تهولني التصرفات المخالفة للمسلمين أو العرب في بلدانهم أو السياح خارجها
و تذهلني بعض المواقف و كيف يمكن للإنسان أن ينزل نفسه لتلك المستويات من أجل أشياء تافهة
نقول إننا صورة أنفسنا خارج منازلنا
لكننا أكثر من ذلك .. صورة لديننا و حاضرتنا و ثقافتنا و بلدنا
من خلال تصرفاتنا و تعاملاتنا خارج المنزل أو البلاد
نشوه تلك الصورة بأمور غاية في الانحطاط و تعبير بحت عن تراجعنا المخيف عن الأمم
صور و مواقف غريبة عجيبة مثيرة للحفيظة و تستهجنها الفطرة السوية
لايرى فاعلوها أنفسهم من بعيد في أعين الناس
بل يرونه أمرا عاد؛ فلا احد يعرفهم
و لا أحد يراهم مرّة أخرى
*** محل تجاري يعرض عن تنزيلات هائلة في الاسعار
يعج بالزبائن و الكل يحمل أكوام الملابس ليلحق أفضل و أجمل و أرخص القطع
طبعا في ظل تلك الفوضى العارمة تتوه صورة الملابس الملقاة على الأرض تدوسها الأرجل العابرة ذهابا و إيابا
تتوه صور الإسراف و أخذ ما لا حاجة له
وسط صراخ امرأتين كبيرتين تتشاجران على قطعة أخيرة من الملابس !
تصرخ الأولى : أنا مسكتها قبلك عيب عليك
الثانية ترد : تركتيها و لما أخذتها أنا رجعت لها أنت استحي من نفسك !
كل هذا من أجل قطعة ملابس تلبسها بضع مرات و من ثم تختفي موضتها أو يتغير الجو أو تمل منها
هل يستحق الأمر أن ننزل أنفسنا التي كرمها الله لذلك المستوى المهين !
هل يليق بنا و و هل نسوغها لآنفسنا؟!
لا أدري أصلا كيف تستسيغ النفس لبس ما كان الآخر يرغبه بشدة !
تضيع الكلمات و تبقى نافلة في ظل المنظر المريع
*** نسير في الحدائق المزينة بأنواع الورود و الأشجار
نلتمس نفسا طازجا أو هواء نقيا يعطر أرواحنا
من بعيد المنظر جميل خلاب
نقترب قليلا؛ فنفتح أعيننا بتمعن ..نقترب أكثر فتتبدل الصور كليا
الأوساخ المنتشرة في كل جانب
بقايا طعام و شراب
أناس على مرأى الأعين يرمون الفضلات في البحيرات ..تطفو على سطحها ملوثة جمال الطبيعة
قشور المكسرات و اللب منثورة على طول الطريق بكميات مهولة
يصبح الكلام فضلا عندما نشير الى أن سلال القمامة ملقاة هنا و هناك على مقربة من الجميع ؛لكننا أبينا إلا إثبات وجودنا بطريقة مخزية !
ناهيك عن تخريب المرافق و و تكسيرها
حتى دورات المياه العمومية تلقى فيها المناديل
و الفوط الصحية و روائح كريهة تعبها دون أي تردد في التخريب
*** دور في البنك أو في الموقف أو على الكاشير في السوق
أو في أي مكان
دور منظم يصطف الناس فيه منتظرين أدوارهم
و كل منهم عليه من المسؤوليات و المشغوليات ما يود انجازه
إلا أن الدور نظام و على الكل الانتظار
يأبى أحدهم إلا أن تعم الفوضى و يثير العصيان
يتمرد على الدور و يخترقه بكل بلاهة
و كأن عشرة أو عشرين إنسانا لا قيمة لهم و لا يراهم حتى أمامه !
تعلو الأصوات و تحتد النقاشات و تنتهي بمشاجرة أو بفوضى عارمة
و منظرلا إنساني للتزاحم و اختراق الصفوف و تدافع الناس كأنهم في يوم الحشر
دون اعتبار للنساء أو وجود أطفال
*** شاب عطش بشدة أثناء تسوقه في الماركت فأخد زجاجة ماء
و شربها قبل انتهاء تسوقه
الأمر طبيعي حتى هنا
الغير طبيعي أن نجد زجاجة الماء فارغة على أحد أرفف المحل
بعد خروج الرجل و انتهاء تسوقه !
