::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
من خصائص نُـزول القرآن الكريم أنهُ نزل مفرقاً
على رسول الله ، ولم ينزل جملةً واحدة ... وهذةِ حكمةٌ من الخالق
سبحانهُ وتعالـى في هذا التفريق المنُـزل ، فتتمثل في تيسير قراءته وحفظه ، وفهمه والعمل به ، وذلك في قول الله تعالى :
كذلك من مقاصد نزول القرآن مفرقاً .. هو تثبيت قلب سيدنا محمد ومواساته ، لما ينتابهُ من مشقةٍ في تبليغ الرسالة ، ولأنهُ كلام الله تعالى المنزل بالآيات القرآنية ، والمنقُول بطريق
الكتابة في المصاحف ، لذلك نُزل منجماً ، وكان نزوله إما أجابة لسؤال أواستفتاء
حسب الظروف والمناسبات ، وإما بياناً لحكم موافقة لواقعة عرضت فى المجتمع الإسلامى ، وهذا لون من أسباب النُزول المجيد..
والمقصود بالموافقة...
لما وردعلى لسان بعض الصحابة من رأي يعد قبل علمهم بكونهِ نصاً أو قرآناً يتلى..
والأمثلة على الموافـّقات كثيرة ،
ويعد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أشهرالصحابة في هذا المجال لمنزلته العظيمة في الدين ومكانته الرفيعة
بين الصحابة ، فقد قال فيه رسولنا الكريم : روى الإمام أحمد بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ. (حديث رقم 8846)
وقال عنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
( .. إنّ إسلام عمر كان فتحاً، وإنّ هجرته كانت نصراً، وإنّ إمارته كانت رحمة، ولقد
كنّا ما نُصلّي عند الكعبة حتى أسلمَ عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلّى عند
الكعبة وصلّينا معه .. ) أخرجه ابن سعد والبخاري
وكان سيدنا عمررضي الله عنه له من الذكاء الشديد والرؤية البعيدة ، إذ يرى المناسبة ، فيجرى على
لسانه ما تحتاجه هذه المناسبة من أحكام فينزل الوحى بالحكم والآية .. متوافق على ما قاله سيدنا عمر رضي الله عنه..
ومن الآيات التى نزلت بموافقت كلامه رضي الله عنه ، كما قال وفيما ثبت في الصحيحين..
الموافـّقـَة الآولـى...
أخرج البخاري عن أنس قال في حديث متفق عليه :
قال عُمر أبن الخطاب رضي الله عنه :
وافقت ربي في ثلاث ..
قلت : ( يا رسول الله لو أتخذنا من مقام إبراهيم مصلى )
فنزلت الآية الكريمة من سورة البقرة ...
فكان طلبهِ رضي الله عنه فيهِ استقرار في النفس أن شريعة الإسلام مقتديه بشريعة
إبراهيم ورأى وهو يطوف بالكعبة مقام إبراهيم فخطر له :
( لماذا لانصلى عند الحجر المقدس )
ثم طلب من رسول الله ذلك فنزلت هذة الآية الكريمة..
الموافـّقـَة الثانيـة...
كان يرى النساء لا يحتجبن من الرجال ، وكانت أمهات المؤمنين يقمن
بتقديم الطعام والشراب للرسول " "وضيفه فقال سيدنا عمر لرسول الله" ":
يا رسول الله يدخل عليك في بيتك البر والفاجر من الرجال فلو أمرتهن أن يتحجبن
فنزلت آية الحجاب 59 من سورة الأحزاب ...
الموافـّقـَة الثـالثـة...
حين اجتمع نساء النبي في الغيرة حصل منهن كلام اشتدت وطأته على النبي .. فقلت ..
يقول عمر : وهو يعظ أمهات المؤمنين وينذرهن فقلتُ:
( عَسَى رَبَّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَجاً خَيْراً مِّنكُنَّ )
فنزلت كذلك آية التخيير .. الآية 5 من سورة التحريم ..
وهناك موافقات أخرى لسيدنا عُمررضي الله عنه ، جعلها الحق سبحانه وتعالـى
على لسانه وقلبه ، فقد أخرج الإمام احمد بسنده عن أبي ميسرة عن عمر أنه قال:
لما نزل تحريم الخمر قال:
( .. اللهم بين لنا في الخمربياناً شافياً ..)
فنزلت الآية..
( .. يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ
مِن نَّفْعِهِمَا ..)البقرة / آية 219
في هذه الآية حرم الخمر على التدريج لما كان الناس في أول الإسلام مغرقين
في شربه ، ولا يستطيعون تركه دفعة واحدة ..
إلا بالتدريج شيئاً فشيئاً ، فالله جل وعلا من حكمته حرمه على التدريج ،
في أول الأمر.. فدعا عُمر فقرئت عليه ، فقال:
( .. اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت.. )
الآية 43 في سورة "النساء":
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىحَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)
فكان في هذه الآية تمرين على تركه في بعض الأوقات ، وهي أوقات الصلوات ..
فهذة بعض التأملآت والإلهام أنزلها الخالق سبحانه وتعالى على..
كلام عُمر الفاروق الذي فرق الله عزوجل بهِ بين الحق والباطل فنزل الآيات ..
بألفاظه رضي الله عنه ، وتصبح قرأنا يتلى إلى يوم القيامة ..
***
وهكذا يبقى عُمر بن الخطاب رضي الله عنه عنواناً مضيئاً للعدل والحق والخير..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اصحابه آجمعين ..
الروابط المفضلة