السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكي عن رجل من العباد : أنه نزل برجل من العباد ضيفا ، فقام
العابد ليله يصلي ، وذلك الرجل مستلق على فراشه ، فلما أصبحا قال له
العابد : سبقك الركب ، أو كما قال ، فقال : ليس الشأن فيمن بات ليله
مسافرا وأصبح مع الركب ، الشأن فيمن بات على فراشه وأصبح قد قطع الركب ! .
وهذا ونحوه له محمل صحيح ، ومحمل فاسد ؛ فمن حمله على أن
الراقد المضطجع على فراشه يسبق القائم القانت ، فهو باطل ، وإنما
محمله ان هذا المستلقي على فراشه علق قلبه بربه عز وجل ، والصق حبة
قلبه بالعرش ، وبات قلبه يطوف حول العرش مع الملائكة ، قد غاب عن
الدنيا وما فيها، وقد عاقه عن قيام الليل عائق من وجع أو برد يمنع
القيام ، أو خوف على نفسه من رؤية عدو يطلبه ، أو غير ذلك من
الأعذار ، فهو مستلق على فرا شه ، وفي قلبه ما الله أعلم به.
وآخر قائم يصلي ويتلو ، وفي قلبه من الرياء والعجب ، وطلب الجاه
والمحمدة عند الناس ما الله به عليم ، أو قلبه في واد وجسمه في واد ، فلا
ريب أن ذلك الراقد يصبح وقد سبق هذا القائم بمراحل كثيرة ،
فالعمل على القلوب ، لا على الأبدان .
من كتاب: الوابل الصيب
لابن القيم رحمه الله
الروابط المفضلة