انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

أعظم الجهاد : الجهاد بالنفس ، ثم الجهاد بالمال والجهاد بالرأي والتوجيه ، والدعوة ، فالجهاد بالنفس أعلاها .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى-: "والجهاد: منه ما هو باليد ومنه ما هو بالقلب والدعوة والحجة والبيان، والرأي، والتدبير والصناعة فيجب بغاية ما يمكنه"

والأحاديث التي تحث علي الجهاد كثيرة منها:
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم بأن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله , والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل) رواه البخاري ومسلم .

وعن أنس رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال : قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم : (من طلب الشهادة صادقاً أعطيها ولو لم تصبه) رَوَاهُ مُسلِمٌ

(معاني الآيات)

انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا : شيوخاً وشباناً.

وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ : المال والنفس
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ : انه خير لكم فلا تثاقلوا



من تفسير الجلالين

"انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا" نشاطا وغير نشاط وقيل أقوياء وضعفاء او اغنياء وفقراء وهي منسوخة بأية " "لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء" "وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسكُمْ فِي سَبِيل اللَّه ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ"انه خير لكم فلا تثاقلوا "

روى سفيان (عن حصين بن عبدالرحمن عن أبي مالك الغفاري قال) أول ما نزل من سورة براءة {أنفرها خفافا وثقالا} ثم نزل أولها وآخرها بعد ذلك.


وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( وإذا استنفرتم فانفروا ) رواه البخاري و مسلم .

(سبب النزول)

نزلت في الذين اعتذروا بالضيعة والشغل وانتشار الأمر فأبى الله أن يعذرهم دون أن ينفروا على ما كان منهم‏.‏



وفي رواية : قرأ أبو طلحة سورة براءة ، فأتى على هذه الآية :
"انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ"
فقال : أرى ربنا يستنفرنا شيوخا وشبابا جهزوني يا بني . فقال بنوه : يرحمك الله ، قد غزوت مع رسول الله حتى مات ، ومع أبي بكر حتى مات ، ومع عمر حتى مات ، فنحن نغزو عنك . فأبى ، فركب البحر فمات ، فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد تسعة أيام ، فلم يتغير ، فدفنوه بها .

وقال السدي: جاء المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عظيمًا سمينًا، فشكا إليه وسأله أن يأذن له، فنـزلت فيه: "انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا " فلما نـزلت هذه الآية اشتد شأنها على الناس، فنسخها الله تعالى وأنـزل: "لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى "الآية

وقال الزهري: خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه. فقيل له: إنك عليل. فقال: استنفر الله الخفيف والثقيل، فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع
روي أن بعض الناس رأى في غزوات الشام رجلاً سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فقال له: يا عمّ، إن الله قد عذرك؛ فقال: يا ابن أخي قد أمرنا بالنفر "خفافاً وثقالاً."

"وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"

وهذا وصف لأكمل ما يكون من الجهاد وأنفعه عند الله تعالى وقدم الأموال في الذكر إذ هي أول مصرف وقت التجهيز. ثم نفسه.

(الارشاد والتوجيه)


الحث على الجهاد، والدعوة إلى المسارعة للنفير والجهاد في سبيل الله، جهاد مستمر بالنفس والمال, وتضحية دائمة بكل عزيز وغالٍ فقد جعل القران الكريم القتلى في سبيل الله أرقى صور الحياة (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).




أسأل الله _عز وجل_ أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يجعلنا من أنصار دينه ومن المجاهدين في سبيله ، ومن الذين قال فيهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم.