أذهلت هذه الظاهرة الناس لقرون عديدة، فعندما تسير في الطريق وترى توأمين متطابقين، أو متشابهين، سوف يغمرك اندهاش وتعجب لقدرة الخالق سبحانه وتعالى، وإذا حصل وعاشرت توأماً فإن يومك لن يخلو من طرفة أونادرة، سواء عند اختلافهم أو توافقهم.. وما ان ترى صديقين مقربين من بعضهما حتى تجد من يشبههما بالتوأم.
وفي عالم التوأم، نماذج من كافة الاتجاهات، من حيث الاتفاق والاختلاف، في الشكل والقوام والجنس والطبائع، وقد قام العلماء بدراسة تلك الظاهرة التي حيرت الكثير من العامة حتى حدت ببعض الجهلاء أن يتخذوا أصناما من أولئك التوأم للعبادة.
يأتي التوأمان المتشابهان من بويضة مخصبة واحدة انقسمت على نفسها، وتسمى (الزيجوت)، وهذا الانقسام عادة ما يحدث في فترة تمتد إلى21 يوما من الحمل، وعندما تستقر البويضة حول رحم الأم فإن التوأمين يشتركان في الحمض النووي للزيجوت بنسبة 100%، هذا في حالة التطابق. إضافة إلى انهما يكونان من جنس واحد، إما ذكرين أو أنثيين، لهما بصمات أيد وأرجل متشابهة، ولكنهما يختلفان في بصمات الأصابع. أما التوائم غير المتطابقة فتأتي عندما تنزل بويضتان للتخصيب، فيتم التخصيب بصورة انفرادية، ويشتركان في 50% من الحمض النووي. ويمكن تحديد التوائم المتطابقة وغير المتطابقة. عن طريق تحليل الحمض النووي للزيجوت. ومن أنواع التوائم المتشابهة:
* توأم أحادي المشيمة: ظاهرة التوأم أحادي المشيمة هي أن يكون التوأمان متطابقان وغير منفصلين بأي غشاء داخل الرحم، وغالبا ما يتعرضان لخطر تشابك الحبل السري بينهما، أو عليهما. هذا التوأم يكون معرضاً لمتلازمة (TTTS)، وهو المرض الذي يتقاسم فيه التوأمان المشيمة بشكل غير متساو. وينتج عنه أن يحصل أحد التوأمين على الدم بصورة اكثر من اللازم ويموت بسبب الفشل القلبي، أما الآخر فلا يحصل على الدم بصورة كافية ويموت بسبب الأنيميا. أما حالات اشتراك التوأم في المشيمة فتحدث في مراحل مختلفة، فعندما ينقسم الزيجوت قبل تكوّن كيس البويضة تكون النتيجة أن كل واحد من التوأم له مشيمة خاصة، أما بعد تكوّن كيس البويضة فيتشارك التوأم في المشيمة، لكن لكل منهما غشاء وسائل مشيمي منفصل، أما إذا انقسم الزيجوت بعد يوم أو يومين من تكون كيس المشيمة فالتوأمان يتشاركان في المشيمة والغشاء المشيمي، لكن لكل واحد سائله الجنيني المنفصل، وإذا حدث الانقسام بعد عدة أيام فيتشاركان في الثلاث مكونات.
* التوأم المشابهان لصورة المرآة: بعض التوائم المتشابهة لهم بصمات أصابع مشابهة لصورة المرآة، بمعنى تشابه كامل مع تعاكس الاتجاهات، كما أن حلزونية الشعر لكل منهما متعاكسة.
يجدر الذكر بأن 25% من التوائم لهم خصائص صفات صور المرآة، وتعزى هذه بسبب انقسام البويضة إلى قسمين.
* التوأم الملتصق (السيامي) يطلق هذا الاسم نسبة إلى سيام (تايلند حاليا)، وقد حدث أن تم ولادة توأم متلاصق عام 1811م وهما اينغ وجانك بنكر، وهما ملتصقان في منطقة الخصر بواسطة خلايا أنبوبية طولها 5 ،1 بوصة وعرضها 35 ،1 بوصة؛ وقد قضوا معظم حياتهما في مساعدة أمهما، وقد تحصلا على بعض المال ثم تزوجا اختين هما (سالي وايدليد يتيز)، وكان عدد أبنائهما حوالي 12 ابنا، وقد توفيا عام 1874م وكان فرق الزمن بين وفاتهما حوالي ثلاث ساعات.
