أمهات لك والمقبلات على الأمومة
والامومة هى من أشرف المهام التى أسندها الله سبحانه وتعالى للمرأة على مر الزمان ولقد كرم الله الوالدين فى كتابه العظيم
قال تعالى :
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)
[الإسراء:23]
وقد خص رسول الله
الام بالبر فى الحديث الشريف المعروف :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
" مَنْ أَبِرُّ ؟ قَالَ : أُمَّكَ ، قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمَّكَ . قَالَ : قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبَاكَ ، ثُمَّ الأَقْرَبَ ، فَالأَقْرَبَ " .
وهكذا نرى قيمة وقدر الأم عند الله ورسوله
ولكن ليست كل أم هى المقصودة بكلام الله سبحانه وتعالى
وحديث رسوله
لكن المقصودة هى الأم التى تعلم قيمة عطاء الله العظيم لها بأن وهبها الأمومة فى حين حرم غيرها فكم من أمرأة تريد أن تضحى بالغالى والنفيس ليكون لها ابناء
والأمومة الحقة ليست سهلة اذا كانت الأم تريد أضافة شاب أو فتاة يعتز بهما الدين والمجتمع ويكونا لها صدقة جارية تنفعها فى دنياها وأخرتها كما ورد فى الحديث الشريف:
عن أبى هريرة رضى الله عنه
أن رسول الله
قال إذا مات ابن آدم أنقطع عمله إلا من ثلاث :
(صدقة جارية - أو علم ينتفع به - أو ولدا صالح يدعوا له)
رواه مسلم
الولد هنا يعنى الابن سواء كان صبى أو فتاة
وقبل أن أطرح عليك تجربتى أعرفك بنفسى
انا زوجة وأم وجدة وحماة
وهبنى الله ولد وبنت مع أنى حملت ثلاث مرات
ولكن البركة فيما بقى لى منحة من الله
لذلك انا كبيرة فى السن وتجربتى قد تضيف إليكن
وليس هدفى الفوز ولكن عرض تجربتى لتستفيد بها بناتى الامهات الصغيرات
عندما تزوجت تحريت قدر الأمكان أن يكون زوجى ذو دين وخلق ولم يكن ضمن أهتماماتى أن يكون زوجى غنيا إلا بخلقه ودينه
كما تحريت منذ اول يوم زواج أن أتأكد من كل قرش يدخل بيتى هل مصدره من حلال و ناتج من عمل زوجى الذى كان يعمل طوال اليوم صباحا فى وظيفة حكومية وبعد الظهر فى شركة خاصة لنستطيع أن نكون أنفسنا دون الاحتياج لأحد إلا الله سبحانه وتعالى فأنا كنت دائما أضع وصية رسول الله
روي الإمام الطبراني في الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي "صلي الله عليه وسلم"
قال لسيدنا سعد بن أبي وقاص
(ياسعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة. والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوما. وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولي به)
وعندما تزوجت كان معى شهادة الثانوية العامه فقط و كنت أعمل فى أحد الشركات و قد كنت منتسبة لأحدى كليات التجارة حتى أستطيع أن يكون لى مستقبلا أفضل حين حصولى على مؤهل عالى ولله الحمد كان زوجى جزاه الله خيرا عنى يشجعنى كثيرا وكان وجوده خارج المنزل كل النهار وجز من الليل يشجعنى على القيام بواجباتى المنزليه ومذاكرة دروسى بعد عودتى من العمل
وبعد شهرين حدث الحمل وأستمر أربعة أشهر ولكنى مع المجهود المبذل فى المواصلات للذهاب للعمل والكلية و لم يكن عندنا سيارة وقتها
سقط الحمل عن أربعة أشهر وحزنت أنا وزوجى كثيرا
مما دفع زوجى لتخيرى بين العمل أو الدراسة
فأخترت الدراسة على أساس أنى أعمل بعقد مؤقت والمؤهل العالى سيوفر لى وظيفة أفضل وكنت مازلت فى الفرقة الاولى
فأخترت الدراسة وتركت العمل
وبعد حوالى خمسة أشهر حملت للمرة الثانية
وفرحنا كثيرا بهذا الحمل الجديد
