مع أن حدوث الطمث كل شهر ظاهرة طبيعية تماما لدى المرأة، إلا أن ذلك يعد معاناة متكررة تختلف من امراة الى اخرى، وتبقى لهذه الظاهرة مشكلاتها وآلامها ومضاعفاتها.. تبدأ معها منذ البلوغ في الثانية او الثالثة عشرة، وتمتد حتى سن الخامسة والاربعين او الخمسين على مدى سنوات ما عدا فترة الحمل والارضاع.. فهل تصبح المراة افضل حالا لو قلت فترات سنوات حدوث الطمث الى اربع سنوات مثلا بدلا من اربع عشرة سنة؟
تستعد احدى شركات الادوية لطرح نوع جديد من اقراص منع الحمل يقوم على مبدأ منع حدوث الدورة الشهرية، وبالتالي منع حدوث الحمل، وذلك بالاستمرار في أخذ الدواء لسنوات، وقد اظهر استطلاع للرأي تقبل فئة من النساء لهذا المبدأ (اي التوقف عن الدورة لعدة سنوات، ثم استئنافها عند الرغبة في الحمل مرة أخرى بالتوقف عن تناول الدواء).
وقد قامت البحوث في هذا المجال لإنتاج هذا النوع من الاقراص على فكرة حدوث الدورة الشهرية مرة واحدة في السنة بدلا من حدوثها كل شهر، ولكن بعض اطباء النساء والتوليد يبدون مخاوف من مضاعفات غير معروفة نتيجة لتعرض المرأة الدائم للهرمونات عند تناولها لهذا النوع من الاقراص.
غير ان ما يحصل الآن، هو أن بعض النساء يستخدمن اقراص منع الحمل القديمة والمستعملة حاليا لايقاف الدورة الشهرية عن طريق مواصلة تناولها لاشهر او لسنوات، ومع هذا لم يبد على أي منهن عوارض صحية نتيجة لذلك.
هل الطريقة آمنة؟
السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال: هل من المناسب والصحي ان تتوقف الدورة الشهرية للمرأة لسنوات، او بمعنى آخر هل تحتاج المرأة الى حدوث الدورة الشهرية لكي تبقى سليمة صحيا!
بعض الاطباء يقولون نعم، وبعضهم ينظرون الى الامر بطرافة وهم يقولون ان 'الدورة الشهرية قد تصبح شيئا من التراث' والحقيقة انه عندما ظهرت اقراص منع الحمل لاول مرة. كان اتجاه العلماء منها ان تستعملها المرأة بشكل متواصل طوال الشهر من دون توقف، لكن فترة التوقف التي تسبق حدوث الدورة (أي استخدام الاقراص لفترة 21 يوما في الشهر) اصبحت ممارسة شائعة لاسباب مختلفة، بعضها اجتماعي وبعضها ما يتعلق بنوعية حياة المرأة ورغبتها فيعدم مخالفة الطبيعة الانثوية، والاطمئنان على ان اجهزة جسمها تعمل بشكل طبيعي مما يبعث في نفسها الراحة والطمأنينة.
ومع التخوف الذي يبديه الاطباء من كثرة تعرض المرأة للهرمونات التي تدخل في تركيب اقراصها منع الحمل عند تناولها بشكل متواصل، يقول الباحثون ان كمية الهرمونات التي تحتويها الاقراص المتداولة حاليا تعرض جسم المراة لكمية اكبر من الهرمونات الموجودة في الاقراص الجديدة، على رغم ان الاولى تؤخذ بشكل متقطع.
صحيح ان حدوث الدورة الشهرية بانتظام دليل على أن أجهزة المراة التناسلية تعمل بطريقة صحيحة، لكن ليس هناك دلالة خاصة بالدورة الشهرية.. وليس هناك سموم مثلا او مربكات تخرج معها ليتخلص منها الجسم فيبقى صحيحا سليما. وفي الماضي، كان حدوث الدورة اقل عند النساء بكثير من ايامنا هذه بسبب غياب وسائل منع الحمل، مما عرض المرأة بالتالي وبشكل متواصل للحمل والولادة فالدورة الشهرية ومع هذا لم تصب النساء بعوارض صحية او امراض من جراء ذلك.
غير ان الباحثين في هذا المجال يقرون بوجود مشكلات اخرى لاستخدام هرمونات الحمل بشكل متواصل.. فمثلا هناك نساء يصبن بنزف طمثي متقطع من وقت إلى آخر حتى عند تناول الهرمونات. ولهذا تختلف استجابات النساء من امرأة الى أخرى، ففي حين ان الامر مع بعضهن قد يسير على ما يرام من دون أي مشكلات، ويتعرض البعض الآخر لنزف متقطع.. نجد أخريات يجدن من الافضل الرجوع الى وسائل منع الحمل التقليدية.
الحذر من ذلك
فريق آخر من الاطباء يدعو الى الحذر، والى مزيد من البحث قبل استخدام هذه الأقراص، ويبررون ذلك بان مضاعفات مثل هذا النوع من الادوية قد لا تظهر الا بعد مرور سنوات، حيث لا يعود في الامكان تدارك المشكلات والمضاعفات بعد حدوثها، ويدللون على ذلك بما حصل من تطور في استخدام العلاج التعويضي بالهرمونات، فهذه الطريقة كانت الى وقت قريب نصيحة ووسيلة طبية شبه متفق عليها، اذ كان كل طبيب ينصح مريضاته بعد سن توقف الدورة بتناول الهرمونات بشكل متواصل لما في ذلك من فوائد صحية كثيرة. وقد استمر هذا الامر لسنوات وحتى وقت قريب الى ان اظهرت البحوث المتعددة ان سلبيات هذا النوع من العلاج تفوق فوائده، وانه طبيا ينصح بعدم اخذ الهرمونات من بعد 'سن اليأس'.
والحقيقة.. ان في الطبيعة الجسمانية التي خلقها الله تعالى في المرأة وجبلت عليها ما هو اعقد بكثير مما يتصوره بعض العلماء والباحثين.
وقد لا يكون من السهل تبسيط الامر واختصاره واختزاله بالقول بأنه يمكن منع الدورة من دون مضاعفات، فأجهزة الجسم متداخلة وكل منها يتأثر بالآخر. ومن المسلمات الطبية انه كلما كانت الوسائل العلاجية والصحية اقرب الى الطبيعة ومحاكاتها، كانت اكثر امنا وسلامة على صحة الإنسان. ومع ذلك يؤكد الباحثون والعاملون على هذا النوع من اقراص منع الحمل الجديدة انه لم يثبت علميا اي اضرار او مضاعفات عند استخدامها. وان للمرأة الحق في الاختيار بينها وبين الاجيال الاولى من الاقراص. غير ان ما يمكن قوله هنا باختصار انه يجب التأني وعدم التعجل في استخدام هذه الاقراص الجديدة، والرجوع عند الحاجة الى الوسائل الآمنة التي مضى على استخدامها عشرات السنين من دون مشكلات.
استغفر الله العظيم فى حد يعارض الطبيعه ويغير فى خلقه ربنـــــا
الروابط المفضلة