لماذا أنا مسلم؟
أنا مسلم لأن الإسلام هو الدين الخاتم الذي يشتمل على طائفة كبيرة من الخصائص والسمات والمحاسن والفضائل والأحكام الشرعية والآداب والأخلاق، لا توجد مجتمعة في دين سواه، فلهذا أنا مسلم.
ومن هذه الخصائص والسمات والمحاسن التي يتميز بها الإسلام:
8-
دين المساواة بين البشر:
جاء الإسلام بمبدأ التساوي بين الناس، فالناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
وقال النبي صل الله عليه وسلم: «الناس ولد آدم، وآدم من تراب» [رواه ابن سعد وحسنه الألباني].
لعمرك ما الإنسان إلا بدينهوقال النبي صل الله عليه وسلم: «... ومن بطأ به عمله، لم يُسرع به نسبه» [رواه مسلم].
فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب
لقد رفع الإسلام سلمان فارس
كما وضع الشرك النسيب أبا لهب!
قال ابن رجب:" معناه أن العمل هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة، كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام: 132].
فمن أبطأ به عمله أن يبلغ به المنازل العالية عند الله تعالى، لم يسرع به نسبه فيبلغه تلك الدرجات، فإن الله تعالى رتب الجزاء على الأعمال لا على الأنساب، كما قال تعالى:
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: 101]".
وقال ابن مسعود:« يأمر الله بالصراط، فيضرب على جهنم، فيمر الناس على قدر أعمالهم زمرًا زمرًا، أوائلهم كلمح البرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، ثم كمرِّ البهائم، حتى يمر الرجل سعيًا، وحتى يمر الرجل مشيًا، حتى يمر آخرهم يتلبط على بطنه فيقول: يا رب لم بطأت بي؟ فيقول: إني لم أبطئ بك، إنما بطأ عملك.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم حين أنزل عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]:
«يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله، لا أغني عنكم من الله شيئًا. يا بني عبد المطلب! لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئَا، يا صفية عمة رسول الله صل الله عليه وسلم! لا أغني عنك من الله شيئًا، يا فاطمة بنت محمد! سليني ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئًا»...
وفي الصحيحين عن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صل الله عليه وسلم يقول: «إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، وإنا وليي الله وصالح المؤمنين» يشير إلى أن ولايته لا تنال بالنسب وإن قرب، وإنما تنال بالإيمان والعمل الصالح، فمن كان أكمل إيمانًا وعملاً فهو أعظم ولاية له، سواء كان له منه نسب قريب أو لم يكن .
ومع أن الإسلام ساوى بين الناس في كل حق ديني ودنيوي، ولم يجعل لأحد منهم ميزة في نسب أو حسب أو مال أو حسن صورة، إنما الميزة والتفضيل بالمعاني العالية في التقوى وتوابعها، إلا أنه جعل هناك تفاوتًا بين الناس بحسب استعداداتهم الفطرية وقدراتهم النفسية والعقلية والمادية، وهذا من كمال حكمة الله جل وعلا. قال الشيخ ابن سعدي: ".. وأما التفاوت والتفاضل فيكون بأسباب من كمال الدين والتفضيل بها، كما فضَّل الذكر على الأنثى في الميراث، وجعل الرجال قوامين على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض، فإن الرجل عنده من الاستعدادات والتهيؤ للكمال والقوة على الأعمال ما ليس عند المرأة، وعليه من الواجبات النفسية والعائلية ما حسن تفضيله على المرأة، ولهذا علل ذلك بقوله تعالى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء: 34]، فشكرهم على إنفاقهم على غيرهم، وأعانهم على تلك النفقات بالتفصيلات المناسبة لها.
وهذا كما أوجب العبادات المالية كالزكوات والكفارات وغيرها على أرباب الأموال دون من ليس عنده مال؛ تعليقًا للحكم بعلته وسببه، وكما فرّق بين الناس في مقدار الواجبات وأجناسها بحسب قدرتهم واستعدادهم، وبهذا يعرف حكمة الله وشمول رحمته وحسن أحكامه {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50].
