الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد r، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
مع إشراقة فجر الإسلام كان الاهتمام بالعلم اهتماماً كبيراً ، وفي أولياته توسيع مدارك الإنسان وطريق سلك العظماء،
(.. اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ..)العلق1،
فانطلق العلم في هذه الأمة ، وجعل سلوكه توفيق إلى الجنان..
(.. يَرفعِ اللهُ الَّذيِنَ آمَنُوا منَكُم والذين أُوتُوا العلمَ دَرَجَاتٍ ..)المجادلة11،
يقول عليه الصلاة والسلام:عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول r :
(.. مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ..)رواه مسلم،
وقد رفع الله عز وجل قدر أهل العلم وشرفهم على من سواهم ، وجعل العلم مطلوب تسعى لتحصيله النفوس الشريفة ، بالصبر
وبالمثابرة ، وبالعزم في تحصيله والوصول إليه ، وجعل معلمه قائداً تربوياً يخوض معركته
ضد الجهل بكل بقوة متسلحاً بالإيمان ؛ ليسعد الناس من حوله ، ويترك آثاراً واضحة على المجتمع بكامله..
قال ابن عباس رضي الله عنه فى حديث مرفوع إلى النبى r:
(.. إن الذى يعلم الناس الخير تستغفر له كل دابة حتى الحوت فى البحر..).
ولقد أثبتت السُّنّةُ المطهّرة ، وأثبت القرأن الكريم أن رسول الله r رغم أميته ، هو المعلم الأول للناس والبشرية جميعاً ،
حيث ذكر العديد من الوسائل والأساليب التي كان يستخدمها في تعليم الدين لأصحابه وتصويب الأخطاء لمن وقعت منه؛ ليكون لنا في ذلك الأسوة والقدوة ..
قال الله تعالى : (..هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ..)الجمعة2.
وقال تعالى : (.. وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً..)النساء79
وقال تعالى أيضاً : (.. وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ..)سبأ28.
وروى ابنُ ماجَهْ في ( سُنَنه) ، عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال :
(.. خَرَج رسول الله r ذاتَ يوم من بعض حُجَره ، فدخلَ المسجد ، فإذا هو بحَلْقَتين : إحداهما يَقرؤون القرآن ويدَدعون الله تعالى ،
والأخرى يَتعلَّمون ويُعلِّمون ، فقال النبي r :
(.. كُلٌّ عَلَى خَيْرٍ هَؤُلَاءِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ
مَنَعَهُمْ،وَهَؤُلاَءِ يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ،وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا , فَجَلَسَ مَعَهُمْ ..)..
من المعروف أن التربية والتعليم معيار حضارة الشعوب ، .. فأول ما صدر للبشرية هو التعليم:
(.. وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا..)البقرة31
وكان أول معلمٍ في هذه الأمة ومازال هو رسولنا الكريم محمد r وأول مدرسةٍ في الإسلام
(.. مدرسة دار الأرقم بن أبي الأرقم..) ..
(.. مركز للقيادة ومدرسة للتربية والإعداد..)
ومن ذلك المعلم ، وفي تلك المدرسة ، ومن أولئك التلاميذ صاغ العرب نواة حضارتهم ،
فحين نزل القرآن الكريم في القرن الأول الهجري ودارت أحداث سيرة الرسول r وصحابته الكرام اللذين تعلموا وأمروا أن يبلغوا العلم ،
والذي اصبح لكل واحد من هؤلاء الأصحاب دليلٌ ناطق على عِظم هذا المعلم المربي الأمي الأوحد بالخيرr ،
الذي منحه الله سبحانه وتعالى عالى العلم ، وأتم عليه النعمة ، وامتن عليه بقوله سبحانه:
(.. وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ..)النساء113
فكان r القدوة الحسنه ، فلم يكن فظاً غليظاً فينفضوا من حوله.. فأحبوا تلاميذه النظر إليه والجلوس بين يديه وإنفاق مالهم على دعوته وورثوا علمه..
فكانت النتيجة ، حيث أصبحوا بفضل الله من رعاة غنم إلى خالدون سادوا الحضارات في وقت قصير ، وأخرجوا العباد من عبادة العباد إلى..~
عبادة رب العباد ، وورثوا الإنسانية منهج صلاحها ..
الروابط المفضلة