السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أعرف كيف أبدأ في مقال، وإني لأتعب حين أبدأ السطر الأول من القصة، فكيف إذا بدأت مقالا أو موضوعا إنشائيا!؟ والبداية مهمة فهي التي تعرّف محتوى المقال، ولقد شَرِقتُ في البداية، والحال كما ترون أبلغ من المقال،أيا حسرتي فتجاوزوا رحمكم الله بداية المقال!؟ولا تقولوا محال أن نقرأ هذا المقال محال!
فأنتم تقدمون مقالات جميلة تخدم أمتنا ويسهل عليكم كتابتها،أقرأ وأعجب من سلاسة الأسلوب، وعذوبة المعاني،وجزالة الألفاظ، حاولت أن أصبح مثلكم فلم أرى من محاولاتي إلا الفشل، فاحترمت نفسي وامتنعت،حرصا على ذوق القارئ الكريم، ومشاعره المرهفة.
وكتابة القصة تنساب في خيالي "آه منك يا خيالي" كأنها مشهد مسرحي أتقن أبطاله الحوار والتمثيل، لا تنفك عني حتى أحرر الشخصيات داخل الورقة،واليتني أبدعت أو صورت لكم المشاهد كما أراها في خيالي، بجزالة أسلوب، بلغة عربية أصيلة، وربما لو قرأ عائض القرني قصصي لصار المسكين من مدمني أدوية الضغط والسكري، ولخطب خطبه عصماء يهجوني فيها ويرثي لغته العربية وما ألت إليه بين يدي!
وبما أن موضة "البصمات" دارجة هنا في المنتدى فلا أكاد أدخل قسماً في "لكِ" إلا ووجدت مواضيع عن البصمات، أو مسابقة عن البصمات،فقلت:أبصمي يا أم البنين 1977مع الذين يبصمون، فدخلت بصمتي هنا!
لن أبصم في مسابقة لأني ما دخلت مسابقة إلا خسرت فيها، وهذا اللقب المسكين الذي بجانب اسمي "قاصة مبدعة" ليس إلا جائزة ترضية من حبيبتي ناصحة، هذا قبل أن تبتسم للدموع،أبعد الله عنها الدموع حتى ولو قررت أن تبتسم لها.
هي بصمة بدأت من المنتدى هنا
وفي أمريكا، وعندما كان ابني بين المدارس الأمريكية، يتغذي حبوب الإفطار الصباحي، ثم حبوب السموم التي تلقى في تفكيره وفي حركاته وسكناته، ولا رقيب عليه، يعيش نصف نهاره بينهم، ولو سألت المدرسات عن حبوب السموم فلن يفهمن هذه المرأة الرجعية التي سقطت من البلاد العربية، إلى أمريكا..بلد الحرية!
وكثرة سؤال ابني،ستفسد جسور الثقة بيننا،أما الوعظ المباشر سيحدث فجوة ربما لن أعرف كيف أسدّها.
فكلنا مسؤولون عن رعيتنا وإن كنا قد وضعنا تلك الرعية في بيئة موبوءة، وما عاد النسيم نظيفا في أي مكان!
كنت بحاجة ماسّة إلى فكرة تغرس نبتة مثمرة في قلبه وتصحح المفاهيم، فيصعب اقتلاعها، وتخترق فؤاده فترسم ورده لا يمكنها أن تذبل.
فولدت بنات أفكاري حكاوي الصف الثاني الابتدائي، فكان غرساً أنبت ثمرة جميلة المنظر، وطعمها مثل العسل، ووردة أجمل من ورود العالم غرست في الفؤاد ولن تذبل بإذن الله.
أتمنى أن تتركوا لي فرصة أتحدث فيها عن مشاعري نحو بصمتي، فكنت في حيرة لا أعرف ما أقدمه للأمة العظيمة، أيا ليتني قدمت فما قدمته ليس إلا بضاعة مزجاه.
لنعود إلى الوراء سنين لو سمحتم...
حكايات محمد عاصم قصص كتبتها له، ولكل أطفال الغربة معه، ولكنه كان سعيدا عندما علم أنها له، وظن أنها له وحده،استمتع بكل فقرة فيها، وكان يطلب المزيد ليستمع إليها.
حكيت له حكاية محمد عاصم حينما دعاه رفيقة ليأكل اللحم...
