بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

141- ملازمة الدعاء والتضرع إلى الله عَزَّ وجَلَّ أخذًا بأسباب رفع البلاء ودفع الشقاء، ومَنْ مثلك أحرى وأولى بمناجاة ربه، قال تعالى عن خليله إبراهيم: ﴿وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا﴾ [مريم: 48].
* * *
142- عن محمد بن سيرين أنه رحمه الله قال: "ما غشيت امرأة قط؛ لا في يقظة ولا في نوم غير أم عبد الله، وإني لأرى المرأة في المنام، فأعلم أنها لا تِحلُّ لي، فأصرف بصري".
قال بعضهم: "ليت عقلي في اليقظة، كعقل ابن سيرين في المنام".
* * *
143- كثرة الدعاء والإلحاح على الله عَزَّ وجَلَّ رجاء الثبات على هذا الدين حتى الممات ورجاء صلاح الزوج والذرية، ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74]، ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ [إبراهيم: 40].
قال ابن القيم: وأبغض خلقه: عدوه إبليس، ومع هذا فقد سأله حاجةً فأعطاه إياها، ومتَّعه بها، ولكن لمَّا تكن عونًا له على مرضاته، كان زيادة له في شقوته، وبعده عن الله وطرده عنه.
* * *
144- امرأة بغي تسقي كلبًا بإيمان صادق فتكون من أهل الجنة .. كيف بمُوَحِّد يرجو رحمه الجواد وبرِّه وكرمه .. يسقي العطاش ويشبع الجياع ويفطر الصُّوَّام ويمسح دمعته في القيام .. ما ترك خيراً إلا رمى فيه بسهم وقبل أن يبدأ المسير يسأل ربه القبول "ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم".
* * *
145- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن المعاصي في الأيام المُفضَّلة والأماكن المُفضَّلة تَغْلظ، وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان". [مجموع الفتاوى 34/180].
* * *
146- سُئِلَ الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: "ما حكم رفع اليدين في الدُّعاء بين خطبتي الجمعة؟
فأجاب: مشروع وأنا أفعله إذا لم أكن الخطيب".
* * *
147- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما تقرَّبت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها".
* * *
148- إذا دعا المسلم لنفسه، ولغيره فليبدأ بنفسه ثم بغيره لحديث أُبَي بن كعب: «إن النبي r إذا ذُكِرَ أحدٌ فدعا له بدأ بنفسه». [رواه الترمذي]، وفي القرآن ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ [نوح: 28] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا﴾ [الحشر: 10].
* * *
149- كان محمد بن المنكدر: إذا بكى مسح وجهه ولحيته بدموعه ويقول: بلغني أن النَّار لا تأكل موضعًا مَسَّته الدُّموع، وذكر أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان يصلي ذات ليلة فقرأ: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾ [غافر: 71، 72] فجعل يُرَدِّدها ويبكى حتى أصبح.
* * *
150- أَظَمأتَ يومكَ وتجردت من هوى نفسك؟ عملٌ يسير وساعات قليلة .. صيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .. أتعرف ماذا أعدَّ الجواد الكريم لصنيعك وطاعتك وقربتك؟ «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» أفاض عليك ربُّك من سحائب جوده ورحمته وكرمه.
* * *
151- كان r يجتهد في العَشر فوق ما كان يجتهد في غيرها، وكان يحيى الليل ويُوقِظ أهله، وفي العَشر ليلة خير من ألف شهر، «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري]. والعبرة كمال النهاية لا نقص البداية، فأر الله منك خيرًا.
* * *
152- دنا الفِرَاق وقرب الوداع .. حان وقت التوبة والأوبة .. بقيت سويعات؛ اسكب العبرات، وأكثر من المناجاة، و"إذا جلست في الظلام بين يدي الملك العلام؛ فاستعمل أخلاق الأطفال! فالطفل إذا طلب شيئًا فلم يُعْطه بكى حتى يأخذه" [ابن الجوزي].
