يُخبرنا التاريخ عن نساء كثيرات .. عشن حياة الترف والنعيم .. لكن هذهِ الحياة لم تؤثر فيهن.. ولم ترخِ قوة عزائمهن فتركن
عيشة النعيم وزهدن بها فى سبيل حياة الاخرة .. منهن تلك المرأة المؤمنة..
التى كانت سيده من سيدات نساء العالم ، ولكنها لم تكن سيدة عادية كغيرها من النساء ؛ بل هى وسيدة قصر..
ضربت أروع المُثل في التضحيةِ والفداءِ والمحبةِ لله سبحانه وتعالى.. فاعتادت تزوجها حاكمٌٍ طاغي مستبد ، وارتبطت قصتها بنبي ..
من أنبياء الله عليهم السلام أيضاً.. عاشت حياة الترف والنعيم ، في أعظم القصور وأفخمها المليئة بالخدم والعبيد فاعتادت حياة الملوك ،
والأسرة الممهدة ، والفرش المنضدة .. إذ كانت تنعم .. بكل ما تتمناه الأنفس منَ بذخ ورفاهية ، وخدم وحشم ، وسلطة وجاه ، ومال ..
ولكنها وبرغم كل ملذات حياة الدنيا ومغرياتها ، خفق قلبها بالإيمان ، وانتقت بإخلاص باب الصلاح في قصرالظلم والانحراف ..عند أعتى الحكام ، والذي كان وللأسف هو زوجها الرجل الطاغي والمستكبر في زمانه ، وهوالداعي للألوهية والتقديس ،،
فنصب نفسه إلهاُ عليهم ولاأحد سواه ( معاذ الله )..
حياتها وأهم ملامح شخصيتها..
نشأتْها وحياتها في القصورالمظلمة المملؤة بالكفر والفجور، رأَتْها قوة وجبروت الراعي ، وطاعة الرعية له ، فسئمتْ ضلال تلك الحياة ..
واستظلتْ بظلال النور والإيمان ، فدعتْ ربها أن ينقذها من هذهِ الحياة ؛ بعد أن نوَّر الإيمان بالله الواحد أضاء بصيرتها ، فاستجاب ربها
دُعاءها ، وجعلها مثلاً للذين آمنوا ، ونموذجاً خلّدهُ القرآن الكريم ، فقدمت بذلك دروساً عظيمة في الصبروالإيمان والحنان ، حتى استحقت
أن تكون القدوة الحسنة التى يضرب بها المثل الأعلى على مرَ الزمان..
هكذا كانت إمرأة مؤمنة مخلصة لربها سبحانه وتعالى .. تعبده سراً ؛ فهى الأقدارالتى آلت لها .. أن تكون وهى المرأة المؤمنة بربها..
أن تكون في كنف هذا الجبارالكافر.. وإن تكون زوجة له حين خطبها من أبيها وضيق عليه الخناق ليتزوجها .. لأنها وكما قيل إنها كانت ذات
جمال باهر كما وصفت له.. فشق ذلك الطلب على أبيها ، ورفضه في بادئ الأمر ولكن الطاغي أصرعلى طلبه وساق له مهرابنتهِ وتزوجها ؛
لأنهُ ( أي أباها ) لم يستطع أن يرفض طلب الحاكم الطاغي.. فصارت زوجاً له مع فارق الدين بينهما..
كذلك هى.. ما أن يذكر اسمها حتى يترواد لنا قصتها مع نبي الله (..) عليهِ السلام .. وموقفها الخالد معهُ ، عندما رأت وجههِ المنير ..
وهو عليه السلام طفل رضيع يرقد بتابوت وضعته أمه بداخلهِ وقدفت بهِ في النهر فأخده الموج الهادىء.. إليها ، فلمح الجنود وجواري
القصر شيئا ًيسير بالنهر التقطاهُ .. ولم يقوموا بفتحه فذهبوا بهِ حيث سيدتهن وفي حسابهن أن بهِ
مالاً ، أو جواهر أوذهباً .. فلما فتحت الملكة المؤمنة التابوث ورأت بداخلهِ غلاماً لم ترى عينيها أجمل منه ينظر إليها بابتسامة البريئة .. ووجهه الذي كان يتلألأ
بتلك الأنوار النبوية ، وما إن وقع نظرها عليه حتّى أحبّته حبّاً شديداًً.. فعلم زوجها الملك بالآمر، فآمرعلى الفور بقتلهِ خشية أن يكون من بني إسرائيل.. أي من بني عدوه .. فكما كان يفعل مع سائر الأطفال الذين كانوا يولدون من بني إسرائيل
( بسبب رؤيا أفزعتهُ في منامهِ ، فقد رأى ذات ليلة ، كأن نارًا قد أقبلت من جهة بيت المقدس ، حتى وصلت إلى بلاده ، وأحاطت بدورها
وبيوتها فأحرقتها وأحرقت اقباطها وتركت بني إسرائيل دون أذى ، فلما استيقظ هالتهً هذه الرؤيا ،
لذلك جمع الكهنة والسحرة والمنجمين وسألهم عن تأويل هذه الرؤيا وتفسيرها ، فقالوا له:
فإذا بها تترجاه وتطلب منه أن يبقيهِ حياً تقرعينها به ؛ ويكون فيه العوض لحرمانها من الولد ) ،
قالت : ( قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ )..ولأنها كانت سيدة عاقلة وحكيمة إستوهبته ودافعت عنهُ بقولها :( ومَآ يدريِكَ أنهُ مْن العَدُو، ولَعلُه ينَفعثنا ويَكُون ولٌد لنَا..)
وافق الحَآكم علىَ مَضض وردَّ في غلَظة وجَلآفة قاَئلاً :( لَكِ أنَتِ ولكَن أنَا ليَس لِي حاجةً بهْ ..)
فرحَت الَزوجَة فِرحا ًشَديداً , وأمَرت لهُ بالبحَث عَن مُرضعَة للوَليِد , ولًكنهُ (..) عَليهِ السَلآم ..
جعَل كلُما أخَذتهُ امرأة منهنّ لتِرضَعُه ، لَم يَقبل علَى ثَديِها ، حتَى أشَفقت عَليهِ أنَ
يمَتنع منََ رِضآعة اللبَن فيَموُت ..
فأحَزنَها ذلَك ، حتَى هَدآهُم الله إلىَ طَريِق أمهِ .. فأرسَلُولهَا لُتحضْر فجآءت أمه ، فلما وضعته في حجرها ،
نزا ثديها فمصّه ، حتى امتلأ جنباه ريّاً .
فرحت الأم بذلك الأمر، وأيقنت أن الله منجزوعده لها ، عندما عادهُ إلى حضنها.. لتعلم أن وعد حق.. فهكذا أكرم الله الملكة .. ومنَ عليها عندما ساق إليها تابوته المبارك ، عليه السلام ،
الذي ألقته أمهِ في اليم خوفاً من الحاكم الطاغي .. فأحبته بكل جوارحها وأحاطته برعايتها وعنايتها .. فدافعت عنه ضد جبروت
زوجها الذي ملأ الكفر قلبه فلم يعد فيه مكان للرحمة ولا الشفقة ، خوفا على حياته ومُلكهِ..
فقد شاءت حكمة الله تعالى أن يتربى عليهِ السلام في بيت دعوهِ الحاكم المستبذ.. فنبث الله في بيته ( كليم الله ) نباتاً حسناً وحفظه .. حتى كبر وحمل رسالة ربهِ إلى ( .. ) وقومهِ بكل صدق وأمانة ..
الروابط المفضلة