وما خالف هذه المساواة التي يتشدق بها المنحرفون بين الرجال والنساء، وبين الأغنياء والفقراء، فإنها مادية ضارة، لا يستقيم عليها دين ولا دنيا؛ لخلوها من الدين والروح الإنسانية الشريفة، ومخالفتها لسنة الله التي لا تبديل لها، ولا صلاح إلا بها، التي تكفل للآدميين كرامتهم وشرفهم وحقوقهم الدينية والمادية.
وإذا أردت معرفة فساد ما خالفها فانظر إلى آثارها؛ كيف انحلت منهم الأخلاق الجميلة، وتبدلوا بها الأخلاق الرذيلة، وذهب معها الرحمة والشفقة والنصح، وكيف كانت تسير بهما إلى الهلاك، وهم يشعرون أو لا يشعرون"
إن المساواة في الإسلام مبدأ يطبقه المسلمون كل يوم دون أن يشعروا، وذلك عندما يصطف المسلمون في مساجدهم لأداء الصلاة، الفقير بجانب الغني، والأبيض بجانب الأسود، والعربي بجوار الأعجمي، ويتكرر هذا المشهد في كثير من العبادات الإسلامية، ولعل فريضة الحج من أعظم الشعائر الإسلامية التي يبرز فيها مبدأ المساواة، حيث يخلع الجميع ثيابهم التي تفرق بعضهم عن بعض، ويلبسون زيًا واحدًا، ويسكنون خيمة واحدة، ويتجهون إلى قبلة واحدة، ويدعون ربًا واحدًا، في مشهد فريد من مشاهد العبودية والطاعة والمساواة بين البشر.
كان هذا التحرير الإنساني منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان، وهو واقع حاضر يراه الناس ويعيشونه إلى اليوم.
وعلى الجانب الآخر: كان العالم الغربي المتحضر يعيش تفرقة عنصرية بغيضة، ولقد عانى السود في أمريكا من مظاهر الاضطهاد والتفرقة لسنوات طويلة، حتى ألفيت تلك القوانين منذ سنوات ليست بالطويلة، ولا زالت هناك بعض قوانين التمييز في بعض الولايات الأمريكية.
وبنظرة سريعة إلى ما كان يحدث في تلك الولايات نعرف كيف كان الإسلام الذي جاء قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان دينًا حضاريًا رائعًا يصلح للبشر جميعًا، في كل زمان ومكان.
قال الدكتور السباعي: "إن مظاهر اضطهاد الزنوج في أمريكا متنوعة متعددة الميادين:
ففي الميدان الثقافي: لا يسمح في عشرين ولاية من الولايات الأمريكية للزنوج أن يتعلموا في مدرسة واحدة مع البيض! وفي ولاية «فلوريدا» تقضي قوانينها بأن تفصل الكتب المدرسية الخاصة بالطلاب الزنوج في معزل عن الكتب الخاصة بالطلاب البيض!
وفي ميدان الزواج: يمتنع في كل الولايات تقريبًا زواج بيضاء بزنجي أو أبيض بزنجية.
وفي ميدان العمل: تقضي قوانين بعض الولايات بأنه لا يسمح للعمال الزنوج أن يقيموا مع العمال البيض على صعيد واحد في المصانع، ولا يجوز للزنوج أن يدخلوا أو يخرجوا من الأبواب عينها التي يدخل منها البيض ويخرجون!
وفي ميدان الشؤون الاجتماعية: تقضي قوانين أربع عشرة ولاية بعزل الركاب البيض في القطارات الحديدية عن السود، وتفرض إقامة عربات خاصة للسود في القطارات، والأوتوبيس، وغرف الهاتف، وفي المستشفيات، حتى في مستشفيات الأمراض العقلية يفرق بين المجنون الأبيض والمجنون الأسود!
حتى الكنائس.. فقد دخل زنجي من جمهورية بناما كنيسة كاثوليكية في واشنطن، وفيما هو مستغرق في صلاته، سعى إليه أحد القسس، وقدم إليه قصاصة من ورق قد كتب فيها عنوان كنيسة زنجية كاثوليكية، وحين سئل القس عن سر هذا التصرف أجاب: إن في المدينة كنائس خاصة بالكاثوليك الزنوج، يستطيع هذا المرء أن يقف فيها بين يدي ربه! هذا وهم الذين يبشرون بأن السيد المسيح عليه السلام كان للإنسانية كلها "
الروابط المفضلة