في رحاب الانبياء والرسل
يونس عليه السلام
استنذان يونس او خروجه من قومه هربا وخوفا من نزول عذاب الله قلنا ان خروج يونس عليه السلام اعتقادا منه انه لا حرج في ذلك ومتناسيا ان هذا الخروج لو كان للافراد فلا مانع اما النبي المرسل فيجب ان لا يخطو خطوة الاباذن الله تعالى ( لأن الانبياء لا يتحركون ولا يسكنون الا عن امر الله تعالى فرب العالمين يصرفهم حيث يشاء، ـ ولعل ذلك هو ما تعنيه الآية القرآنية الكريمة (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت اذ نادى وهو مكظوم) وصاحب الحوت هو سيدنا يونس عليه السلام ـ الذي لم يصبر على كفر قومه وعنادهم ففارقهم عن غير اذن من الله تعالى ـ فكان من تقدير الله سبحانه له ان وصل يونس عليه السلام الى شاطئ البحر وركب مركبا مشحونا ثقيل الحمولة وهبت ريح جعلت المركب على حافة الغرق بمن فيها فكان لا بد من تخفيف حمولتها حتى يستقيم امرها.
واستهم الركاب على من يلقون به في البحر تخفيفا للحمولة ـ فوقعت القرعة على يونس عليه السلام والقوه في البحر ـ ولما القوه في البحر ابتلعه حوت كبير ـ وفجأة رأى سيدنا يونس نفسه في بطن الحوت فأسرع مستغيثا ـ (فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين) روى يزيد الرقاش قال سمعت انس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان يونس عليه السلام حين الهمه الله ان يقول هذه الكلمات وهو في بطن الحوت ـ فأقبلت هذه الدعوة تحت العرش فقالت الملائكة : يارب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة فقال أما تعرفون ذلك ؟ قالوا لا يارب ومن هو قال عبدى يونس قالوا : عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة ؟ قالوا: يا ربنا اولا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ قال : بلى فأمر الحوت فطرحه في العراء ـ امر الله الحوت ان يلقى بيونس فألقاه الحوت بالعراء وهو ضعيف البدن ـ وانبت الله عليه شجرة من يقطين ـ قرع ـ ليأكل منها ـ وهي غذاء مفيد ـ دون ان يسعى لنيل غذائه وهو بهذه الدرجة من الضعف وعناية الله فوق كل عناية يقول ابن كثير ـ قال بعض العلماء في انبات القرع عليه حكم كثيرة ـ منها ان ورقة في غاية النعومة ـ وكثير وظليل ولا يقربه ذباب ويؤكل ثمره من اول طلوعه الى آخره نيا ومطبوخا وفيه نفع كثير ـ وتقويه للدماغ.
اما هذه العناية من الله بيونس فان الله تعالى يقول (فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون) ـ لقد كان يونس مسبحا ـ أى منزها الله سبحانه وتعالى والتعبير الذى يدل على التنزيه هو (سبحان الله او سبحانه الله ويحمده) اما نداء يونس وهو في بطن الحوت (لا اله الا انت سبحانك اني كنت من فانه دعوة في غاية الحق ـ انها اولا ـ توحيد (لا اله الا انت وثانيا سبحانك ـ وثالثا اعتراف وصف فيه نفسه بالتقصير في حق الله : انى كنت من الظالمين) ومع ذلك فان يونس عليه السلام ككل الانبياء والرسل في قمة الخلق الكريم ـ والتسبيح اذن من وسائل النجاة والحفظ والحماية أما دعاء يونس عليه السلام فقد روى سعيد بن المسيب قال ـ سمعت ـ ابن مالك وهو ابن ابي وقاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اسم الله الذي اذا دعى به اجاب ـ واذا سئل به اعطى ـ دعوة يونس ابن متا قال : فقلت يا رسول الله : هي ليونس خاصة ام لجماعة المسلمين؟ قال: هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة اذا دعوا بها ـ الم تسمع قول الله تعالى ( فنادى فى الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم ـ وكذلك ننجى المؤمنين ). فهو شرط من الله تعالى لمن دعاه به اما يونس عليه السلام نفسه فان الله تعالى يقول عنه (وان يونس لمن المرسلين) واخرج الامام احمد بن حنبل في مسنده عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (ما ينبغى لعبد ان يقول : انا خير من يونس بن متا) كما قلنا اخى الكريم ان في القصص القرآنى عبرة واستفادة بدليل ان سيدنا يونس عرفنا من قصته هذا الدعاء الجميل العظيم الذي من يدعو به يستجاب لدعائه وهو دعاء سبب في تفريج الكرب والهم هذا الدعاء ليت كل مسلم يداوم عليه في الرخاء والشدة لان في الحديث تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة الدعاء هو (لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين).
الروابط المفضلة