكِ من ذلك الشاب العابث مهما كان نوع العقاب.
وفي العادة، إذا أحس الأهل من ابنتهم التوبة الصادقة والندم على ما فعلت فإنهم مهما كانت ردة فعلهم ( المقاطعة / الحبس في البيت / بل حتى الأذى الجسدي )، فإنها ستكون أفضل لها من أن يكتشف أهلها الحقيقة من ذلك الشاب العابث لسببين:

الأول: أنها في نظرهم مقرّة بخطئها معترفة به ونادمة عليه..
الثاني: أنها أتت واعترفت باختيارها ولم يجبرها أحد، وهذا يدل على أنها صادقة في توبتها، وهذا سيجعلهم في صفها ضد هذا المعاكس.

أما إن جاءهم الخبر من ذلك الشاب فما الذي سيشعرهم بأن ابنتهم تائبة؟! أو ما الذي سيؤكد لهم أنها اعترفت وعرفت خطأها؟
لا شك أنهم سينظرون لها على أنها ما زالت منحرفة لأنها لم تتب من هذا الانحراف، ولو أن ذلك الشاب ما فضحها لما كانت قد ارعوت.
وعندما أنصح الفتاة بالاعتراف قبل أن يصل الخبر من غيرها، فإني لا أطلب منها أن تعترف وليكن ما يكون.. كلا، بل يجب عليها أن تبحث عن شخصٍ قريبٍ منها بحيث لا تجد حرجًا كبيرًا في مصارحته، ويغلب على ظنها أنه سيساعدها، وهذا الشخص إما أخ أكبر أو أخت أو عمة أو خالة أو صديقة.. إلخ، المهم أن يكون ممن يستحق أن تصارحه بمشكلتها ويكون على استعداد للمساعدة. ويمكنها أن تستخدم أسلوب الرسائل إن خشيت من المواجهة، ولتبين لأهلها أنـها نادمة وتائبة وأنها ستتحمل أي شيء يفعلونه بها. ولتحرص على الوقت المناسب، فإن ما ستعترف به سيسبب لهم صدمة قوية، فلتحسن اختيار الوقت المناسب.

وأنصحك بمقارنة الأمرين معًا حتى تعلمي أيهما أخف ضررًا:
1- اعترافك وتحملك لما سيأتيكِ من أهلك
2- الصبر حتى يصل الخبر وينكشف المستور

نعم، أنا لا أزعم أن الاعتراف سهل ولكني متيقن أنه أسهل من الصبر حتى يأتي الدليل، وأسهل من اكتشاف الأهل لأخطائكِ السابقة من خلال ذلك الشاب المعاكس.

قد تقولين هذا صعب جدًا..
وأقول لكِ: نعم هو كذلك ولكنه الحل الوحيد، وهو أخف الضررين.


تأليف أ/ أحمد بن محمد الهرفي
جامعة الإمام محمد بن سعود

قد يعجبك أيضاً ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *