السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

القاضي إياس بن معاوية:

هو إياس بن معاوية بن قرة، قاضي البصرة، العلامة، أبو واثلة، من التابعين، وأبوه معاوية بن قرة من الصحابة، وكان إياسٌ يضرب به المثل في الذكاء والدهاء والسؤدد والعقل.


إياس الذي كان من شدة الذكاء وسرعة البديهة يغلب خصومه في أي نقاش يدخل فيه لكنه فوق كل ذي علم عليم وبعض الأذكياء قد يغتر بما لديه من ذكاء فيرسل الله له من يذكره به تعالى وبنعمته عليه.


مقتطفات من قضاءه:


استودع رجلُ صديقاً لهُ مالاً، ثم طلبه منه، فأنكره، فشكاهُ إلى إياسِ القاضي فقال له: ألديك شهود على ما تدعيه؟
قال: لا، قال إياسٌ : فأي مكان دفعتَ له مالك؟ فقال في مكان كذا. قال إياسُ: فأي شيءٍ في ذلك الموضع، قال:
شجرةُ عظيمةُ. قال إياسُ: فانطلق إلى الموضع، وانظر إلى الشجرةِ، لعل الله يُظهر علامةً
يتبينُ بها حقكَ، وأما أنت أيها المنكر فاجلس بجانبي. ثمَّ تشاغل إياس ببعض القضايا ولكنَّه
التفت سريعاً إلى المدعي عليه، وقال: أترى صاحبك وصل إلى موضع الشجرة؟ قال: لا.. لم
يصل بعد فالمكان بعيد. قال إياس. يا عدو الله، إنك خائن. وانتبهَ الرجل إلى عدم يقظتهِ إلى الإجابة، فأقر
بالمالِِ وأعاده لصاحبه.


***********************************


ومن أخبار فطنته وذكائه أنه كان في ((الكوفة)) رجل يظهر للناس الصلاح،ويبدي لهم الورع والتقى.....

حتى كثر الثناء عليه،واتخذه بعض الناس أمينا لهم يأتمنونه على مالهم إذا سافروا.....

ويجعلونه وصيا على أولادهم إذا أحسوا بدنو الأجل.

فأتاه رجل واستودعه مالا،ولما احتاج الرجل لماله طلبه منه فأنكره.

فمضى إلى إياس وشكا له الرجل،فقال للمشتكي:

أعلم صاحبك أنك تريد أن تأتيني؟

قال:لا.

فقال له:انصرف وعد إلي غدا.......

ثم أرسل إياس على الرجل المؤتمن وقال له:

لقد اجتمع لدي مال كثير لأيتام لا كافل لهم وقد رأيت أن أودعه

لديك وأن أجعلك وصيا عليهم،فهل منزلك حصين ووقتك متسع؟

فقال:نعم أيها قاضي.

فقال:تعال إلي بعد غد وأعد موضعا للمال.....

وأحضر معك حمالين يحملونه....

وفي اليوم التالي جاء الرجل المشتكي؛فقال له إياس:

انطلق إلى صاحبك واطلب منه المال،فإن أنكره فقل له:

أشكوك إلى القاضي.

فأتاه الرجل فطلب منه ماله،فامتنع عن إعطائه له وجحده.

فقال له:إذا أشكوك إلى القاضي.

فلما سمع ذلك منه دفع إليه المال،وطيب خاطره.

فرجع الرجل إلى إلياس وقال:

لقد أعطاني صاحبي حقي و جزاك الله خيرا.

ثم جاء الرجل المؤتمن إلى إياس في موعده ومعه الحمالون،فزجره

وأشهره وقال له:

بئس الرجل أنت يا عدو الله،لقد جعلت الدين مصيدة للدنيا



*************************************


يحدث عن نفسه ويقول ما غلبني أحد قط سوى رجل واحد ذلك أنني كنت في مجلس القضاء في البصرة ودخل علي رجل وشهد عندي أن البستان الفلاني هو ملك لفلان وحدده لي ولو أنني قضيت أن البستان له لانتقلت ملكية البستان إليه لكنني أردت أن أمتحن الشاهد فقلت له كم عدد شجر البستان…..؟

سكت قليلا وقال : منذ كم يحكم القاضي في هذا المجلس…..؟

قيل : منذ كذا سنة فقال الشاهد يا سيدي القاضي كم عدد خشب سقف هذا المجلس……؟

فلم أعرف كم عدد خشب سقف المجلس وعرفت قصده.

يقصد أنني مضي علي كذا سنة ولا أعرف كم عدد خشب المجلس فهل سيعلم هو كم عدد شجر البستان.

فقلت : لا أدري والحق معك وأجزت شهادته.

***********************************


استمر إياس في حياته وقضائه حتى بلغ السادسة والسبعين من عمره ثم رأى يوما من الأيام نفسه في المنام.

رأى نفسه وأباه يركبان فرسان ويتسابقان فلم يسبق أحدهما الآخر.

ولقد مات أبوه وعمره ستا وسبعين سنة وعندما أوى إياس إلى فراشه قال لأهله أتدرون أية ليلة هذه..؟

قالوا لا

قال في مثل هذه الليلة استكمل أبي عمره ولما أصبح وجدوه ميتا وفهم الناس رؤيته بعد أن مات أنه سيموت بمثل عمر والده حتى بعد وفاته ظهرت فطنته.


رحم الله إياس