البَحْر الغَائِب
هُو بَحْر تَغلَبت عَلَيهِ الحَياَة
فَتكْسّرَت أمواجُه عِند شَواطِيء مَجهُولَة
واختَار أن يَنزَوي بِسِِره الدَفِين
لَعلهُ يَجد مَنْ يُلمْلِمُه
بَحْر فِي جَوفِه
سِر لَمحتُ أطرَافه فِي الأمواجْ
كُنت اجلِسُ أمَامه صَامِته اسْمَعٌ لِتأوهَات أموَاجِه
وأحيَاناً كَان يُلقِي لِي بِهَمّه عِند قَدمَي فِي صَدفَة
لأتَقِطَهَا وأحْمِلَها بَعِيدَاً عَنه
حَدثَنِي عَن آلامِه فحَدثتُه عَن البِحار الوَسِيعَة
كُنت أنتَظِر صَدفَة تَحْمِل سِرهُ الذي يُؤرِقَنِي
لَكِنه تَحاشَى البَوحْ
ولأنِي لَم أعُد أُُطِيق الإنتِظَار إلى أنْ يَبُوح
أخذتُ غُصنَا ورَسمْتُ عَلى شَاطِئه خَطا عِند قَدمَي
وحَذرتُه لا تَجْعَل مِياهك تَمحُو الخَط لِتُبلِلََنِي
حِينهَا رُبمَا سَأغرَق وتَتَعكَر مِياهُك
فمَا أنا إلا مِن تُراب وأنتَ مَاء
لِذا أرجُوك كُن بَعِيداً
فَهَكْذَا أطْهَر وأصْفَى
وكأن الخَط قَد استحَال شَمْسَاً!
فَوضَع مَلامِحاً مِن سِرْه فِي صَدفَة وقَذَف بِها إلَي
لَمْ أُجادِل حَملتُها الكَثِير مِن الأُمنْيَات وألقَيتُها إلَيه
ولَمْلَمتُ أشْيائِي وَودَّعْتُه لِنلتَقِي ذَات صَبَاحْ
وحِين أتَى الصَبَاح كَان قَدْ رَحَلْ
ولَمْ يَترُك لِي سِوَى صَدفَة هِي الأروَع
فَهِمتُها وفَهِمْتُ مَايَختَبِيء خَلفَهَا
كُنْتُ سَعِيدة جِدْاً لِرَحِيلِه
فَلَيس نَحْنُ مَن عَلَيه أنْ يُلَملِمك
ولَكِن قَبلَها عُدْ وخُذ شَواطِيك وبَقَايا أصْدَافك
وابتَعِد !
وكُن قَوِياً واختَلِط بِوَسِيع البِحَار
وابْق وَاضِحَاً شَفَافَاً صَافِياً
فَهكذَا أنقَى وأجْمَل
يَا بَحْر
أرجُوك لا تَعُد ولكَ الكَثِيرُ مِن الدَعْوَات
رُبمَا أتَتْ أُقصُوصَتِي بِأدْنَى مِن المَأمُول
وغَامِضَة بِعُمق البَحْر
لَكِنَّهَا بِالنّسْبَة لَهُم واضِحَة كَالشَمْس
فَلَمْ أتَكِيء عَلى مَواضِع الجَمالْ حَتى لا تَضِيعُ
الرِسَالَة التِي أُمَرِرهَا لِشَخْص لَعَلّه يَأتِي يَومَاً لِيقْرَأهَا
" أقْصَرُ مَسافَة بَينَ نُقْطَتَين هُو الخَطُ المُسْتَقِيم ! "
سَتحتَاجُون لَها لِحَل الأُحْجِيَة
الروابط المفضلة