وإذا بمحمد عاصم، يحفظ: إن لم تكن ماما ترانا فإن الله يرانا، ويعلمها لإخوته الصغار، ففي أحد الأيام، سمعت حديثا دار بينه وبين أخيه، انتهى الحوار بتلك الجملة:يا بشر إن لم تكن ماما ترانا فإن الله يرانا.
نظرت إلى صحن بيتر وكادت عيني تأكل اللحم قبل أن يأكله هو، إلى أن رائحة الزيت و الزعتر أنقذتني، وبدأت آكل طعامي، نظر إلي بيتر وإبتسم ثم قال : تريد أن تجرب ؟
هنا بدأ الصراع في نفسي، هذا لأنني بالفعل أشتهي تذوق طعامه! كما أن أمي أمرتني بأن لا أشتري من طعامهم! و لكني لن أشتري إنما فقط سأتذوق، وهي لن تراني إن تذوقت فلن أخبرها ! و لقمة واحدة ليست مضرة !
شكرته، وهممت لأكل من طعامه! إلا أن كلمة أمي دائما ترددها قد تذكرتها، إن هذه الكلمة هزت كياني، إنها إن لم أكن أراك يا محمد فالله يراك.
اعتدلت في جلستي وقلت : لا شكرا طعامي معي
بيتر : لا بأس وكأنه كان ينتظر هذه الجملة !
وجهزت نفسي لألكمل فطيرتي، إلا أن جيريد حشر أنفه الطويل ونظر بدقة إلى فطيرتي وقال بقرف: يعع أتأكل الحشرات ؟
تجمدت يدي مكانها، و لم تصل هذه اللقمة إلى فمي، وبدأت انظر إلى الفطيرة بدقة، و قلت: إين تلك الحشرات؟!
جيريد إنها داخل الفطيرة، إقترب بيتر ليرى هذه الحشرات ثم جيريد وبدأنا ننظر نحن الثلاثة بدقة! فقال جيريد: أنظر إنها موجودة بكثرة داخل الفطيرة!
دققت النظر وقلت لجيريد : ليست حشرات، إنها سمسم، ألا تعرف شيء !
جيريد : يعععععععع إنها مقرفة .
تمالكت أعصابي بقوة وقلت : ولكنها منثورة فوق الخبز الذي تأكله! على أية حال لا يحق لك أن تتكلم عن أي طعام في العالم لإنها نعمة قد لا يجدها الكثير من الناس! بالإضافة إلى أن الزيت والزعتر مفيدان للذكاء هكذا قالت جدتي .
نظر الإثنان بدهشة و قالا : كيف ؟
محمد عاصم :لأن …..أعتقد ……حسناً توجد غدّه داخل الدماغ تسمى الغدّة الزعترية، وهذا الإسم مقتبس من الزيت والزعتر، لأننا عندما نأكل الزعتر تنشط الغدة الزعترية وبالتالي تنشط العواصف الفكرية داخل الدماغ ـ على ما أظن ـ .
ونظرت إلى جيريد نظرة إنتصار لهذا الجواب الذكي وقلت له بفخر: وأنا أظن أن علاماتك يا جيريد قد تدهورت ، لذا أنصحك بأكل الزيت والزعتر حتى تعمل غدّتك الزعترية جيدا .
بيتر : كووووووووووووول دعني أجرب .
إبتسمت من هذه الكوووول لأني بالفعل قد بدأت بالفعل بالأكل قبل أن يقول لي كول، و قسمت لبيتر قطعة وأعجبته بالفعل، أما جيريد جلس وقال : على أية حال أنا أحب هذا اللحم فلحم الخنزير طيب .
آلمتني معدتي لجوابه وأكملت طعامي بصعوبة، أتعرفون لماذا ؟ لأني أنا الآن من أحسست بالقرف!فلو يدري هذا المسكين ما يأكل خنزيرة لما تجرأ وأكل لقمة واحدة وهذا هو الــ"يع" بعينه.
الحمد لله أني لم أتذوق هذا الطعام .
و بالرغم من هذا كله فبعض الأطعمة التي يأكلونها أشتهيها و لكنني لن أجرب ، لأن الله يراني إن أكلت .
تخيلوا مشاعري حينها...
ثم كانت حكاية محمد عاصم واحتفالات الهالوين، حينما كان يرى نفسه غريبا مختلفا بين المجتمع الذي وضع فيه، وقد ضايقه أقرانه، سخروا من غربته، فكان لابد أن يحسم الصراع بينه وبين نفسه أولا ثم مجتمعه وأقرانه.
