ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان محمدا عبده ورسوله . وبعد :
ان الله جل وعلا قد خص شهر رمضان بمزايا خيرة وبفضائل نيرة فجعله شهر الايمان والتقوى وشهر الفرقان والهدى وضاعف فيه الاعمال ورفع به درجات الصائمين في الاولى والمال . قال تعالى : " شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان "
فطوبى لمن صامه ايمانا واحتسابا واجتنب به النار اجتنابا فكان في نهاره من الذاكرين وفي ليله من العابدين الشاكرين وعلى جوعه وعطشه من المحتسبين الصابرين ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه "
فماهي احوال السلف في رمضـــان ؟؟
رمضان شهر لما ...؟؟ .. شهر للتعبد والتوبة ...
احبتي في الله ....
لا ريب ان عبادة الله جل وعلا هي غاية المسلم في الحياة .. فعبادة الله سبحانه تشمل كل الاقوال والافعال الظاهرة والباطنة التي يرضى عنها الله جل وعلا وبذلك فهي غاية مستمرة استمرار الحياة في الانسان المسلم .
ولكن ... هذه الغاية اشد ترغيبا في شهر جليلة فضائله .. كثيرة فوائده .. عظيمة مناقبه .. فقد انزل فيه القران .. وبسط فيه نفحات الغفران .. وضاعف فيه الاحسان قال تعالى : " شهر رمضان الذي انزل فيه القران "
وقال صلى الله عليه وسلم : " نزلت صحف ابراهيم في اول ليلة من شهر رمضان وانزلت التوراة لست مضين من رمضان وانزل الانجيل لثلاث عشر ة من رمضان وانزل القران لاربع عشر من رمضان "
فشهر رمضان سلوان كل مذنب وتذكرة لكل غافل وتعليم لكل جاهل وترغيب لكل عامل .
فيا من اسرف على نفسه واتبعها الهوى , وجانب االصواب في ايامه وغوى .. هــاقـد اتــاك الكـريم بشهـر كريـم تجدد فيه ايمانك وتمحو به عصيانك .. وترد عنك فيه مغبة الذنوب .. وتتوب فيه وتؤوب !
احبتــي ... تذكروا ان ادراككم لهذا الشهر المبارك نعمة عظيمة ومنة كريمة ... فهي فرصة وغنيمة !
ففيه يضاعف الثواب والعبادات . وفيه تفتح ابواب الجنات . وفيه تستجاب للصائم الدعوات . ومن صام ايمانا واحتسابا كفر عنه ماتقدم من ذنوب وخطيئات !
فاجعلوا احبتي من رمضان شهر عبادة .. ودليل سعادة .. وخير وزيادة !
قال تعالى : " وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون "
فاذا كان الله جل وعلا قد دعا عباده الى التوبة رجاء الفلاح في سائر الاوقات , فان افضل التوبة وازكاها شهر رمضان الكريم بماحباه الله من فضائل وخصائص تدل على بركته وعظيم شانه .
قال السري السقطي : " السنة شجرة , والشهور فروعها , والايام اغصانها , والساعات اوراقها , وانفاس العباد ثمرتها , فشهر رجب ايام توريقها وشعبان ايام تفريعها ورمضان ايام قطفها , والمؤمنون قطافها "
احبتـي ... لو فتح لاهل القبور باب للاماني لتمنوا حياة يوم في رمضان ... يجوعون فيه لله ! يظمأؤون فيه لله ! ويحيون نهاره بتلاوة القران وزيادة الايمان وطلب الغفران ويحيون ليله بالتعبد والقيام والدعاء والبكاء والتضرع وطلب العتق من النار ...
احبتـي ... هانحن ذا نحيى صحيحين سليمين ... وهاقد اتانا رمضان .. ونحن ضاربي عنه صفحا بالنسيان ... أترانا نسينا فواضله ؟!
ام ترانا جهلنا مناقبه ؟! ام ترانا ضمنا الغفران فلم يستنفر ايماننا مجيء رمضان ؟!