* * *
153- قال الحسن: لقد رأيت أقوامًا يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتًا، فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله، فيتصدق ببعضه وهو أحوج ممن يتصدق عليه. [تهذيب الكمال 2/118].
* * *
154- قال الإمام النووي في كتابه الأذكار النووية: أجمع العلماء على جواز الذِّكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والصلاة على رسول الله r والدعاء وغير ذلك.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي r قال: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت». [رواه البخاري].
* * *
155- قال r: «ليس الواصل بالمُكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعتَ رحمه وصلها» [رواه البخاري].
قال ابن حجر: فههنا ثلاث درجات: واصل، ومُكافئ، وقاطع، فالواصل من يتفضل ولا يُتفضل عليه، والمُكافئ من يصل ولا يزيد على ما يأخذ، والقاطع: الذي يُتفضل، وهو لا يتفضل.
كما تقع المُكافأة بالصلة بين الجانبين؛ كذلك تقع المقاطعة من الجانبين, فمن بدأ حينئذ فهو الواصل، فإنْ جُوزي سُمِّي من جازاه مُكافئًا.
* * *
156- وأمَّا الرَّغبة في الله وإرادة وجهه، والشوق إلى لقائه فهي رأس مال العبد وملاك أمره، وقوام حياته الطيبة، وأصل سعادته وفلاحه ونعيمه وقُرَّة عينه، ولذلك خُلِقَ وبه أمر، وبذلك أُرْسِلت الرُّسل وأُنْزِلت الكتب.
* * *
157- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن المؤذنين يَفْضلوننا ,فقال رسول الله r: «قُلْ كَمَا يقولون، فإذا انتهيت فَسَلْ تُعْطَه». [رواه أبو داود].
ذكر أحد المشايخ أنه كان في الطائف واتَّصل على الشيخ ابن باز رحمه الله في الرِّياض وبينما هو يتحدث معه في الهاتف أَذَّنَ المُؤَذن، فقال: دعنا نردد مع المُؤَذِّن. قال: فانتظرت على الهاتف حتى انتهى المُؤَذِّن من الأذان والشيخ يُرَدّد معه.
* * *
158- قال أحمد بن حرب: عبدتُ الله خمسين سَنَة، فما وجدتُ حلاوة العبادة حتى تركتُ ثلاثة أشياء: تركتُ رضى الناس حتى قدرتُ أن أتكلم بالحق، وتركتُ صحبة الفاسقين حتى وجدتُ صحبة الصالحين، وتركتُ حلاوة الدنيا حتى وجدتُ حلاوة الآخرة. [السير 11/34].
* * *
159- قال ابن القيم رحمه الله: فإن الصدقة تفدي من عذاب الله تعالى؛ فإن ذنوب العبد وخطاياه تقتضي هلاكه فتجيء الصدقة تفديه من العذاب، وتفكه منه؛ ولهذا قال النبي r في الحديث الصحيح لمَّا خطب النساء يوم العيد: «يا معشر النساء، تصدقن ولو من حِلْيكُنَّ؛ فإني رأيتكُنَّ أكثر أهل النار», وكأنه حثهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار.
* * *
160- يسعى ونعلاه في يديه مُسرعًا ليدرك العلم، مُرَقَّع الثَّوب يخيطه ويغسله بيده، له سكن غرفة بُنِيَت بالطين يأكل اللحم في الشهر مرة! بقي حذاؤه سبع عشرة سنة يُرَقِّعه ويخيطه بيده! عزيز النفس مرفوع الرأس، ليس واقفًا بالأبواب ولا صخابًا في الأسواق بحر عِلْم وورع، رفع راية السُّنَّة في المحنة ببساطة, هو إمام أهل السُّنَّة: أحمد بن حنبل.
* * *
كتاب أطايب الجني
د. عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن القاسم