بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكن أخواتي و رحمة الله و بركاته
أخيرا و بحمد الله بعد مرور ثلاثة أسابيع مريرة و حزينة منذ عرفت بموت جنيني دون سبب واضح إلا أن مشيئة الله أرادت ذلك بعد أن أكمل خمسة شهور كاملة و بعد أن مكث ثلاثة أسابيع ميتا داخل رحمي تم إسقاطه
و القصة تبدأ من يوم الأربعاء الموافق 10/9/2008 حين عاد زوجي من عمله و طلب مني تحضير شنطة المستشفى كي نذهب للطوارئ لأنه ما عاد فينا الانتظار مزيدا من الوقت و أنا لا تبدو علي أي أعراض طلق أو ما شابه و بدأ القلق يساورنا نتيجة مكوث الجنين ميتا طوال هذه الفترة و المستشفى تطالبنا بالانتظار مزيدا من الوقت عسى الجنين ينزل لوحده لكن دون جدوى
فقررنا الذهاب للمستشفى على عاتقنا لكي يحاولوا إنزاله بأي طريقة ممكنة
و هناك في الطوارئ كان ما توقعنا حيث طلبوا منا الانتظار أسبوعا آخر حيث أن فحوصات الدم أتت بنتائج طيبة و أنه ليس من داع للاستعجال في إنزاله
لكن أنا كانت نفسيتي في الحضيض فكلما نسيت الأمر كانت بطني المنتفخة تذكرني بأول يوم سمعت فيه ذلك النبأ و أن بطني لا تحمل سوى ولد ميت و كنت كل يوم أبكي و طوال الوقت شاردة أفكر باللحظات القادمة و حاولت شرب كل ما بإمكانه التسبب بحدوث الانقباضات من قرفة و أناناس وووووووو لكن دون جدوى حتى زيت الخروع شربته أيضا دون جدوى و ذاك اليوم لم أتمالك نفسي من شدة البكاء و أنا أدعو ربي أن ينزل اليوم قبل الغد لكنها مشيئة الله
في المستشفى طبعا رفضت الانتظار و أنا أبكي بشدة و فعلا أدخلوني المستشفى بناء على رغبتي ومكثت في المستشفى خمسة أيام أدعو الله فيهن ألا أعود لبيتي إلا بعد إنزال الجنين مهما كلف الأمر من تعب و ألم
و فعلا بدأ الأمر باليومين الأول و الثاني بتحاميل طلق صناعي أخذت منها ثلاث حبات دون جدوى فقط نزول قطرات من ماء الرحم و انطردت سدادة الرحم رغم كونها نتيجة صغيرة لكنها أعطتني الأمل الكبير و لم يستطيعوا إعطائي مزيدا من التحاميل خوفا على الرحم لأني ولدت ابنتي بعملية قيصرية منذ 20 شهر فقط
في اليوم الثالث قررت المستشفى أن يكون يوم راحة لي و فعلا توقف الطلق بعد انتهاء مفعول التحميلة الثالثة
في اليوم الرابع بدأ مرحلة جديدة و هي إحداث طلق عن طريق قسطرة تصل للرحم
و لقد كان عذاب ما بعده عذاب لشدة خوفي حيث كان مجرد تركيبها مؤلم و زاد خوفي كوني لوحدي مع زوجي فقط الذي لم يسمحوا له بدخول غرفة العمليات معي
بعد تركيب القسطرة بدأت الآلام تتابع مباشرة و استمرت تتابع بشدة و قوة و سرعة و استمر الأمر من الساعة الثانية بعد الظهر حتى التاسعة و النصف و أنا أبكي و أنتحب و أدعو ربي أن يخلصني من هذا الألم الذي لا يتوقف حتى لم يعد مجال من التقاط أنفاسي و خلت أنها النهاية لكن رحمة الله وسعت كل شيء و فجأة دون مقدمات خرجت مني نافورة من الدماء من شدتها طردت معها القسطرة من المهبل للخارج و التي كانت معلقة بعنق الرحم بمايشبه البالون بحجم البيضة تقريبا ففكرت أنه الجنين الذي خرج و سألت الممرضة و كلي أمل: هل خرج الجنين؟ ردت: ليس بعد لكن القسطرة فقط التي خرجت. و بعدها جاءت أفظع آلام ممكن أن أتخيلها حيث كانت الآلام مرتكزة فقط من أسفل بشدة بعيدا عن مكان جرح العملية القيصرية كي لا يتأذى الرحم و عند تلك اللحظة حيث تصورت أنها النهاية و أن الدنيا ضاقت بي جاء فرج من الله قريب حيث بدأ الجنين يخرج شيئا فشيئا حتى خرجت الرأس أولا و تتابع خروج الجسد كاملا و قامت الممرضة بقطع الحبل السري
و قالت لنا أنه ولد و سألتنا إن كنا نرغب برؤيته؟ و فعلا هذا ما تمنيته أن ألقي عليه نظرة أخيرة و أودعه و أدعو ربي أن ألقاه يوما ما و بكيت و أنا أراه كان كاملا و كبيرا بدرجة لم أتوقعها و لم يكن فيه شيء سوى أنه كان ساكنا هامدا و لقد فرحت برؤيته كاملا دون تشوهات و الحمد لله و دعوت ربي أن يعوضني خيرا منه في القريب العاجل و رآه زوجي الذي بكى من فرحه لنزوله أخيرا و لانتهاء معاناتي بحمد الله
بعد ذلك علقت الممرضة محلولا لجعل الرحم ينقبض لطرد المشيمة و انتظرت 4 ساعات و لم تخرج المشيمة فقررت الطبيبة القيام بعملية تنظيف للرحم
فعلا فرحت لأني أردت هذه العملية لتنظيف الرحم مما علق طيلة هذه الأسابيع الثلاث
لكن المشكلة التي كانت بانتظاري أنهم لم يعطوني بنجا كاملا لأنهم لم يعتبروني صائمة و الحل هو البنج النصفي بحقنة الظهر بصراحة رجوتهم ألا يعطوني بنج نصفي لأني كنت بحالة من التعب مما عانيته و مما رأيت و لم أرد دخول و رؤية غرفة العمليات أو المرور بأوجاع جديدة نتيجة إبرة الظهر لكن قدر الله و ما شاء فعل
لم يستطيعوا إعطائي البنج الكامل و اضطررت للخضوع لبنج نصفي كانت لحظات جدا صعبة حيث كنت لوحدي دون زوجي طيلة فترة العملية
و تمت العملية بحمد الله بنجاح و لم أكملها مستيقظة لآخرها لأن طبيبة التخدير أعطتني إبرة منومة أيضا لشدة ما رأت من خوفي و اضطرابي و أنا طيلة الوقت أدعو ربي أن تمر العملية بسلام
و الحمد لله في اليوم التالي أخذت حماما و سمحت لي المستشفى بالخروج بعد انتهاء فصل حزين و مرير و مؤلم من حياتي
و لم يتبق من آثار العملية سوى ألم مكان الحقنة استمر بظهري لمدة يومين بدأ بعدها يخف
و الحمد لله أشعر الآن بتحسن كبير و كل يوم أدعو الله أن يعوضني خيرا من ولدني و يأجرني خيرا في مصيبتي و يخلف لي خيرا منها
والله إن القلب ليحزن و إن العين لتدمع و لا نقول إلا ما يرضي الله
إنا لله و إنا إليه راجعون
الروابط المفضلة