ودعيت ربى أن يكمله لى على خير
وكنت أثناء حملى أتعامل مع جنينى كأنه موجود فعلا معى فكنت أسمه القرآن و أتحدث له وأدعوا له أن يكون من الصالحين وأن يكون قرة عين لى ولأبيه
ونذرت أن أربيه كما أمرنا الله وأن أوفر له كل ما أستطيع من حب ورعاية وحماية
وهكذا كان برنامجى مع مولودى حين وصل إلى الدنيا وحينما حملته بين يدى وقد أذن له أباه فى أذنيه دعوت بهذا الدعاء واريد من كل أم ترزق بمولود أن تدعوا به حين ترى وجه مولودها الجديد
قوله تعالى :
(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )
74(الفرقان)
وهكذا أضيف لحياتى عمرا جديدا بالهبة الربانية التى منحها لى ربى وأصبحت أضع طفلى فى المرتبة الاولى فى حياتى مع عدم أهمال زوجى وخاصة أنه كان يحضر للمنزل حضور الضيف يأكل ويلعب مع ابننا ثم ينام لشدة تعبه فى العمل فهو يخرج من الثامنة صباحا ويعود فى العاشرة مساء
وهكذا مرت بنا الايام حتى وصل أبنى لسن الرابعة من العمرفحملت مرة أخرى ووهبنى ربى طفلة جميلة وقد أختار لها اسمها ابنى وكان على اسم صديقة له فى الحضانة وقد كان هذا التصرف من أسباب حب أبنى لأخته وعدم الغيرة منها فقد أصبح يحس أنه مسئول عنها معى
وحمدت ربى كثيرا على عطائه وكنت قد أنتهيت من دراستى وجلست فى انتظار التعين وكان همى الاول والاخير هو تربية ابنائى
و الآن سوف أضع لكن خطة تربيتى لأولادى نعم خطة فكل مشروع تريدين أن يكون ناجحا فلابد له من وضع خطة بناء يبدء من الاساس السليم ثم يعلو ليصل إلى الناتج النهائى الذى لا تهزه الرياح أو العواصف أو الزلازل
وهل هناك ما هو أهم من بناء الانسان ؟
و قد قمت بتربية ابنائى منذ نعومة أظفارهما على الحب والحنان وأنهما عندى أغلى ما فى الحياة
و كان تربيتى لهما تتغير حسب المرحلة السنية لكل منهما
ففى السنوات الاولى
كان الحب والحنان والتوجيه البسيط هو السائد مع الاهتمام الكامل برعايتهم صحيا وغذائيا فكما كنت أرضعهما حليبى كنت أرضعهما حنانى و حبى حتى الثانية من العمر
وفى الثالثة والرابعة
بدأت أدخل التعليم للحروف وآيات القرأن الصغيرة والالعاب التى تنمى الذكاء و كنت أحكى القصص المفيدة التى تمنى عندهما معانى الصدق وعدم الكذب و عدم أخذ ما لايخصنى إلا بعد أستئذان صاحبه
وتعليم القواعد السليمة للأكل والنظافة الشخصية والاعتماد على النفس فى بعض الامور والنوم فى حجرة منفصلة
وبداية من السابعة وما بعدها
كانت تربيتى لأولادى مقسمة على ثلاث محاور
المحور الدينى و الاجتماعى
المحور الدراسى
1
المحور الدينى والاجتماعى
كان حب الوضوء و الصلاة وتعلمها وكنت اذا أذن المؤذن أقول لأولادى
من يريد أن يكلم الله يقوم ليتوضئ معى ولنصلى
واذا جلسنا نقراء القرآن أقول لهم تعالوا نقرأ
ولنعلم ماذا يريد الله منا ونسمع ما يقول لنا
وكنت أركز على وجود الله معنا فى كل مكان نكون فيه فهو يرانا ولانراه ويرى كل ما نفعل فلا يجب أن نفعل شئ نخشى أن يرانا الناس عليه لأن من يرانا هو الاعظم من كل شئ وهو الله
واذا كنت تريد أن يحبك الله فحب للناس ما تحب لنفسك
لاتحمل فى نفسك حقدا ولا تحسدا أحد على نعمة أنعمها عليه وارضى بما قسم الله لك تكن أعنى الناس
ولعل الله منعك عنك هذه النعمة لنعمة أحسن يدخرها لك
أياك والغش والكذب والنفاق فهذه كلها موبقات يكون صاحبها مذموما عند الله
لاتتعالى على الناس وكن هشا باشا فى وجوه الناس تكون مقبولا عند الناس ويكتب لك القبول عند الله
كل نجاح يكون يكون بتوفيق الله وعليك الثقة بالله
مع بذل كل ماتملك من جهدك
أحترم محارم الاخرين حتى لا يعتدى أحد على محارمك
وهكذا كان دليلى دائما كتاب الله وسنة رسوله
2
المحور الدراسى
كنت اتابع دراستهم منذ الحضانة حتى الثانوية العامه أما بعد دخول الجامعة فكان كلا منهما قد عرف طريقه وكان وقت المذاكرة من الاوقات المحببه لهما وزرعت فيهما حب التفوق وكنت أعرف يوميا
ما الدروس التى تلقها كلا منهم فى المدرسة وكنت على اتصال دائم بالمدرسة
لم أشحع الدروس الخصوصية إلا فى بعض المواد عند الوصول للثانوية العامة
وكانت هناك أستراحه كل ساعتين لمدة نصف ساعة يفعل كلا منهما ما يريد
وكانت الرياضة البدنية جزء هام فى حياة اولادى ولم تكن معطلة ابدا للدراسة ولكنها كانت دافع لأن جسم الانسان يفرز هرمونات تفيد الجسم وتحميه وتعمل على تنشيط المخ ليستقبل المعلومات
وكنت أشجع كلا منهما على تنمية هواياته
وركزت خلال فترة المراهقة على بث الثقة فى نفوسهم وأنهم قادرون على فعل الاشياء العظيمة فهم لايقلون عن أحد وكنت أضرب لهم المثل بالعلماء والرواد فى كل فروع العلم والدين
حتى يكون لهم مثلا أعلى
وعندما أنتشر أستعمال الكمبيوتر المنزلى أشتريت جهاز ولكنى كنت لا اعلم إلا المبادئ الاولية عنه
وحتى أكون على علم بالمواقع التى يدخلونها أخذت دورة متقدمة فيه وأصبحت أدخل على الجهاز واعلم ماذا يفعلون أثناء حضورهم وفى غيابهم والحمد لله لم أجد يوما ما يكدرنى
فقد وضعت الاساس وهو الخوف من البصير السميع
وعلمت فى الصغر ما ينفعهم فى الكبر واضعة فى ذهنى المثل القائل
التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر
أما التعليم فى الكبر كالنقش على الماء
وهذا تخرج أولادى كلا فى موعده دون تخلف وكان ترتيبهم من الاوائل دائما
حيث تخرج ابنى من كلية الهندسة بتقير جيدا جدا مع مرتبة الشرف وكان رياضيا حصل على جوائز كثيرا
وكان مثقفا ويتحدث ثلاث لغات بطلاقة
وكان له فرصة عظيمة فى العمل فى آحدى شركات الاتصالات العالمية
وبعد سنوات وعندما أصبح عنده القدرة المادية والمسكن اللائق
طلب منى الموافقة على الزواج من زميلة له وبعد أن قمت بزيارة أسرتها أكثر من مرة ووجدت أنها مناسبة لأبنى من كافة النواحى باركت هذا الزواج لأن الزواج حصن للشاب مدام قادرا عليه
وقد رزقه الله بالذرية الصالحة من الزوجة الصالحة التى أعتبرها أبنة لى
وتخرجت أبنتى من كلية الفنون الجميلة فهى تهوى الرسم
والاشغال الفنية منذ صغرها
تقدم لأبنتى الكثير من الخطاب ولم أجبرها على أحد لاتريد حتى وصل صاحب النصيب وهى الآن أم وقد وافقت على شرط زوجها بعدم العمل بعد الزواج وهى الآن ست بيتها وتربى أبنائها كما ربيتها مع مراعاة فى التطور الطبيعى للحياة هذه الايام
وانا الآن أشعر بالرضا وأعيش أسعد فترات حياتى عندما أرى نتاج ما زرعت وقد أثمر جهدى عن أبناء أفتخر بهم وأحفاد هم قرة عينى وكل شغلى الآن هو الدعاء لهم جميعا أولادى وأزواجهم و أحفادى ودائما أستودعهم عند الله الذى لاتضيع ودائعه
لقد أطلت عليكم ولكن هدفى هو أن تستفيد كل أم ولتعلم أنها سوف تحاسب على ما فعلت بالأمانة التى وهبها الله سبحانه لها كما قال رسولنا الكريم
روى مسلم رضي الله عنه في صحيحه، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال:
((ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع مسئول عن رعيته))
الروابط المفضلة