فلنتامل يارعاكم الله في هذا الشهر واعظم به من شهر ! ولنتذكر يوم نوضع في القبر ...
وقـل ساعدي يانفس بالصبر ساعة ... فعنـد اللقـا ذا الكـد يصبـح زائـلا
فمـاهي إلا سـاعة ثـم تنقضـي ... ويصبح ذا الاحـزان فرحـان جـاذلا
احبتي تذكروا ... " ان لله في كل يوم وليلة عتقاء من النار في شهر رمضان , وان لكل مسلم دعوة يدعوا بها فيستجاب له "
تذكروا ... " ان في رمضان ليلة القدر هي خير من الف شهر . قال تعالى : " ليلة القدر خير من الف شهر "
تذكروا ... ان " من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه ومن قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه "
تذكروا ... انه " اذا دخل رمضان فتحت ابواب الجنة وغلقت ابواب جهنم وسلسلت الشياطين "
وتذكروا ... " ان الله جل وعلا يقول : كل عمل ابن ادم له الا الصيام فانه لي وانا اجزي به "
اخي واختي الافاضل ... ( يامضيعا اليوم تضييع امس , تيقظ ويحك فقد قتلت النفس وتنبه الى السحور فالى كم نحس واحفظ بقية العمر فقد بعث الماضي بالبخس ... يامن يجول في المعاصي قلبه وهمه يامؤثرا الهوى على التقى لقد ضاع حزمه ! يامعتقدا صحته فيما هو سقمه يا من كلما زاد عمره زاد اثمه ! ياطويل الامل وقد رق عظمه )
تأمل فيما يفوتك في شهر الرحمة والغفران ! وتذكر من صام معك رمضان الماضي , هل ادرك رمضان اليوم ام اهلكته المنون القواضي ! فبادر رحمك الله الى التفرغ للعبادة ... والتوبة والاستغفار ... والمحافظة على الاذكار والتبتل والدعاء بالاسحار
كان الامام مالك اذا دخل رمضان نفر من قراءة الحديث ومجالسة اهل العلم واقبل على تلاوة القران من المصحف .
وكان بعض السلف يختم القران في قيام رمضان في كل ثلاث ليال وبعضهم في كل سبع ليال منهم قتادة . وبعضهم في كل عشر منهم ابو رجاء العطاردي .
وكان الاسود يقلاا القران في كل ليلتين في رمضان .
وكان النخعي يفعل ذلك في العشر الاواخر منه خاصة . وفي بقية الشهر في ثلاث .
وكان قتادة يختم في كل سبع دائما وفي رمضان في كل ثلاث وفي العشر الاواخر كل ليل .
وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة وعن ابي حنيفة نحوه .
فلله در السلف ...
" نظروا الى الدنيا بعين الاعتبار فعلموا انها لا تصلح للقرار فنفصوا بالصيام لذة الهوى بالنهار وبالاسحار هم يستغفرون ابدانهم قلقى من الجوع والضرر واجفانهم قد حالفت في الليل السهر ودموعهم تجري كدائمة المطر تاهب القوم فهم على اقدام السهر عبروا عليهم ومروا لديكم وماعندكم خبر وترنمت حداتهم لو تسمعون "
احبتي ... تذكروا ان فلاح الدارين متعلق بتحقق التقوى في نفسك ثم تذكروا ان رمضان سبيل التقوى قال تعالى : " ياايها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "
فكيف يعبد المسلم ربه في رمضان وكيف يقضي لحظاته حتى يكون من المتقين الفائزين بفضله وثوابه ؟
لنــا لقــاء اخـر باذنـه تعالـى مـع هـذا السـؤال واجابتـه .........
من كتاب عودة الى رمضان السلف
تاليف : ابو الحسن بن محمد الفقيه ... بارك الله فيه واثابــه
رد مع الاستدلال
الروابط المفضلة