قال عليه الصلاة والسلام : من حلم ساد ) وقال بعض الأدباء : من غرس شجرة الحلم اجتنى شجرة السلم ، وقال بعض البلغاء : ما ذب عن الأعراض ، كالصفح والإعراض . وقال بعض الشعراء :
أحب مكارم الأخلاق جهدي****** وأكره أن أعاب وأن أعيبا
وأصفح عن سباب الناس حلما ***وشر الناس من يهوى السبابا
ومن هاب الرجال تهيبوه ******ومن حقر الرجال فلن يهابا
فالحلم من أشرف الأخلاق ، وأحقها بذوي الألباب ، لما فيه من سلامة العرض ، وراحة الجسد ، واجتلاب الحمد ، وقد قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أول عوض الحليم عن حلمه ، أن الناس أنصاره ، وحد الحلم : ضبط النفس عن هيجان الغضب ، وهذا يكون عن باعث وسبب . واسباب الحلم الباعثة على ضبط النفس عشرة :
أحدها : الرحمة للجهال :
وذلك من خير يوافق رقة ، وقد قيل في منثور الحكم : من أوكد أسباب الحلم رحمة الجهال . وقال أبو الدرداء لرجل أسمعه كلاما : ياهذا لا تغرقن في سبنا ، ودع للصلح موضعا ، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا ، بأكثر من أن نطيع الله عز وجل فيه . وشتم رجل الشعبي فقال : إن كنت كما قلت فغفر الله لي ، وإن لم أكن كما قلت فغفر الله لك . واغتاظت عائشة رضي الله عنها على خادم لها ، ثم رجعت إلى نفسها ، فقالت : لله در التقوى ، ماتركت لذي غيظ شفاء . وقسم معاوية رضي الله عنه قطفا ، فأعطى شيخا من أهل دمشق قطيفة فلم تعجبه فحلف أن يضرب بها رأس معاوية ، فأتاه فأخبره ، فقال له معاوية : أوف بنذرك ، وليرفق الشيخ بالشيخ .
والثاني من أسبابه : القدرة على الانتصار :
وذلك من سعة الصدر وحسن الثقة ، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا قدرت عدوك، فاجعل العفو شكرا للقدرة عليه ) وقال بعض الحكماء : ليس من الكرم عقوبة من لايجد امتناعا من السطوة . وقال بعض البلغاء : أحسن المكارم عفو المقتدر ، وجود المفتقر .
والثالث من أسبابه : الترفع عن السباب :
وذلك من شرف النفس ، وعلو الهمة ، ككما قالت الحكماء : شرف النفس أن تحمل المكاره ، كما تحمل المكارم ، وقد قيل : أن الله -سبحانه وتعالى - سمى يحيى - عليه السلام -سيدا لحلمه . وقد قال الشاعر :
لايبلغ المجد أقوام وإن كرموا ******حتى يذلوا -وإن عزوا - لأقوام
ويشتموا فترى الألوان مسفرة ******لاصفح ذل ولكن صفح أحلام
الروابط المفضلة