استـــــغـلال الوقت
إن هذا العمر الذي نعيشه هو المزرعة التي سنجي ثمارها في الدار الآخرة، فمن زرعه خيراً وعملا صالحا جنى السعادة والفلاح ويكون من الذين ينادون يوم القيامة ، قال تعالى ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية )
ومن ضيعه بالغفلات وزرعه معاصي وآثاما ، ندم يوم القيامة حين لا ينفع الندم وتمنى الرجوع إلى الدنيا ، قال تعالى ( أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما لظالمين من نصير )
إن للوقت صفات وخصائص يجب علينا أن نعرفها حق المعرفة، فأول هذه الصفات : أن الوقت سريع الانقضاء، فهو يمر مر السحاب ، ويسير سير الريح، سواء أكان زمن سرور وفرح أو زمن حزن وترح . ومهما طال عمر الإنسان في هذه الحياة فهو قصير مادام الموت هو نهاية كل حي . قال تعالى( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ) وقال تعالى ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار يتعارفون بينهم)
إذا كان للوقت هذه الأهمية فإن واجب المسلم أن يحافظ على وقته أكثر من محافظته على ماله، وأن يحرص على الاستفادة منه فيما ينفعه في دينه ودنياه .
وكان السلف الصالح أحرص ما يكونون على أوقاتهم لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها ،
يقول الحسن البصري رحمه الله : أدركت أقواما كانوا على أوفاتهم أشد حرصا منكم على دراهمكم ودنانيركم . وكانوا يحرصون كل الحرص ألا يمر يوم ، أو بعض يوم ، أو لحظة من الزمن دون أن يتزودوا منها بعلم نافع ، أو عمل صالح أو نفع للغير حتى لا تضيع الأوقات سدى . يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي .
إن مما يدمي القلب ما نراه عند المسلمين هذه الأيام من إضاعة للأوقات فيما لا ينفع ولا يفيد . وكثيراً ما نسمع بعض العبارات التي تتكرر في المجالس ، يقولون: دعونا نقتل الوقت أو نضيع الوقت ، فتراهم يجلسون الساعات الطوال أمام التلفاز لمشاهدة الأفلام ، أو الأغاني ، أو الكرة ، أو يمضون الساعات الطوال من أعمارهم في لعب الورق، أو الغيبة ، أو النميمة ،أو التسكع في الشوارع أو السفر المحرم . وإذا أنكرت عليهم كان الجواب أقبح ، يقولون نريد أن نقتل الوقت !! وما يدري هؤلاء هداهم الله أن من قتل وقته فقد قتل في الحقيقة نفسه ، فإنما أنت أيام ، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك . واعلم أخي المسلم أن هذا الفراغ الذي تحس به هو نعمة من الله على العبد كما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( نعمتان مغبون فيها كثير من الناس : الصحة والفراغ )
إن الفراغ لابد أن يملأ بخير أو بشر ، ومن لم يشغل نفسه بالخير شغلته بالباطل .فطوبى لمن ملأه بالخير والصلاح ، وويل لمن ملأه بالشر والفساد .
يا بن آدم
الليل والنهار يختلفان كلما ذهب يوم ذهب بعضك وكل يوم يمر بك فإنه يبعدك من الدنيا ويقربك من الآخره .
رد مع الاستدلال
جزااااك الله خير
الروابط المفضلة