الصفات التي يجب أن تتحلي بها الداعية الي الله :
لما كانت الدعوة إلى الله من أشرف المهام و أفضلها وجب ألا يقوم بها
إلا من كان يتوافر فيه بعض الشروط والصفات :
1) العلم
على الداعية أن يكون على علم بما يدعو اليه
قال تعالى:" قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي .." [108 - سورة يوسف]
والبصيرة هي العلم ولابد للداعية من العلم بما يشرع ومالا يشرع ،
بإن يميز بين السنة والبدعة والحسنة والسيئة وبين الحلال والحرام
وماهو الكفر والفسوق والعصيان .
2) العمل
على الداعية ان يكون عاملاً بما يدعو الناس اليه ، لان كثير من الناس ينظرون إلى
عمل الداعية قبل الإستماع الى قوله
وقد بين الله سبحانه وتعالى حيث
قال: "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ"[44 - سورة البقرة]
وقال سبحانه: "كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ" [3 - سورة الصف]
وفي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد – رضي الله عنهما – أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :
( يُجاء بالرجل يوم القيامة فيلقي في النار ، فتندلق اقتابه في النار ، فيدور كما يدور
الحمار برحاه ،فيجتمع اهل النار عليه فيقولون : أي فلان ما شأنك اليس كنت تأمر بالمعروف
وتنهي عن المنكر ؟! قال : كنت امركم بالمعروف ولا اتيه ، وكنت انهاكم عن المنكر واتيه )
3)التجرد و اخلاص النية لله
علي الداعية ان يكون مخلصاً لله في دعوته
لا يريد بها رياء ولا سمعة ولا مدح من الناس
ولا شهرة وان يكون كل همه من دعوته هو اعلاء الحق
واعلاء كلمة الله ونفع المدعوين وهدايتهم إلى الحق .
فكلما كان الداعية تقياً نقياً، متجرداً في دعوته، لا يبتغي بها إلا وجه الله عز وجل،
تقبل الله دعوته، وأعانه على أدائها، وحبس له عليها الأجر الوفير،
والإخلاص سر من أسرار الله لا يعطيه إلا لمن أحبه،
قال تعالى:" وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" [282- البقرة].
4) الصبر والحلم
فلنعلم أخواتي بـ إن طريق الدعوة ليس مفروشا بالورود وليس طريق صعب إنما يحتاج
منا إلى الصبر والحلم ويحتاج منا ايضا
ألا نستعجل النتائج وألا نستعجل قطف ثمار
دعوتنا
فان لم يتوفر في الداعية الصبر والحلم صعب عليه الطريق أكثر
بل ربما وقف في منتصف الطريق او حتى في أوله
ولهذا امر الله سبحانه وتعالى نبيه بالصبر
قال عز وجل: "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127)
إِنَّ اللَّهَ مَع َالَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ" [سورة النحل]
اسأل الله أن يرزقنا الصبر على الطاعه والصبر علي المعصيه والصبر عند الابتلاء
اللَّهم آمين
5) معرفة فضل وأهمية الدعوة
فإن معرفة الداعية لفضل الدعوة، وأجر الدعاة إلى الله، يكون حافزاً ودافعاً
للتفاني في الدعوة،
وإن من أخطر الأمور ألا يعرف الداعية قيمة الجوهرة التي ينقلها،
ولا أهمية الرسالة التي يحملها ..
6) الرغبة في السير بطريق الدعوة
فكلما كان الداعية محبًّا لهذه الدعوة، راغبا للسير في طريقها، كلما كان عمله متقناً،
فلا يصلح للسير في هذا الطريق إلا من دخله بحب ورغبة، ومن سار فيه بقناعة ووعي.
وأخيراً
على الداعية أن يوقن بأن العاقبة الحميدة للحق ولو تأخرت ولا يقنط ولا ييأس من عدم حصول النتائج
ونستشهد هنا بآيه كريمه وهي قول الله عز وجل :
"وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" [سورة الاعراف آية 164]
فلا بد على الراغبة بالسير في طريق الدعوة أن تعلم
أن طريق النصر في الدنيا، والفوز بالجنة في الآخرة، مفروش بالأشواك، مضرج بالدماء،
مليء بجثث الشهداء، وأن هذه سُنة أصحاب الدعوات، وحمَلة الرسالات، وقد كان
ابن القيم – رحمه الله – واعيا بهذا مدركا له، حينما بين أن طريق الدعوة طويل
وبسط الدليل على ذلك بقوله" تعب فيه آدم، وناح نوح، وألقي في النار إبراهيم، وتعرض للذبح
إسماعيل، وأوذي فيه موسى، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح فيه السيد الحصور يحيى… "
قال تعالى: "أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" [2- 3 /العنكبوت].
ولا أقول لك هذا لأصرفكِ عن الدعوة، أو لأرهبكِ عن السير في طريقها !
لا ... بل حتى لا تظني أيتها الداعية الغالية أنه طريق ممهد مفروش بالورود،
ولكي تستعدي له وتؤهلي نفسكِ لما فيه من مشاق
فـ تشمري عن ساعدي الجد في طلب الطاعات، وتحاذر من الوقوع في المعاصي والمنكرات.
الروابط المفضلة