المفعول به
المفعول به : كل اسم منصوب يدل على من وقع عليه فعل الفاعل دون تغيير معه في صورة الفعل . نحو : كتب الطالب الدرس ، وجنى المزارع الفاكهة .
حكمه : واجب النصب .
اسم الفاعل . نحو : جاء الشاكر نعمتك ومنه قوله تعالى : { ولا آمين البيت الحرام }
فالكلمات " نعمتك، والبيت " جميعها مفاعيل بها العامل .
فيها أسماء الفاعلين ، وهي على الترتيب : الشاكر ، آمين.
2 ـ اسم المفعول المشتق من الفعل المتعدي لمفعولين .
نحو : محمد مكسو أخوه ثوبا ، وأحمد مُخْبَرٌ أبوه الامتحان قريبا .
فكلمة " ثوبا ، والامتحان " كل منهما مفعول به منصوب باسم المفعول : مكسو ، ومخبر . لأن اسمي المفعول السابقين كل منهما مشتق من فعل متعد لمفعولين ، فالمفعول الأول وقع نائبا للفاعل لكون اسم المفعول يعمل عمل الفعل المبني للمجهول ، والثاني بقي مفعولا به .
3 ـ المصدر . نحو قولهم : حبك الشيء يعمي ويصم . ونحو : يسعدني إكرامك الضيف . ومنه قوله تعالى : { أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما }. فالكلمات " الشيء ، والضيف ، ويتيما " جاءت مفاعيل بها منصوبة للمصادر : حب ، وإكرام ، وإطعام ، وجميعها عملت عمل أفعالها المتعدية .
4 ـ صيغ المبالغة . نحو : أنت حمالٌ الضر ، والكريم منحارٌ إبله لضيوفه . ومنه قول القلاح بن حزن : ـ أخا الحرب لباسا إليها جلالها وليس بولاج الخوالف أعقلا فالكلمات " الضر ، وإبله ، وجلالها " جاء كل منها مفعولا به لصيغة المبالغة : حمال في المثال الأول ، ومنحار في المثال الثاني ، ولباس في بيت الشعر . لأن صيغ المبالغة إذا اشتقت من أفعال متعدية عملت عمل أفعالها المتعدية ، فترفع فاعلا ، وتنصب مفعولا به .
5 ـ صيغ التعجب . نحو : ما أجمل القمر ، وما أكرم محمدا . ومنه قوله تعالى : { فما أصبرهم على النار } ومنه قول الشاعر : فما أكثر الإخوان حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل فالكلمات " القمر ، ومحمدا ، والضمير في أصبرهم ، والضمير في أكفره ، والإخوان" وقعت مفاعيل بها لأفعال التعجب التي سبقتها وهي : أجمل ، وأكرم ، وأصبر ، وأكفر ، وأكثر .
6 ـ اسم الفعل . نحو : دونك الكتاب . ومنه قوله تعالى : { عليكم أنفسكم } . وقوله تعالى : { قل هلم شهداءكم الذين يشهدون }.
فـ " الكتاب ، وأنفسكم ، وشهداءكم " مفاعيل بها لأسماء الأفعال : دونك ، وعليكم ، وهلمَّ ، لأنها تعمل عمل الفعل .
أنواع المفعول به : ـ
ـ الأصل في المفعول به أن يكون اسما ظاهرا . نحو : كتب الطالب الواجب . ومنه قوله تعالى : { لا نشتري به ثمنا } وقوله تعالى : { الذي أحلنا دار المقامة } . وقوله تعالى : { إذ ابتلى إبراهيم ربه } . فالكلمات " الواجب ، وثمنا ، ودار ، وإبراهيم " جميعها مفاعيل بها جاءت أسماء ظاهرة .
2 ـ يأتي المفعول به ضميرا متصلا ، أو منفصلا .
مثال المتصل : صافحتك ، أنت أكرمتني ، أنا كافأته .
ـ ومنه قوله تعالى : { هو الذي يصوركم في الأرحام } . وقوله تعالى : { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } . وقوله تعالى : { عسى ربي أن يهديني } .
فالضمائر المتصلة وهي : الكاف في صافحتك ، والياء في أكرمتني ، والهاء في كافأته ، والكاف في يصوركم ، والهاء في جمعهم ، والياء في يهديني ، وقعت جميعها في محل نصب مفاعيل بها للأفعال المتصلة بها .
ومثال الضمير المنفصل : قوله تعالى : { إياك نعبد وإياك نستعين } .
وقوله تعالى : { إيانا يعبدون }5 . وقوله تعالى : { وإياي فارهبون } .
فالضمائر المنفصلة " إياك ، وإياك ، وإيانا ، وإياي " وقعت جميعها في محل نصب مفاعيل بها للأفعال التي تلتها وهي : نعبد ، ونستعين ، ويعبدون ، وفارهبون .
