بسم والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى في سورة الزلزلة الاية رقم 7 "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره"
سبب نزول الاية:
قال مقاتل: نـزلت في رجلين كان أحدهما يأتيه السائل فيستقلّ أن يعطيه الثمرة والكسرة والجوزة، ويقول: ما هذا بشيء، وإنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير الكذبة والغيبة والنظرة ويقول: ليس عليّ من هذا شيء، إنما أوعد الله بالنار على الكبائر، فأنـزل الله عز وجل يرغّبهم في القليل من الخير فإنه يوشك أن يكثر، ويحذرهم اليسير من الذنب فإنه يوشك أن يكثر:
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ إلى آخرها
.
تفسير الاية الكريمة
تفسير الطبري :وقوله: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ )
يقول: فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير, يرى ثوابه هنالك ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )يقول: ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرة من شر يرى جزاءه هنالك, وقيل: ومن يعمل والخبر < 24-550 > عنها في الآخرة, لفهم السامع معنى ذلك, لما قد تقدم من الدليل قبل, على أن معناه: فمن عمل; ذلك دلالة قوله: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) على ذلك. ولكن لما كان مفهوما معنى الكلام عند السامعين، وكان في قوله: ( يَعْمَلْ ) حث لأهل الدنيا على العمل بطاعة الله, والزجر عن معاصيه, مع الذي ذكرت من دلالة الكلام قبل ذلك, على أن ذلك مراد به الخبر عن ماضي فعله, وما لهم على ذلك, أخرج الخبر على وجه الخبر عن مستقبل الفعل.
وبنحو الذي قلنا من أن جميعهم يرون أعمالهم, قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني على, قال: ثنا بو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, في قوله: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ) قال: ليس مؤمن ولا كافر عمِل خيرا ولا شرا في الدنيا, إلا آتاه الله إياه. فأما المؤمن فيريه حسناته وسيئاته, فيغفر الله له سيئاته. وأما الكافر فيردّ حسناته, ويعذّبه بسيئاته. وقيل في ذلك غير هذا القول, فقال بعضهم: أما المؤمن, فيعجل له عقوبة سيئاته في الدنيا, ويؤخِّر له ثواب حسناته, والكافر يعجِّل له ثواب حسناته, ويؤخر له عقوبة سيئاته
تفسير ابن كتير :(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) يعني: وزن أصغر النمل (خَيْرًا يَرَهُ ) يعني: في كتابه، ويَسُرُّه ذلك. قال: يكتب لكل بر وفاجر بكل سيئة سيئة واحدة. وبكل حسنة عشر حسنات، فإذا كان يوم القيامة ضاعف الله حسنات المؤمنين أيضًا، بكل واحدة عشر، ويمحو عنه بكل حسنة عشر سيئات، فمن زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة، دخل الجنة.
تفسير السعدي
( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) وهذا شامل عام للخير والشر كله، لأنه إذا رأى مثقال الذرة، التي هي أحقر الأشياء، [وجوزي عليها] فما فوق ذلك من باب أولى وأحرى، كما قال تعالى:
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا
وهذه الآية فيها غاية الترغيب في فعل الخير ولو قليلا والترهيب من فعل الشر ولو حقيرًا.
الروابط المفضلة