أ. هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزَّالي - بتشديد الزاي- الطوسي، وكنيته "أبو حامد"، ولد عام (450ه)، وتوفي عام (505ه).
ب. قال الذهبي رحمه الله: وأدخله سَيَلانُ ذهنهِ في مضايقِ الكلام، ومزالِّ الأقدام أ.هـ "سير أعلام النبلاء" (19/323) .
ج. وقال أبو بكر بن العربي رحمه الله: شيخُنا أبو حامد: بَلَعَ الفلاسفةَ، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع أ.هـ " السير " (19/327).
د. وقال الذهبي أيضاً: وقد ألّف الرجل في ذمِّ الفلاسفةِ كتابَ "التهافت"، وكَشَفَ عوارَهم، ووافقهم في مواضعَ ظنًّا منه أن ذلك حقٌّ أو موافقٌ للملَّةِ، ولم يكن له علمٌ بالآثار، ولا خبرةٌ بالسنَّةِ النبويَّةِ القاضيةِ على العقلِ، وحُبِّبَ إليه إدمانُ النظرِ في كتابِ "رسائل إخوان الصفا" (1) ، وهو داءٌ عضالٌ، وجَربٌ مردٍ، وسمٌّ قتَّال، ولولا أنَّ أبا حامد مِن كبار الأذكياء، وخيار المخلصين لتلِف، فالحذار الحذار مِن هذه الكتب، واهربوا بدينكم من شُبَه الأوائل وإلا وقعتم في الحيرة... أ.هـ "السير" (19/328).
قلت: ويقولون: إنَّه ختم له بخيرٍ، فترك التصوفَ والفلسفةَ، ومات و "صحيح البخاري" على صدره ! فكان ماذا؟ وهل كان هذا الإمامُ غافلاً عن "البخاري"، وقد أودع منه أحاديث في كتابه "الإحياء"، بل قد جاء في ترجمة "الحافظ أبي الفتيان عمر الروَّاسي " أنَّه [ قدم "طوس" في آخر عمره، فصحَّح عليه "الغزَّالي" "الصحيحين"! ] قاله الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (19/318) لكنَّ فضلَ اللهِ على خلقه عظيمٌ، ورحمتُه وسعتْ كلَّ شيءٍ فنسأل الله له الرحمة، لكن هذا لا يلزم منه مدحه، والثناء عليه، وتلقيبه بـ "حجة الإسلام"!! وترك ما في كتبه مِن انحرافٍ وضلالٍ.
ومن أقواله المشهورة
(وهي من كتاب اتحاف السادة المتقين بشرح احياء علوم الدين للزبيدي الشهير بمرتضي )
• أنوار العلوم لم تحجب عن القلوب لبخل ومنع من جهة المنعم تعالي عن ذلك بل بخبث وشغل من جهة القلوب ، فانها كالأواني مادامت مملوءة بالماء لايدخلها الهواء ، والقلب المشغول بغير الله لاتدخله المعرفة بجلاله
• جلاء القلوب والأبصار بالذكر ، ولا يتمكن منه الا الذين اتقوا ، فالتقوي باب الذكر ، والذكر باب الكشف ، والكشف باب الفوز الكبر.
• ان رأيت العلماء تغايرون ويتحاسدون ولا يتآنسون ، فاعلم انهم اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ، وهم خاسرون
• لايبقي مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات :
صفاء القلب أعني طهارته من أدناس الدنيا وكون هذا بذكر الله وحبه لله
وطهارة القلب ولات• أشد الناس حماقة أقواهم اعتقادا" في فضل نفسه ، وأثبت الناس عقلا" أشدهم اتهاما" لنفسه .
• ان رأيت انسانا" سئ الظن بالله طالبا" للعيوب ، فاعلم أنه خبيث الباطن والمؤمن سليم الصدر في حق كل كافة الخلق
• حقيقة الذكر لا تتمكن من القلب الا بعد عمارته بالتقوي وتطهيره من الصفات المذمومة ، والا فيكون الذكر حديث نفس ولا سلطان له علي القلب ولا يدفع الشيطان )
• النفس اذا لم تمنع بعض المباحات طمعت في المحظورات
• السعادة كلها في أن يملك الرجل نفسه ، والشقاوة كلها في أن تملكه نفسه
• من عود نفسه الفكر في جلال الله وعظمته وملكوت أرضه وسائه صار عنده ألذ من كل النعيم .
