ليس الرجال فقط هم أمنة الأمة ولكن من النساء من هن أيضا من أمنة الأمة
مثل
أم المؤمنين / خديجة بنت خويلد رضى الله عنها
هى السيدة خديجة التى عند وفاتها رضى الله عنها نزل جبريل إلى الارض و قال لسيدنا محمدنسبها:
" يا محمد أقرئ خديجة من الله السلام و قل لها أن الله يبشرك بقصرمن قصب في الجنة لا صخب فيه و لانصب "
فنزل سيدنا جبريل لتكون شهادة للبشرية على حب الله للسيدة خديجة
وكان هذا جزاء وبشرى من ربها بما فعلت فى لنصرة الإسلام ونبى المسلمين
محمد بن عبد الله الأمين صلى الله عليه وسلم
هي خديجة بنت خويلد بن أسدٍ بن عبد العزَّى بن قصي من الذؤابة
وأمها فاطمة بنت زائدة بنت جندب ولدت بمكة(68ق.هـ)
وكانت من أعرق بيوت قريشٍ نسباً وحسباً وشرفاً وقد نشأت على
التخلق بالأخلاق الحميدة وكان من صفاتها الحزم والعقل والعفة
حالها في الجاهلية:
كانت تلقب فى الجاهلية بسيدة نساء قريش
و كانت السيدة خديجة أمرأة ذات مال وتجارة رابحة فكانت تستأجر الرجال لتجارتها وتبعثهم بها إلى الشام
ومرت الأيام ووصل إلى مسامعها ذكر
"محمد بن عبد الله"
كريم الأخلاق الصادق الأمين وكان قل أن تسمع في الجاهلية بمثل هذه الصفات
فأرسلت إليه وعرضت عليه الخروج في مالها تاجرا إلى الشام وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار
ووافق لامحمد خرج في مالها ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام
وهناك نزل محمد في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب فسأل الراهب ميسرة وقال:
من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟
قال ميسرة:
هذا الرجل من قريش من أهل الحرم
فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي
ثم باع محمدا سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد
ولما قدم مكة على خديجة بعائد تجارتها وجدت أن الربح ضعف ما سبق من الاخرين
وسألت عن محمد فحدثها عن دماثة أخلاقه وأمانته وحسن معاملته مع الناس وغيرها من صفاته الممميزة
التي وجدها فيه أثناء الرحلة فرغبت في الزواج منه
الصادق الأمين يتزوج من الطاهرة :
كانت فى الاربعين من عمرها وكان أشراف قريش بريدون الزواج منها لحسبها ونسبها ومالها وجمالها ولكنها أبت
وأدركت خديجة بحسها المرهف وعقلها الراجح أن محمدا صنف آخر من الرجال
وأنه ليس مثل أولئك الذين تقدموا للزواج منها يطلبونها لشرفها أو لمالها أو لجمالها
ذهبت إلى إحدى صديقاتها نفيسة بنت منيه تبثها ما في نفسها وتطلب مشورتها
فأشارت عليها أن تقوم هي بهذا الدور
فذهبت إلى محمد تتعرف رأيه وتستطلع خبره فقالت نفيسة:
ما يمنعك أن تتزوج يا محمد ؟
قال: ما بيدي ما أتزوج به
قالت نفيسة: فإن كفيت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف ألا تجيب؟
فسأل محمد: ومن هي؟
قالت نفيسة : خديجة
فوافق
وعندما تقابل مع السيدة خديجة سألها لماذا تريد الزواج منه وهو فقير وسيدة نساء قريش
فقالت له : يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك
وهكذا زفت خديجة بنت خويلد بنت الأربعين الثيب صاحبة المال والجمال والشرف التي يلقبها قومها بالطاهرة
إلى محمد صلى الله عليه وسلم ابن الخامسة والعشرين والذي يلقبه قومه بالأمين
وعاش معها كانت نعم الزوجة الصالحة للزوج الصالح
وعاش الزوجان في أمن وأمان وحب ووئام فولدت له القاسم ثم زينب ثم رقية ثم أم كلثوم ثم فاطمة
ثم ولدت له في الإسلام عبد الله فسمي الطيب والطاهر
توفى ابناءه الذكور وهم صغار
وإذا كانت العناية الإلهية قد هيأت محمدا لدور كبير يقوم به في واقع الحياة البشرية فيحولها من الظلمات إلى النور
فإن العناية الإلهية ذاتها هي التي جاءت بخديجة لتكون الزوجة العظيمة
التي ترعى الزوج بحبها وحنانها وقلبها وروحها
إسلامها:
كانت خديجة رضي الله عنها قد زرع الله في قلبها صفاء الروح ونور الإيمان والاستعداد لتقبل الحقوهكذا واجهت خديجة الزوجة العظيمة الموقف الكبير بمفردها فلم تجزع ولا ترتبك ولا تتردد بل تخاطب الزوج الخائف فتقول له:
كان محمدا بعيدا عن اللهو الذى اعتاد عليه قومه وحبب إليه الخلاء
فكان يأخذ السويق والماء ويذهب إلى غار حراء في جبل النوريتعبد ويتفكر في ملكوت السموات والأرض
وفيما وراءها من قدرة وابداع
وكانت خديجة تؤمن له الهدوء الشامل والاستقرار الكامل تأخذ له الطعام إلى الغار إذا أبطأ عنها
