-أثر القسوة علي نفسية الطفل وخيما جدا :-

على الآباء أن يقتدو بنبيهم صلي الله عليه وسلم وأن يعاملوا أبناءهم بالرحمة واللين في توجيههم وفي تربيتهم لهم ، وهذا هو هديُ النبي في معاملة الصغار، فعن أبي هريرة قال( قبل النبي الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلتُ منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله فقال: «من لا يرحم لا يُرحم» [متفق عليه].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ فقال: «نعم» قالوا: لكنا والله ما نقبل، فقال رسول الله : «أو أملك إن كان الله نزع الرحمة من قلوبكم» (متفق عليه).

إن القسوة والشدة في العقاب تنتج نماذج مضطربة التفكير، غير قادرة على قيادة أنفسها، فضلاً عن قيادة الآخرين.
لقد ساد في الزمان الماضي أن القسوة وشدة الضرب هي التي تنمي القوة والشجاعة والرجولة لدى الأطفال، وتجعلهم قادرين على تحمل المسئولية، والاعتماد على الذات، وقد ثبت خطأ هذا التصور، لأن القسوة تترك آثاراً نفسية مؤلمة على الأطفال، وتدفع الأطفال إلى العناد والعدوانية، وتعيق وصولهم إلى مرحلة النضج العقلي، وتشعرهم دائماً بالدونية والإهانة وفقدان الكرامة.
ولا يعني هذا أننا نمنع من العقاب على الإطلاق، بل ينبغي أن يكون هناك عقاب أحياناً , على ألا يتعدى هذا العقاب حدود الرحمة والرفق، كما قيل:
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما

فليقس أحياناً على من يرحمُ

-وعلي عكس القسوة التساهل مع المنكرات

، و من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الآباء،التساهل في انكار المنكرات عن الأبناء والتهاون في توجيههم وقد يحتجوا في ذلك أن الطفل ما زال صغيراً، وأنه سوف يترك هذه المنكرات عندما يكبر، وهذا ليس صحيحاً، لأن من تعود شيئاً في صغره صعب عليه التخلص منه عند الكبر , قال ابن القيم رحمه الله: (وكم من أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة، بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهوته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه وحرمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة. وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد، رأيت عامته من قبل الآباء) (تحفة المودود).
ومن أعظم أنواع التساهل مع الأبناء عدم حثهم على إقامة الصلاة والاهتمام بها، والنبي يقول: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» (رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني).
فالأب الذي يذهب إلى المسجد ويترك أبناءه نائمين، أو يلعبون فإنه مخطئ، لقوله تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا[طه: 132].
وعليه كذلك أن ينهاهم عن سماع الموسيقى والغناء، وينهاهم عن مشابهة الكفار في ملابسهم وعاداتهم، وينهاهم عن التعلق بالمشاهير، من يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وليكن زاده في ذلك كله هو الرفق واللين والإقناع والحوار الهادئ والعلاقة الحميمة مع الأبناء.

وعلي الوالدين عدم إهمال الواقع
فإهمال واقع الأبناء وعدم التعامل مع الغزو المعلوماتي وإصرار الوالدين على النموذج القديمفي التربية ، وعدم التجديد بما يتلاءم مع متطلبات العصر، فيهتم المربي مثلاً بالسباحة والرماية وركوب الخيل، ويترك المهارات الأخرى التي يتطلبها العصر، كعلوم (الكمبيوتر) وتعليم اللغات الأجنبية، والتدريب على مهارات الإلقاء والخطابة والكتابة، وإتقان إحدى ألعاب الدفاع عن النفس الحديثة وغير ذلك، مما يتسبب في تخلف هؤلاء – الذين لم يهتم مربوهم بتطوير قدراتهم – عن أقرانهم، فيؤدي ذلك إلى شعورهم بالنقص، وانعزالهم عن أقرانهم الذين تفوقوا عليهم في كثير من مجالات الحياة.
وقد يقع الوالدين في عدم الاعتراف بالخطأ
كم منا من عاقب أبناً له خطأ وهو له ظالم.
كم منا من اتهم أحد أبنائه وهو برئ.
كم منا من ضرب أحد أبنائه بسبب وشاية كاذبة.
ومع أن الوالد يعرف بعد ذلك أنه أخطأ في حق ابنه، إلا أنه لا يعتذر منه، ولا يعترف بخطئه، وكأن هذا الابن لا حقوق له ولا كرامة ولا شعور.
وهذا بلا شك سلوك خاطئ، وهو يولد في نفوس الأبناء صفات سيئة كالكبر والغرور والتعصب للرأي وإن كان فاسداً، والتمادي في الخطأ وغير ذلك.
ولو أن الوالد قام بالاعتذار لابنه، لكان ذلك تصرفاً سليماً، بحيث يحول المربي خطأه إلى سلوك إيجابي يؤثر في نفوس الأبناء، فيدعوهم إلى ما يقتضيه هذا السلوك من التواضع للحق، والاعتراف بالخطأ، والتسامح في معاملة الآخرين.
وعلي الأ الفردية في اتخاذ القرارات
لا شك أن الأب هو الراعي وهو القيم وهو المسئول عن أهل بيته، ولكن ليس معنى ذلك أن ينفرد باتخاذ كافة القرارات دون الرجوع إلى من في البيت، فإن ذلك يتسبب في سيادة روح التسلط بين الأبناء، بحيث يتسلط الكبار على الصغار، فيقومون بقمعهم كما يفعل والدهم معهم في رأيهم.
وأذكر هنا ذلك الرجل الذي كان يأخذ زوجته وأولاده بسيارته في يوم الإجازة، وهم لا يعلمون إلى أين سيذهب بهم، وإذا سأل أحد عن ذلك عاقب الجميع بالرجوع إلى البيت وحرمانهم من النزهة التي ينتظرونها بشوقٍ ولهفة، مع أنهم لا يعلمون طبيعتها.
أليس الأفضل أن يجمع هذا الأب أبناءه، ويشاورهم في الجهة التي يحبون الذهاب إليها؟ ماذا سيخسر لو فعل ذلك؟ .. ولكنها النفوس التي لا ترى نفسها إلا بكبت الآخرين وإلغائهم، والسيطرة عليهم.
أسأل الله أن يهدينا إلي الحق المبين ويصلح لنا أبنائنا اللهم امين