فغرست طوبي للغرباء في كيانه، وأن علي أن أمضي في الدرب السوي حتى لو كنت وحدي.
دخل مستر فولي الصف، فكنا مندهشين مذهولين ، فتحت فمي خوفا من منظره، وبدأ قلبي يخفق بقوة، لقد دخل بشكله الحقيقي! دخل كأي رجل فضاء ينزل إلى الكرة الأرضية اسنانه كسمكة القرش! جلده أخضر فاقع ! و له ثلاثة أصابع ، قدماه بأصبع واحد! ورأسه أخضروله ثلاثة عيون حمراء ،و فمه كبييييييير ويبدأ رأسه بثلاث خصل خصراء واقفه في تهايتها ثلاث كرات خضراء !
خلع المعلم رأسه ـ أقصد ـ خلع المعلم القناع، بعد أن خلع قلوبنا ! و صفق بيديه وأصابعه السته! و قال : هابي هالوين!أنا أرى الجميع يلبسون ملابس جميلة اليوم .
وضعت الكتاب أمام رأسي وقلت : متى سينتهي هذا اليوم !
مستر فولي : يا أولاد و يا بنات، أريد أن تكتبوا لنا قصة عن الهالوين، عن خططتكم فيها والأحداث المثيرة التي مررتم فيها السنه الماضية.
تمتمت متذمرا:أخ! إكتملت فوق رأسي !
جيرد قال بخبث : لا بد أن محمد لن يكتب عن الهالوين يا أستاذ وسيكتب المختلف !
وقفت غاضبا و قلت : دعني وحدي يا جيرد ولا تحشر أنفك بخصوصياتي .سأكتب وسأكتب أمرا مختلفاً ومتميزاً!
أنا الآن في ورطة لأني مضطر أن أكتب عن الهالوين كما قلت !
مستر فولي : جميل يا محمد ، أنا واثق بأنك ستكتب المتميز .
أخفيت رأسي ونظرت من خلال الناقذة و تمتمت : لا ليس جميلا !
::
::
أمسكت القلم ولست أدري ما أكتب! أنا في حيرة شديدة ! هل أكتب عن
الهالوين ! ليرضى جيرد والأستاذ والطلبة ! وأغضب الله وأمي وأبي !
أم أكتب عن شيء آخر ، وقد وعدت الجميع! هل أكسر وعدي الذي وعدته بأني سأكتب المختلف و المتميز ؟
أترى هل سيكون الله راضيا عني إن كتبت عن الهالوين ؟ وإن كتبت عن الهالوين هل سيكون تصرفي صحيح ! ثم ماهذا المتميز الذي سيفقع في رأسي هذه الحصة!ما أصعب أن تكون المختلف الوحيد في الصف .
أدعوا الله أن يخرجني من هذا المأزق
::
::
كانت لحظات صعبة حينما كنت أنظر إلى الورقة البيضاء و القلم و الحيرة تقتلني ، إلى أن فقعت في رأسي فكرة !أمسكت القلم وبدأت أكتب.
مر الوقت بسرعه ولم أعرف كم من الوقت مضى أثناء إنهماكي في الكتابة ، صفق مستر فولي ليخبرنا بتصفيقه عن نهاية الوقت وقال : ضعوا أقلامكم جانبا ولنبدأ بقراءة القصص ، خفق قلبي بقوة ، لأني مازلت محتارا في ما كتبت !لا أعرف ما فعلته هل صحيح أم خطأ !
قطع حبل أفكاري جيرد وهو يقول بخبث: نريد أن نعرف ماذا كتب المختلف الذي خلفي .
تمتمت : أستغفر الله ، لن يتركني هذا الجيرد .
إبتسمت مخفيا قلقي وقلت : بما أني المختلف ، بل المتميز ، سأترك قصتي آخر قصة ، لتحكموا عليها بشكل أفضل .
مستر فولي : أنا موافق ، إبدأ يا جيرد .
نظرت إلى النافذة و تمتمت : أتمنى أن ينتهي وقت المدرسة قبل أن أحكي قصتي .
القصص كانت متشابهة ذهبنا ليلا إلى المقابر ورأينا كذا وكذا ، و كنا نلبس ملابس مخيفة وأحداث مثيرة ـ لم تثرني على ما أظن ـ مر الجميع بها .