وتغمره بحبها إذا حضر إليها كانت مقتنعة بما يعمله مدركة بفطرتها السليمة أنه سيكون لزوجها شأنا عظيما
فكانت له نعم العون والحصن الذى يعتصم به من نوائب الدهر يستلهم منها الأمن عند الخوف
ويستمد منها القوة عند الضعف ويجد فيها السكينة عند القلق والاضطراب
وعلى رأس الأربعين عاما جاء الحق محمدا وهو في غار حراء جاءه الملك
فهرع إلى خديجة يخبرها ما حدث وقال :
"أي خديجة ما لي لقد خشيت على نفسي"
وأخبرها الخبر وما حدث له فى الغار حيث نزل إليه ملاك عظيم فق الله:
( اقْرَأْ) فقلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فضمني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال:
(اقْرَأْ ) فقلت:ما أنا بقارئ
فأخذني فغتني الثالثة ثم أرسلني فقال:
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ( 1 ) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ( 2 ) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ( 3 ) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ( 4 ) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ( 5 )
(العلق)
فردت عليه خديجة بما يطيب من خاطره ويهدأ من روعه فقالت:
(كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق أبشر يا ابن عم واثبت
فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة)
هل هناك شجاعة أعظم أو حكمة أبلغ أو موقف أكرم من فعل خديجة هذا وموقفها؟
ولا تكتفي بذلك التطمين الأولي لتثبيت القلب الخائف
بل أخذته إلى ابن عمها ورقة بن نوفل
وكان شيخا كبيرا تنصر في الجاهلية فتقول له:
يا ابن عم اسمع من ابن أخيك فقال له ورقة:
يا ابن أخي ماذا ترى؟
فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقال ورقة:
(هذا هو الناموس الأكبر نزله الله على موسى ليتني فيها جَذَعَا أنصرك حين يخرجك قومك
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «أومخرجي هم»؟
قال نعم لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً)
(الحديث في صحيح البخاري)
ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم حجم المسؤولية التي ألقتها العناية الإلهية على كاهله
وانه سئوذى ويخرج ويقاتل وأدركت معه خديجة مقدار الواجب الكبير الذي تتحمـلـه للوقوف إلى جانب الزوج النبي.
كانت معه بكل إحساسها ونبلها وحبها وعطفها كانت حزينة معه يوم فتر الوحي وينشرح فؤادها وهي ترى زوجها مستبشرا بعودتهثم أرادت رضي الله عنها أن تتيقن وتتثبت مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرغم أنها تعلم أنه حق، وقالت له:
(كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا )
إلا أنها أرادت اليقين كما قال موسى لربه عز وجل:(بلى ولكن ليطمئن قلبي)
قال ابن إسحاق:
وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير:
أنه حدث عن خديجة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا ابن عم، هل تستطيع أن تخبرني بصاحبك الذي يأتيك إذا جاءك؟
قال: نعم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها إذ جاءه جبريل
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هذا جبريل قد جاءني
فقالت: أتراه الآن؟
قال: نعم
قالت: اجلس على شقي الأيسر فجلس هل تراه الآن؟
قال: نعم
قالت: فاجلس على شقي الأيمن فجلس هل تراه الآن؟
قال: نعم
قالت: فتحول فاجلس في حجري فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس
فقالت: هل تراه؟
قال: نعم
قال: فتحسرت وألقت خمارها
فقالت: هل تراه؟
قال: لا
قالت: ما هذا شيطان إن هذا لملك يا ابن عم اثبت وأبشر ثم آمنت به وشهدت أن الذي جاء به الحق.
أستنتجت خديجه بعقليتها الفذة وحكمتها يوم ذاك أن الله لن يخزيه
فيالها من زوجة عاقلة حكيمة
فضائلها رضي الله عنها:
أنها من خير نساء الجنة:
لا شك أن امرأة بمثل هذه الصفات لا بد وأن يكون لها من الأفضال الكثير والكثير
فهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يعلن في أكثر من مناسبة بأنها خير نساء الجنة
فيروي علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة"
(صحيح البخاري)
علمها رسول الله كيف تتوضأ وتصلي
ولقد شهدتهما أيام مكة ولياليها يصليان لله ويحمدانه ويشكرانه على ما أولاهما من نعم
كانت السيدة خديجة وأول من بشر بالجنة و اول من أدى الفرائض
فمن أن أراد أن يشعر بقيمة المرأة في الإسلام فعليه بالسيدة خديجة
يتبع
الروابط المفضلة