ـ المصدر المؤول بالصريح . وهو كل فعل مضارع مسبوق بأن المصدرية ، أو كل جملة مكونة من " إن " المشبهة بالفعل ومعموليها .
ـ ومنه قوله تعالى : { أ فأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا } .
وقوله تعالى : { وأجمعوا أن يجعلوه في غيابات الجب } .
وقوله تعالى : { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } .
فالمصدر المؤول : أن تعمل ، وتقديره : عمل ، وأن يأتيهم وتقديره : إيتاء أو آتيان ، وأن يجعلوه ، وتقديره : جعل ، وأن تذبحوا ، وتقديره : ذبح ، وقعت كلها في محل نصب مفاعيل بها .
ومثال المصدر المؤول من أن ومعموليها : أثبت المعلم أن التجربة خاطئة . والتقدير : أثبت خطأ التجربة . ونحو : عرفت أن الأسد لا يأكل الجيف . والتقدير : عدم أكل الأسد الجيف .
ـ ومنه قوله تعالى : { زعمتم أنهم فيكم شركاء } .
وقوله تعالى : { ليعلموا أن وعد الله حق } .
والتقدير في الآية الأولى : زعمتموهم شركاء ، فالضمير مفعول أول ، وشركاء مفعول ثان ، لأن زعم يتعدى لمفعولين .
وفي الآية الثانية : ليعلموا وعد الله حقا ، فالمفعول الأول : وعد ، والمفعول الثاني : حقا ، لأن علم متعد لمفعولين .
حذف المفعول به : ـ
ـ يجوز حذف المفعول به إذا دل عليه دليل .
ـ نحو قوله تعالى : { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } . والتقدير : يزعمونهم شركاء . وقوله تعالى : { وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء } . فـ " شركاء " مفعول يتبع ، وأما مفعول يدعون فهو محذوف لفهم المعنى ، وتقديره : آلهة ، وقد جوزوا أن تكون " ما " استفهامية مفعول يتبع ، وشركاء مفعول يدعون ، ولا حذف في الآية .
2 ـ يحذف المفعول به طلبا للاختصار .
نحو قوله تعالى : { ما ودعك ربك وما قلى } .
وقوله تعالى : { ألم يجدك يتيما فآوى } .
والتقدير : قلاك ، وآواك ، وهو عائد على الرسول صلى الله عليه وسلم .
3 ـ يحذف اقتصارا .
ـ كقوله تعالى : { ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون } .
والتقدير : وهم من ذوي العلم ، وقد يكون الحذف للاختصار ، والتقدير : يعلمون كذبهم . ومنه قوله تعالى : { وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله } .
فقد حذف مفعول يعلمون اقتصارا ، لأن المقصود إنما هو نفي نسبة العلم إليهم ، لا نفي علمهم بشيء مخصوص ، فكأنه قيل : وقال الذين ليس لهم سجية في العلم لفرط غباوتهم {5} . ويراد بالاختصار الحذف لدليل ، وبالاقتصار الحذف لغير دليل .
4 ـ يحذف المفعول به بعد لو شئت .
13 ـ نحو قوله تعالى : { فلو شاء لهداكم أجمعين } . والتقدير : لو شاء هدايتكم . وقوله تعالى : { ولو نشاء لطمسنا على أعينهم } . فالمفعول به محذوف تقديره : لو نشاء طمسها .
5- ويحذف بعد نفي العِلْم .
كقوله تعالى : { ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون } . والتقدير : لا يعلمون أنهم السفهاء . فالمصدر المؤول من أن ومعموليها في محل نصب مفعول به محذوف .
6 ـ ويحذف إذا كان المفعول به عائدا على الموصول .
نحو قوله تعالى : { أ هذا الذي بعث الله رسولا } . والتقدير : بعثه .
7 ـ كما يكثر حذفه في الفواصل .
وقوله تعالى : { ووجدك عائلا فأغنى }3 . والتقدير : فأغناك .
حذف العامل في المفعول به : ـ
1 ـ يجوز حذف عامل المفعول به إذا دلت عليه قرينة ، وذلك في جواب الاستفهام .
نحو : من ضربت ؟ فتقول : خالدا ، والتقدير : ضربت خالدا .
فحذفنا الفعل لدلالة ما قبله عليه وهو : من ضربت ؟
ويجوز الحذف إذا دلت عليه القرينة في غير جواب الاستفهام .
نحو قوله تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه } . فـ " لوط " منصوب بإضمار الفعل " وأرسلنا " . وقوله تعالى : { ولسليمان الريح عاصفة } . فـ " الريح " مفعول به على إضمار " سخرنا " وقوله تعالى : { ومريم ابنة عمران الني أحصنت فرجها } . فـ " مريم " مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره : واذكر مريم . ـ يجب حذف عامل المفعول به إذا تقدم المفعول به على فعل عمل في الضمير المتصل العائد عليه . نحو : محمدا أكرمته . ومنه قوله تعالى : { والأرض بعد ذلك دحاها } . فـ " الأرض " مفعول به لفعل واجب الحذف يفسره ما بعده ، والتقدير : ودحا الأرض .