حصل الا بالكف عن الشهوات الدنيا
والأنس لايحصل الا بكثرة الذكر والحب لا يحصل الا بالمعرفة ولا تحصل معرفة الله الا بدوام الفكر
• علماء الآخرة يعرفون بسيماهم من السكينة والذلة والتواضع أما التمشدق والأستغراق في الضحك والحدة في الحركة والنطق ممن آثار البطر والغفلة وذلك من دأب أبناء الدنيا
كلام العلماء فيه:
أ. قال عنه "محمد بن علي بن محمد بن حَمْدِين القرطبي
(2) " (ت 508ه): إنَّ بعضَ من يعظ ممن كان ينتحل رسمَ الفقهِ ثم تبرأ منه شغفاً بالشِّرعةِ الغزّالية والنحلةِ الصوفيَّةِ أنشأ كرَّاسةً تشتمل على معنى التعصب لكتاب "أبي حامد" إمام بدعتهم. فأين هو مِن شُنَع مناكيرِه، ومضاليلِ أساطيِره المباينةِ للدين؟ وزعم أنَّ هذا مِن علم المعاملة المفضي إلى علم المكاشفةِ الواقعِ بهم على سرِّ الربوبيَّةِ الذي لا يسفر عن قناعه، ولا يفوز باطلاعه إلا مَن تمطَّى إليه ثبج ضلالته التي رفع لها أعلامها، وشرع أحكامها أ.هـ
ب. وقال عنه "محمد بن الوليد الفهري الأندلسي الطرطوشي" (ت 520ه):
فأمّا ما ذكرتَ مِن "أبي حامد"؛ فقد رأيتُه، وكلَّمتُه، فرأيتُه جليلاً مِن أهل العلم، واجتمع فيه العقل والفهم، ومارسَ العلومَ طولَ عُمُرِه، وكان على ذلك معظم زمانه، ثم بدا عن طريق العلماء، ودخل في غِمار العمَّال، ثم تصوَّف، وهجر العلومَ وأهلَها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب القلوب، ووساوس الشيطان، ثم شابها بآراء الفلاسفة، ورموز "الحلاَّج"، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين، ولقد كاد أن ينسلخ مِن الدين! فلمَّا عمل " الإحياء": عمَد يتكلم في علوم الأحوال، ومرامز الصوفية، وكان غيرَ أنيسٍ بها، ولا خبيٍر بمعرفتها، فسقط على أمِّ رأسه، وشحن كتابه بالموضوعات.أ.هـ
ج. وقال عنه "محمد بن علي المازري" (3) (ت 536ه):
... ثم يستحسنون -أي: بعض المالكيَّة - مِن رجلٍ -(أي: الغزالي)- فتاوى مبناها على ما لا حقيقةَ له، وفيه كثيرٌ مِن الآثار عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لفَّق فيه الثابت بغير الثابت، وكذا ما أورد عن السلف لا يمكن ثبوته كله، وأورد مِن نزعاتِ الأولياءِ، ونفثاتِ الأصفياء ما يجلُّ موقعه، لكن مزج فيه النافع بالضار؛ كإطلاقاتٍ يحكيها عن بعضهم لا يجوز إطلاقها لشناعتها، وإِنْ أُخذتْ معانيها على ظواهرها: كانت كالرموز إلى قدح الملحدين...أ.هـ .
د. وقال "أبو الفضل القاضي عياض بن موسى" (ت 544ه):
والشيخ أبو حامد ذو الأنباء الشنيعة، والتصانيف الفظيعة، غلا في طريقةِ التصوُّفِ، وتجرَّد لنصر مذهبهم، وصار داعيةً في ذلك، وألَّف فيه تواليفه المشهورة -(أي: الإحياء)- أُخذ عليه فيها مواضعُ، وساءتْ به ظنونُ أمَّةٍ، والله أعلم بسرِّه، ونَفَذَ أمرُ السلطان (4) عندنا وفتوى الفقهاء بإحراقها والبعد عنها فامتُثِل لذلك. أ.هـ .
هـ. وقال "أبو الفرج عبد الرحمن بن علي " ابن الجوزي" (ت 597ه):
صنَّف "أبو حامد" الإحياء، وملأه بالأحاديثِ الباطلةِ، ولم يَعلم بطلانها، وتكلَّم على الكشف، وخرج عن قانون الفقه، وقال: "إن المراد بالكوكب والقمر والشمس اللواتي رآهن إبراهيم عليه السلام أنوارٌ، هي: حجب الله عز وجل، ولم يرِد هذه المعروفات" ؛ وهذا مِن جنس كلام الباطنية. أ.هـ .
و. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت728ه):
و "الإحياء" فيه فوائدُ كثيرةٌ، لكنْ فيه مواد مذمومةٌ، فإنَّه فيه مواد فاسدة مِن كلام الفلاسفة، تتعلق بالتوحيد، والنُّبوة والمعاد، فإذا ذكر معارفَ الصوفية كان بمنـزلة مَن أخذ عدواً للمسلمين ألبسه ثيابَ المسلمين وقد أنكر أئمة الدين على "أبي حامد" هذا في كتبه، وقالوا: مرضه "الشفاء"، يعني "شفاء ابن سينا" في الفلسفة، وفيه مع ذلك مِن كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنَّة...أ.هـ .
ز. وقال الشيخ "عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب" (ت1292ه):
وأسمعْتُهم ما في "الإحياء" مِن التحريفات الجائرة، والتأويلات الضالة الخاسرة، والشقائق التي اشتملت على الداء الدفين، والفلسفة في أصل الدين... وقد حذَّر أهل العلم والبصيرة عن النظر فيها -(أي: في مباحث"الإحياء")- ومطالعة خافيها وباديها، بل أفتى بتحريقِها علماءُ المغرب ممن عُرف بالسنَّةِ، وسمَّاها كثير منهم "إماتة علوم الدين"، وقام "ابن عقيل" أعظمَ قيامٍ في الذمِّ، والتشنيع،ِ وزيَّف ما فيه من التمويهِ والترقيعِ، وجزمَ بأنَّ كثيراً مِن مباحثه زندقةٌ خالصةٌ، لا يُقبل لصاحبها صرفٌ، ولا عدلٌ أ.هـ .
انظر لما سبق: "سير أعلام النبلاء" (19/323)، "مجموع الفتاوى" (10/551-552)، "الكشف عن حقيقة الصوفية " (ص850)، "إحياء علوم الدين في ميزان العلماء والمؤرخين " لأخينا علي الحلبي.
الروابط المفضلة