عادة ما يقول التوأمان (نحن لسنا متشابهين تماما في كل شيء، فنحن لدينا اهتماماتنا الخاصة ولا نعتقد أننا نرى الأشياء بصورة واحدة)، ويبدو هذا كأن التوأم يريدون أن يبرهنوا على اختلافهم وعدم تشابههم، ولكن من دون شك هناك الكثير من الأشياء المشتركة بينهم. بدءاً من الحيز المشترك الذي كانوا يشغلونه في مرحلة كونهم أجنة، إلى مراحل التغيرات الشعورية والجسمية التي شهدوا تطورها عليهم سوياً، ولكن على الرغم من ذلك تبدو جوانب مختلفة في سماتهم الشخصية وهي:
* دور الوالدين: عادة ما يقوم الوالدان بتقسيم العمل الناشئ عن رعاية التوأمين، ونظرا لارتباط التوأم بأبيه أو أمه فانه يكتسب منه بعض السمات الشخصية غير الوراثية. ومن هنا تنشأ بعض الاختلافات بين شخصيات التوأم، تعزى أساسا إلى اختلاف سمات شخصية والديهما.
* المنافسة بين التوأم: تكون ملابس التوأم بلون وشكل واحد، أو يقوم الناس بتشجيعهم على القيام بأشياء متماثلة، وهذا من شأنه أن يجعلهم يميلون إلى التفرد ومحاولة التميز عن بعضهما. ومن هنا تبرز المنافسة بين التوأم مبكرا، ولتفادي المنافسة يختار التوأمان هوايات أو اهتمامات مختلفة بسبب أن هذا التنافس يوجد الاحتكاكات غير المحبذة بينهم.
تظهر روح المنافسة أكثر في المدرسة، وبسبب ذلك يوصي التربويون بفصل التوأم عن بعضهما، حتى لا تتطور هذه الروح وتصبح نوعا من الكراهية بينهما. إضافة إلى ما يسببه تشابههما من مبعث للارتباك والحيرة للمعلمين ولزملائهما، ويمكن أن يتطور الأمر إلى تبني أنماط من سلوكيات الغش والمخادعة مستفيدين من هذا التشابه.
التوأم وعلم النفس
بسبب أن التوأم المتطابق ينشأ من (الزيجوت)، فإن لديهم جاذبية اكثر لدى الأطباء وعلماء النفس لدراسة حالاتهم وارتباطاتهم النفسية. حيث استخدم التوأم المتطابق في دراسة بعض الأمراض وتطورها، إضافة إلى دراسات تكوين الشخصية والذكاء. ومن ضمن تلك الأمراض، دراسة مرض انفصام الشخصية (الشيزوفرينيا)، اضطرابات الأكل، والاكتئاب. وقد أثبتت هذه الدراسات وجود رابط وراثي بين التوأم بشأن تلك الأمراض. كما استخدم التوأم في دراسة واختبار الأدوية، مع الأخذ في الاعتبار أن التوائم يشتركون في الظروف المحيطة، وقد ساعدت هذه الدراسات في اكتشاف الكثير المثير من العلاقة بين الوراثة والبيئة في تطور شخص ما.
ومن تلك الدراسات الدراسة التي أجريت لمعرفة سبب مرض النحافة النفسي المشهور (انروكسيا نيفروسا)، هل هي الوراثة أم البيئة؟ حيث تم تجميع سبع توائم من الإناث، أظهرت مجموعة واحدة من التوائم كل معايير هذا المرض، حيث وجد أن أحد التوأمين قد اكتسب المرض، ثم تبعه الآخر بحكم الاحتكاك.
وعندما فصل بين التوأمين لمنع السلوك التنافسي، واصل التوأم سلوكه العادي في الأكل. ومن هنا استخلصوا من هذه الدراسة أن عامل الوراثة هو المسبب الاحتمالي الأكبر لهذا المرض. كما أجريت دراسة عن الانتحار على عينة مكونة من 671 توأم انتحر الاثنان أو واحد منهم، حيث وجد أن 7 توائم من 26 توأم من مشيمة واحدة منسجمين مع الفرضية بأن الانتحار متشعب في الأسرة، بمعنى أن الأسرة التي حدث فيها انتحار ستؤدي إلى احتمالية أن أحد أفرادها يمكن أن يتعرض لنفس المصير. وقد خلصت هذه الدراسة إلى أن العوامل الوراثية مرتبطة بالأمراض النفسية للذين ارتكبوا جريمة الانتحار للتوائم أنفسهم أو لذويهم.
حقائق عن التوأم
عام 945 قبل الميلاد وجد أول سجل مكتوب عن التوأم المتصل في أرمينيا، وقد توفيا أثناء محاولة الفصل بينهما. عام 1689م قام الطبيب الألماني جي كونج بإجراء أول عملية فصل توأم متلاصق بنجاح.
الروابط المفضلة