تقديم المفعول به وتأخيره : ـ
أولا ـ جواز التقديم :
الأصل في المفعول به أن يكون مؤخرا ، وأن يتقدم عليه فعله وفاعله ، كما بينا ذلك في باب الفاعل ، غير أنه يجوز تقديم المفعول به على فعله ، وفاعله إذا أمن اللبس . نحو : كسر زجاجا التلميذ ، وكتب الواجب الطالب . ونحو : درسا كتب الطالب ، وزجاجا كسر التلميذ . ففي المثالين اللذين تقدم فيهما المفعول به على فاعله لا خلاف في تجويزه ، لأمن اللبس . ومثله قولهم : خرق الثوب المسمار .
إذ لا يعقل أن يكون الثوب هو الفاعل لأن المسمار هو الذي يخرق ، وكذا لا يعقل أن يكسر الزجاج التلميذ ، ولا يكتب الدرس الطالب ، لأن كل من الزجاج والدرس هما المفعول بهما أصلا . أما في تقديم المفعول به على الفعل والفاعل معا ، قد يوهم أن يكون مبتدأ ، غير أنه في المثالين السابقين ، وما شابهّما لا يصح أن يكونا مبتدأين لأن كل منهما نكرة ولا مسوغ للابتداء بها إلا إذا أفادت .
أما إذا كان المفعول به المقدم على فعله وفاعله معرفة . نحو : الدرس كتب الطالب ، والزجاج كسر المهمل . يصح في كل منهما أن يكون في موضع المبتدأ ، إذ لا مانع للبس في هذه الحالة بين المفعول به ، وبين المبتدأ ، فكل منهما يجوز فيه أن يكون مفعولا به ، ويجوز فيه أن يكون مبتدأ ، والجملة الفعلية في محل رفع خبره ، فتدبر .
ثانيا ـ وجوب التقديم :
1ـ يجب تقديم المفعول به على الفاعل إذا كان الفاعل محصورا بـ " ما أو إنما" نحو : ما أكل الطعام إلا محمد . ونحو : إنما كتب الدرس المجتهد . ومنه قوله تعالى : { وما يعلم جنود ربك إلا هو } . ـ إذا كان المفعول به ضميرا متصلا بالفعل ، والفاعل اسما ظاهرا .
نحو : كافأك المدير ، وأكرمني صديقي ، وشكره عليّ . ومنه قوله تعالى : ( لا يحطمنكم سليمان وجنوده }. ـ إذا اتصل بالفاعل ضمير يعود على المفعول به .
نحو : أخذ الكتاب صاحبه . ومنه قولهم : إعط القوس باريها . ومنه قوله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُهُ } .
فـ " الكتاب ، والقوس ، وإبراهيم " مفاعيل بها تقدمت على فاعليها لاتصال فاعل كل منها بضمير يعود عليها ، فلو قدمنا الفاعل وأخرنا المفعول به لعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة ، وهو غير جائز لأن الأصل أن يتقدم الاسم ويتأخر الضمير العائد عليه .
ثالثا ـ وجوب تقديم المفعول به على الفعل والفاعل معا : ـ
1 ـ يجب تقديم المفعول به على فعله ، وفاعله إذا كان ضمير منفصلا .
نحو قوله تعالى : { إياك نعبد } ، وقوله تعالى : { وإياى فارهبون } . وقوله تعالى : { إيانا تعبدون } . 2ـ إذا كان المفعول به من الأسماء التي لها الصدارة في الكلام .
كأسماء الشرط . نحو : أياً تصاحب أصاحب . ومنه قوله تعالى : { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها } . وقوله تعالى : { من تدخل النار فقد أخزيته } . أو أضيف إلى أسماء الشرط . نحو : كتابَ أي عالم تقرا تستفد . وأسماء الاستفهام . نحو : من قابلت ؟ ومنه قوله تعالى : { إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي } . أو أضيف إلى أسماء الاستفهام . نحو : كتاب من استعرت ؟ 3ـ إذا كان المفعول به كم ، أو كأين الخبريتين ، وما أضيف إليهما . نحو : كم من دروس قرأت ولم تستفد . ونصيحة كم صديق سمعت ولم تتعظ . ومنه قوله تعالى : { ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرون } . وقوله تعالى : { وكم أرسلنا من نبي في الأولين } . فـ " كم " في الآيتين وقعت كل منهما في موضع نصب مفعول به ، الأولى للفعل أهلكنا ، والثانية للفعل أرسلنا . ومثال كأين : كأين من صديق عرفت . والتقدير عرفت كأين من صديق .
الروابط المفضلة