بها الأم، عند اكتشافها حملها للمرة الأولى، لا تضاهيها فرحة.. لكنها سرعان ما تختفي، مع فقدانها الجنين، وتتحول إلى صدمة كبرى، مع تكرر الإجهاض مرتين أو ثلاثاً.
لماذا تعاني بعض النساء من الإجهاض المتكرر؟ الإجابات يعرضها الدكتور توفيق نكد، الاختصاصي في الأمراض النسائية والتوليد.

يحدد الدكتور نكد الإجهاض المتكرر بأنه ذاك الذي يحدث لأكثر من مرتين متتاليتين، وبصورة تلقائية، دون أن يكون بينهما حملٌ أو ولادة، أي في الحمل الأول.. وبهذا فقط يمكن وضع الحالة حصراً في خانة الإجهاض المتكرر. لكن بعض النساء لا يمكنهن الإنتظار حتى الإجهاض الثالث، كي يتم تصنيفهن في هذه الخانة، فيصار عندها إلى إجراء الفحوص الضرورية، لمعرفة الأسباب التي أدت إلى حدوث المشكلة. غير أن المفهوم الطبي للإجهاض المتكرر، هو الإجهاض لثلاث مرات متتالية.
في بعض الأحيان، يحدث الإجهاض في مرحلة متقدمة من الحمل الأول (الشهر الرابع أو الخامس أو السادس)، وفي هذه الحالة يتم فوراً إخضاع المرأة للفحوص الضرورية، لتحديد الأسباب، وتنتفي الحاجة إلى الانتظار لحدوث الإجهاض الثاني أو الثالث.

وماذا عن أسباب الحمل المتكرر؟
تقف خمسة عوامل رئيسة وراء حدوث الإجهاض المتكرر، يمكن تفنيدها، مع تشخيص كلٍّ منها، ووسائل العلاج على الشكل الآتي:

غالباً ما يكون المصدر هو الأب أو الأم.. فبالرغم من تمتّع كلٍّ منهما بصحة جيدة، فقد يحمل كلاهما، أو أحدهما، جينات وراثية فيها خللٌ ما، عندما ينتقل إلى الجنين، من خلال البويضة أو الحيوان المنوي، يحدث الإجهاض.
ـ التشخيص: إزاء هذه المشكلة، يستطيع الطبيب إجراء فحص للصبغات الوراثية لدى الأم والأب، لمعرفة مدى إمكانية نقلهما صبغةً وراثية معيبة لجنينهما، ويتم خلاله أخذ عينة من دم الأم، وزرعها، ثم تحليل الخلايا، ويصار بعدها إلى فحص الكروموزومات عند كلٍّ من الأم والأب، للتأكد من وجود أو انتفاء أيّ خلل فيها. ولهذا الخلل وجوهٌ عدة، نذكر منها، على سبيل المثال: التصاق جزء من الكروموزوم 13 بالكروموزوم 17.. منح الأب طفله نصف عدد الكروموزومات التي يملكها، فيقوم ثمة احتمال بأن يكون من بينها الكروموزوم 17 الذي يتضمن حمولةً إضافية، فتحدث زيادةٌ في عدد كروموزومات الجنين، وهو أمرٌ غير طبيعي، يؤدي بالتالي إلى الإجهاض.

الحكمه الالهيه فى الاجهاض
ـ العلاج: في حالات الخلل الصبغي، غالباً ما ينتفي وجود أيّ علاج من شأنه تغيير الصبغة الوراثية التي يولد بها الإنسان. إنما ـ في بعض الأوقات ـ يمكن معالجة الأمر عن طريق استخدام البويضات والحيوانات المنوية الخاصة بالأب والأم، يجري تلقيحها خارج الجسم، ويتم أخذ عينة من كلّ بويضة ملقحة وفحصها، ثم إعادة البويضة السليمة إلى الجسم، فتزداد فرص الحمل، من جهة، ونحصل على جنين سليم، من جهة ثانية.
عند وجود هذا الخلل، يستحسن أن يتم التعاون بين الطبيب النسائي والاختصاصي في طب الجينات.

منها ما هو خلقي (وجود تشويه في الرحم)، ومنها ما هو مستجد على الرحم. في الحالة الأولى، تولد المرأة مع انقسام في الرحم لديها، وعازل يتكوّن في العادة مع تكوّن الرحم، ويكون خالياً من العضلات والدم، فإذا التصق الجنين به، افتقد إلى الغذاء، وانتفت إمكانية الحياة لديه، فيتم بالتالي الإجهاض. أما بالنسبة إلى الأسباب المستجدة، فنذكر منها الالتصاقات الرحمية التي تنتج، في أكثر الأحيان، عن عمل طبي معين، مثل عملية تنظيف الرحم بعد الإجهاض (كورتاج)، أو استئصال ورم ليفي. هذه الالتصاقات تخلو أيضاً من الدم، وبالتالي لا يمكن للجنين أن ينمو عليها أو بقربها، ما يؤدي إلى موته.
ـ التشخيص: يتم تشخيص هذه الحالة بواسطة صورة ملونة، أو بالمنظار الرحمي. وفي بعض الأحيان يتم الاعتماد على المنظار الرحمي والمنظار الخارجي معاً (من جهة البطن)، للتأكد مما إذا كانت الرحم ذات قرنين، أو تحتوي على عازل في وسطها