انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 6 من 6

الموضوع: لِمَنْ أنجبتْ حلماً ومن أنجبتْ خيبةًً

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الموقع
    فلسطين
    الردود
    10
    الجنس

    لِمَنْ أنجبتْ حلماً ومن أنجبتْ خيبةًً

    أحبُّ امرأةً، أهلُ البلد يسمونها " الخرسا" وهذا ليس اسماً فقط بل وصفٌ لحالِها، فهي خرساء.
    الجميعُ يشفقُ عليها ويقولون إن اللهَ سينتقمُ لها وإن اللهَ يمهلُ ولا يهملُ .
    سألتُ كثيرين عن قصتِها والجميع روى القصةَ ذاتَها" وُلدتْ هذه المرأةُ خرساءَ، وكبرت في أسرةٍ متوسطةِ الحال.
    أصبحت صبيةًً عاديةً، ليست جميلةً وليست قبيحةً ولكنها نشيطةٌ وطاقتُها للعملِ عاليةٌ .
    استغلها الجميعُ في الأعمالِ الصعبةِ مقابلَ لا شيءَ أحياناً، ومقابلَ الطعامِ وبضعةِ شواقلَ أحياناً أخرى.
    وليت طمعَ البشرِ توقف عند هذا الحد، عند جنيِ ثمارِ اليدين والهمةِ وتصببِ حبيباتِ العرقِ من جبينِ المستضعفةِ، طمعوا بثمارِ رحمِها ، فهي امرأةٌ على أيةِ حالٍ وبإمكانها أن تحملَ وتلدَ .
    رجلٌ وامرأةٌ زوجان لم يرزقا بأطفالٍ؛ قررا استثمارَ رحمِ الخرسا للحصولِ على الولدِ " السند"؛ تزوجها الرجلُ حملت وأنجبت وبعدها طُردت، وحدَها طبعاً .
    حدثت هذه القصةُ قبل عشرين سنةً، قبل أشهرٍ سمعتُ من أحدِ الأشخاصِ أنها صعدتْ ذاتَ يومٍ في باصِ البلدِ وكانت المقاعدُ ممتلئةً بالكاملِ, ابنُها الذي أنجبته كان في الباصِ في المقعدِ الأمامي يعرفُ تماماً أنها أمُّه؛ لكنه جافاها، واعترف بمن ربوه وأصبح مثلَهم ، يومَها لم يفكرْ حتى بأن يُجلسَها مكانَه؛ نهض رجلٌ آخر وأجلسها بكت هي وتمتمت بأصواتٍ كمن تناجي اللهَ وتشكو له ظلماً.
    كانت تشيرُ إلى بطنِها والى الرجلِ، أي أنه ابنُها وأنها تحبُّه. بقيت طوالَ الطريقِ تبكي و تقبلُ يدَها وتطيرُ قبلاتِها إليه، ومن ثم تعودُ و تشيرُ إلى بطنِها أي أنه ابن بطنِها.
    بطونُ الأمهاتِ، المتعباتِ والمملوءاتِ بالقصصِ وبأحلامِ الغدِ وخيباتِه، من منكن أنجبت حلماً ومن أنجبت خيبة؟ الخرسا كان بطنُها وعاءً لقصةِ ألمٍ تفرغُه مع كلِّ صرخةِ ظلمٍ مكتومةٍ وتملؤه مجدداً مع كلِّ شهيقٍ.
    لطالما أحببتُ شكلَ حواءَ الحاملِ ببطنِها المنتفخِ ولطالما سألتُ الكثيراتِ، هل يشبُه الحملُ كأن أحمل بكلتا يدي طيلةَ الوقتِ وأنا امشي وأنا أعملُ وأنا أبكي حتى وأنا نائمةٌ شيئاً له وزنُ الجنينِ مثلاً؟
    لم أتلق جواباً ناضجاً، غالبيتُهن كن يضحكن من سؤالي وأخرياتٌ يقلن بل أكثر؛ وبعضُهن يترددن ويقلن لا ليس نفسَ الشيءِ.
    ليلى قالت ليتني أمتلكُ القدرةَ على التعبيرِ لأقولَ كم هو مختلفٌ وكم هو صعبٌ أن تستيقظي صباحاً بعد ليلةٍ طويلةٍ؛ لم يكن سهلاً فيها الانقلابُ يميناً أو شمالاً- أن تستيقظي- غيرَ قادرةٍ على التنفسِ أو الأكلِ أو الشربِِ لأنَّ شيئاً ما بداخلِك يكبرُ ويكبرُ، صمتت قليلاً وقالت لنبدأْ قصةَ الألمِ من أولِها ولدتُ أنثى وكبرتُ كأنثى عليَّ أن أخجلَ وأن أتكلمَ بصوتٍ هادئٍ، ويستحسنُ أصلاً ألاّ أتكلم ، صرتُ صبيةً وبتُّ عورةً ومشروعَ فضيحةٍ يبحثُ عن ساترٍ يسترُ عليه؛ تزوجتُ وأنا بين رافضةٍ وموافقةٍ على زوجي؛ فهو لا يشبهُ أبداً رجلاً رافقني طويلاً في أحلامي؛ رجلاً حلمتُ بأنه فارسي، لم يأت هذا الفارسُ، وأتى رجلٌ عاديٌّ تزوجته " بدفشٍ" كبيرٍ من العائلةِ، قالوا لي بكره بتغيريه وبصير زينة الرجال، وقالوا خذي اللي بحبك ومش مهم إنت تحبيه لأنه اللي بحبك بسعدك بس اللي بتحبيه أنت لازم تسعديه هكذا، وكأن السعادةَ أحاديةُ الاتجاهِ، تزوجتُه؛ ومن أولِّ شهرٍ أخذت النسوةُ على عاتقِهن مهمةَ الدعاءِ لي بالعوضِ؛ انتهت من حياتي كلُّ المصطلحاتِ والتعبيراتِ؛ وبات كلُّ استخدامٍ، ولكلِّ مناسبةٍ، عبارةً واحدةً فقط من الجميعِ " في عوضك أو " الله يعوض عليك ".
    لم يأت هذا العوضُ، وبات الأمرُ مرعباً لي " أريدُ طفلاً" أريدُ أن أسمعَ كلمة ماما ، ملابسُ الأطفالِ باتت كلَّ ما أرى في الفتريناتِ؛ والأشياءُ الصغيرةُ باتت تجنني لدرجةِ أنني تعاطفتُ يوماً مع جروٍ صغيرٍ ذكرني ضعفُه بضعفِ طفلي المرتقبِ. كان أيُّ طفلٍ يستهويني أحملُه واهتمُّ به وانسجُ في الخيالِ صوراً لطفلي الماكثِ في المجهولِ، تُرى كيف سيكون؟ ولكن بعد سنواتٍ أصبحتُ لا أطيقُ أن أرى طفلاً وصارت مشاهدةُ الأطفالِ تستفزُّني وتُجسدُ نقصي.
    وتواصلُ، في كلِّ شهرٍ وفي موعدِ الدورةِ الشهريةِ؛ كان الرعبُ يسيطرُ عليَّ، كنتُ أحبسُ أنفاسي كي لا يبدأَ النزيفُ، ليالٍ طويلةٌ قضيتُها دونَ حراكٍ مطبقةٍ بشدةٍ على فخذي محاولةً مني لمنعِ نزولِ الدمِ. أردتُ بقوةٍ أن أحملَ وأن أكونَ أمّاً؛ هل تعرفين معنى أن تحملي وان تتجزئي ليوجدَ جزءٌ آخر منك تكبرينه وتصنعين منه حياةً؟
    تعذبتُ طويلاً قبلَ أن أصلَ إلى عذابِ الحملِ الذي تسألينني عنه والذي على قسوتِه أجده مريحاً.
    ياه كم هو مريحٌ أن أتعب من أجل طفلي، ولمعلوماتِك قد أفارقُ الحياةَ أثناءَ الولادةِ ولكنني سأنجبُ حياةً أخرى.
    صمتت وغرقت في أحلامِها علَّها الآن تداعبُ شفتي طفلِها أو علَّها تمسدُ شعرَه
    أما أنا فتسكنني صورةُ الخرسا تشكو لله ظلماً وتتحسرُ على ولدٍ أخذوه
    وتسكنني صورُ أمهاتٍ كثيراتٍ ألقين في مكانٍ باردٍ بلا دفءٍ وحبٍ
    وتسكنني بطونُ الأمهاتِ المملوءةُ أفكر بها وأدعو أن
    تحملَ أحلاماً لا خيباتٍ .

