يـا أبي أنت حبـيبي *** أنت أهل المكرومـات
أنت عزي أنت فخري *** من شبهك ذاتي وصفاتي
أنت تسعـى لسـروري *** أنت تشقى لنجاتــي
ولأمـي كـل فضـل *** فهي خيـر الأمـهـات
حملتـني أرضعتـني *** فهي روحـي وحيـاتي
لكـما ما عشتُ حبـي *** ودعـائي في صلاتـي
ربما لا تكون هذه الأبيات البسيطة..
مما خلد في الذهن منذ الصغر..
الأروع والأفضل للتعبير عما في أنفسنا..
من اعتراف بالفضل لمن أعطانا الكثير..
ولم ينتظر أبدا جزاءً.. ولا شكورَا
جيلنا، ولو أن العهد به ليس بالبعيد؛ كان ولا يزال فيه الكثير من الاعتراف بالفضل والبر لوالدينا..
ولكن.. اليوم..
انتشر العقوق في أمة الإسلام انتشار النار في الهشيم..
عقوق بجميع ألوانه وأشكاله..
وساءت معاملة الأولاد للوالدين..
إلى درجة أن "أف" المنهي عنها في القرآن..
أصبح سماعها عادي جدا
بل ربما لا استغناء عنها
في النقاشات التي لا تنتهي بين الأولاد والآباء..
قال الله تعالى: ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا
فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾
أمر الله سبحانه بالإحسان للوالدين وقرن رضاه برضاهما
لفضلهما العظيم على الأولاد..
فهما يكرمانِه ولا ينتظران منه شُكرَا
ويُسيئُ إليهما ويسامحانه ولا ينتظران منه عُذرَا
وأمر الله ببر الوالدين حتى وإن كانا كافرين..
لعظم هذا الأمر عنده..
فقال سبحانه: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا... ﴾
هذا لمن كان أبواه مشركين..
فما بالك في من يجد أبويه قائمين على معصيةٍ لجهلٍ أو لغفلة (وهما مؤمنين)
فيُغلظُ عليهما وينهاهما بشدة عوض أن يدعوهما بالحسنى..
وبهذا يَهدِمُ واجبا عليه وهو.. بِرهُمَا..
ولِقداسَةِ هذا الأمر قدمه الإسلام على الجهاد في سبيل الله..
قال ابن مسعود: سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ؟
قال : ( الصلاة على وقتها ) . قال : ثم أي ؟ قال : ( ثم بر الوالدين ) .
قال : ثم أي ؟ قال : ( الجهاد في سبيل الله ) .
قال : حدثني بهن ، ولو استزدته لزادني .
المصدر: صحيح البخاري - 5970
وأحاديث الرسول في تقديم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله
كثيرة ومعروفة..
وفي تفسير له، قال ابن عباس رضي الله عنه:
أن أصحاب الأعراف الذين يكونون يوم القيامة بين الجنة والنار،
هؤلاء خرجوا وجاهدوا في سبيل الله ولكن لم يستأذنوا آباءهم وأمهاتهم (في الجهاد فرض كفاية) فقُتِلُوا
فمنعهم الجهاد من الدخول إلى النار ومنعهم عقوق الوالدين من دخول الجنة؛
فضلوا بين الجنة والنار إلى أن يأذن لهم الله بدخول الجنة
وهل لنا مهما فعلنا أن نُجزي والدينا على حسنِ صنيعِهِم بنا ؟..
يوضح لنا الرسول الكريم أنه لن نستطيع أن نُكافِئَ والدينا إلا في حالة واحدة:
قال صلى الله عليه وسلم: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه)
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
ومع انتفاء العبودية في عصرنا هذا فإن تكفيرنا لذنب عقوقهم يغدو مستحيلا..
وفضائل بر الوالدين كثيرة..
* فالبر سبب في تفريج الكربات، وفي هذا المعنى
قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار وانسد عليهم بالصخرة
وما انفرجت تماما إلا بدعاء الرجل البار بوالديه
* والبر يتحقق معه رضا الله بسبب رضا الوالدين..
( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
رضاالرب في رضا الوالدين، و سخطه في سخطهما )
خلاصة حكم المحدث:صحيح
* والبر سبب في الرزق وطول العمر..
(قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
من سره أن يعظم الله رزقه، وأن يمد في أجله، فليصل رحمه)
صحيح الجامع- 6291 – خلاصة حكم الحديث صحيح
وعلى رأس صلة الرحم صلة الوالدين وهما الأولى بالصلة..
وفضائل بر الوالدين كثيرة جدا..
وإن لم يكن منها ..إلا.. رضا الله سبحانه وتعالى، لكفى بها فضيلة وأنعم..
كيف لعاقلٍ أن يغفل عن كل هذا الرضا..
كل هذه الفضائل..
عن جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين
لـــِ يَعُقَّ والديه
لـِ يَبُوءَ بغضبٍ من الله
هذا كل شيء ؟
لا..
هذه المصيبة التي اُبتُلِيَ بها أغلب شباب المسلمين
ماذا قال ربنا فيها ؟
قال: ﴿... أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ...﴾ لقمان/ جزء من آية 14
وعلق ابن عباس على هذه الآية فقال: من شكر لله ولم يشكر لوالديه فلن يقبل منه عمله
إذن..
* يُحبِطُ الله عمل الإنسان بسبب عقوقه لوالديه..
فيصوم ويصلي ويُزكي.. ولا يبر والديه
ويظن أنه عند الله من الأولياء في حين أنه من الأشقياء..
* ويَكتُبَُ له سوء الخاتمة والطرد من رحمته سبحانه وتعالى
فالعاق لوالديه ملعون كما لعن سبحانه وتعالى الشيطان وطرده من رحمته..
قال صلى الله عليه وسلم: ( ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه...)
خلاصة حكم المحدث:إسناده صحيح
* ويُمْهِلُ الله عقوبة الذنوب إلى يوم القيامة
ويُعَجلُ عقوبةَ العاق لوالديه في الدنيا..
فضلا عن العقوبة التي تنتظره في الآخرة
قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
( ما من ذنب أجدرعند الله من أن يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا
مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم )
والمسألة ليست بالبسيطة..
فالعقوق من أكبر الكبائر إلى درجة أن قرنها الرسول صلى الله عليه وسلم بالشرك..
فقال: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر . ثلاثا ، قالوا : بلى يا رسول الله،
قال : الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.. .)
خلاصة حكم المحدث:صحيح
فماذا لو كان البلاء الذي تعيشه الأمة الإسلامية في أيامنا هذه..
تعجيل لعقوبة العقوق في الدنيا ؟
ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا فعلت أمتي خمسة عشرة خصلة حل بها البلاء،
قيل وماهي يا رسول الله، قال: إذا...
وكان من بينها: وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه )
فأين ما يحصل في عالمنا اليوم من هذا ؟..
لقد تجاوز الأمر العقوق وأصبحت مؤامرات تخطط بين الابن وزوجته
ضد الوالدين..
تصل إلى درجة الطرد من المنزل أو الإيواء في دور المسنين أو حتى ..القتل
ولا حول ولا قوة إلا بالله
فـ يا سعادة من كان:
* حبيبا للرحمن بطاعته لوالديه
مستعينا به عل برهما
* شاكرا له وجودهما في حياته كما في قوله تعالى: ﴿... أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ... ﴾ لقمان/ جزء من آية 14
* قائلا: ﴿...رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا...﴾ الإسراء/ جزء من آية 24
تعال أهمس لك ببضعة أبيات من قصيدة "زر والديك" للإمام ابن الجوزي
أبدع حين قال...
ما كان ذنبُهُمَا إليكَ فطالَمَا *** منحاكَ نفسَ الوِد من نفسيهِمَا
كانا إذا سَمِعَا أنينكَ أسبَلَا *** دمعَيْهِمَا أسفًا على خديهِمَا
وتمنيَا لو صادفَا بِكَ راحةً *** بجميعِ ما يَحوِيهِ مِلكُ يَديهِمَا
بـ قلـمـي
الآيات القرآنية أخذتها من
هنا..http://quran.muslim-web.com/search.htm
الأحاديث النبوية أخذتها من
هنا..http://www.dorar.net/
الروابط المفضلة