

شعور عجيب .. نشوة و سعادة فانشراح وراحة .. تعقبها ابتسامة رضى و ترنيمة ذكر
[ "لا إله إلا الله "]
تسعد النفس بها وتطمئن و تميل الروح لها وتحن
كلمة حق .. من قالها خالصاً من قلبه وجبت له الجنة
هي سند الدين وركيزة الإسلام ومفتاح الجنة وضمانٌ للسعادة الدنيوية والأخروية
لهذا كان أول واجب يجب على المكلف معرفته "شهادة أن لا إله إلا الله"
قولنا : " لا إله إلا الله "
يعني أنه لا معبود بحق إلا الله ، و أن ما سوا الله ليس بإله ،
فالإله هو المألوه أي المعبود الذي يطاع ويتذلل إليه و يتحبب إليه و تتعلق به القلوب رغباً ورهبا
والإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له و إجلالاً و محبةً و خوفاً ورجاءً
وتوكلا عليه وسؤلاً منه و لا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل
فيلزم إفراد الله تعالى بذلك وحده لا شريك له.
لذلك كان لا معبود بحق إلا الله فكل معبودٍ سوا الله باطل و هو الحق سبحانه وتعالى .

" أركان لاإله إلا الله "
النفي : في" لاإله " و يعني نفي الألوهيه عما سوا الله فلا معبود بحق إلا الله
و يترتب عليه البراءة من الكفر والشرك و أهله .
الإثبات: في " إلا الله " و يعني إثبات الألوهيه لله وحده دون سواه،
فهو سبحانه الإله الحق المستحق للعبادة ،
و يترتب عليها الإيمان بالله ومحبته سبحانه ومحبة أهل التوحيد.

هذه الشهادة تقتضي توحيد الله تعالى اعتقاداً و قولاً و عملا ،
و تقتضي إخلاص العبادة لله وحده و نفيها عما سواه .
كلمة التوحيد من قالها لزمه معرفتها والتصديق والإيمان بها و توحيد الله و إخلاص العبادة له سراً و إعلانا
ومن قالها بلسانه وناقضها بقلبه لم تنفعه

لـ لا إله إلا الله سبعة شروط لابد منها ، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها .. هي :
1- العلم : المنافي للجهل والعلم يقصد به العلم بما يراد منها نفياً و إثباتاً ،
قال تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }محمد19
و قوله { إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }الزخرف86
أي يعلمون من شهد بلا إله إلا الله وهم يعلمون بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم
و في الصحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ))
2- اليقين : المنافي للشك و ذلك بأن يكون قائلها مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازما و هو العلم الجازم بالقلب لا يتبدل و لا يتحول
قال تعالى ({إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ... }الحجرات 15
فاشترط سبحانه في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا أي لم يشكّوا ،
فأما المرتاب فهو من المنافقين – والعياذ بالله – الذين قال الله فيهم :
{إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ }التوبة45
و في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه من حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه بنعليه فقال :
(من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة ..)
فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقناً بها قلبه غير شاك فيها .
3- القبول : المنافي للرد و هو قبول هذه الكلمة وما تقتضيه بقلبه ولسانه و يخلصها لله سبحانه وتعالى
فلا ننفي هذه الكلمة كما نفاها المشركون في قوله تعالى : {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ }الصافات35
4- الإنقياد : المنافي للترك و تمام الانقياد و غايته و معناه تقديم محاب الله و إن خالفت هواه ،
و بغض ما يبغض الله و إن مال عليه الهوى
قال الله عز وجل: {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى } [لقمان: 22]. أي منقاد بلا إله إلا الله .
5- الصدق :المنافي للكذب وهو أن يقولها صدقاً من قلبه لا لدافع دون رغبةٍ فيها ولكن يُدِين بها ويضحي من أجلها .
قال تعلى : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ . يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ }البقرة9،10،8
و في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قتال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده ورسوله صِدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار )
فاشترط في إنجاء من قال هذه الكلمة من النار أن يقولها صِدقاً من قلبه فلا ينفعه مجرد التلفظ بها بدون مواطأة القلب .
6-الإخلاص : المنافي للشرك وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ، ولا يكون له من وراء الشهادتين غرض آخر غير قصده لربه ،
فتارك الإخلاص لم يستكمل شروط لا إله إلا الله ولو كان منقاداً صادقاً مستيقناً .
قال تعالى : { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ }الزمر3 ،وقال سبحانه {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }البينة5
و في الصحيح عن عتبان بن مالك –رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله عز وجل )
7- المحبة : و ضدها البغض فيجب المحبة لهذه الكلمة و ما تقتضيه وما تدل عليه و حب أهلها العاملين بها الملتزمين بشروط
و بغض ما ناقض ذلك قال تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً }البقرة165.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا،
وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّار ) رواه البخاري.

من نطق بكلمة التوحيد تنبني عليه أموراً هي من تمام عقيدته وكمالها :
- توحيد الإخلاص فلا يكون للعبد مراداً غير مراد الله وحده .
- وتوحيد الصدق وهو توحُّد إرادة العبد في إرادته لله و قوة إنابته لربه و كمال عبوديته .
- وتوحيد الطريق وهو طريق الحق و يعني متابعة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .
من اجتمعت له الثلاثة نال كل كمالٍ وسعادةٍ وفلاح .

تلك هي كلمة التوحيد معناها و أركانها ومقتضاها وشروطها وما يترتب عليها ،
من اعتقدها الاعتقاد السليم من مصادرها الصحيحة الكتاب والسنة وكما فهمها الصحابة والسلف الصالح ،
وجد اللذة والسعادة و الراحة بل وجد جنة الدنيا ..

لمزيد من الروحانية لكل من قرأ أن يٌتم الباقي و يتأمل ويعقل و يعمل لتكون حجة له لا عليه ..

موضوعنا التالي و إتماماً لأصل العقيدة سيكون عن التوحيد معناه و أنواعه .

تعليق