    . نقل.............من فلسطين

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الموقع
    اللهم إني وجهت وجهي إليك وأوكلت كل أمري إليك ،،، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك
    الردود
    4,390
    الجنس
    امرأة
    يا إلهي،،،
    يا إلهي

    أكتب لك و الدمع في عيني
    لأني وجدت نفسي في أحد السطور
    الحمد لله على كل حال
    الحمد لله على كل حال

    كلمات تسطر معاناة
    لا بل مأساة

    لا


    بل أكثر من ذلك بكثير

    هذه هي حياتنا
    كلها ،،،،،،ابتلاءات
    و لكننا نقول

    الحمد لله

    أشكرك من أعماق قلبي على الموضوع الرائع
    بل
    الأكثر من راااااااائع

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الردود
    809
    الجنس
    أنثى
    موضوع رائع حرك شجوني
    وكاني اراى نفسي ..؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الموقع
    مملكة حبي
    الردود
    2,659
    الجنس
    امرأة
    الحمد لله...............

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الموقع
    عايشه فى البيت مع راجل كبير وراجل صغنن .♥.♥.♥روشونى (ومصر هى مامتى)
    الردود
    7,559
    الجنس
    امرأة
    يا رررررررررررربى

    قشعرتى جسمى وشعرى وكل حاجه

    الله يعوض على المسلمات جميعا بحلم وحقيقه جميله ويبعدنا عن الخيبه والقسوة

    مشكورة

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    الموقع
    جوه دماغى
    الردود
    485
    الجنس
    امرأة
    ماشاء الله عليكى

مواضيع مشابهه

  1. الردود: 2
    اخر موضوع: 06-08-2010, 06:14 PM
  2. أخيتي الحبـيـبة ... كفاك ِ حلماً
    بواسطة أم عمارة 1 في نافذة إجتماعية
    الردود: 8
    اخر موضوع: 14-10-2007, 02:27 AM
  3. أخيتي الحبـيـبة ... كفاك ِ حلماً !!!
    بواسطة مساء في الملتقى الحواري
    الردود: 13
    اخر موضوع: 14-09-2003, 09:18 PM
  4. كان حلماً
    بواسطة الامل في الله في فيض القلم
    الردود: 8
    اخر موضوع: 28-11-2001, 03:56 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