ألقاها و خرج لم يدفع ثمنها
تناسى حقوق العباد و حكم السرقة و رضي أن يدخل جوفه حرام
و سعرها لا يذكر لقاء ما شراه !
*** تسير السيارات صباحا في طريق العمل
الشارع مزدحم و الإشارة حمراء
الجميع ينتظر و فجأة إذا بصوت عال يصدر من إحدى السيارات
لا يريد صاحبها الانتظار و يريد من الآخرين أن يخترقوا الإشارة حمراء !
بل و يتلفظ بأقبح الألفاظ و يشاجر و كأنه على حق
يتبجح باختراق القوانين و يعرض حياة الكثيرين للخطر
و لا يسلم أحد من لسانه !
تصرفات عديدة كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان
يومية يفعلها الكثيرون دون أدنى تحرج
و إن حاولت التنبيه او الحديث في تلك الأمور و مدى العيب
و الخطأ الذي يقعون فيه
ترى نظرات التعجب و الاستغراب ؛فعن ماذا تتحدث يا هذا !
و لم تشغل نفسك بتوافه الامور - في نظرهم - !
و بعد كل هذا نثور و نغضب من الغرب إن نظروا إلينا نظرة دونية أو احتقروا أفعالنا و حكموا على عروبتنا بالتخلف و الإفلاس
ما كان عساهم أن يقولوا أو يظنوا بقوم يفعلون تلك الأمور و لم يروا غيرها !
نحن من أسأنا لعروبتنا و ديننا
نحن من أعطى صورة هزيلة مخيبة
هذا لا ينفي وجود القلة القليلة المحترمة لنفسها و أخلاقها
إلا أنها نقطة في بحر مما نراه و نسمع
و نشاهد يوميا على مر السنين ...
نحتاج إلى نفضة قوية في كل سلوكياتنا و مبادئنا و طريقة تفكيرنا
كل تلك السلوكيات يكتسبها الإنسان من نعومة أظفاره
يتعود عليها و يمارسها كبيرا
فكان لزاما علينا البدء مبكرا مع أبنائنا
من سن صغيرة نعلمهم النظافة و العيب و الحرام و المحافظة على الأماكن العامة و عدم إلقاء القاذورات في كل مكان
نعلمهم الترفع عن سوافه الأمور و كيف يحترموا أنفسهم بالسمو بها عن ما يسوءها و يقلل من شأنها
نعلمهم كيف أن النظافة من الإيمان و كيف يميزون بين الحلال و الحرام حتى في أبسط الأمور و أصغرها
نعلمهم كيف يحترمون الآخرين و كيف لا تخرج من أفواههم الكلمة السيئة
نكون قدوة لهم
فكما نفعل سيفعلون و لا يشتكي أحد من تصرفات أبنائه أو أسرته لأنه هو راع و مسؤول عن رعيته
فكما نزرع نحصد
و علينا أن نكون المثل الذي يحتذى به و صورة مشرقة عن أنفسنا و عن أخلاقنا و تربيتنا
نكون مصدر فخر لأهالينا و أمتنا لا العكس
نربي و نهذب أنفسنا و أرواحنا قبل صغارنا
نقتنع بما نقوم به و نقوم بما نحن مقتنعين به
لا ننسى أن الله رقيب علينا و أن أصغر إماطة للآذى عن الطريق فهي صدقة
بالتالي فإن أصغر نفاية نرميها على تلك الأرض هي إساءة نؤثم عليها
و في النهاية علينا أن نوقن جيدا بأن تقدم الأمم كان من شعور كل فرد على حدة بالمسؤولية كاملة على عاتقيه
و معرفته بواجباته كمواطن و مساهمته بكل قلبه و ضميره في رقي وطنه و أمته
و هذا يبدأ من أقل التصرفات و أصغرها للفرد الواحد و يكبر مرورا بكل الأفعال لكل الأفراد و الأسر فينعكس على المجتمع الكبير مولدا تقدمه أو تراجعه
و كما نزرع --- نحصد
الروابط المفضلة