لوجوب أداء زكاة الفطر شروط ثلاثة ، وهي الإسلام والحرية والقدرة على الإخراج . وقد اختلف العلماء في بعض هذه الشروط ، وإليك بيان ذلك .
الشرط الأول : الإسلام .
وهذا الشرط محل اتفاق بين العلماء إلا ما روي عن الشافعية صحيح عندهم ، أنه يجب على الكافر أداء زكاة
|
( الجزء رقم : 62، الصفحة رقم: 321) |
|
الفطر عن أقاربه المسلمين . وقد علل العلماء عدم وجوب زكاة الفطر على الكافر بأنها قربة من القرب ، وطهرة للصائم من اللغو والرفث ، والكافر ليس من أهل القرب ولا تقبل منه . وهذا هو الصحيح ، لقوله تعالى :
وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا
وقوله تعالى :
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
.
أما ما ذهب إليه الشافعية من أنه يجب على الكافر أن يؤدي زكاة الفطر عن أقاربه المسلمين ، فإن ذلك ليس بسديد ؛ لأنه لا علاقة البتة بين الكافر والمسلم ، ولا قرابة ولا توارث ، لقوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام وابنه :
وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ
(45)
قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
وقوله تعالى :
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
.
|
( الجزء رقم : 62، الصفحة رقم: 322) |
|
الشرط الثاني : الحرية :
كذلك قال جمهور العلماء : إن زكاة الفطر لا تجب إلا على من كان حرا مسلما ، لأن غير الحر لا يملك ولا يملك ، وقد خالف في ذلك الحنابلة ، فالمذهب عندهم أنها تجب على الرقيق كما تجب على الأحرار ، لعموم حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة . وفي لفظ آخر : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من شعير أو صاعا من تمر على الصغير والكبير والحر والمملوك .
وهذا حديث متفق على صحته ، وليس له ما يدفعه ، وبناء عليه تجب زكاة الفطر على العبد صغيرا كان أو كبيرا ، كما تجب
|
( الجزء رقم : 62، الصفحة رقم: 323) |
|
على الحر لأنها على الأبدان ، يقوم بدفعها عنه سيده ، لكونه صاحب ولاية عليه مثله كولده الصغير ، والله تعالى أعلم .
الشرط الثالث : القدرة على إخراج زكاة الفطر :
وهذا الشرط محل اتفاق بين أهل العلم في أنه لا بد من توافر القدرة فيمن يجب عليه إخراج زكاة الفطر لأن غير القادر مرفوع عنه الحرج بمثل قوله تعالى :
لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا
، لكنهم اختلفوا في معنى هذه القدرة ، فقال المالكية والشافعية والحنابلة إنه لا يشترط ملك النصاب في وجوب أداء زكاة الفطر ، غير أنه يشترط له الغنى ، وقالوا : إن من يملك قوت يومه وليلته فهو غني ، ولذلك فإن من ملك ما يزيد على قوت يومه وليلته وجب عليه إخراج زكاة الفطر .
لكن الحنابلة والشافعية قالوا : على شرط أن يكون ذلك فاضلا عن مسكنه وخادمه ، وما يحتاج إليه . أما المالكية فقالوا : إنه إذا كان قادرا على المقدار الذي عليه حتى ولو كان أقل من الصاع فإنه يجب عليه دفعه ، بل قالوا إنه إذا كان باستطاعته أن يقترض وهو يرجو القضاء ، لوجب عليه أن يقترض ، وإذا كان لا يرجو القضاء فلا يجب عليه
. وقد استدل هؤلاء جميعا بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
من سأل وعنده ما يغنيه فإنما |
( الجزء رقم : 62، الصفحة رقم: 324) |
|
يستكثر من النار " قالوا : يا رسول الله وما يغنيه ؟ قال : " قدر ما يغديه ويعشيه .
وقال الحنفية : يشترط لها ملك النصاب ، فلا تجب إلا على من ملك نصابا من أي مال كان ، سواء كان ذهبا أو فضة أو عروض تجارة أو سوائم ، فمن كان عنده نصاب من أي من هذه الأموال فاضل عن حوائجه الأصلية من ملبس ومأكل ومسكن ومركب وسلاح وجبت عليه زكاة الفطر . وعللوا عدم وجوبها على من يملك أقل من ذلك أنه ممن تجوز عليهم الصدقة ، فلا يجتمع جواز الصدقة عليه مع وجوبها عليه . واستدلوا على هذا بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا صدقة إلا عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول .
ووجه استدلالهم بالحديث أنه ذكر فيه كلمة ظهر ، وهي كناية عن القوة فكأن المال بالنسبة للغني بمكان الظهر الذي يعتمد عليه ويستند ، ولذلك فلا تجب الزكاة إلا على من كانت له قوة من غنى ، وحده عندهم ملك النصاب ، كما قالوا عن حديث ابن عمر السابق : إنه منسوخ بهذا الحديث
******************************
مكان اخراجها
http://www.alifta.net/Search/ResultD...stKeyWordFound
حكم إرسال المسافر
زكاة الفطر إلى بلده
س: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين، يقول: أنا طالب في جامعة الملك سعود، ومن المعروف أن الدراسة في هذه السنة تستمر إلى ما بعد رمضان، وعلى هذا سأكون في المملكة خلال عيد الفطر المبارك إن شاء الله تعالى، والسؤال: هل يجوز أن أرسل زكاة الفطر إلى بلدي؟ مع العلم أن المملكة تفطر قبلهم وإذا كان هذا يجوز، فهل أرسلها حسب قيمتها في المملكة أو في بلادي؟ أرجو من سماحتكم أن تبيّنوا لي هذا،
|
( الجزء رقم : 15، الصفحة رقم: 282) |
|
وحبذا لو كتبتم لأمثالي من المغتربين، فالأمر فيما أرى مشكل عليهم؟ جزاكم الله خيرًا
ج: المشروع للمغترب أن يخرج زكاة الفطر في محله، محل إقامته، إذا كان في الرياض في الرياض، وفي المدينة في المدينة، في مكة في مكة، هذا هو السنة، تخرج صدقات الفطر من الأغنياء، يعطاها الفقراء، تخرج منهم لإخوانهم الفقراء في البلد الذي صاموا فيه، هذا هو المشروع، أن يدفعها للفقراء في البلد الذي هو فيه أو فيما حوله، أمّا نقلها إلى بلاد بعيدة، فالأولى ترك ذلك، وفيه خلاف بين أهل العلم وكثير منهم لا يرى جواز ذلك ، فالمؤمن يحتاط ويوزعها في بلاده التي أقام فيها، أو فيما يقاربها من القرى المجاورة، هذا هو المشروع، وهذا هو الأحوط للمؤمن، فإن نقلها إلى بلده أو غيره وأعطاها للفقراء أجزأت على الصحيح، لكن ذلك ترك لما هو الأحوط والأفضل.
س: أنا مصري ومقيم في عمان، وأريد أن أخرج زكاة شهر رمضان، زكاة الفطر عن أولادي الذين هم في مصر، هل يجوز أن
|
( الجزء رقم : 15، الصفحة رقم: 283) |
|
أخرجها في عمان
؟
ج: عليك أن تخرج الزكاة عنك وعن أولادك في عمان، الحمد لله، لأنّهم تبع لك، فعليك أن تخرج زكاة الأولاد والزوجة معك، وإن كان الجميع في مصر أو في غير مصر، هم تابعون لك، فعليك أن تخرج الزكاة عنهم في محلك، زكاة الفطر.
س: هذا السائل م. ع، يقول: نحن مجموعة من الإخوة المقيمين بالمملكة العربية السعودية، من السودان، نجمع
زكاة الفطر حسب تكلفة
زكاة الفطر للفرد الواحد هنا في المملكة، ثم نرسل هذا المبلغ لبلادنا لشخص موثوق ليستخرج
زكاة الفطر حسب قوت أهل بلادنا، ثم يقوم ذلك الشخص بشراء
زكاة الفطر حسب ما لديه من عدد أفراد الأسرة المرسل له من المملكة، وعندما يبقى مبلغ بعد الشراء يقوم بتوزيعها كصدقة تطوع، هل يجوز ذلك حفظكم الله
ج: لا حرج في ذلك، لكن الأحوط أن تخرجوا زكاة الفطر في البلد
|
( الجزء رقم : 15، الصفحة رقم: 284) |
|
التي تقيمون فيها، هذا هو الأحوط لكم، إخراجها في البلد التي أنت مقيم فيها، هذا أولى؛ لأنها مواساة لأهل البلد التي أنت فيها، فإذا أرسلتها إلى فقراء في بلدك أجزأت إن شاء الله، لكن الأحوط والأفضل هو إخراجها في البلد التي أنت مقيم فيها ؛ لأن جملة من العلماء يقولون يجب إخراجها في البلد التي يصوم فيها المسلم، هذا عند جمع من أهل العلم، وإذا نقلها للحاجة لا بأس إن شاء الله، لكن كونه يخرجها في البلد الذي هو مقيم فيه صائم فيه، هذا هو الأحوط.
س: الأخ: ع. م. س. ع. يسأل ويقول: أنا عامل في المملكة، ولي مدة أكثر من سنة، هل
زكاة الفطر أبعثها إلى أهلي، أم أنفقها حيث أقيم
؟
ج: الأفضل تنفقها في محلك حيث تقيم، تخرج الزكاة في محلك، وإن بعثتها أجزأت إن شاء الله، لكن إخراجها في محلك أولى وأفضل.
س: أنا من المقيمين في قطر ولست من أهلها، فهل لي أن أبعث بصدقة
الفطر إلى بلدي أم أدفعها حيث أنا مقيم
؟
|
|
( الجزء رقم : 15، الصفحة رقم: 285) |
|
ج: تدفع صدقة الفطر في المحل الذي أنت فيه، تخرج زكاة الفطر في محلك في قطر، في الفقراء عندك، لا ترسلها إلى بلدك.
س: أرسلت زكاة الفطر الخاصة بي إلى أهلي لكي يخرجوها في البلد فهل هذا العمل صحيح ؟
ج: لا بأس، تجزئ إن شاء الله، ولكن إخراجها في محلّك أفضل، كونك تخرجها في محلك الذي أنت مقيم فيه لبعض الفقراء يكون أولى، وإذا بعثتها لأهلك ليخرجوها على الفقراء فلا بأس.
الروابط المفضلة