وللأسف جاء دوري قبل أن يضرب جرس الانصراف ، أبتلعت ريقي ووقفت بهدوء لأخفي قلقي وقلبي قد إنخلع من صدري ليدق بالقرب من الورقة ـ على ما أظن ـ وبدأت بقراءة القصة ،
أينشتاين رجل مختلف ومتميز ، يخاف من الهالوين ويظن أنها سخافة ، لكن الجميع إستهزأ به ، فقرر أن يعمل مثلهم ويرتدي الملابس السخيفة ويمشي بين المقابر ويتسول الحلوى، لبس و مشى، و لكن أحداث مثيرة لم تحدث معه ،ثم أحس بالحزن بعدها ، أتعرفون لماذا ؟
لأنه تمنى لو أصر على موقفه ، فليس كل ما يفعله الجميع صحيح .
النهاية
صمت خيم على الغرفة رقم 13 أنا لن أكترث إن لم تعجبهم ، فأنا سعيد لأني ثبت على موقفي ، بل ثبت على ديني ، إلا أن تصفيق مستر فولي خرق هذا الصمت ، و قال : وااااااااااااااو
صفق بيتر و قال :كووووووووووووول
و الجميع صفق بعدها ، كنت سعيدا لأن القصة أعجبتهم ، و كنت متأكدا أن أمي ستسعد بالقصة ، و ستكون سعيدة لأني كنت مسلما ثابتا على الحق، قويا على تحمل المصاعب، فليس كل ما يفعله الجميع صحيحاً ، أليس كذالك ؟
ولا شيء أحلى من الثبات على الحق.
ليست بنات أفكاري عبقرية، فهو أسلوب قرآني في كتاب الله عز وجل، لتغرس القيم في أذهاننا وتكون مثل شجرة طيبة مباركة.
نحن نقص عليك أحسن القصص
لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب.....
فالله عز وجل يغرس العفة في قصة يوسف عليه السلام...
الثبات في قصة نوح عليه السلام...
الصبر في قصص أيوب عليه السلام..
الحلم في قصة إبراهيم عليه السلام
والكثير الكثير
وهو هدي نبوي أيضا، فالأحاديث الشريفة غنية بالحكايات التي تغرس القيم..
فمثلا قصة ماشطة بنت فرعون
قصة الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار
وقصص الأنبياء في الأحاديث
والكثير الكثير
إن للقصة أثر خطير، قد نغرس شجرة مثمرة،تَبٌثٌّ الهمم في أبنائنا،تغرس معاني الصبر والعفة، الشجاعة والعزيمة، الأمانة والإخلاص.
وقد نجد من يغرس ثمرة خبيثة، تغرس حب الغرب وحياة الغرب، وتصور أن شرب الخمر يوصل الإنسان إلى أسمى صور الروحانية "أستغفر الله" ولكني قد قرأت كُتّابا عربا ومسلمين يصورونها هكذا، فما أقبحها من صورة! وتصور الصبر كفرا و الإيثار غباء، والعزيمة مضيعة للوقت والشجاعة حماقة و المروءة بلاهة والأمانة شيئا من الماضي .
وما أكثرهم وما أقبح ما يكتبون وما أمكر ما يحيكون
ربما سيأتي اليوم الذي نحكي عن أمجاد أمتنا ونصنع من الخيال جسرا بين أمجاد الماضي، والحاضر،ولن يكون خيالا، بل غرس نبات طيب،سيصنع الجسر وسيعبر أبنائنا بإذن الله هذا الجسر وسيحبون أسلافهم من خلال هذا الجسر.
حقا سيأتي!!!! ولم لا يأتي من هنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إننا نحتاج إلى أقلامكم لتبدع في هذا المجال، ولماذا هذا التقصير؟
إن الأمة تحتاج إلى أقلامكم وهي تغزل القصص لتربي الجيل المسلم ليحب دينه وأمته فأين أنتم؟
إن بناتنا المسلمات يحتجن إلى أقلام تحبب العفة إلى قلوبهم فأين هي الأقلام؟
أين أنتم يا عضوات وأعضاء المنتدى عن هذه البصمة، أم أنكم تحتاجون إلى مسابقات لتضعوا البصمات؟؟
أعتبرنها بصمة عتاب
فالله الله هيا فلنبدأ، وقوموا...انهضوا بأقلامكم، لنبني هذا الجسر معا، ولنغرس حب الدين، ولنبني هذه البصمة المنسية.
لا أريدكم أن تقبلوا ثوبي المرقع، وبصمتي المرقعة
أريد أن تشمّرن عن سواعدكن وأرينني الأثواب الجميلة
فالأمة تنتظرها ..
الروابط المفضلة