*** *** ***
أصبحت المدينة المنورة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها في السادس عشر من ربيع الأول
معقل الإسلام .. ومشعل الهداية .. ومنطلق الدعوة إلى الله
ومُنذ وصوله علية الصلاة والسلام هذة المدينة التي كان يسكنها جماعات المهاجرون والأنصار واليهود
حرص صلى الله عيله وسلم بالبدء في وضع الأسس التي تجعل من هذه الجماعات مجتمعًا قويًا متحدًا
على قواعد إسلامية قوية ومبادئ دينية راسخة
وتمثلت هذة الأسس في ثلاث نقاط مميزة وشاملة هي ..
الأولى ..
بناء بيت الأسلام الأول " مسجد " - وهو صلة الأمة بالعزيز القدير –
الثانية ..
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار – وهي صلة الأمة المسلمة بعضها بالبعض الأخر –
الثالثة ..
الأتفاق بين المسلمين واليهود – أي صلة الأمة بالأجانب عنها ممن لا يدينون بدينها -
" بنـاء أول بيت للأسلام "
كان أول ما حرص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة هو بناء المسجد لتظهر فيه ..
- شعائر الإسلام التي طالما حوربت لغرض القضاء عليها
- ولتقام فيه الصلوات التي تربط المرء برب العالمين
فندب بأول ساعات وصوله الصَّحابة رضي الله عنهم فشمّروا جميعاً عن سواعدهم وبدؤوا ببناء المسجد
ليكون أول قاعدة من قواعد الدَّعوة الإسلاميّة
وشارك النَّبي صلى الله عليه وسلم بنفسه في بناء المسجد ليكون حافزاً قويّاً لهم على العمل الجاد المخلص،
وليبيِّن لهم ..
- أنَّ الإسلام دين عملٍٍ وجهادٍ وتعاون .
- أنَّ القائد المسلم ينبغي أن يكون متواضعاً.
- أن لا يستكبر عن العمل مع رجاله وجنده.
فلمّا رأى الصّحابة رضوان الله عليهم أن نبيَّهم يعمل بيديه الشَّريفتين معهم
ويقول " اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة "
وكان يقول " هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر "
وكان ذلك مما يزيد نشاط الصحابة فى البناء حتى إن أحدهم ليقول
" لئن قعدنا والنبى يعمل لذاك منا العمل المضلل " فتفانوا في عملهم وتعاونوا على أستكمالة
ولم تكن مهمة المسجد هذة فقط، بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام وتوجيهاته
ويستقبلون فيه وفود القبائل وسفراء الملوك و الأمراء من هنا وهناك
ومنتدى تلتقى وتتآلف فيه العناصر القبلية المختلفة التى طالما نافرت بينها النزعات الجاهلية وحروبها
وقاعدة لإدارة جميع الشئون وبث الانطلاقات , وبرلماناً لعقد المجالس الاستشارية والتنفيذية .
وكان مع هذا كله دار يسكن فيها عدد كبير من فقراء المهاجرين اللاجئين
الذين لم يكن لهم هناك دار ولا مال ولا أهل ولا بنون .
" المؤاخــاة بين المهاجرين والأنصار "
وهي خطوة صلة الأمة بعضها بالبعض الأخر وجعلها " أسرة أسلامية واحدة "
فقد حرص علية الصلاة والسلام على تثبيت دعائم الدولة الجديدة
فكانت خطوتة الثانية بعد بناء مقر حكومتة بالمدينة ، المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
وهي الخطوة التي ذابت فيها عصبيات الجاهلية، وسقطت بها فوارق النسب واللون والوطن
وجعلت كلا من المهاجرين والأنصار أمام مسئولية خاصة من الأخوة والتعاون
وكان الأنصار على مستوى هذه المسئولية
فواسوا إخوانهم المهاجرين، وآثروهم على أنفسهم بخير الدنيا
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال ..
" قالت الأنصار للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل،
قال.. لا، فقالوا.. تكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة، فقالوا سمعنا وأطعنا "
رواة البخاري
وقد ترتب على هذه المؤاخاة حقوق بين المتآخين، شملت
التعاون المادي والرعاية، والنصيحة والتزاور، والمحبة والإيثار
وقد شكر المهاجرون للأنصار فعلهم ومواقفهم الرفيعة في الكرم والإيثار
فكان من الأنصار السماحة والإيثار ومن المهاجرين التعفف وعزة النفس والنبل
فقالوا يا رسول الله: ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل،
ولا أحسن بذلا في كثير من الأنصار.
يقول ابن إسحاق " وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار،
فقال عليه السلام " تآخوا في الله أخوين أخوين ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال هذا أخي "
والمؤاخاة على الحب في الله من أقوى الدعائم في بناء الأمة الإسلامية
ولذلك حرص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تعميق هذا المعنى في المجتمع المسلم الجديد
فقال صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ،
اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) رواة مسلم
لقد ساهمت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في تقوية المجتمع المسلم الجديد في المدينة،
وبتحقيقها ذابت العصبية وأشاعت في المجتمع عواطف ومشاعر الحب
وملأته بأروع الأمثلة من الأخوة والعطاء والتناصح والتعاون
" الأتفاق بين المسلمين و اليهود "
أما الخطوة الثالثة هي " صلة الأمة بالأجانب عنها والذين لا يدينون بدينها "
قبل صلى الله عليه وسلم وجود اليهود عن طيب خاطر
وعقد معهم معاهدة أقرهم فيها على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم
وكانت من أهم شروط هذا الأتفاق والمعاهدة المبرمة معهم
- الأخوة في السلم
- الدفاع عن المدينة وقت الحرب
- التعاون التام بين الفريقين إذا نزلت شدة بأحدهما أو كليهما
وبعد هذا الشروط السمحا أخلوا اليهود بها ولم يحافظوا على الوفاء بعهدهم
مما اضطر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى محاربتهم وإجلائهم عن المدينة
لتكون بعدها نظيفة منهم ومن أعمالهم العدوانية أتجاه المسلمين القائمين بالمدينة
*** *** ***
تقبلوا ودي وأحترامي لكم
وأتمنى من الله أن أكون وفقت في طرحي هذا
وأنه قد نال رضاكم وأستحسانكم ..
أختكم في الله .. الفالحة
الروابط المفضلة