الهمة محلها القلب
الهمة عمل قلبي ، والقلب لا سلطان عليه لغير صاحبه ، وكما أن الطائر يطير بجناحيه كذلك يطير المرء بهمته ، فتحلق به إلى أعلى الآفاق ، طليقة من القيود التي تكبل الأجساد
ونقل ابن قتيبة عن بعض كتب الحكمة:
"ذو الهمة إن حُطّ ، فنفسه تأبى إلا علوا ، كالشعلة من النار يصبو بها صاحبها ، وتأبى إلا ارتفاعا"
همة المؤمن أبلغ من عمله
قال صلى الله عليه وسلم :"من هم بحسنة ، فلم يعملها ، كتبها الله عنده حسنة كاملة " ،
وقال :"من سأل الله الشهادة بصدق ، بلّغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه"
وقال فيمن تجهّز للجهاد ثم أدركه الموت :"قد أوقع الله أجره على قدر نيته "
وقال في حق المتخلفين عن غزوة تبوك من الحريصين على الخروج معه :"إن بالمدينة لرجالا ما سٍرتم سيرا ، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم العذر"
وقال :"ما من امرئ تكون له صلاة بليل ، فغلبه عليها نوم ، إلا كُتب له أجر صلاته ، وكان نومه صدقة عليه"
وفي ذلك قيل:
من لي بِمثل سيرك المدلل *** تمشي رويدا وتجيء في الأول
وما أحسن قول الشاعر مخاطبا الحجيج وقد انطلقوا للحج :
يا راحلين إلى البيت العتيق لقد *** سِرتم جسوما وسٍرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عُذر وعن قدر *** ومن أقام على غذر فقد راحا
وقد يتفوق المؤمن بهمته العالية كما بيّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : "سبق درهم مائة ألف" ، قالوا :"يا رسول الله ، كيف يسبق درهم مائة ألف؟" قال : "رجل له درهمان ، فأحدهما تصدق به ، وآخر له مال كثير ، فأخذ من عرضها مائة ألف"
قوة المؤمن في قلبه
قال ابن القيم :"اعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه وهمته لا ببدنه ، والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب ، لا تقوى الجوارح ، قال تعالى :{ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} ، وقال :{لن ينال الله لحومها ولا دماوها ولكن يناله التقوى منكم } وقال صلى الله عليه وسلم :"التقوى ههنا وأشار إلى صدره"
الروابط المفضلة